الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ) وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الزَّوْجِ فِي زَوْجَتِهِ لِلْحُكْمِ بِحَيَاتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ أَمْ بَعْدَهَا (وَيَسْقُطُ بِنِكَاحِهَا) غَيْرَهُ (نَفَقَتُهَا عَنْ الْمَفْقُودِ) ؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا (وَكَذَا) تَسْقُطُ عَنْهُ (إنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتَدَّتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ) وَيَسْتَمِرُّ السُّقُوطُ (حَتَّى يَعْلَمَ الْمَفْقُودُ عَوْدَهَا إلَى طَاعَتِهِ) ؛ لِأَنَّ النُّشُوزَ إنَّمَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَحَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّذِي صَدَرَ بِتَقْصِيرِهَا. انْتَهَى.
وَفِيهِ وَقْفَةٌ (وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (عَلَى) الزَّوْجِ (الثَّانِي) إذْ لَا زَوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا (إنْ أَنْفَقَ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (إلَّا فِيمَا كَلَّفَهُ) مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا (بِحُكْمِ حَاكِمٍ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ (فَلَوْ تَزَوَّجَتْ) قَبْلَ ثُبُوتِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ (وَبَانَ) الْمَفْقُودُ (مَيِّتًا) قَبْلَ تَزَوُّجِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ (صَحَّ) التَّزْوِيجُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا.
(فَصْلٌ) لَوْ (تَرَبَّصَتْ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ (أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ نَكَحَتْ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ) وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمَفْقُودُ (لَحِقَ بِالثَّانِي عِنْدَ الْإِمْكَانِ) لِتَحَقُّقِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْمَفْقُودِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ يَلْحَقْ بِالْمَفْقُودِ) لِذَلِكَ (فَإِنْ قَدِمَ الْمَفْقُودُ وَادَّعَاهُ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ حَتَّى يَدَّعِيَ وَطْئًا مُمْكِنًا) فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ كَأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي وَلَدَتْهُ زَوْجَتِي عَلَى فِرَاشِي؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الرَّحِمِ هَذِهِ الْمُدَّةَ (فَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ) وَلَوْ (بَعْدَ الدَّعْوَى) بِهِ (وَالْعَرْضِ) لَهُ عَلَى الْقَائِفِ (فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ) الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ (إنْ وَجَدَ مُرْضِعَةً) غَيْرَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ) فِي مَنْزِلِ الْمَفْقُودِ (قَهْرًا) عَلَيْهِ (وَلَمْ تَخْرُجْ) مِنْهُ (وَلَا وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا) عَنْهُ (فَإِنْ خَرَجَتْ) مِنْهُ (لَهُ) أَيْ لِإِرْضَاعَةِ أَوْ وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ (سَقَطَتْ) نَفَقَتُهَا عَنْهُ (وَلَوْ) خَرَجَتْ (بِإِذْنِهِ كَسَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا) فَإِنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ وَيُفَارِقُ سُقُوطُهَا بِخُرُوجِهَا لِلْإِرْضَاعِ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِخُرُوجِهَا لِبَيْتِ أَبِيهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ بِالِاحْتِيَاجِ إلَى تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ هُنَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِخِلَافِهِ.
ثُمَّ (وَفِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا (هُنَا مَسْأَلَةٌ تَرَكْتهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا قَدْ سَبَقَ) فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَهِيَ مَا لَوْ نَكَحَتْ وَوَطِئَهَا الثَّانِي ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ حَيًّا وَقْتَ نِكَاحِهِ، وَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدُ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَنْهُ لَكِنْ لَا تُسْرِعُ فِيهَا حَتَّى يَمُوتَ الثَّانِي أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَحِينَئِذٍ تَعْتَدُّ لِوَفَاةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ لِلثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي أَوَّلًا أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا شَرَعَتْ فِي الْأَقْرَاءِ فَإِنْ أَتَمَّتْهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ اعْتَدَّتْ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا انْقَطَعَتْ فَتَعْتَدُّ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ ثُمَّ تَعُودُ إلَى بَقِيَّةِ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهَا حَتَّى مَضَى ذَلِكَ فَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّتَانِ، وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْ الثَّانِي اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِالْوَضْعِ ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الْأَوَّلِ لِلْوَفَاةِ وَيُحْسَبُ مِنْهَا زَمَنُ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي.
