الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعَبْدُ) وَالْمُبَعَّضُ (وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ) وَالْمُبَعَّضَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ (وَلَا تَجِبُ بِالْمَوْتِ) لِأَنَّهَا مُتَفَجِّعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ (وَلَا لِفُرْقَةٍ) بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ (قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا لِمُفَوِّضَةٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ مَهْرًا) بِأَنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ قَالَ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] وَلِأَنَّ الْمُفَوِّضَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ لِلْإِيحَاشِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ بِتَسْمِيَةٍ أَوْ بِفَرْضٍ فِي التَّفْوِيضِ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيَكْفِي شَطْرُ مَهْرِهَا لِلْإِيحَاشِ وَالِابْتِذَالِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَل لَهَا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237](وَتَجِبُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلَاقِ وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهَا) لِعُمُومِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] وَخُصُوصِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28] وَكَانَ صلى الله عليه وسلم قَدْ دَخَلَ بِهِنَّ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ بُضْعِهَا وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الزَّوْجُ فَيَجِبُ لِلْإِيحَاشِ مُتْعَةٌ.
(و) تَجِبُ (بِكُلِّ فُرْقَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَطَلَاقِ وَوَطْءِ أَبِيهِ) أَوْ ابْنِهِ زَوْجَتَهُ (بِشُبْهَةٍ) وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ (لَا فُرْقَةَ مِنْهَا كَالْفَسْخِ) مِنْهَا (بِعَيْبِهِ وَلَا) فُرْقَةٍ (بِسَبَبٍ مِنْهَا كَرِدَّتِهَا وَعِتْقِهَا) وَعَيْبِهَا (وَإِسْلَامِهَا وَإِسْلَامِ أَبِ صَغِيرَةٍ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا كَمَا لَا يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلِانْتِفَاءِ الْإِيحَاشِ (وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا) لَا مُتْعَةَ لَهَا كَذَلِكَ وَتُفَارِقُ التَّشْطِيرَ بِأَنَّ مِلْكَهَا لِلصَّدَاقِ سَابِقٌ عَلَى الرِّدَّةِ بِخِلَافِ الْمُتْعَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فِرَاقٌ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْحِيَازَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ قَالَ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ (أَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَإِنْ اسْتَدْعَى الزَّوْجُ شِرَاءَهَا لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِرَاقِ فَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا لَهُ لَأَوْجَبْنَاهَا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ تَجِبْ بِخِلَافِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ لِلْبَائِعِ.
(وَتَجِبُ) الْمُتْعَةُ (لِسَيِّدِ) الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ) كَالْمَهْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ فَارَقَهَا لَا مُتْعَةَ كَمَا لَا مَهْرَ
(فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ) فِي فَرْضِ الْمُتْعَةِ
(ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا) أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ (وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَلَوْ بَلَغَتْهُ أَوْ جَاوَزَتْهُ جَازَ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا تَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ قُلْت وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اسْتِحْبَابِ أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُجْزِئُ مُتَمَوَّلٌ تَرَاضِيًا عَلَيْهِ) كَمَا فِي الْمَهْرِ (فَلَوْ تَنَازَعَا) فِي قَدْرِهَا (فَعَلَى قَدْرِ حَالَيْهِمَا) مِنْ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَنَسَبِهَا وَصِفَاتِهَا تُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 236](بِتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ) بِاجْتِهَادِهِ.
