الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إعْذَارٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ (وَلِلْوِلَادَةِ عَقِيقَةٌ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ الطَّلْقِ خُرْسٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَيُقَالُ بِالصَّادِ (وَلِلْقُدُومِ) مِنْ السَّفَرِ (نَقِيعَةٌ) مِنْ النَّقْعِ وَهُوَ الْغُبَارُ أَوْ النَّحْرُ أَوْ الْقَتْلُ (وَهِيَ مَا) أَيْ طَعَامٌ (يُصْنَعُ لَهُ) أَيْ لِلْقُدُومِ سَوَاءٌ أَصَنَعَهُ الْقَادِمُ أَمْ صَنَعَهُ غَيْرُهُ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ هُنَا ذَكَرَ ذَلِكَ قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي لَكِنْ صَوَّبَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلَ (وَلِلْبِنَاءِ وَكِيرَةٌ) مِنْ الْوَكْرِ وَهُوَ الْمَأْوَى (وَلِلْمُصِيبَةِ وَضِيمَةٌ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْوَلَائِمِ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ السُّرُورِ وَعَلَيْهِ مَشَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.
لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ السُّرُورِ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ (وَبِلَا سَبَبٍ مَأْدُبَةٌ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَلِحِفْظِ الْقُرْآنِ حِذَاقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ (وَالْكُلُّ مُسْتَحَبٌّ) وَدَلِيلُ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ إخْبَارُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَأَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ» وَأَنَّهُ «قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ تَزَوَّجَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدَبِ قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَسَائِرِ الْوَلَائِمِ وَلِأَنَّهُ أَمَرَ فِيهِ بِالشَّاةِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لَوَجَبَتْ وَهِيَ لَا تَجِبُ إجْمَاعًا لَا عَيْنًا وَلَا كِفَايَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ وَلِيمَةِ الْخِتَانِ مَحَلُّهُ فِي خِتَانِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُخْفَى وَيُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُهُ لِلنِّسَاءِ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً قَالَ وَأَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ الْوَلِيمَةِ لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ أَمَّا مَنْ غَابَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ فَكَالْحَاضِرِ (وَأَقَلُّهَا لِلْمُتَمَكِّنِ شَاةٌ وَلِغَيْرِهِ مَا قَدَرَ) عَلَيْهِ.
قَالَ النَّسَائِيّ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْكَمَالِ شَاةٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ
(فَرْعٌ الْإِجَابَةُ) إلَى الدَّعْوَةِ (فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ
إنْ لَمْ يَرْضَ) صَاحِبُهَا (بِالْعُذْرِ) أَيْ بِعُذْرِ الْمَدْعُوِّ (فَرْضُ عَيْنٍ وَ) فِي (غَيْرِهَا مُسْتَحَبَّةٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ تُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَتَتْرُكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» قَالُوا وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ» لَكِنْ فِيهِ أَيْضًا «مَنْ دُعِيَ إلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ» وَفِي أَبِي دَاوُد «إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ» وَقَضِيَّتُهُمَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي سَائِرِ الْوَلَائِمِ وَبِهِ أَجَابَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ وُجُوبِهَا فِي غَيْرِ الْعُرْسِ أَنَّ «عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ دُعِيَ إلَى خِتَانٍ فَلَمْ يُجِبْ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِعُذْرِهِ الَّذِي اعْتَذَرَ لَهُ بِهِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْقَاضِي لِشُغْلِهِ بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَوْ تُسْتَحَبُّ (بِشُرُوطٍ) مِنْهَا (أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا) فَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدَبِ) قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تَجِبُ إجْمَاعًا لَا عَيْنًا وَلَا كِفَايَةً) لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمُحْتَاجِينَ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَأَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ الْوَلِيمَةِ لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ) بِأَنْ يُصْنَعَ لَهُ طَعَامٌ أَوْ يَصْنَعَهُ هُوَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ النَّسَائِيّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ كَمَالُ السُّنَّةِ إلَّا بِمَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (قَوْلُهُ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ) لَوْ نَكَحَ أَرْبَعًا مَعًا فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَلِيمَةٌ أَمْ تَكْفِي وَلِيمَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَالْعُقُودِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْ الطَّعَامِ الْوَلِيمَةَ عَنْ الْكُلِّ كَفَى فَإِنْ قُلْت لَوْ نَكَحَ الْيَوْمَ وَاحِدَةً فَأَوْلَمَ ثُمَّ غَدًا ثَانِيَةً فَأَوْلَمَ ثُمَّ فِي الثَّالِثِ ثَالِثَةً فَأَوْلَمَ لَهَا هَلْ تَجِبُ الْإِجَابَةُ فِي الثَّلَاثِ قُلْت الظَّاهِرُ نَعَمْ أَنَّ كُلَّ وَلِيمَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا لَوْ تَطَاوَلَ الْفَصْلُ.
وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا مَا لَوْ نَكَحَ وَاحِدَةً وَأَوْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا غَدًا وَأَوْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا فِي الثَّالِثِ وَأَوْلَمَ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ ثَانِيًا عَلَى مَنْ أَجَابَ أَوَّلًا أَمَّا لَوْ نَكَحَ ثَلَاثًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَأَوْلَمَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ أَوْ لَا وَكَذَا لَوْ نَكَحَهُنَّ مُرَتَّبًا وَلَمْ تَتَخَلَّلْ الْوَلِيمَةُ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أَوْ لَا نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَحُصُولُ الْغَرَضِ بِالْوَلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ وَاتِّحَادِ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ وَقَوْلُهُ أَمْ تَكْفِي وَلِيمَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ إلَخْ وَكَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ قُلْت الظَّاهِرُ نَعَمْ وَكَذَا قَوْلُهُ أَيْضًا فَهَلْ يَتَعَدَّدُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ
[فَرْعٌ الْإِجَابَةُ إلَى الدَّعْوَةِ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ]
(قَوْلُهُ الْإِجَابَةُ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ إلَخْ) وُجُوبُ الْإِجَابَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُمَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا رَضِيَ بِعُذْرِهِ الَّذِي اعْتَذَرَ لَهُ بِهِ إلَخْ) وَإِنْ عَلِمَهُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ فَوَجْهَانِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ فِي مَعْنَاهُ كُلُّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى رَعِيَّتِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا يَحْضُرُ الْقَاضِي وَلِيمَةَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَالَ خُصُومَتِهِمَا وَلَا وَلِيمَتَهُمَا وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ وَلِيمَةَ غَيْرِهِمَا بِشَرْطِ التَّعْمِيمِ وَفِي الْعُرْسِ آكَدُ فَإِنْ كَثُرَتْ وَقَطَعَتْهُ عَنْ الْحُكْمِ تَرَكَ الْجَمِيعَ وَلَا بَأْسَ بِتَخْصِيصِهِ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِإِجَابَتِهِ وَيُكْرَهُ فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لَهُ خَاصَّةً أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ لَا مَا اُتُّخِذَ لِلْعُلَمَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ أَوْ لِلْجِيرَانِ وَهُوَ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا) أَيْ مُكَلَّفًا حُرًّا رَشِيدًا وَطَعَامُهُ مُبَاحًا قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَأَنْ لَا يَكُونَ ظَالِمًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا أَوْ مُتَكَلِّفًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْظُرْ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّاعِي حُرًّا رَشِيدًا وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ
لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْمَوَدَّةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُسْتَقْذَرُ طَعَامُهُ لِاحْتِمَالِ نَجَاسَتِهِ وَفَسَادِ تَصَرُّفِهِ (وَ) لِهَذَا (لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ كَاسْتِحْبَابِ إجَابَةِ الْمُسْلِمِ) فِيمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ إجَابَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ (وَإِنْ كُرِهَتْ مُخَالَطَتُهُ) وَيُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا فَلَوْ دَعَا مُسْلِمٌ كَافِرًا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ.
ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَأَنْ لَا يَخُصَّ) بِالدَّعْوَةِ (الْأَغْنِيَاءَ) وَلَا غَيْرَهُمْ بَلْ يَعُمُّ عَشِيرَتَهُ أَوْ جِيرَانَهُ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ لِخَبَرِ شَرُّ الطَّعَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ النَّاسِ لِتَعَذُّرِهِ بَلْ لَوْ كَثُرَتْ عَشِيرَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُهَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَى بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ (وَ) أَنْ (لَا يَطْلُبَهُ طَمَعًا) فِي جَاهِهِ أَوْ لِإِعَانَتِهِ عَلَى بَاطِلٍ (أَوْ خَوْفًا مِنْهُ) لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ بَلْ لِلتَّوَدُّدِ وَالتَّقَرُّبِ وَكَذَا لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمَدْعُوَّ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (لَا إنْ نَادَى فِي النَّاسِ) كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ وَقَالَ لِيَحْضُرَ مَنْ أَرَادَ أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُدْعُ مَنْ شِئْت فَلَا تُطْلَبُ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَدْعُوِّ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ لَا يُورِثُ وَحْشَةً (وَأَنْ يَدْعُوَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ) أَيْ فِيهِ فَلَوْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ.
(وَتُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِي ثُمَّ تُكْرَهُ) فِيمَا بَعْدَهُ فَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِث رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِيعَابُ النَّاسِ فِي الْأَوَّلِ لِكَثْرَتِهِمْ أَوْ صِغَرِ مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دُعِيَ النَّاسُ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَالْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا تُطْلَبُ إجَابَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ مَالِهِ لَا بِإِتْلَافِهِ نَعَمْ إنْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَأَنْ لَا يَحْضُرَ) هُنَاكَ (مَنْ يُؤْذِي) الْمَدْعُوَّ (أَوْ تَقْبُحُ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَذِّي فِي الْأَوَّلِ وَالْغَضَاضَةِ فِي الثَّانِي.
وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ وَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ) كَفَرْشِ الْحَرِيرِ فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لِلرِّجَالِ وَفَرْشِ جُلُودِ نُمُورٍ بَقِيَ وَبَرُهَا كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ (وَصُورَةُ الْحَيَوَانِ الْمَرْفُوعَةِ) كَأَنْ كَانَتْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ ثِيَابٍ مَلْبُوسَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ (لَا) صُوَرُ (الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ حَرُمَ الْحُضُورُ) لِأَنَّ الْحُضُورَ حِينَئِذٍ كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ صُوَرِ الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ تَصْوِيرُهَا كَمَا سَيَأْتِي هَذَا (إنْ لَمْ يَزُلْ) أَيْ الْمُنْكَرُ (لِأَجْلِهِ) أَيْ الْمَدْعُوِّ فَإِنْ كَانَ يَزُولُ لِأَجْلِهِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ دُخُولُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَقَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ) الْإِضَافَةُ فِيهِ إضَافَةٌ إلَى الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا) أَيْ وَكَوْنُهُ حُرًّا فَفِي الْعَبْدِ يُعْتَبَرُ إذْنُ سَيِّدِهِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ كَوْنِ الدَّعْوَةِ وَقْتَ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ وَلَمْ نَرَ لِلْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِوَقْتِهَا ثُمَّ نَقَلَ اسْتِنْبَاطَ وَالِدِهِ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ اتِّسَاعُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الدُّخُولِ وَغَيْرُ مَعْذُورٍ بِمُرَخَّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ مُكَلَّفًا رَشِيدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرُدَ يَخَافُ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً وَقَالَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَجِيرًا إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلِ شَرَعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ.
(وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَحْضُرُ مَنْ يُؤْذِي الْمَدْعُوَّ) فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوٌّ لَهُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ فِيهِمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ دِينِيَّةً كَانَتْ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ إلَخْ) شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ كَمَا فِي النَّبِيذِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ كَانُوا يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِي حِلِّهِ فَلَا يُنْكَرُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ اجْتِهَادٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْحُضُورُ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ كَمَا فِي الْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
(قَوْلُهُ كَفُرُشِ الْحَرِيرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ سَبَقَ عَنْ نَقْلِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ بَسَطَ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ شَيْئًا جَازَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ كَالْحَشْوَةِ فَقَدْ يُقَالُ يَحْضُرُ وَيُفْرَشُ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقَفَّالِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ وَصُوَرُ الْحَيَوَانِ إلَخْ) وَمَغْصُوبٌ وَمَسْرُوقٌ وَكَلْبٌ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ وَالْأَعْمَى حُكْمُهُ فِي دُخُولِ هَذَا الْبَيْتِ حُكْمُ الْبَصِيرِ وَعَدَّ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو إلَى بِدْعَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ الْمَدْعُوُّ عَلَى رَدِّهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَضْحَكُ بِالْكَذِبِ وَالْفُحْشِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ آنِيَةُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي طَعَامِ الدَّعْوَةِ أَوْ شَرَابِهَا فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ وُجُودَهَا وَإِنْ لَمْ تُسْتَعْمَلْ لِتَحْرِيمِ اقْتِنَائِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَا حَرُمَ اقْتِنَاؤُهُ كَانَ وُجُودُهُ هُنَاكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْإِجَابَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُهُ وَالْجُلُوسُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ أَوْ ثِيَابٌ مَلْبُوسَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مُنْكَرًا فِي كَوْنِهَا مَلْبُوسَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا يُرَادُ لِلُّبْسِ سَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ مُعَلَّقًا أَوْ مَوْضُوعًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