الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي هَذِه السّنة سَار الشَّهِيد إِلَى ديار بكر فَفتح عدَّة بِلَاد مِنْهَا طنزة وإسعرد وَملك مَدِينَة الْمَعْدن الَّذِي يعْمل مِنْهُ النّحاس من إرمينية ومدينة حيزان وَأخذ من أَعمال مادرين عدَّة مَوَاضِع ورتب أُمُور الْجَمِيع وَملك مَدِينَة حاني وحاصر آمد وَأرْسل عسكرا إِلَى مَدِينَة عانة فملكها لَهُ وَقد تقدم ذكرهَا فِي السّنة قبلهَا
فصل
فِي فتح الشَّهِيد الرها فِي جُمَادَى الْآخِرَة من سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مئة
وَكَانَت لجوسلين وَهُوَ عاتي الفرنج وشيطانهم والمقدم على رِجَالهمْ وفرسانهم وَكَانَ مُدَّة حصاره لَهَا ثَمَانِيَة وَعشْرين يَوْمًا وأعادها إِلَى حكم الْإِسْلَام
وَهَذِه الرها من أشرف المدن عِنْد النَّصَارَى وَأَعْظَمهَا محلا وَهِي إِحْدَى الكراسي عِنْدهم فأشرفها الْبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ أنطاكية ثمَّ رُومِية وقسطنطينية والرها
وَكَانَ على الْمُسلمين من الفرنج الَّذين بالرها شَرّ عَظِيم وملكوا من نواحي ماردين إِلَى الْفُرَات على طَرِيق شبختان عدَّة حصون كسروج والبيرة وجملين والموزر
وَكَانَت غاراتهم تبلغ مَدِينَة آمد من ديار بكر وماردين ونصيبين وَرَأس عين والرقة وَأما حران فَكَانَت مَعَهم فِي الخزي كل يَوْم قد صبحوها بالغارة
فَلَمَّا رأى الشَّهِيد الْحَال هَكَذَا أنف مِنْهُم وَعلم أنة لَا ينَال مِنْهَا غَرضا مَا دَامَ جوسلين بهَا
فَأخذ فِي إِعْمَال الْحِيَل وَالْخداع لَعَلَّ
جوسلين يخرج مِنْهَا إِلَى بعض الْبِقَاع فتشاغل عَنْهَا بِقصد مَا جاورها من ديار بكر الَّتِي بيد الْإِسْلَام كحاني وجبل جور وآمد فَكَانَ يُقَاتل من بهَا قتالا فِيهِ إبْقَاء وَهُوَ يسر حسوا فِي ارتغاء فَهُوَ يخطبها وعَلى غَيرهم يحوم ويطلبها وسواها يروم
ووكل بهَا من يُخبرهُ بخلو عرينها من آساده وفراغ حصنها من أنصاره وأجناده
فَلَمَّا رأى جوسلين اشْتِغَال الشَّهِيد بِحَرب أهل ديار بكر ظن أَنه لَا فرَاغ لَهُ إِلَيْهِ وَأَنه لَا يُمكنهُ الْإِقْدَام عَلَيْهِ فَفَارَقَ الرها إِلَى بِلَاده الشامية ليلاحظ أَعماله ويتعهد ذخائره وأمواله فَأقبل الشَّهِيد مسرعا بعساكره إِلَى الرها
ثمَّ وصف ابْن الْأَثِير الْجَيْش وَأنْشد
(بجيشٍ جاش بالفرسان حَتَّى
…
ظَنَنْت الْبر بحرا من سلَاح)
(وألسنة من العذبات حمر
…
تخاطبنا بأفواه الرِّيَاح)
(وأروع جَيْشه ليل بهيم
…
وغرته عَمُود للصباح)
(صفوح عِنْد قدرته وَلَكِن
…
قَلِيل الصفح مَا بَين الصفاح)
(فَكَانَ ثباته للقلب قلبا
…
وهيبته جنَاحا للجناح)
