الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِكِنَايَةِ طَلَاقٍ وَاخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (الْوَارِثُ) ذَلِكَ عَنْ مُوَرِّثِهِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (فَإِنْ قَالَ قُلْت انْتَقِلِي لِلنُّزْهَةِ أَوْ شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ (فَأَنْكَرَتْ لَفْظَ النُّزْهَةِ أَوْ شَهْرًا) أَوْ نَحْوَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ اخْتِلَافُهَا مَعَ الزَّوْجِ بِأَنْ قَالَ قُلْت إلَى آخِرِهِ أَمْ مَعَ وَارِثِهِ بِأَنْ قَالَ قَالَ مُوَرِّثِي قُلْت إلَى آخِرِهِ.
(فَصْلٌ: لِلزَّوْجِ وَالْوَرَثَةِ) بَعْدَ مَوْتِهِ (مَنْعُهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةَ (مِنْ الْخُرُوجِ) مِنْ مَسْكَنِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ سَكَنِهِنَّ {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ بِالْبَذَاءِ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا (فَإِنْ خَافَتْ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ دِينٍ أَوْ مَالٍ (انْتَقَلَتْ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ الْخُرُوجِ لِلطَّعَامِ وَنَحْوِهِ (أَوْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِبَذَاءِ الْأَحْمَاءِ) عَلَيْهَا (أُخْرِجُوا) عَنْهَا مِنْ الْمَسْكَنِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَضَاقَ أَمْ اتَّسَعَ وَالْأَحْمَاءُ أَقَارِبُ الزَّوْجِ كَأَخِيهِ وَالْبَذَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ أَصْلُهُ الْبَذَاءَةُ بِالْمَدِّ فِيهِمَا أَيْ الْفُحْشُ تَقُولُ مِنْهُ بَذَوْت عَلَى الْقَوْمِ، وَأَبْذَأْتُ عَلَيْهِمْ وَفُلَانٌ بَذِئُ اللِّسَانِ وَفُلَانَةُ بَذِيَّةٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَإِنْ بَذَأَتْ هِيَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَحْمَائِهَا (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ (نَقْلُهَا) مِنْ الْمَسْكَنِ لِمَا مَرَّ فِي آيَةِ وَلَا تُخْرِجُوهُنَّ «وَلِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» لِمَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهَا ذَرَابَةٌ فَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا (هَذَا إنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ وَاتَّسَعَتْ لَهَا وَلِلْأَحْمَاءِ) وَلَمْ تَكُنْ مِلْكَهَا وَلَا مِلْكَ أَبَوَيْهَا (فَإِنْ ضَاقَتْ) عَنْهُمْ أَوْ كَانَتْ مِلْكَهَا أَوْ مِلْكَ أَبَوَيْهَا (فَهِيَ أَوْلَى بِهَا فَتُخْرِجُ الْأَحْمَاءَ) مِنْهَا (وَتُنْقَلُ) مِنْ مَسْكَنِهَا (إنْ أَبَذَأَتْ عَلَى الْجِيرَانِ وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا أَذًى شَدِيدًا) بِخِلَافِ الْيَسِيرِ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَقَوْلُهُ بَذَأَتْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ صَوَابُهُ بَذَتْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَلُّ اللَّامِ كَدَعَتْ (لَا) إنْ بَذَتْ (عَلَى أَبَوَيْهَا إنْ سَاكَنَتْهُمَا) فِي دَارِهِمَا فَلَا تُنْقَلُ وَلَا يُنْقَلَانِ، وَإِنْ تَأَذَّتْ بِهِمَا أَوْ هُمَا بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرَّ وَالْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ طُولَهَا مَعَ الْأَحْمَاءِ وَالْجِيرَانِ (وَتُعَذَّرُ مُعْتَدَّةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَنْ فُرْقَةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ حَيْثُ (لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا) وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَقْضِيهَا حَاجَتَهَا (فِي الْخُرُوجِ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْقُطْنِ وَبَيْعِ الْغَزْلِ) وَنَحْوِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا (نَهَارًا لَا لَيْلًا) عَمَلًا بِالْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ نَهَارًا وَالْأَصْلُ فِيمَا قَالَهُ قَوْلُ جَابِرٍ «طَلُقَتْ خَالَتِي ثَلَاثًا فَخَرَجَتْ تَجُدُّ نَخْلًا لَهَا فَنَهَاهَا رَجُلٌ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اُخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَك وَلَعَلَّك أَنْ تَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْجِدَادُ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا أَيْ غَالِبًا.
(وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَى الْجِيرَانِ لِلْحَدِيثِ وَالْغَزْلِ) وَنَحْوِهِمَا لِلتَّأَنُّسِ بِهِمْ (وَ) لَكِنْ (لَا تَبِيتُ) عِنْدَهُمْ بَلْ فِي مَسْكَنِهَا الْمَاوَرْدِيُّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا فَأَذِنَ لَهُنَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ امْرَأَةٍ إلَى بَيْتِهَا» وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهُ إذَا أَمِنَتْ الْخُرُوجَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَنْ يُؤْنِسُهَا (وَلَا تَخْرُجُ الرَّجْعِيَّةُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ) وَالْبَائِنُ الْحَامِلُ لِمَا ذُكِرَ (إلَّا بِإِذْنٍ) أَوْ لِضَرُورَةٍ كَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَكْفِيَّاتٌ بِنَفَقَتِهِنَّ، وَهَذَا مَا احْتَرَزَ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا نَعَمْ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (فَإِنْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ) فِي دَعْوَى (وَهِيَ بَرْزَةٌ) أَيْ كَثِيرَةُ الْخُرُوجِ (خَرَجَتْ لَهُ أَوْ مُخَدَّرَةٌ حُدَّتْ وَحَلَفَتْ فِي مَسْكَنِهَا) بِأَنْ يَحْضُرَ إلَيْهَا الْحَاكِمُ أَوْ يَبْعَثَ إلَيْهَا نَائِبَهُ (وَإِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ) مِنْهَا إلَى دَارِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لَهَا الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كُلُّ يَمِينٍ تَثْبُتُ لِشَخْصٍ فَمَاتَ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِوَارِثِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ، وَالْوَارِثِ أَنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا وَتَرَجَّحَ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَارِثِ، وَلَا يُرَجَّحُ عَلَى جَانِبِ الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا، وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ، وَالزَّوْجُ أَوْ، وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى دَارِ غَيْرِهَا، وَقَالَتْ خَرَجْت بِإِذْنِك، وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ مَعَ الْوَارِثِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْعُبَابِ: لَوْ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ إلَى دَارٍ أَوْ بَلَدٍ غَيْرِ الْأُولَى ثُمَّ فُورِقَتْ فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ خَرَجْت بِإِذْنِك فَأَنْكَرَ الْإِذْنَ حَلَفَ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ وَارِثُهُ حَلَفَتْ هِيَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ، وَادَّعَى ضَمَّ النُّزْهَةِ أَوْ التَّقْدِيرَ بِمُدَّةٍ، وَأَنْكَرَتْ. اهـ. الرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ إذَا أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ.
[فَصْلٌ لِلزَّوْجِ وَالْوَرَثَةِ مَنْعُ الْمُعْتَدَّة مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَسْكَنِ عِدَّتِهَا]
(قَوْلُهُ: أَوْ دَيْنٌ أَوْ مَالٌ) أَيْ كَوَدِيعَةٍ عِنْدَهَا (قَوْلُهُ: وَالْبَذَاءَةُ بِالْمُعْجَمَةِ إلَخْ) الْبَذَاءَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَبِالْمَدِّ الْفُحْشُ (قَوْلُهُ: وَتُعَذَّرُ مُعْتَدَّةٌ مُطْلَقًا لَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ فِي الْخُرُوجِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّهَا إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَضَبَتْ هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الرَّبِّ الْمَحْضِ، وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ تَحُجَّ عَامَ كَذَا فَحَصَلَ الْفِرَاقُ فِيهِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ، وَقَوْلُهُ: هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ غَزْلٍ وَنَحْوُهُمَا) كَالِاسْتِيفَاءِ، وَالتَّصَدُّقِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ فِي زَوْجَةِ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُطَلِّقُ لَا تَحْرَجُ نَهَارًا لِمَا سَبَقَ، وَأَنَا آتِيهَا بِمَنْ يَكْفِيهَا ذَلِكَ مِمَّنْ تَرْضَاهُ هِيَ، وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا لِلْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ، وَأَنَا آتِيهَا بِمَنْ يُؤْنِسُهَا مِنْ جَارَاتِهَا أَوْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ تَرْضَاهُ، وَلَا أُمَكِّنُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ هَلْ يُجَابُ؟ . لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَيَقْرُبُ أَنْ يُجَابَ، وَقَوْلُهُ: وَيَقْرُبُ أَنْ يُجَابَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