(فَرْعٌ: لِمَنْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (بِوَفَاةِ زَوْجِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ سِرًّا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا سَاغَ لَهَا اعْتِمَادُهُ وَعَلِمْنَا ذَلِكَ اتَّجَهَ جَوَازُ اعْتِمَادِهِ ظَاهِرًا أَيْضًا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ.
(فَصْلٌ: يَجِبُ الْإِحْدَادُ) الْآتِي بَيَانُهُ (فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ) وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِمَا سَيَأْتِي (وَيُسْتَحَبُّ فِي عِدَّةِ فِرَاقِ الزَّوْجِ) وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ إنْ فُورِقَتْ بِالطَّلَاقِ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِالْفَسْخِ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْبَائِنَ وَالرَّجْعِيَّةَ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى رَجْعَتِهَا وَخَرَجَ بِفِرَاقِ الزَّوْجِ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِحْدَادُ. (وَتُحِدُّ الذِّمِّيَّةُ) وَلَوْ عَلَى ذِمِّيٍّ (وَالصَّبِيَّةُ وَالْمَجْنُونَةُ) وَالرَّقِيقَةُ كَغَيْرِهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
زَوِّجْنِي فَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَعَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ مَوْتَهُ، وَأَنْكَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ زَعْمَ الْوَلِيِّ أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِآخَرَ لَمْ يُحِلَّ تَزْوِيجَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ لَا الْوَلِيُّ، وَكَذَلِكَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ زَوَّجْت بِنْتِي مِنْ فُلَانٍ، وَقَدْ مَاتَ فَخَطَبَهَا ابْنُ ذَلِكَ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ، وَأَنْكَرَ عَقْدَ الْوَلِيِّ مَعَ الْأَبِ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ مِنْ الِابْنِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ.
[فَصْلٌ تَرَبَّصَتْ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ نَكَحَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ]
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا لَوْ ارْتَابَتْ فِي الْعِدَّةِ وَنَكَحَتْ بَعْدَ مُضِيِّهَا، وَقَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ حَيْثُ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَخَالَفَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خَرَّجَا ذَلِكَ عَلَى بَيْعِ مَالِ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ظَاهِرًا يَقِينًا فَإِقْدَامُهَا عَلَى التَّزَوُّجِ قَبْلَ تَرَجُّحِ انْقِضَائِهَا مُقْتَضٍ لِبُطْلَانِ تَزَوُّجِهَا وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ تُخَاطَبْ بَعْدَهُ ظَاهِرًا حَتَّى تَسْتَصْحِبَ بَقَاءَهَا فَاعْتَبَرْنَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَاتِبَهُ.
[فَصْلٌ الْإِحْدَادُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ) أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِشُمُولِهِ فَرْعًا حَسَنًا، وَهُوَ لَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ بِشُبْهَةٍ، وَقُلْنَا إنَّهَا تَعْتَدُّ عَنْهُ ثُمَّ تَنْتَقِلُ لِلْوَفَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ) وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ إنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) لَعَلَّ الْمُقْتَضِيَ لِهَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ الْجَنِينَ
الذِّمِّيَّةِ إذَا رَضَوْا بِحُكْمِنَا وَإِلَّا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهَا، وَمِثْلُهَا الْمُعَاهَدَةُ وَالْمُسْتَأْمَنَةُ (وَيُلْزِمُهَا) أَيْ الصَّبِيَّةَ وَالْمَجْنُونَةَ (الْوَلِيُّ) بِذَلِكَ.
