الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ النَّفَقَاتِ)
جَمْعُ نَفَقَةٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَجَمْعُهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَمُوجِبَاتُهَا النِّكَاحُ وَالْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ) وَالْأَوَّلَانِ يُوجِبَانِهَا لِلزَّوْجَةِ وَالرَّقِيقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَلَا عَكْسَ وَالثَّالِثُ يُوجِبُهَا لِكُلٍّ مِنْ الْقَرِيبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِشُمُولِ الْبَعْضِيَّةِ وَالشَّفَقَةِ (وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي) نَفَقَةِ (الزَّوْجَةِ) بَدَأَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِوُجُوبِهَا بِالْمُعَاوَضَةِ وَغَيْرِهَا بِالْمُوَاسَاةِ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَالْعَجْزِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَخَبَرُ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَبَرُ «مَا حَقُّ زَوْجَةِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ قَالَ تُطْعِمُهَا إذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوَّلِ الْمُوجِبُ الْأَوَّلُ، وَأَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَ (وَفِيهِ) وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّعَسُّفِ وَلَوْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ لَكَانَ فِي الْبَابِ أَبْوَابٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُصْطَلَحِ وَلَكَانَ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَبْوَابٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَلَامُ أَصْلِهِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَيَشْتَمِلُ الْكِتَابُ عَلَى سِتَّةِ أَبْوَابٍ أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَوَاجِبَةٌ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ وَفِيهَا (ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ، وَكَيْفِيَّتِهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجِبُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ) مِنْ الْوَاجِبَاتِ (الْأَوَّلُ الطَّعَامُ فَلِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ) عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ) أَوْ ذِمِّيَّةً (مُدَّانِ، وَ) لِزَوْجَةِ (الْمُعْسِرِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ (مُدٌّ) وَلِزَوْجَةِ (الْمُتَوَسِّطِ) عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ (مُدٌّ، وَنِصْفٌ) وَالْعِبْرَةُ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ رَطْلِ بَغْدَادَ وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] الْآيَةَ.
وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هَلْ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَتَقَرَّرُ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةَ الْأَذَى فِي الْحَجِّ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا (مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِهَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَقِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ أَوْ قُوتُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَالِبٌ (فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا) هُوَ الْوَاجِبُ (وَالْمُعْسِرُ مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ) الْوَاسِعِ فَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ فِي النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ فِي الزَّكَاةِ. وَقَضِيَّةُ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِ لَا يَلْزَمُهُ كَسْبُهَا (وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ) يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَ (يَصِيرُ بِتَكْلِيفِ الْمَدِينِ) لَهُ (مِسْكِينًا) وَالْمُوسِرُ بِخِلَافِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، وَقِلَّةِ الْعِيَالِ، وَكَثْرَتِهِمْ (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا، وَإِنْ كَثُرَ مَالُهَا (مُعْسِرٌ) لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْمُبَعَّضِ وَعَدَمِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا، وَإِلْحَاقُ الْمُبَعَّضِ بِالْمُعْسِرِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ كَفَّارَةَ الْمُوسِرِ وَذَكَرَ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ نَحْوَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَوْ أَلْحَقُوهُ بِالْمُعْسِرِ لَمَا صَرَفَ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ وَلَا أَنْفَقَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]
[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ] [
الطَّرَف الْأَوَّل فِيمَا يَجِب فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]
