الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِأَمَةٍ لِيَتَسَرَّى بِهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا كَانَ رُجُوعًا (وَلَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ) فِي أَرْضٍ أَوْصَى بِهَا (فَرُجُوعٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِلدَّوَامِ فَيَشْعُرُ بِأَنَّهُ قَصَدَ إبْقَاءَهَا لِنَفْسِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِهَا كَانَ رُجُوعًا فِيهِ دُونَ الْبَاقِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (لَا إنْ زَرَعَ) فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ كَلُبْسِ الثَّوْبِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَزْرُوعُ مِمَّا تَبْقَى أُصُولُهُ دَائِمًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ كَالْغِرَاسِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ (وَكَذَا إنْ عَمَّرَ) بُسْتَانًا مَثَلًا أَوْصَى بِهِ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ (لَا إنْ غَيَّرَ) بِذَلِكَ (اسْمُهُ) كَأَنْ جَعَلَهُ خَانًا (أَوْ) لَمْ يُغَيِّرْهُ لَكِنْ (أَحْدَثَ فِيهِ بَابًا مِنْ عِنْدِهِ) فَيَكُونُ رُجُوعًا.
(فَرْعٌ) لَوْ (أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ بِمِائَةٍ أُخْرَى مُعَيَّنَةٍ اسْتَحَقَّهُمَا) لِتَمْيِيزِ (كُلِّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى) وَإِنْ أَطْلَقَهُمَا (أَوْ إحْدَاهُمَا فَمِائَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ (فَلَوْ أَوْصَى) لَهُ (بِمِائَةٍ ثُمَّ بِخَمْسِينَ فَخَمْسُونَ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ تَقْلِيلَ حَقِّهِ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُ بِخَمْسِينَ ثُمَّ بِمِائَةٍ فَمِائَةٌ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ فَلَوْ وَجَدْنَا الْوَصِيَّتَيْنِ وَلَمْ نَعْلَمْ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنْهُمَا لَمْ نَدْفَعْ إلَّا الْمُتَيَقَّنَ وَهُوَ خَمْسُونَ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْوَصِيَّةِ بِهَا وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُكَ مَعَهُمَا أُعْطِيَ نِصْفَ مَا بِيَدِهِمَا.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِيصَاءِ)
الْإِيصَاءُ وَالْوَصِيَّةُ: إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ يُقَالُ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَأَوْصَيْتُ إلَيْهِ وَوَصَّيْتُهُ إذَا جَعَلْتُهُ وَصِيًّا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: أَوْصَيْتُهُ وَقَدْ أَوْصَى ابْنُ مَسْعُودٍ فَكَتَبَ وَصِيَّتِي إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَإِلَى الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَيَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ (الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الْحُقُوقِ) مِنْ دُيُونٍ وَوَدَائِع وَعَوَارٍ وَغَيْرِهَا (وَ) فِي (تَنْفِيذِ الْوَصَايَا) إنْ كَانَتْ (وَأَمْرِ الْأَطْفَالِ) وَنَحْوِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَاتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَاسْتِبَاقًا لِلْخَيْرَاتِ، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ الْوَصِيَّةُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ وَنَحْوِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَدٌّ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ إلَى ثِقَةٍ كَافٍ وَجِيهٍ إذَا وَجَدَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الْوَصِيَّةَ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِهِ خَائِنٌ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الظَّلَمَةِ؛ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِ وَلَدِهِ عَنْ الضَّيَاعِ قَالَ: وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ عَلَى الْحَمْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَالْمُرَادُ الْحَمْلُ الْمَوْجُودُ حَالَةَ الْإِيصَاءِ (وَيَجِبُ) الْإِيصَاءُ (فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ وَقَضَاءِ حُقُوقٍ عَجَزَ عَنْهَا فِي الْحَالِ) وَلَمْ يَكُنْ بِهَا شُهُودٌ كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَجُمْلَةً عَجَزَ عَنْهَا فِي الْحَالِ صِفَةً لَرَدِّ الْمَظَالِمِ وَقَضَاءِ حُقُوقٍ بِجَعْلٍ أَلْ فِي الْمَظَالِمِ لِلْجِنْسِ (فَإِنْ لَمْ يُوصِ) أَيْ الْمَيِّتُ أَحَدًا بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي بَيَانُهُ (فَأَمْرُهَا إلَى الْقَاضِي) فَلَهُ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَقُومُ بِهَا.
(وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ) وَصِيٌّ وَمُوصٍ وَمُوصًى فِيهِ وَصِيغَةٌ.