(فَصْلٌ: الْإِحْدَادُ) مِنْ أَحَدَّ وَيُقَالُ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا (تَرْكُ الزِّينَةِ) مِنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ (بِالثِّيَابِ وَالطِّيبِ وَالْحُلِيِّ) وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا يَأْتِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا «نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ، وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» . وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ» وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ بِالْمِشْقِ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمَغْرَةُ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا. وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ» ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمِينِ يُعْصَبُ غَزْلُهُ أَيْ يُجْمَعُ ثُمَّ يُشَدُّ ثُمَّ يُصْبَغُ مَعْصُوبًا ثُمَّ يُنْسَخُ فَمُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ وَلَا ثَوْبَ عَصْبٍ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِالصَّبْغِ الَّذِي لَا يَحْرُمُ كَالْأَسْوَدِ (فَلَهَا لُبْسُ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ) مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ وَغَيْرِهَا (وَلَوْ حَرِيرًا) وَنَفِيسًا؛ لِأَنَّ نَفَاسَتَهُ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لَا مِنْ زِينَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُغَيِّرَ لَوْنَهَا بِسَوَادٍ وَنَحْوِهِ.
(وَالْمَصْبُوغُ وَلَوْ قَبْلَ النَّسْجِ) كَالْبُرُودِ (حَرَامٌ) لِمَا مَرَّ (لَا) الْمَصْبُوغُ (بِالسَّوَادِ، وَكَذَا زُرْقَةٌ وَخُضْرَةٌ كَدِرَانِ) أَيْ الْمَصْبُوغُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ بَلْ لِنَحْوِ حَمْلِ وَسَخٍ أَوْ مُصِيبَةٍ بِخِلَافِ الْمَصْبُوغِ بِزُرْقَةٍ وَخُضْرَةٍ صَافِيَيْنِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا صُبِغَ لِزِينَةٍ يَحْرُمُ، وَمَا صُبِغَ لَا لِزِينَةٍ كَالْأَسْوَدِ لَمْ يَحْرُمْ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ عَنْهُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ كَأَنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ يُتَزَيَّنُ بِهِ أَوْ كَدِرًا أَوْ مُشْبَعًا أَوْ أَكْهَبَ بِأَنْ يَضْرِبَ إلَى الْغُبْرَةِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْمُشْبَعَ مِنْ الْأَخْضَرِ يُقَارِبُ الْأَسْوَدَ، وَمِنْ الْأَزْرَقِ يُقَارِبُ الْكُحْلِيَّ، وَمِنْ الْأَكْهَبِ يُقَارِبُهُمَا (وَالطِّرَازُ) عَلَى الثَّوْبِ (حَرَامٌ عَلَيْهَا) إنْ كَبِرَ لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ (وَإِنْ صَغُرَ فَوُجُوهٌ) ثَلَاثَةٌ ثَالِثُهَا إنْ نُسِجَ مَعَ الثَّوْبِ جَازَ، وَإِنْ رُكِّبَ عَلَيْهِ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ زِينَةٍ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (وَيَحْرُمُ) عَلَيْهَا (الْحُلِيُّ) مِنْ خَلْخَالٍ وَسِوَارٍ وَغَيْرِهِمَا (وَلَوْ خَاتَمَ فِضَّةٍ) أَوْ حُلِيَّ لُؤْلُؤٍ لِظَاهِرِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ (وَلَهَا لُبْسُ الْحُلِيِّ لِلْإِحْرَازِ) لَهُ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى (لَيْلًا) بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَهَا ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا بِلَا حَاجَةٍ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِحُرْمَةِ التَّطَيُّبِ وَلِبَاسِ الْمَصْبُوغِ لَيْلًا وَفُرِّقَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةَ بِخِلَافِ التَّحَلِّي.
قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا لُبْسُهُ نَهَارًا فَحَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِإِحْرَازِهِ فَظَاهِرٌ جَوَازُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ تَعَوَّدُوا) أَيْ قَوْمُهَا (التَّحَلِّي بِالنُّحَاسِ أَوْ الرَّصَاصِ أَوْ أَشْبَهَا التِّبْرَيْنِ) أَيْ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفَانِ إلَّا بِتَأَمُّلٍ (أَوْ مَوَّهَا بِهِمَا حَرُمَا) ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالتَّمْوِيهُ بِغَيْرِهِمَا أَيْ مِمَّا يَحْرُمُ تَزَيُّنُهَا بِهِ كَالتَّمْوِيهِ بِهِمَا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِهِمَا اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ (وَهِيَ فِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ، وَأَكْلِهِ وَالدُّهْنِ كَالْمُحَرَّمِ) فِي تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ لَكِنْ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ الْكَائِنِ مَعَهَا حَالَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَقْدَحُ اسْتِعْمَالُهَا الطِّيبَ فِي عِدَّتِهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ فِي ذَلِكَ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الِاكْتِحَالُ) بِإِثْمِدٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ زِينَةً وَجَمَالًا لِلْعَيْنِ (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا (تَسْوِيدُ الْحَاجِبِ بِالْأَسْوَدِ كَالْإِثْمِدِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فِي غَالِبِ الْأَمْرِ يَتَحَرَّكُ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَلِأَرْبَعَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى، وَاعْتُبِرَ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَزِيدَ عَلَيْهِ اسْتِظْهَارًا إذْ رُبَّمَا تَضْعُفُ حَرَكَتُهُ فِي الْمَبَادِي فَلَا تَحُسُّ بِهَا.
(قَوْلُهُ: فَلَهَا لُبْسُ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمَصْبُوغِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ مَا نُسِجَ عَلَى هَيْئَتِهِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ تَحْسِينٍ فِيهِ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا جَوَازُهُ وَيَجُوزُ حَمْلُ ظَاهِرِ النَّصِّ، وَكَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ كَيْفَ صُنِعَ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الزِّينَةَ فِيمَا بُيِّضَ مِنْ أَبْيَضِهِ وَحَسُنَ مِنْ أَصْفَرِهِ، وَأَحْمَرِهِ وَصُقِلَ بَعْدَ نَسْجِهِ ظَاهِرَةٌ بَلْ هُوَ أَحْسَنُ، وَأَزْيَنُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُصَبَّغَاتِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَحْرُمَ الْمَصْبُوغُ الْبَرَّاقُ مِنْ الْقُطْنِ، وَالصُّوفِ وَالْكَتَّانِ، وَإِنْ خَشُنَ وَلَا يَحْرُمُ الْأَصْفَرُ، وَالْأَحْمَرُ الْخِلْقِيُّ مَعَ صَفَائِهِمَا وَشِدَّةِ بِرِيقِهِمَا وَزِيَادَةِ الزِّينَةِ فِيهِمَا عَلَى الْمَصْبُوغِ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ آخِرَ الْبَابِ وَعَقْدُ الْبَابِ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ زِينَةٌ تُشَوِّقُ الرِّجَالَ بِهِ إلَى نَفْسِهَا تُمْنَعُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا الْمَصْبُوغُ بِالسَّوَادِ، وَكَذَا زُرْقَةٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّحَلِّي بِالنُّحَاسِ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِالتَّزَيُّنِ بِالْأَسْوَدِ، وَالْأَزْرَقِ الْكَدِرِ وَنَحْوِهِمَا حَرُمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. كا (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَلِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا صَدِئَ الذَّهَبُ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ جَوَازُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَوَّدُوا التَّحَلِّيَ بِالنُّحَاسِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْقَدِحُ أَنْ يَحْرُمَ بِكُلِّ بِلَادٍ مَا يَعُدُّهُ أَهْلُهَا زِينَةً وَحُلِيًّا كَالْخَرَزِ وَالْوَدَعِ عِنْدَ السُّودَانِ قَالَ وَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ تَخَتُّمِهَا بِالْعَقِيقِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجَوَاهِرِ، وَقَدْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الدَّمَالِجِ، وَالْخَوَاتِمِ مِنْ الْعَاجِ، وَالدُّبُلِ؛ لِأَنَّ لَهَا زِينَةً، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْقَدِحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالتَّمْوِيهُ بِغَيْرِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ، وَأَكْلِهِ، وَالدُّهْنِ كَالْمُحَرَّمِ) لَوْ دَعَتْ إلَى اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ حَاجَةٌ جَازَ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَتَسْوِيدُ الْحَاجِبِ بِالْأَسْوَدِ كَالْإِثْمِدِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْإِثْمِدِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهَا إلَّا فِي حَاجِبِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الزِّينَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنَيْنِ، وَالْحَاجِبِ