(قَوْلُهُ: وَمُوجِبَاتُهَا إلَخْ) قَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الثَّلَاثَةَ بِالشَّرْعِ، وَقَالَ: إنَّمَا قُلْت بِالشَّرْعِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَجِبُ بِالشَّرْطِ فِي مَسَائِلَ كَعَبْدِ الْمَالِكِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَوْرَدَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى الْحَصْرِ الْهَدْيَ، وَالْأُضْحِيَّةَ الْمَنْذُورَيْنِ يَنْتَقِلُ مِلْكُهُمَا إلَى الْفُقَرَاءِ مَعَ وُجُوبِ نَفَقَتِهِمَا عَلَى النَّاذِرِ وَنَصِيبِ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ الْمَاشِيَةِ، وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَخَادِمِ الزَّوْجَةِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَمِمَّا لَمْ يَذْكُرُوهُ مَا لَوْ أَشْهَدَ صَاحِبُ الْحَقِّ جَمَاعَةً عَلَى الْقَاضِي وَخَرَجَ لِيُؤَدُّوا عَنْ قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ، وَامْتَنَعُوا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ حَيْثُ لَا شُهُودَ، وَلَا قَاضٍ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ وَرَّطُوهُ نَعَمْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ، وَكَذَا دَوَابُّهُمْ ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَمَّا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْخَادِمِ فَمِنْ عُلَقِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} [البقرة: 233] إلَخْ) وقَوْله تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] ، وَالْقَيِّمُ عَلَى الْغَيْرِ هُوَ الْمُتَكَفِّلُ بِأَمْرِهِ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا أَنْفَقُوا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مَرِيضَةً أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ مُدَّانِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ اعْتِمَادُ الْكَيْلِ لَا الْوَزْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَقَدْ يُمْنَعُ الْإِلْحَاقُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ، وَالنَّفَقَةَ مُعَاوَضَةٌ، وَالْوَزْنُ أَضْبَطُ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَمَا يُوَافِقُهُ مِنْ الْكَيْلِ دُونَ مَا يَنْقُصُ عَنْهُ أَوْ يَزِيدُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. اهـ. وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ لَا يُجْدِي شَيْئًا. وَقَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ مُدًّا بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُلْزِمَ الْمُدَّيْنِ لَضَرَّهُ، وَلَوْ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِمُدٍّ أَضَرَّهَا (قَوْلُهُ: أَيْ بَلَدِهَا) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ كَانَ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الزَّوْجِ جِنْسًا وَغَالِبُ قُوتِ بَلَدِهِمَا جِنْسًا آخَرَ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَالْمُرَجَّحُ اعْتِبَارُ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ إلَخْ) أَوْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ يَصِيرُ بِتَكْلِيفِ الْمُدَّيْنِ لَهُ مِسْكِينًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْإِنْفَاقِ الَّذِي لَوْ كُلِّفَ بِهِ لَرَجَعَ إلَى حَدِّ الْمِسْكِينِ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْإِنْفَاقُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمًا بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّكَاةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ كَمَا قِيلَ بِاعْتِبَارِهَا فِي صَرْفِ كِفَايَتِهِ مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَاكَ الِاحْتِيَاجُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَحْدِيدِ يَوْمٍ وَيَوْمٍ. اهـ
شَيْئًا لِلْأَقَارِبِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ (وَالِاعْتِبَارُ فِي يَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ) وَتَوَسُّطِهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَطْرَأُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ.
(الْوَاجِبُ الثَّانِي الْأُدْمُ فَيَجِبُ) لَهَا (وَلَوْ لَمْ تَأْكُلْهُ مِنْ غَالِبِ أُدْمِ الْبَلَدِ) مِنْ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَغَيْرِهَا إذْ لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ بِدُونِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ عَلَى الْخُبْزِ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْهُ؛ لِأَنَّهَا إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَرْفِ بَعْضِ الْقُوتِ إلَى الْأُدْمِ؛ لِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مِلْكِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ وُجُوبُ الْأُدْمِ حَيْثُ يَكُونُ الْقُوتُ الْوَاجِبُ مِمَّا لَا يُسَاغُ عَادَةً إلَّا بِالْأُدْمِ كَالْخُبْزِ بِأَنْوَاعِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَحْمًا أَوْ لَبَنًا أَوْ أَقَطًّا فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ إذَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالِاقْتِيَاتِ بِهِ وَحْدَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأُدْمُ وَلَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ (بِحَسَبِ) اخْتِلَافِ (الْفُصُولِ) فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِعَادَةِ النَّاسِ.