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ)
(فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (أَوْ وَارِثَاهُمَا) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ (فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ) وَكَانَ مُدَّعَى الزَّوْجِ الْأَقَلَّ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ نَكَحْتنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ بِخَمْسِمِائَةٍ (أَوْ) فِي (صِفَتِهِ) الشَّامِلَةِ لِجِنْسِهِ كَأَنْ قَالَتْ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَتْ بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ فَقَالَ بِمُكَسَّرَةٍ (تَحَالَفَا كَمَا فِي الْبَيْعِ) سَوَاءٌ اخْتَلَفَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَحْلِفَانِ (عَلَى الْبَتِّ) فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ (إلَّا الْوَارِثَ فِي النَّفْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ نَفْيُ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ (الْعِلْمِ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ فَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي نَكَحَهَا بِأَلْفٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجَةِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ نَكَحَ مُوَرِّثَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِأَلْفٍ (ثُمَّ نَفْسَخُ) الصَّدَاقَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ)(فَتَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ) لِلْإِيحَاشِ وَلِأَنَّ تَطْلِيقَهَا يُؤَذِّنُ بِخَلَلٍ فَتَقِلُّ فِيهَا الرَّغَبَاتُ فَجَبَرْنَا ذَلِكَ بِالْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ) بِأَنْ تَكُونَ أُمُّهُ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِعَبْدٍ مُفَوِّضَةً أَوْ ابْنَةُ كَافِرٍ زَوْجُهَا كَافِرٌ مُفَوِّضَةً وَعِنْدَهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ) فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ) هُوَ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ
[فَصْلٌ الْمُسْتَحَبُّ فِي فَرْضِ الْمُتْعَةِ]
(قَوْلُهُ الْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا) أَيْ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ) قَالَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ لَا يُبْلِغُهَا الْقَاضِي نِصْفَ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا تَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ) إذْ لَا يَصِحُّ اجْتِهَادٌ يُؤَدِّي إلَى مُسَاوَاةِ مَا يَجِبُ لَهَا بِسَبَبِ الْإِيحَاشِ لِمَا يُرَغِّبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ فِي فَرْضِ الْحَاكِمِ إيَّاهَا وَلَهُ نَظَائِرُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَشْهَدُ لَهُ مِنْهَا أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ وَلَا بِحُكُومَةِ عُضْوٍ مُقَدَّرَهُ وَلَا بِالرَّضْخِ السَّهْمَ
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الِاخْتِلَافِ)
(قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ) فَلَوْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ أَوْ نَحْوِهِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَلَا تَحَالُفَ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ (قَوْلُهُ إلَّا الْوَارِثَ فِي النَّفْيِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ نَفْيُ الْعِلْمِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ أَحْسَنَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فَقَالَ فِي الْوَارِثِ عِنْدِي إنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا لِأَنَّ مَنْ قَطَعَ بِأَلْفٍ قَطَعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ أَلْفَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِأَلْفَيْنِ مَعَ قَوْلِهِ وَلَقَدْ نَكَحَهَا بِأَلْفٍ ويَجُوزُ أَنَّهُ جَرَى عَقْدَانِ وَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقَطْعِ بِالنَّفْيِ بِخِلَافِ الْعَاقِدِ نَفْسِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ اعْتَبَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى لَاكْتَفَى فِي التَّحَالُفِ بِيَمِينِ الْإِثْبَاتِ فِي جَانِبٍ وَبِيَمِينِ النَّفْيِ فِي جَانِبٍ آخَرَ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ بَاعَ بِأَلْفٍ كَانَ قَاطِعًا بِأَنَّهُ مَا بَاعَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَكَذَا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُفْسَخُ الصَّدَاقُ) وَإِذَا فُسِخَ فَهَلْ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ فَسَخَاهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ الْكَاذِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ بَاطِنًا هُنَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ
(وَيَجِبُ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْ) لِمَصِيرِ الصَّدَاقِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا (فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مُسَمًّى) وَكَانَ فَوْقَ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَتْهُ أَوْ دُونَهُ فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ التَّسْمِيَةَ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا تَحَالَفَا) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْقَدْرِ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْآخَرَ يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ عَلَى مَا عُرِفَ وَكَذَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَّعَى الزَّوْجَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ التَّفْوِيضَ (فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ) مِنْ جَانِبٍ (وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ) مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ وَكَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ إنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ.
(وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفْوِيضَ وَالْآخَرُ السُّكُوتَ عَنْ الْمَهْرِ صُدِّقَ الْآخَرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّفْوِيضِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا قَدَّمْته آنِفًا وَإِذَا حَكَمْنَا بِالتَّحَالُفِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ حَكَمْنَا لِلْحَالِفِ وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً حَكَمْنَا بِهَا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) مُخْتَلِفَتَيْنِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَهْرِ (فَيَتَعَارَضَانِ) حَتَّى يَتَسَاقَطَا فَيَتَحَالَفَا (أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (وَلَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ فَاعْتَرَفَ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ) أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (طُولِبَ بِالْبَيَانِ) لِمَهْرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ مَثَلًا فَلِلْقَاضِي فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا تَحْلِفُ وَيَثْبُتُ لَهَا الْمَهْرُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا طُولِبَ بِبَيَانِهِ (لِيَتَحَالَفَا) إنْ ادَّعَتْ زِيَادَةً عَلَى مَا بَيَّنَهُ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْإِنْكَارِ (حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا وَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا ابْتِدَاءً لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُعْقَدُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَتَوَجَّهُ التَّحَالُفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ وَنَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدَّعِ قَدْرًا.
(وَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ مَعَ النِّكَاحِ (مُسَمَّى قَدْرِ الْمَهْرِ فَقَالَ لَا أَدْرِي) أَوْ سَكَتَ (كُلِّفَ الْبَيَانَ) لِمَهْرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْإِنْكَارِ (حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (وَقُضِيَ لَهَا) بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ كُلِّفَ الْبَيَانَ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ قَالَ الْإِمَامُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا قَالَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ لَهَا ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ يَعْنِي بَعْدَ دَعْوَاهَا عَلَيْهِ النِّكَاحَ وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ فِيهِ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا حَلَفَتْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ ظَاهِرٌ أَوْ قِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الْبَيَانَ إذَا أَنْكَرَ فَإِنْ أَصَرَّ حَلَفَتْ انْتَهَى فَتَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ إنَّمَا هُوَ فِي الَّتِي حَذَفَهَا كَاَلَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلًا لَا فِي الَّتِي ذَكَرَهَا ثَانِيًا وَفَارَقَتْهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى فِيهَا مَعْلُومٌ فَكَانَتْ كَنَظَائِرِهَا بِخِلَافِهِ فِيهِمَا لَكِنَّهُ جَزَمَ كَأَصْلِهِ فِيهَا فِي بَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهَا الْمَهْرُ لِإِقْرَارِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى حَذْفِهَا هُنَا.
(وَإِنْ ادَّعَتْ مُسَمًّى عَلَى الْوَارِثِ) لِلزَّوْجِ (فَقَالَ لَا أَدْرِي) أَوْ سَكَتَ (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ تَعَذُّرَ مَعْرِفَةِ الْمُسَمَّى كَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَلَّفْ الْبَيَانَ كَمَا فِي دَعْوَاهَا عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا عَقَدَ بِهِ غَالِبًا (وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ يَتَحَالَفَانِ) لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْعَاقِدُ وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ فَكَانَ اخْتِلَافُهُ مَعَ الزَّوْجِ كَاخْتِلَافِ الْبَالِغَةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ فَلَا يَبْعُدُ تَحْلِيفُهُ وَفَائِدَةُ التَّحَالُفِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكُلُ الزَّوْجُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ فَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ تَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ مَا فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ التَّحَالُفَ يُسْقِطُ اعْتِبَارَ الْمُسَمَّى فَصَارَ الِاعْتِبَارُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ أَنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ إلَخْ) مَا قِيلَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِامْتِنَاعِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ حِينَئِذٍ بِفَرْضِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِدَعْوَاهُ مُسَمَّى دُونَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ صَحِيحٌ وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّيْخَيْنِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا وَقِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَى آخِرِهِ مِنْ كَلَامِهِمَا لَا حِكَايَةً لِكَلَامِ الْإِمَامِ فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا يُؤَثِّرُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ مَهْرًا مُسَمًّى يُسَاوِيهِ أَوْ ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَدَّعِ التَّفْوِيضَ أَوْ قَالَ فُلَانٌ ابْنِي مِنْ فُلَانَةَ كُلِّفَ بِبَيَانِ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ تَحَالَفَا وَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَذْكُرْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا وَقُضِيَ لَهَا.