(الْأَوَّلُ الْوَصِيُّ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ حَالَ مَوْتِ الْمُوصِي حُرًّا مُكَلَّفًا كَافِيًا) فِي التَّصَرُّفِ الْمُوصَى بِهِ (تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ وَلَوْ أَعْمَى) وَيُوَكَّلُ الْأَعْمَى فِيمَا لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي مَال ابْنِهِ فَلَا يَصْلُحُ وَصِيًّا لِغَيْرِهِ كَالْمَجْنُونِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ وَلَا إلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ فِي الْإِيصَاءِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَمَعْنَى الْوَكَالَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْتَمِدُ تَفْوِيضًا مِنْ الْغَيْرِ وَمَعْنَى الْوِلَايَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ لِلْعَاجِزِ، وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَلَا إلَى غَيْرِ كَافٍ فِيمَا ذُكِرَ لَسَفَهٍ أَوْ هَرِمٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمُنَافَاتِهِ الْمَقْصُودَ وَلَا إلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِكُفْرٍ عَلَى مَا يَأْتِي أَوْ فِسْقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِلتُّهْمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْإِيصَاءُ إلَى الْفَاسِقِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ وَقَوْلُهُ تُقْبَلُ إلَى آخِرِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْلُ قَيْدًا لِمَا قَبْلَهُ بَلْ ذَكَرَ بَدَلَهُ الْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ أَيْ الظَّاهِرَةُ وَعَدَمُ الْعَدَاوَةِ لِلطِّفْلِ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَا إنْ زَرَعَ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: لَكِنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا أَنْ تُزْرَعَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ بِمِائَةٍ أُخْرَى مُعَيَّنَةٍ]
(قَوْلُهُ ثُمَّ بِمِائَةٍ أُخْرَى مُعَيَّنَةٍ) أَوْ بِمِائَةٍ صِحَاحٍ ثُمَّ بِمِائَةٍ مُكَسَّرَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ خَالَفَ فِي السِّكَّتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِيصَاءِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْإِيصَاءِ)(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ يَجِبُ الْإِيصَاءُ عَلَى الْأَطْفَالِ وَنَحْوِهِمْ إذَا عَلِمَ اسْتِيلَاءَ الْخَوَنَةِ مِنْ أُمَنَاءِ الْحُكْمِ عَلَى الْأَمْوَالِ ر (قَوْلُهُ قَالَ: وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ عَلَى الْحَمْلِ إلَخْ) أَمَّا الْوَصِيَّةُ عَلَى الْحَمْلِ فَتَجُوزُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ، وَهَلْ يُفْرَدُ هَذَا مِمَّا يُتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَنْقُلُهَا إلَى الْوَصِيِّ؟ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ ر وَقَوْلُهُ فَيَجُوزُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ أَيْ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْإِيصَاءِ.
[أَرْكَان الْوَصِيَّة]
(تَنْبِيهٌ) وَفِي قَبُولِ الْإِيصَاءِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي فَرَاغًا وَهُوَ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُفْهَمُ مَنْعُ الْإِيصَاءِ لِمَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلٍ مُدَّةً لَا يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّصَرُّفُ بِالْوِصَايَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِأَخْرَسَ وَإِنْ كَانَتْ إشَارَتُهُ مُفْهِمَةً وَفِيهِ نَظَرٌ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لِلْأَجِيرِ الْمَذْكُورِ وَيُوَكِّلُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِثِقَةِ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَالْعَدَالَةُ) أَيْ الظَّاهِرَةُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ عَدْلًا ظَاهِرًا فَاسِقًا بَاطِنًا هَلْ يَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا قَبُولُ الْوَصِيَّةِ وَالتَّصَرُّفِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ فِيهَا وَالْقِيَامُ بِحَقِّهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَمِينًا فِي الْمَالِ حَافِظًا لَهُ وَلَكِنَّهُ فَاسِقٌ فِي دِينِهِ أَوْ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ بَاطِنًا، وَقَدْ يَجُرُّهُ الْفِسْقُ فِي دِينِهِ إلَى الْفِسْقِ بِالْخِيَانَةِ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ اُسْتُهْلِكَ الْمَالُ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْعَدَاوَةِ لِلطِّفْلِ) اشْتِرَاطُ عَدِمَ الْعَدَاوَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ سَفِيهًا ظَاهِرٌ أَمَّا الطِّفْلُ وَالْمَجْنُونُ فَفِي تَصَوُّرِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ عَدَاوَةُ الْمُوصِي كَمَا يُقَالُ الْعَدَاوَةُ مَعَ الْآبَاءِ عَدَاوَةٌ مَعَ الْأَبْنَاءِ