(وَإِنْ كَانَ فَاكِهَةً وَيُقَدِّرُهُ الْقَاضِي) بِاجْتِهَادِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَيَنْظُرُ فِي جِنْسِهِ وَيُقَدِّرُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُدُّ فَيَفْرِضُهُ لِلْإِعْسَارِ (وَيُضَاعِفُهُ لِلْيَسَارِ) وَيُوَسِّطُهُ بَيْنَهُمَا لِلتَّوَسُّطِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ أُوقِيَّةً فَتَقْرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. (وَ) يَجِبُ لَهَا (اللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ) وَبِمَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رِطْلَانِ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رَطْلٌ وَنِصْفٌ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوْسِيعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ بِمِصْرَ مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرُ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ (وَيُشْبِهُ أَنْ لَا أُدْمَ) غَيْرَ اللَّحْمِ (فِي يَوْمِهِ) أَيْ اللَّحْمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ يَوْمَ إعْطَاءِ اللَّحْمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَادَتِهِ (وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأُدْمٍ) أَيْ سَئِمَتْ مِنْهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهُ) وَتُبْدِلُهُ هِيَ إنْ شَاءَتْ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إبْدَالُهُ عِنْدَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(فَرْعٌ: تَجِبُ لَهَا) عَلَيْهِ (الْآلَةُ) لِلطَّبْخِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (كَقِدْرٍ وَآنِيَةٍ) مِنْ كُوزٍ وَجَرَّةٍ مُفْرَغَةٍ، وَقَصْعَةٍ وَنَحْوِهَا لِحَاجَتِهَا إلَيْهَا فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَذِكْرُ الْآنِيَةِ بَعْدَ الْقِدْرِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (وَيَكْفِي) فِيهَا (خَشَبٌ وَخَزَفٌ وَحَجَرٌ وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (شَرِيفَةً) فَلَا يَجِبُ لَهَا الْآلَةُ مِنْ نُحَاسٍ؛ لِأَنَّهُ رُعُونَةٌ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ وَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ.
(الْوَاجِبُ الثَّالِثُ الْخَادِمُ فَعَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ عَبْدًا إخْدَامُ حُرَّةٍ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا (لَا) إخْدَامُ (أَمَةٍ، وَإِنْ اعْتَادَتْ) لِجَمَالِهَا بِالْخِدْمَةِ لِنَقْصِهَا بِالرِّقِّ، وَحَقُّهَا أَنْ تَخْدُمَ لَا أَنْ تُخْدَمَ، وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ (بَائِنًا حَامِلًا) فَعَلَيْهِ إخْدَامُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهَا لَهَا لَا لِلْحَمْلِ هَذَا (إنْ كَانَتْ مَخْدُومَةً) أَيْ مِمَّنْ يُخْدَمُ عَادَةً (فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا وَلَا عِبْرَةَ بِتَرَفُّهِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) بِحَيْثُ صَارَ يَلِيقُ بِحَالِهَا إخْدَامُهَا، وَإِذَا أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ (فَيُخْدِمُهَا بِامْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ مُسْتَأْجَرَةً أَوْ صُحْبَتِهَا (أَوْ صَغِيرٍ) أَيْ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ (أَوْ مَحْرَمٍ) لَهَا (أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لَهَا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْأَخِيرَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى (لَا ذِمِّيَّةٍ لِمُسْلِمَةٍ إذْ لَا تُؤْمَنُ عَدَاوَتُهَا) الدِّينِيَّةُ وَلِتَحْرِيمِ النَّظَرِ. وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَهَانَةِ، ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَ) لَا (كَبِيرٍ وَلَوْ) شَيْخًا (هُمَا) لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي مَمْلُوكَتِهَا، وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْكَبِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَفِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ) فَيَخْتَلِفُ بِعَادَتِهِمْ كَلَحْمِ الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ، وَلَحْمُ بَعْضِ الْأَنْعَامِ أَطْيَبُ مِنْ بَعْضٍ فَلَحْمُ الْغَنَمِ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ الْبَقَرَةِ فَلَا يُكَلَّفُ الزَّوْجُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمَ الضَّأْنِ دَائِمًا، وَلَكِنْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَمَرَّةً ضَأْنًا، وَمَرَّةً مَعْزًا، وَمَرَّةً بَقَرًا، وَمَرَّةً حَمَلًا عَلَى عَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ إلَخْ) ، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَعَ اللَّحْمِ نِصْفُ الْأُدْمِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَالْمُتَعَيِّنِ إذْ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا مِنْ اللَّحْمِ مَا يَكْفِيهَا لِلْوَقْتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ النَّهَارِ إدَامٌ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا مَا يَكْفِيهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَبَ قَالَهُ فِي التَّفْقِيهِ، وَقَوْلُهُ: الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْمَشْرُوبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الظَّرْفُ فَكَذَا الْمَظْرُوفُ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَقَالَ الدَّمِيرِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكِفَايَةُ قَالَ وَيَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا حَتَّى لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ، وَلَمْ تَشْرَبْهُ لَمْ تَمْلِكْهُ، وَإِذَا شَرِبَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَاءً مِلْحًا وَخَوَاصُّهَا عَذْبًا وَجَبَ مَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ. اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ هُوَ الصَّوَابُ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّرْحَيْنِ الْمُعْتَمَدَةِ لَا تَعْبِيرَ الرَّوْضَةِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَجِبَ لِلشَّرِيفَةِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ قَالَ: وَقِيَاسُ الْبَابِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ وَبَسَطَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ) ، وَالْأَسْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِهَا نُحَاسًا وَجَبَتْ لَهَا كَذَلِكَ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ عَادَةُ أَمْثَالِهَا.
(قَوْلُهُ: وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ
مَعْنَى مَحْرَمِهَا الْمَمْسُوحُ، وَمِثْلُهُ عَبْدُهَا، وَقَدْ قَرَنَهُ الْأَصْلُ مَعَ الْهَمِّ فِي الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ (وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ غَيْرَ مَمْلُوكِهِ وَغَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ الَّذِي تَصْحَبُهُ) هِيَ مَعَهَا وَلَوْ مِلْكَهَا (مُدٌّ وَثُلُثٌ عَلَى الْمُوسِرِ، وَ) عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ (مُدٌّ) اعْتِبَارًا فِي الْمُوسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ بِثُلُثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ، وَاعْتُبِرَ فِي الْمُعْسِرِ مُدٌّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَجَّهُوا التَّقْدِيرَ فِي الْمُوسِرِ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ بِأَنَّ لِلْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فِي النَّفَقَةِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ يَسْتَوِيَانِ فَفِي الْأُولَى يُزَادُ لِلْمَفْضُولِ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْمُفَاضَلَةِ كَمَا أَنَّ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ حَالَةَ كَمَالٍ وَحَالَةَ نَقْصٍ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَفِي الْأُولَى، وَهِيَ إذَا انْفَرَدَ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيُزَادُ لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا يُزَادُ لِلْأَبِ (مِنْ جِنْسِ طَعَامِهَا وَأُدْمِهَا وَدُونَ نَوْعِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ لِلْعَادَةِ (وَهَلْ لَهُ) أَيْ الْخَادِمِ (لَحْمٌ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرُبَّمَا بُنِيَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّسْوِيَةِ فِي الْأُدْمِ بَيْنَ الْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّسْوِيَةِ فَلَهَا اللَّحْمُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ قُدِّرَ أُدْمُهَا بِحَسَبِ الطَّعَامِ أَمَّا مَمْلُوكُهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أُجْرَتُهُ.