وَقَالَ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ فَالْمُسَمَّى كَذَلِكَ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ الْمَهْرَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِنِكَاحٍ لَا مَهْرٍ كُلِّفَ الْبَيَانَ وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرًا وَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ دُونَهُ كُلِّفَ بِالْبَيَانِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ وُجُوبُ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) وَالْمَرْأَةُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا تَحَالَفَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَقَطْ إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُهُ
الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَنَكَلَ لَا يَحْلِفُ وَإِنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ لِأَنَّهُ حَلَّفَهُ هُنَاكَ مُطْلَقًا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ فَهُوَ حَلِفٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُقْبَلُ النِّيَابَةُ وَهُنَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا فَهُوَ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالْمَهْرُ يَثْبُتُ ضِمْنًا.
(وَإِنَّمَا يَتَحَالَفَانِ إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ الزِّيَادَةَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَاعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) بِدُونِهِ وَإِنْ نَقَصَ الْوَلِيُّ (وَكَذَا إذَا اعْتَرَفَ) الزَّوْجُ (بِقَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَكْثَرَ فَلَا تَحَالُفَ لِئَلَّا يَرْجِعَ) الْوَاجِبُ (إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ فِي هَذَا كُلِّهِ) الْأَوْلَى فِيهِ (إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَذَا قَالُوهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الزَّوْجِ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ رَجَاءَ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ ثَبَتَ مَا قَالَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ وَذَكَرَ الزَّوْجُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَحَالَفَا بَلْ يُؤْخَذُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ فِيهَا عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ فِيهَا (فَإِنْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَهَلْ يُقْضَى) بِيَمِينِ صَاحِبِهِ (أَوْ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّبِيَّةِ) فَلَعَلَّهَا تَحْلِفُ (وَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ.
(وَتَحْلِفُ صَغِيرَةٌ بَلَغَتْ) عَاقِلَةٌ (قَبْلَ التَّحَالُفِ) لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ فَلَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ (وَيَجْرِي هَذَا) الْحُكْمُ (فِي) اخْتِلَافِ الْمَرْأَةِ مَعَ (وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَفِي) اخْتِلَافِ (وَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجَيْنِ (الصَّغِيرَيْنِ وَلَا يَحْلِفُ مُجْبِرُ الْبَالِغَةِ) الْعَاقِلَةِ بَلْ هِيَ الَّتِي تَحْلِفُ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ وَكَالْمُجْبِرِ غَيْرُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (بِخِلَافِ الْوَكِيلَيْنِ) فِي الْعَقْدِ الْمَالِيِّ كَالْبَيْعِ فَيَحْلِفَانِ لِأَنَّهُمَا الْعَاقِدَانِ بِخِلَافِ الْمُوَكِّلَيْنِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَلَا) يَحْلِفُ (وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ فِيمَا لَمْ يُنْشِئْهُ) فَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهَا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ هُوَ يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِنْشَائِهِ (بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) إنْ أَنْكَرَ وَلَمْ يَنْكُلْ (وَلَا يُقْضَى بِنُكُولٍ) مِنْهُ إنْ نَكَلَ بَلْ يَتَوَقَّفُ (حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ) أَوْ الصَّبِيَّةُ (وَيَحْلِفُ) وَكَالصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ (وَإِنْ أَثْبَتَتْ) بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ (أَنَّهُ نَكَحَهَا أَمْسِ بِأَلْفٍ وَالْيَوْمَ بِأَلْفٍ لَزِمَاهُ) لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ كَانَ بِتَخَلُّلِهِمَا خُلْعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ لِتَخَلُّلِ الْفُرْقَةِ لِاسْتِلْزَامِ الثَّانِي لَهَا وَلَا لِلْوَطْءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْمُسَمَّى فِي كُلِّ عَقْدٍ إلَى بَيَانِ الْمُسْقِطِ.
(فَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْوَطْءِ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ (وَيَشْطُرُ) مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَلْفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ تَصْدِيقِهِ (أَوْ) ادَّعَى (أَنَّ) الْعَقْدَ (الثَّانِيَ تَجْدِيدٌ لِلْأَوَّلِ) لَا عَقْدٌ آخَرُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَ (حَلَّفَهَا) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ لِإِمْكَانِهِ (وَثَبَتَ لَهُ طَلْقَتَانِ) بِمَعْنَى أَنَّهَا تَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَفِي عِبَارَتِهِ إجْحَافٌ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُطَالِبُ مِنْ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ إلَّا بِالنِّصْفِ وَتَكُونُ مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلَوْ ادَّعَى فِي النِّكَاحِ الثَّانِي الطَّلَاقَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَنَعَ مِنْهُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ الثَّانِي أَيْضًا (وَإِنْ قَالَتْ) حُرَّةٌ لِمَنْ يَمْلِكُ أَبَوَيْهَا وَنَكَحَهَا بِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا (أَصْدَقْتنِي أُمِّي فَقَالَ بَلْ أَبَاك تَحَالَفَا) كَمَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ وَفَسْخِ عَقْدِ الصَّدَاقِ.
(وَوَجَبَ) لَهَا عَلَيْهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ لَا إنْ نَكَلَا أَوْ نَكَلَتْ) وَحَلَفَ هُوَ فَلَا يَجِبُ لَهَا مَهْرٌ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ الرَّدِّ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا (وَعَتَقَ الْأَبُ) دُونَ الْأُمِّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةُ الْأَبِ لِأَنَّهَا لَمْ تُفَوِّتْهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بِعْتُك أَبَاك فَأَنْكَرَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ (وَوَقَفَ وَلَاؤُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ لَهَا وَهِيَ تُنْكِرُ وَلَا تُعْتَقُ الْأُمُّ إلَّا إنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ) فَتُعْتَقُ الْأُمُّ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّهَا صَدَاقٌ بِيَمِينِ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا قِيمَتُهَا (وَإِنْ قَالَ أَصْدَقْتُك أَبَاك وَنِصْفَ أُمِّك فَقَالَتْ بَلْ) أَصَدَقْتنِي كِلَيْهِمَا (وَتَحَالَفَا) وَفُسِخَ عَقْدُ الصَّدَاقِ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهَا قِيمَةُ الْأَبِ وَنِصْفُ) قِيمَةِ (الْأُمِّ وَكَذَا) قِيمَةُ (بَاقِيهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) هَذَا مُرَادُهُمْ بِلَا شَكٍّ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا نَفَوْا التَّحَالُفَ وَقَدْ تَنَاوَلَتْهُ قَاعِدَتُهُمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ وَأَنْكَرَ حَلَفَ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ فِيهَا) هُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ التَّحَالُفُ هُنَا بَعِيدٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الصُّورَةِ قَبْلَهَا وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ إلَخْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَرْجِيحِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قُلْت صَحَّحَ الْإِمَامُ ثَانِيَهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا الْعَاقِدَانِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا أَحْكَامُ الْعَقْدِ وَلَا كَذَلِكَ وَلِيُّ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَلِفِ مُوَلِّيهِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِطِفْلِهِ إرْثًا وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَقَالَ أَقَبَضْته لِلْمُوَرِّثِ أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ بَلْ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ) أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي (تَنْبِيهٌ) زَوَّجَ الْحَاكِمُ امْرَأَةً ظَانًّا بُلُوغَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا إرْثَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ صُدِّقَ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ الْعَقْدِ.
وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً وَمَاتَتْ فَطَلَبَ الْوَارِثُ مَهْرَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ كُنْت طِفْلًا عِنْدَ الْعَقْدِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قُبِلَتْ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ وَقَالَ كُنْت صَغِيرًا فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقَعُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّغَرِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ (قَوْلُهُ وَعَتَقَ الْأَبُ بِإِقْرَارِهِ إلَخْ) يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تَرِكَةِ هَذَا الْأَبِ قَدْرَ مَا سَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَاهُمَا كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ فِي نَظِيرِهَا