الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتخليص ثغر عسقلان وغزة
قَالَ فَكَانَ الْجَواب عَن هَذِه الرسَالَة لَيْسَ بَيْننَا وَبَيْنك إِلَّا السَّيْف وسيوافينا من الإفرنج مَا يُعينُنا على دفعك إِن قصدتنا وَنزلت علينا
فَلَمَّا عَاد الرَّسُول بِهَذَا الْجَواب ووقف عَلَيْهِ أَكثر التَّعَجُّب مِنْهُ وَالْإِنْكَار لَهُ وعزم على الزَّحْف إِلَى البد ومحاربته فِي غَد ذَلِك الْيَوْم فَأرْسل الله من الأمطار وتداركها ودوامها مَا مَنعه من ذَلِك
وَدخلت سنة خمس وَأَرْبَعين وَخمْس مئة
فَفِي مستهل الْمحرم تقرر الصُّلْح بَين بَين نور الدّين وأرباب دمشق وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن نور الدّين أشْفق من سفك دِمَاء الْمُسلمين إِن أَقَامَ على حربها والمضايقة لَهَا بَعْدَمَا اتَّصل بِهِ من أَخْبَار دَعَتْهُ إِلَى ذَلِك
وَاتفقَ أَنهم بذلوا لَهُ الطَّاعَة وَإِقَامَة الْخطْبَة لَهُ على مِنْبَر دمشق بعد الْخَلِيفَة وَالسُّلْطَان وَكَذَا السِّكَّة وَوَقعت الْإِيمَان على ذَلِك
وخلع نور الدّين على مجير الدّين خلعة كَامِلَة بالطوق وَأَعَادَهُ مكرما مُحْتَرما وخطب لَهُ على مِنْبَر دمشق يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر محرم
ثمَّ استدعى الرئيس إِلَى المخيم وخلع عَلَيْهِ خلعة كَامِلَة أَيْضا وَأَعَادَهُ إِلَى الْبَلَد وَخرج إِلَيْهِ جمَاعَة من الأجناد والخواص إِلَى المخيم واختلطوا بِهِ وَوصل من استماحه من الطلاب والقرأة والضعفاء بِحَيْثُ مَا خَابَ قاصده وَلَا أكدى سائله ورحل عَن مخّيمه عَائِدًا إِلَى حلب بعد إحكام مَا قرر وتكميل مَا دبر
قلت وَفِي ذَلِك يَقُول القيسراني
(لَك الله إِن حَارَبت فالنصر وَالْفَتْح
…
وَإِن شِئْت صلحا عد من حزمك الصُّلْح)
(وَهل أَنْت إِلَّا السَّيْف فِي كل حَالَة
…
فطَوراً لَهُ حد وطورا لَهُ صفح)
(سقيت الرّدينيات حَتَّى رَددتهَا
…
تَرَنَّحُ من سكر فَخَل القنا تصحو)
(وَمَا كَانَ كف الْعَزْم إِلَّا إِشَارَة
…
إِلَى الحزم لَو لم يغْضب السَّيْف وَالرمْح)
(وَقد علم الْأَعْدَاء مُذ بِتَّ جانحا
…
إِلَى السّلم مَا تنوي بِذَاكَ وَمَا تنحوا)
(إِذا مَا دمشق مَلكتك عنانها
…
تَيَقّن من فِي إيليا أَنه الذّبْح)
(مَتى التف نقع الجحفلين على الْهدى
…
فَلَا مهمهٌ يحوي الضلال وَلَا سفح)
(إِذا سَار نور الدّين فِي الْجَيْش غازيا
…
فقولا لِليْل الْإِفْك قد طلع الصُّبْح)
(تركت قُلُوب الشّرك تَشْكُو جراحها
…
فَلَا زَالَت الشكوى وَلَا اندمل الْجرْح)
(صبرت فَكَانَ الصَّبْر خير مغبة
…
فسيق إِلَيْك الْملك يسْعَى بِهِ النجح)
(كَانَ القنا تجلو لَهُ وَجه أمره
…
وَلَو أمهلت بلقيس مَا غرها الصرح)
(بدوليك الغراء أصبح ضدها
…
بهيما وَلَوْلَا الْحسن مَا عرف الْقبْح)
(وَكم من قريح الْقلب لَو بَات وارداً موارد هَذَا الْعدْل مَا مَسّه قرح)
(سخا بك هَذَا الدَّهْر جودا على الورى
…
على أَنه مَا زَالَ فِي طبعه شح)
(وَقد كَانَ يمحو رسم كل فَضِيلَة
…
وَنحن نرَاهُ الْيَوْم يثبت مَا يمحو)
(بك ابتهج الْأَلْبَاب وابتهج الحجا
…
وأثمرت الْآدَاب واطرد الْمَدْح)
(ولاذت بك التَّقْوَى وعاذت بك الْعلَا
…
ودانت لَك الدُّنْيَا وَعز بك السَّرْح)
(فَلَا قلب إِلَّا قد تملكته هوى
…
وَلَا صدر إِلَّا قد جلاه لَك النصح)
(وَمَا الْجُود فِي الْأَمْلَاك إِلَّا تِجَارَة
…
فَمن فَاتَهُ حمد الورى فَاتَهُ الرِّبْح)
(وَلم أختصر مَا قلت إِلَّا لأنني
…
اعبر عَمَّا لَا يقوم بِهِ الشَّرْح)