وألح الشَّهِيد فِي حصارها فملكها عنْوَة فاستباحها ونكس صلبانها وأباد قسوسها ورهبانها وَقتل شجعانها وفرسانها وملأ النَّاس أَيْديهم من النهب والسبي ثمَّ إِنَّه دخل الْبَلَد فِرَاقه فَأَنف لمثله من الخراب فَأمر بِإِعَادَة مَا أَخذ مِنْهُ من أثاث وَمَال وَسبي وَرِجَال وَجوَار وَأَطْفَال فَردُّوا عَن أخرهم لم يفقد مِنْهُم إِلَّا الشاذ والنادر فَعَاد الْبَلَد عَامِرًا بعد أَن كَانَ داثراً
ثمَّ رتب الْبَلَد وَأصْلح من شَأْنه وَسَار عَنهُ فاستولى على مَا كَانَ بيد الفرنج من المدن والحصون والقرايا كسروج وَغَيرهَا وأخلى
ديار الجزيرة من معرة الفرنج وشرهم واصبح أَهلهَا بعد الْخَوْف آمِنين وَكَانَ فتحا عَظِيما طَار فِي الْآفَاق ذكره وطاب بهَا نشره وشهده خلق كثير من الصَّالِحين والأولياء
قَالَ ابْن الْأَثِير حكى لي جمَاعَة أعرف صَلَاحهمْ أَنهم رَأَوْا يَوْم فتح الرها الشَّيْخ أَبَا عبد الله بن عَليّ بن مهْرَان الْفَقِيه الشَّافِعِي وَكَانَ من الْعلمَاء العاملين والزاهدين فِي الدُّنْيَا المنقطعين عَنْهَا وَله الكرامات الظَّاهِرَة
ذكرُوا عَنهُ أَنه غَابَ عَنْهُم فِي زاويته يَوْمه ذَلِك ثمَّ خرج عَلَيْهِم وَهُوَ مُسْتَبشر مسرور عِنْده من الارتياح مَا لم يروه أبدا فَلَمَّا قعد مَعَهم قَالَ حَدثنِي بعض إِخْوَاننَا أَن أتابك زنكي فتح مَدِينَة الرها وَأَنه شهد مَعَه فتحهَا يَوْمنَا هَذَا ثمَّ قَالَ مَا يَضرك يَا زنكي مَا فعلت بعد الْيَوْم
يرُدد هَذَا القَوْل مرَارًا فضبطوا ذَلِك الْيَوْم فَكَانَ يَوْم الْفَتْح
ثمَّ إِن نَفرا من الأجناد حَضَرُوا عِنْد هَذَا الشَّيْخ وَقَالُوا لَهُ مُنْذُ رَأَيْنَاك على السُّور تكبر أيقنا بِالْفَتْح
وَهُوَ يُنكر حُضُوره وهم يقسمون أَنهم رَأَوْهُ عيَانًا
قَالَ وَحكى لي بعض الْعلمَاء بالأخبار والأنساب وَهُوَ أعلم من رَأَيْت بهَا قَالَ كَانَ ملك جَزِيرَة صقلية من الفرنج لما فتحت الرها وَكَانَ بهَا بعض الصَّالِحين من المغاربة الْمُسلمين وَكَانَ الْملك يحضرهُ ويكرمه وَيرجع إِلَى قَوْله ويقدمه على من عِنْده من الرهبان والقسيسين
فَلَمَّا كَانَ الْوَقْت الَّذِي فتحت فِيهِ الرها سير هَذَا ملك الإفرنج جَيْشًا فِي الْبَحْر إِلَى إفريقية فنهبوا وأغاروا واسروا وَجَاءَت الْأَخْبَار إِلَى الْملك وَهُوَ جَالس وَعِنْده هَذَا الْعَالم المغربي وَقد نعس وَهُوَ شَبيه النَّائِم فأيقظه الْملك وَقَالَ يَا فَقِيه
قد فعل أَصْحَابنَا بِالْمُسْلِمين كَيْت وَكَيْت أَيْن كَانَ مُحَمَّد عَن نَصرهم فَقَالَ لَهُ كَانَ قد حضر فتح الرها فتضاحك من عِنْده من الفرنج فَقَالَ لَهُم الْملك لَا تَضْحَكُوا فوَاللَّه مَا قَالَ عَن غير علم
وَاشْتَدَّ هَذَا على الْملك فَلم يمض غير قَلِيل حَتَّى أَتَاهُم الْخَبَر بِفَتْحِهَا على الْمُسلمين فأنساهم شدَّة هَذَا الوهن رخاء ذَلِك الْخَبَر لعلو منزلَة الرها عِنْد النَّصْرَانِيَّة