(فَإِنْ قَالَتْ أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذُ مَا لِلْخَادِمِ) مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ) هُوَ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ لِابْتِذَالِهَا بِذَلِكَ (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَكَاعْتِيَاضِهَا عَنْ النَّفَقَةِ) حَيْثُ لَا رِبَا، وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ يَوْمًا بِيَوْمٍ (أَوْ قَالَ لِزَوْجٍ أَنَا أَخْدُمُك) لِتَسْقُطَ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْخَادِمِ (لَمْ تُجْبَرْ) هِيَ وَلَوْ فِيمَا لَا يَسْتَحْيِ مِنْهُ كَغَسْلِ ثَوْبٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ وَطَبْخٍ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحْيِ مِنْهُ وَتُعَيَّرُ بِهِ (وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءً إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كِفَايَتُهَا بِأَيِّ خَادِمٍ كَانَ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَدْخُلُهُ رِيبَةٌ وَتُهْمَةٌ فِيمَنْ تَخْتَارُهُ هِيَ (لَكِنْ لَا) فِي الِاسْتِدْرَاكِ نَوْعُ خَفَاءٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا (يُبْدِلُهُ) أَيْ الْخَادِمَ الْمُعَيَّنَ (إنْ أَلِفَتْهُ لَا لِخِيَانَةٍ) ظَهَرَتْ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عَنْ الْمَأْلُوفِ شَدِيدٌ فَلَا يُرْتَكَبُ لِغَيْرِ عُذْرٍ.
(وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ) دُخُولِ دَارِهِ، وَمِنْ اسْتِخْدَامِهَا لَهُ (وَ) لَهُ (إخْرَاجُ مَا عَدَا خَادِمَهَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ) ذِكْرُهُ الْمَالَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ. (وَ) لَهُ (مَنْعُ أَبَوَيْهَا الدُّخُولَ عَلَيْهَا) مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَمَنْ لَا تُخْدَمُ) فِي بَيْتِ أَبِيهَا لَا تُخْدَمُ بَلْ (يُوَصِّلُ) الزَّوْجُ (مُؤْنَتَهَا إلَيْهَا) مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ (وَلَهُ إخْرَاجُ خَادِمِهَا) الَّذِي صَحِبَتْهُ، وَلَوْ بِشِرَائِهَا لَهُ (فَإِنْ مَرِضَ) وَلَوْ مَرَضًا لَا يَدُومُ أَوْ زَمِنَتْ (وَاحْتَاجَتْ خَادِمًا فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ) وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً لِضَرُورَتِهَا.
(الْوَاجِبُ الرَّابِعُ: الْكِسْوَةُ) بِضَمِّ الْكَافِ، وَكَسْرِهَا لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ؛ وَلِأَنَّهَا كَالْقُوتِ فِي أَنَّ الْبَدَنَ لَا يَقُومُ إلَّا بِهَا (وَيَجِبُ) لَهَا عَلَيْهِ (كِفَايَتُهَا) مِنْهَا (طُولًا) ، وَقِصَرًا (وَضَخَامَةً) وَنَحَافَةً فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ (قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ، وَإِزَارٌ اُعْتِيدَ وَخِمَارٌ) أَيْ مِقْنَعَةٌ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ يُخَصُّ بِمَا يُجْعَلُ فَوْقَهَا إذَا ادَّعَتْ الْحَاجَةَ إلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ يَجِبُ خِمَارٌ أَوْ مِقْنَعَةٌ وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ حَيْثُ يُعْتَادُ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ. اهـ.، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ السَّابِقُ يُشِيرُ إلَيْهِ (وَمُكْعَبٌ) أَيْ مَدَاسٌ (أَوْ نَعْلٌ) وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ إذَا جَرَتْ عَادَتُهَا بِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ لَا يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ. (وَيَزِيدُ) لَهَا (فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً أَوْ فَرْوَةً بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ تِكَّةِ سَرَاوِيلَ وَكُوفِيَّةٍ لِلرَّأْسِ وَزِرٍّ لِلْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الرِّدَاءِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْأَصَحَّ الْجَوَازُ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ جَائِزٌ، وَلَوْ فِيمَا فِيهِ امْتِهَانٌ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَهُ أَيْ الْخَادِمِ لَحْمٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ يَوْمًا بِيَوْمٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخِيَانَةٍ) أَيْ أَوْ رِيبَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى الظُّهُورِ بَلْ يَكْفِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ أَوْ خَوْفُهُ مِنْهَا كَمَا فِي إسْكَانِ الْقَرِيبَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ دَارِهِ، وَإِخْرَاجُهُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَقْرَبُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِحَالِ قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ دُونَ الْمُطَلَّقَةِ، وَلَوْ رَجْعِيًّا لِفَقْدِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِاخْتِصَاصِ السَّكَنِ بِهَا قَالَ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهِ. اهـ. سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْحَضَانَةِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ.
