الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كُرِهَ) لِإِيجَابِهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكَرَاهَةُ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الظِّهَارِ (وَلَمْ تَحْرُمْ) هِيَ عَلَيْهِ لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ إنِّي جَعَلْت امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا فَقَالَ كَذَبْت لَيْسَتْ عَلَيْك حَرَامًا ثُمَّ تَلَا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [التحريم: 1](وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ «مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةً كَكَفَّارَةِ أَيْمَانِكُمْ (وَلَيْسَ ذَلِكَ يَمِينًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ (وَكَذَا) يُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ يَمِينًا (إذَا لَمْ يَنْوِ) بِهِ (شَيْئًا) لِعُمُومِ مَا مَرَّ وَشُمُولِ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ)(قَالَ أَرَدْت بِهِ الْيَمِينَ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ (لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِأَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ (وَلَوْ)(حَرَّمَ) الشَّخْصُ (غَيْرَ الْإِبْضَاعِ) كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ (فَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلِأَمَةٍ لَهُ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ.
وَأَمَّا الْأَمَةُ فَقَدْ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ) لِقِصَّةِ مَارِيَةَ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَأُخْتِهِ لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ (وَفِي) وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ (الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ (وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي زَوْجَةٍ أَحْرَمَتْ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا وَثَانِيهِمَا نَعَمْ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِاسْتِبَاحَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِالْأَوَّلِ فِي أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْقَاضِي بِهِ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ (وَلَا كَفَّارَةَ) بِذَلِكَ (فِي رَجْعِيَّةٍ) لِصِدْقِهِ فِي وَصْفِهَا (وَوَجَبَتْ فِي حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ وَنَحْوِهَا) كَنُفَسَاءَ وَمُصَلِّيَةٍ لِأَنَّهَا عَوَارِضُ سَرِيعَةُ الزَّوَالِ فَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَ وَطْئِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (إذَا نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِ الْأَمَةِ) أَوْ نَحْوِ عَيْنِهَا مِمَّا مَرَّ (أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى عِتْقًا نَفَذَ) لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ (أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا) لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (حَرَّمَ كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتَكْفِيه) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ جَمَاعَةً فَكَلَّمَهُمْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَمَا نَقَلَهُ فِي الظِّهَارِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ (وَلَوْ حَرَّمَ زَوْجَتَهُ مَرَّاتٍ) كَأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (فِي مَجْلِسٍ كَفَاهُ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَكَذَا) فِي (مَجَالِسَ وَنَوَى التَّأْكِيدَ لَا) إنْ نَوَى (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا يَكْفِيه كَفَّارَةٌ بَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَرَّاتِ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ خِلَافَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ كَمَا فِي تَكَرُّرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَ) قَوْلُهُ لَهَا (أَنْت حَرَامٌ)(كِنَايَةٌ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) فَإِنْ قَالَهَا فَهُوَ صَرِيحٌ.
(فَرْعٌ لَوْ)(قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ) أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (فَكَقَوْلِهِ) أَنْتِ (حَرَامٌ عَلَيَّ) فِيمَا مَرَّ وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِمَا عَدَا لُزُومَ الْكَفَّارَةِ فِيمَا إذَا نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ أَطْلَقَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَرْجِيحُ لُزُومِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ وَعَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (لَا إنْ قَصَدَ) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
[فَرْعٌ لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ]
(فَرْعٌ)(لَا يَلْحَقُ الْكِنَايَةَ بِالصَّرِيحِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ) الطَّلَاقَ (وَلَا قَرِينَةٌ) مِنْ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ خِلَافَ مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقَرِينَةُ وَاللَّفْظُ فِي نَفْسِهِ مُحْتَمِلٌ (وَلَا) يَلْحَقُهَا بِهِ (مُوَاطَأَةٌ كَالتَّوَاطُؤِ عَلَى جَعْلِ) قَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَطَلَّقْتُك) كَأَنْ قَالَ مَتَى قُلْت لِامْرَأَتِي أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنِّي أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا (بَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءً) أَيْ كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِهِ لِاحْتِمَالِ تَغْيِيرِ نِيَّتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا مُوَاطَأَةَ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابُ (إنَّ) قَوْلَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّشْرِيكُ هُنَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلُقَتْ وَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَحْرُمْ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَالِ) وَإِنْ اشْتَهَرَ لَفْظُ الْحَرَامِ فِي الطَّلَاقِ وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّ الْوَطْءِ عَلَى إخْرَاجِهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ الْوَطْءُ فِي الظِّهَارِ وَعَلَى التَّكْفِيرِ وَالْفَرْقُ غِلَظُ حُرْمَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّ النُّطْقَ بِهِ حَرَامٌ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النُّطْقُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ (قَوْلُهُ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ بِتَحْرِيمِ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ) شَمِلَ الْمُسْتَوْلَدَةَ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ) أَيْ وَالْمُكَاتَبَةُ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتَدَّتْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ أَوْ ارْتَدَّتْ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا لِصِدْقِهِ فِي وَضْعِهَا) هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِمَا فِي حَقِّ الْأَمَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُمْهُورُ وَإِنْ قَالَ الرِّيمِيُّ فِي نِيَّةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا.
[فَرْعٌ حَرَّمَ عَلَى نَفْسه كُلَّ مَا يَمْلِكُ وَلَهُ نِسَاءٌ وَإِمَاءٌ]
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَوْ نَوَاهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ التَّعَدُّدِ) هُوَ الْأَصَحُّ.