قَالَ وَحكى لي أَيْضا غير وَاحِد مِمَّن أَثِق إِلَيْهِم أَن رجلا من الصَّالِحين قَالَ رايت الشَّهِيد بعد قَتله فِي الْمَنَام فِي أحسن حَال فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ غفر لي قلت بِمَاذَا قَالَ بِفَتْح الرها
قلت وهنأه القيسراني عِنْد فتح الرها بقصيدة أَولهَا
(هُوَ السَّيْف لَا يُغْنِيك إِلَّا جلاده
…
وَهل طوق الْأَمْلَاك إِلَّا نجاده)
(وَعَن ثغر هَذَا النَّصْر فلتأخذ الظبى
…
سناها وَإِن فَاتَ الْعُيُون اتقاده)
(سمت قبَّة الْإِسْلَام فخرا بِطُولِهِ
…
وَلم يَك يسمو الدّين لَوْلَا عماده)
(وَذَادَ قسيم الدولة ابْن قسيمها
…
عَن الله مَا لَا يُسْتَطَاع ذياده)
(لِيهن بنى الْإِيمَان أَمن ترفعت
…
رواسيه عزا وَاطْمَأَنَّ مهاده)
(وَفتح حَدِيث فِي السماع حَدِيثه
…
شهىٌّ إِلَى يَوْم الْمعَاد مُعادُه)
(أراح قلوباً طرن من وُكُناتها
…
عَلَيْهَا فَوَافى كل صدر فُؤَاده)
(لقد كَانَ فِي فتح الرُّهاء دلَالَة
…
على غير مَا عِنْد العلوج اعْتِقَاده)
(يرجون مِيلَاد ابْن مَرْيَم نصْرَة
…
وَلم يغن عِنْد الْقَوْم عَنْهُم ولاده)
(مَدِينَة إفْك مُنْذُ خمسين حجَّة
…
يفل حَدِيد الْهِنْد عَنْهَا حداده)
(تفوت مدى الْأَبْصَار حَتَّى لَو أَنَّهَا
…
ترقت إِلَيْهِ خَان طرفا سوَاده)
(وجامحة عز الْمُلُوك قيادُها
…
إِلَى أَن ثناها من يعز قياده)
(فأوسعها حر القراع مؤيد
…
بَصِير بتمرين الألد لداده)
(كَأَن سنا لمع الأسنة حوله
…
شرار وَلَكِن فِي يَدَيْهِ زناده)
(فأضرمها نارين حَربًا وخدعة
…
فَمَا رَاع إِلَّا سورها وانهداده)
(فصدت صدود الْبكر عِنْد افتضاضها
…
وهيهات كَانَ السَّيْف حتما سفاده)
(فيا ظفراً عَم الْبِلَاد صلاحُه
…
بِمن كَانَ قد عَم الْبِلَاد فَسَاده)
(فَلَا مُطلق إِلَّا وَشد وثَاقه
…
وَلَا موثق إِلَّا وَحل صفاده)
(وَلَا مِنْبَر إِلَّا ترنح عوده
…
وَلَا مصحف إِلَّا أنار مداده)
(فَإِن يثكل الإبرنز فِيهَا حَيَاته
…
وَإِلَّا فَقل للنجم كَيفَ سهاده)
(وباتت سَرَايَا القمص تقمص دونهَا
…
كَمَا يتنزى عَن حريق جراده)
(إِلَى أَيْن يَا أسرى الضَّلَالَة بعْدهَا
…
لقد ذل غاويكم وَعز رشاده)
(رويدكم لَا مَانع من مظفر
…
يعاند أَسبَاب الْقَضَاء عناده)
(مُصيبُ سِهَام الرَّأْي لَو أَن عزمه
…
رمى سد ذِي القرنين أصمي سداده)
(وَقل لملوك الْكفْر تُسِلمُ بعْدهَا
…
ممالكها إِن الْبِلَاد بِلَاده)
(كَذَا عَن طَرِيق الصُّبْح أيتها الدُّجى
…
فيا طالما غال الظلام امتداده)
(وَمن كَانَ أَمْلَاك السَّموات جنده
…
فأية أَرض لم تَرضهَا جياده)
(وَللَّه عزم مَاء سيحان ورده
…
وروضه قسطنطينة مستراده)
وَله من قصيدة هَنأ بهَا القَاضِي كَمَال الدّين بن الشهرزوري أَولهَا
هِيَ جنَّة المأوى فَهَل من خَاطب
يَقُول فِيهَا
(إِن الصفائح يَوْم صافحت الرها
…
عطفت عَلَيْهَا كل أشوس ناكب)
(فتح الفُتوح مبشراً بِتَمَامِهِ