(فَرْعٌ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَأْذَنَ لِغَيْرِهَا فِي دُخُولِ دَارِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَإِذْنِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ كِفَايَتُهَا طُولًا وَضَخَامَةً إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِهِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ إذَا وَجَبَ لَهَا النَّفَقَةُ التَّامَّةُ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ اعْتَبَرْتُمْ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ الْقُوتِ؟ . فَالْجَوَابُ أَنَّ الْكِفَايَةَ فِي الْكِسْوَةِ مُحَقَّقَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَفِي الْقُوتِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ، وَلَا مُحَقَّقَةٍ، وَقَوْلُهُ: ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالْقَمِيصِ، وَالسَّرَاوِيلِ كَوْنُهُمَا مِخْيَطَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُعَايَاةِ لَكِنْ ذَكَرَا قُبَيْلَ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ أَنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الثِّيَابِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْخِيَاطَةِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَدَاسٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ لَهَا فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلَدٍ لَا تَخْتَلِفُ كِسْوَةُ أَهْلِهِ فِي زَمَانِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ لَمْ يَجِبْ لَهَا الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ فِي الشِّتَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَالْعَادَةُ فِي حَقِّ أَهْلِ بَلَدِهَا فَلَمْ يَجِبْ لَهَا أَكْثَرُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلْدَةٍ يَلْبَسُ غَالِبُ أَهْلِهَا الْأَدَمَ لَمْ يَجِبْ لَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُ بِلَادِهِمْ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ بَدْوِيَّةً فَمَا يَأْكُلُ أَهْلُ الْبَادِيَةِ، وَمِنْ الْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مَا يَلْبَسُونَ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا أَبْدَاهُ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ عَمَلًا بِالْعُرْفِ الَّذِي عَلَيْهِ مَدَارُ الْمَسْأَلَةِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ لَهَا الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ لَهَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكُوفِيَّةٍ) أَيْ أَوْ طَاقِيَّةٍ
وَالْخُفِّ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ فَجُبَّتَانِ) أَوْ فَرْوَتَانِ فَأَكْثَرُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (عَلَى الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ لَكِنَّ الْمُوسِرَ) يَكْسُوهَا (مِنْ جَيِّدِ الْقُطْنِ، وَكَذَا الْكَتَّانُ وَالْحَرِيرُ) وَالْخَزُّ (إنْ اعْتَادُوهُ) لِنِسَائِهِمْ عَمَلًا بِالْعَادَةِ (وَالْمُعْسِرُ) يَكْسُوهَا (مِنْ خَشِنِهِ وَيَتَوَسَّطُ) بَيْنَهُمَا (الْمُتَوَسِّطُ فَإِنْ تَعَوَّدُوا رَقِيقًا) بِحَيْثُ (لَا يَسْتُرُ وَجَبَ صَفِيقٌ يُقَارِبُهُ) فِي الْجُودَةِ فَلَا يَجِبُ لَهُنَّ مَا تَعَوَّدُوهُ مِنْ ذَلِكَ (فَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْبَرْدِ) أَيْ لِأَجْلِهِ (فَحْمًا أَوْ حَطَبًا) لِلْوَقُودِ بِهِ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِذَا كَانَ الْمَنَاطُ الْعَادَةَ فَأَكْثَرُ الْبَوَادِي لَا يُوقِدُونَ إلَّا بِالْبَعْرِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْوَاجِبَ.