…
كالفجر فِي صدر النَّهَار الآيب)
(لله أَيَّة وقفةٍ بدرّيةِ
…
نصرت صحابتها بأيمن صَاحب)
(ظفر كَمَال الدّين كنت لقاحه
…
كم ناهض بِالْحَرْبِ غير محَارب)
(وأمدكم جَيش الملائك نصْرَة
…
بكتائب محفوفة بكتائب)
(جَنبُوا الدبور وقدتم ريح الصِّبَا
…
جندُ النُّبُوَّة هَل لَهَا من غَالب)
(أَتَرَى الرها الورهاء يَوْم تمنعت
…
ظنت وجوب السُّور سُورَة لاعب)
(لَا أَيْن يَا أسرى المهالك بعْدهَا
…
ضَاقَ الفضاء على نجاة الهارب)
(شدا إِلَى أَرض الفرنجة بعْدهَا
…
إِن الدُّرُوب على الطَّرِيق اللاحب)
(أفغركم والثار رهن دمائكم
…
مَا كَانَ من إطراق لحظ الطَّالِب)
(وَإِذا رَأَيْت اللَّيْث يجمع نَفسه
…
دون الفريسة فَهُوَ عين الواثب)
وَقَالَ ابْن مُنِير
(صِفَات مجدك لفظ جلّ مَعْنَاهُ
…
فَلَا اسْتردَّ الَّذِي أعطاكهُ الله)
(يَا صَارِمًا بِيَمِين الله قائمه
…
وَفِي أعالي أعادي الله حداه)
(أصْبَحْتَ دْون مُلُوك الأَرْض مُنْفَردا
…
بِلَا شَبيه إِذْ الْأَمْلَاك أشباه)
(فدَاك من حاولت مسعاك همته
…
جهلا وَقصر عَن مسعاك مسعاه)
(قل للأعادي أَلا موتوا بِهِ كمدا
…
فَللَّه خيبكم وَالله أعطَاهُ)
(ملك تنام عَن الْفَحْشَاء همته
…
تقى وتسهر للمعروف عَيناهُ)
(مَا زَالَ يسمك وَالْأَيَّام تخدمه
…
فِيمَا ابتلاه وتدني مَا توخاه)
(حَتَّى تعالت عَن الشعري مشاعره
…
قدرا وجاوزت الجوزاء نعلاه)
(وَقد روى النَّاس أَخْبَار الْكِرَام مضوا
…
وَأَيْنَ مِمَّا رَوَوْهُ مَا رَأينَا)
(أَيْن الخلائف عَن فتح أتيح لَهُ
…
مظلل أفق الدُّنْيَا جناحاه)
(على المنابر من انبائه أرج
…
مقطوبة بفتيق الْمسك رياه)
(فتح أعَاد على الْإِسْلَام بهجته
…
فافتر مبسمه واهتز عطفاه)
(يهدى بمعتصم بِاللَّه فتكته
…
حَدِيثهَا نسخ الْمَاضِي وأنساه)
(إِن الرها غير عمورية وَكَذَا
…
من رامها لَيْسَ مغزاه كمغزاه)
(أُخْت الْكَوَاكِب عزا مَا بغى أحدٌ
…
من الْمُلُوك لَهَا وقما فواتاه)
(حَتَّى دلفت لَهَا بالعزم يشحذه
…
رأى يبيت فويق النَّجْم مسراه)
(مشمرا وَبَنُو الْإِسْلَام فِي شُغُل
…
عَن بَدْء غرس لَهُم أثمار عقباه)
(يَا مُحيي الْعدْل إِذْ قَامَت نوادبه
…
وعامر الْجُود لما مح مَعْنَاهُ)
(يَا نعْمَة الله يستصفى الْمَزِيد بهَا
…
للشاكرين ويستقني صفاياه)
(أبقاك للدّين وَالدُّنْيَا تحوطهما
…
من لم يتوجك هَذَا التَّاج إِلَّا هُوَ)
وَلابْن مُنِير أَيْضا من قصيدة تقدم بَعْضهَا وَهِي
(أيا ملكا ألْقى على الشّرك كلكلا
…
أَنَاخَ على أَمَاتَهُ كلكل الثكل)
(جمعت إِلَى فتح الرها سد بَابه
…
بجمعك بَين النهب والأسر وَالْقَتْل)
(هُوَ الْفَتْح أنسى كل فتح حَدِيثه
…
وتوج مسطور الرِّوَايَة وَالنَّقْل)
(فضضت بِهِ نقش الْخَوَاتِم بعده
…
جزيت جَزَاء الصدْق عَن خَاتم الرّسْل)
(تجردت لِلْإِسْلَامِ دون ملوكه
…