(فَرْعٌ: وَعَلَى الْمُوسِرِ) لِزَوْجَتِهِ (طِنْفِسَةٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهَا وَبِضَمِّهَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ هِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ، وَقِيلَ لَهَا كِسَاءٌ (فِي الشِّتَاءِ وَنَطْعٌ) بِفَتْحِ النُّونِ، وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا (فِي الصَّيْفِ تَحْتَهُمَا زِلِّيَّةٌ أَوْ حَصِيرٌ لِقُعُودِهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُبْسَطَانِ وَحْدَهُمَا (وَ) عَلَى الْمُتَوَسِّطِ (زِلِّيَّةٌ) بِكَسْرِ الزَّايِ، وَهِيَ شَيْءٌ مُضْرَبٌ صَغِيرٌ، وَقِيلَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ.
(وَ) عَلَى (الْمُعْسِرِ حَصِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَلَا بُدَّ فِي الشِّتَاءِ وَيَجِبُ) لَهَا (مَرْقَدٌ) أَيْ فِرَاشٌ تَرْقُدُ عَلَيْهِ لِلْعَادَةِ (كَمُضَرَّبَةٍ وَثِيرَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَيِّنَةٍ (أَوْ قَطِيفَةٍ) ، وَهِيَ دِثَارٌ مُخْمَلٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُوضَعُ تَحْتَ الْخَدِّ (وَلِحَافٌ أَوْ كِسَاءٌ مِنْ الشِّتَاءِ أَوْ) فِي (بَلَدٍ بَارِدَةٍ) الْأَوْلَى بَارِدٍ وَيَجِبُ لَهَا مِلْحَفَةٌ بَدَلُ اللِّحَافِ أَوْ الْكِسَاءِ فِي الصَّيْفِ (وَكُلُّهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ) نَوْعًا، وَكَيْفِيَّةً حَتَّى قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: لَوْ كَانُوا لَا يَعْتَادُونَ فِي الصَّيْفِ لِنَوْمِهِمْ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَادَةً وَيُفَاوَتُ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ.
(فَرْعٌ) يَجِبُ عَلَيْهِ (لِلْخَادِمِ قَمِيصٌ وَخُفٌّ، وَمِقْنَعَةٌ وَرِدَاءٌ لِلْخُرُوجِ) صَيْفًا وَشِتَاءً حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا اعْتَادَ كَشْفَ الرَّأْسِ أَوْ لَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ فِي الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا لِلْمَخْدُومَةِ أَيْضًا فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الضَّرُورَاتِ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، وَقَدْ أَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى ذَلِكَ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ لِلْخَادِمِ إذَا كَانَتْ أُنْثَى وَلَا يَجِبُ لَهُ السَّرَاوِيلُ بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ، وَكَمَالُ السَّتْرِ (وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ أَوْ فَرْوَةٌ) بِحَسَبِ الْعَادَاتِ فَإِنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ يَدُلُّهُ عَلَى الْجُبَّةِ أَوْ الْفَرْوَةِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَجَمِيعُ مَا يَجِبُ لَهُ يَكُونُ (دُونَ مَا لِلْمَخْدُومَةِ) مِنْ الْكِسْوَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا. (وَ) يَجِبُ لَهُ (وِسَادَةٌ وَكِسَاءٌ يَتَغَطَّى بِهِ لَيْلًا وَفِي) وُجُوبِ (الْفِرَاشِ وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
(الْوَاجِبُ الْخَامِسُ) يَجِبُ عَلَيْهِ (لِلزَّوْجَةِ لَا لِلْخَادِمِ آلَاتُ التَّنْظِيفِ) مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي تُؤْذِيهَا وَتُؤْذِي بِهَا بِخِلَافِ الْخَادِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنْظِيفَ لَهُ بَلْ اللَّائِقُ بِهِ التَّشَعُّثُ لِئَلَّا يَمْتَدَّ إلَيْهِ النَّظَرُ وَذَلِكَ (كَالْمُشْطِ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا (وَالسِّدْرِ وَالدُّهْنِ كَالْعَادَةِ) أَيْ عَلَى عَادَةِ الْبُقْعَةِ وَيَجِبُ لَهَا (مُطَيِّبَةٌ) أَيْ مُطَيِّبُ الدُّهْنِ أَيْ الدُّهْنُ الْمُطَيِّبُ (إنْ اُعْتِيدَ وَمَرْتَكٌ وَنَحْوُهُ لِصُنَانٍ) أَيْ لِقَطْعِهِ (إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ بِدُونِهِ) لِتَأَذِّيهَا وَغَيْرِهَا بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ بِدُونِهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ وَالْمَرْتَكُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا مُعَرَّبٌ أَصْلُهُ مِنْ الرَّصَاصِ يَقْطَعُ رَائِحَةَ الْإِبْطِ؛ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْعَرَقَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً طَوِيلَةً هَلْ يَجِبُ لَهَا آلَةُ التَّنْظِيفِ كَمَا فِي الْحَاضِرِ، وَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ الظَّاهِرُ فِيهَا الْمَنْعُ، وَإِنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَفِي الْغَيْبَةِ الْوُجُوبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لَهَا مَا يُزِيلُ الشَّعَثَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ فِيهِ زِينَةٌ لِلزَّوْجِ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ (وَأُجْرَةُ حَمَّامٍ اُعْتِيدَ) دُخُولُهُ (مَرَّةً لِشَهْرٍ) أَيْ لِكُلِّ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ وَاعْتُبِرَ الشَّهْرُ لِيَخْرُجَ مِنْ دَنَسِ الْحَيْضِ الَّذِي يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً غَالِبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ لِعَادَةِ مِثْلِهَا وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ حَرًّا وَبَرْدًا وَخَرَجَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ هُوَ الْجَوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السَّرَخْسِيُّ إذَا لَمْ تَسْتَغْنِ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ عَنْ الْوُقُودِ فَيَجِبُ لَهَا مِنْ الْحَطَبِ أَوْ الْفَحْمِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَنْ اعْتَادُوهُ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْبَوَادِي، وَالْقُرَى الْبَعِيدَةِ مِنْ الْحَطَبِ، وَالْفَحْمِ لَا وُقُودَ لَهُمْ إلَّا زِبْلُ الْبَقَرِ وَبَعْرِ الْإِبِلِ فَلَا يُكَلَّفُ لَهَا حَطَبًا، وَلَا فَحْمًا قَطْعًا، وَقَوْلُهُ: قَالَ السَّرَخْسِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(الْوَاجِبُ الْخَامِسُ)(قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالدُّهْنِ كَالْعَادَةِ) قَيَّدَهُ فِي التَّنْبِيهِ بِدُهْنِ الرَّأْسِ، وَهِيَ عِبَارَةُ الْإِمَامِ، وَفِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا أَيْضًا أَقَلُّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدَهْنِ رَأْسِهَا وَجَسَدِهَا وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْمٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِدَهْنِ الرَّأْسِ دُونَ الْجَسَدِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: مَحْمُولٌ عَلَى قَوْمٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِدَهْنِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُمْ تَعَرَّضُوا لِدَهْنِ السِّرَاجِ عَلَيْهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَالْعُرْفُ جَارٍ بِهِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْخِيَامِ، وَالْبَادِيَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْتَادُونَهُ، وَقَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَحْمُولٌ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ بِدُونِهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الرُّتْبَةِ حَتَّى يَجِبَ الْمَرْتَكُ وَنَحْوُهُ لِلشَّرِيفَةِ، وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ تَعْتَدْهُ، وَقَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ فِيهَا الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْغَيْبَةِ الْوُجُوبُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ وَيَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ أَنْ يُخْلَى لَهَا الْحَمَّامُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْلَاؤُهُ لَهَا اعْتِبَارًا بِأَمْثَالِهَا وَسُئِلْت عَمَّنْ يَأْتِي أَهْلَهُ فِي الْبَرْدِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ بَذْلِ