تبتك أَسبَاب المذلة والخذل)
(أَخُو الْحَرْب غذته القراع مفطًّما
…
يشوب بإقدام الْفَتى حنكة الكهل)
وَله من قصيدة أُخْرَى
(بعماد الدّين أضحت عُرْوَة الدّين
…
معصوبا بهَا الْفَتْح الْمُبين)
(واستزادت بقسيم الدولة الْقسم
…
من إدْحاض كيدْ المارقين)
(ملك أسْهَر عينا لم يزل
…
همها تشريد هم الرّاقدين)
(لَا خَلتْ من كَحَل النَّصْر فقد
…
فقأت غيظا عُيُون الحاسدين)
(كلُّ يَوْم مر من أَيَّامه
…
فَهُوَ عيدٌ عَائِد للْمُسلمين)
(لَو جرى الْإِنْصَاف فِي أَوْصَافه
…
كَانَ أولاها أَمِير الْمُؤمنِينَ)
(مَا روى الرّاوُون بل مَا سطّروا
…
مثل مَا خطت لَهُ أَيدي السنين)
(إِذْ أَنَاخَ الشّرك فِي أكنافه
…
بمئي ألفٍ تَلَاهَا بمئين)
(وقْعَة طاحت بكلب الرّوم من
…
قِطْعَة التِّين إِلَى قطع الوتين)
(إِن حمت مصر فقد قَامَ لَهَا
…
وَاضح الْبُرْهَان أَن الصّين صين)
(والرها لَو لم تكن إِلَّا الرها
…
لكفت حسما لشك الممترين)
(درج الدَّهْر عَلَيْهَا معصرا
…
لم تدنس بمرام اللامسين)
(هم قسطنطين أَن بفرعها
…
وَمضى لم يحو مِنْهَا قسط طين)
(وَلكم من ملك حاولها
…
فتحلى الْحِين وسما فِي الجبين)
(هِيَ أختُ النّجم إِلَّا أَنَّهَا
…
مِنْهُ كالنجم لرَأى المُبْصرين)
(مُنِيَتْ مِنْهُ بليثٍ قَائِد
…
بعران الذل أساد العرين)
(زارها يزأر فِي أَسد وغى
…
تبدل الْأسد من الزأر الأنين)
(صولجوا الْبيض بِضَرْب نثر الْهَام
…
فِي ساحاتها نثر الكرين)
(يَا لَهَا هِمّةُ ثغرِ أضحكت
…
من بنى القلف ثغور الشامتين)
(برنست رَأس برنس ذلة
…
بَعْدَمَا جاست حوايا جوسلين)
(وسروج مذ وعت أسراجه
…
فرقت جِمَاعهَا عَنْهَا عضين)
(تِلْكَ أقفال رَمَاهَا الله من
…
عزمه الْمَاضِي بِخَير الفاتحين)
(شام مِنْهُ الشَّام برقاً ودْقُه
…
مُؤمن الْخَوْف مخيف الْآمنينَ)
(كم كنيس كنست آرامها
…
مِنْهُ بعد الرّوح فِي ظلّ السفين)
(دنت الْآجَال من آجالها
…
فأحلّتها القطا بعدَ القطين)
(ومنار يجتلى صلبانه
…
بَين بيض تتبارى فى البرين)
(قرعته الْبيض حَتَّى بدلت
…
قرعَة الناقوس تثويب الأذين)
(بالقسيميّات مقسوما لَهَا الدَّهْر
…
فِي علك لجين أَو لجين)
(سل بهَا حران كم حرى سقت
…
بردا يَوْم ردَّتْ من ماردين)
(سمطت أمس سُمَيْسَاط بهَا
…
نظم جَيش مبهج للناظرين)
(وَغدا يلقِي على الْقُدس لَهَا
…
كلكل يدرسها درس الدرين)
(همة تمسي وتضحي عَزمَة
…
لَيْسَ حصن إِن نحته بحصين)
(قل لقوم غرهم إمهاله
…
ستذوقون شذاه بعد حِين)
(إِنَّه الْمَوْت الَّذِي يدْرك من
…
فر مِنْهُ فشجا للغافلين)
(وَهُوَ يُحيى مُمْسكى عروته
…
إِنَّهَا حَبل لمن تَابَ متين)
(من يطع ينج وَمن يعْص يكن
…
من غَدَاة عِبْرَة للآخرين)
(بك يَا شمس الْمَعَالِي ردَّتْ الرّوح
…
فِي المَيْتَيْن من دنيا وَدين)
(أقسم الْجد بِأَن تبقى لكَي
…
تملك الأَرْض يَمِينا لَا يَمِين)