الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى تَضَعَ قَالَ: وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ وَيُحْتَمَلُ الْإِطْلَاقُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ قَوْلَنَا النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ مَعْنَاهُ يَسْتَمِرُّ مَا كَانَ قَبْلَ زَوَالِ الْعَلَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا كَانَتْ وَاجِبَةً قَبْلَ الْعِتْقِ فَإِذَا عَتَقَتْ، وَهِيَ حَامِلٌ لَزِمَتْهُ كَالْبَائِنِ الْحَامِلِ (وَلَا يَلْزَمُ الْجَدَّ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الْحَامِلِ مِنْهُ إلَّا إنْ أَوْجَبْنَاهَا لِلْحَمْلِ) ، وَهِيَ لَا تَجِبُ لَهُ بَلْ لِلْحَامِلِ كَمَا مَرَّ، وَهِيَ لَيْسَتْ زَوْجَةً لِلْجَدِّ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ كَمَا تَرَكَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَخْصَرَ (وَلَوْ نَشَزَتْ الْحَامِلُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ) كَانَتْ (بَائِنًا) كَالزَّوْجَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ) امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا (وَاسْتَمْتَعَ بِهَا) ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا (ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ) عَلَيْهَا بَلْ يَجْعَلُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا، وَإِتْلَافِهِ مَنَافِعَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا أَمْ حَائِلًا قَالَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا التَّوْجِيهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَمِعْ بِهَا، وَكَانَ قَدْ تَسَلَّمَهَا اسْتَرَدَّ وَلَيْسَ مُرَادًا
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ
وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ فِي ثُبُوتِ الْفَسْخِ) بِهِ (فَلَهَا) وَلَوْ رَجْعِيَّةً (فَسْخُ نِكَاحِ) زَوْجٍ لَهَا (عَاجِزٌ عَنْ نَفَقَتِهَا) بِطَرِيقِهِ الْأَتْي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُ سُنَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ سُنَّةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَلَأَنْ تُفْسَخَ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ التَّمَتُّعِ أَسْهَلُ مِنْهُ عَنْ النَّفَقَةِ هَذَا (إنْ لَمْ تَرْضَ ذِمَّتَهُ) أَيْ بِهَا وَهَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِذِمَّتِهِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهَا إنْ شَاءَتْ صَبَرَتْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا وَنَفَقَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ، وَإِنْ شَاءَتْ فَسَخَتْ (لَا) نِكَاحَ (مُوسِرٍ) فَلَيْسَ لَهَا فَسْخُهُ (وَلَوْ امْتَنَعَ) مِنْ الْإِنْفَاق عَلَيْهَا (أَوْ غَابَ) عَنْهَا لِتَمَكُّنِهَا مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ أَوْ بِيَدِهَا إنْ قَدَرَتْ. وَكَذَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ السَّبَبِ نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْغَائِبِ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ النَّفَقَةِ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ كَتَعَذُّرِهَا بِالْإِفْلَاسِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا وَأَقَرَّهُ (بَلْ يَبْعَثُ الْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِهَا (إلَى قَاضِي بَلَدِهِ فَيُلْزِمُهُ) بِدَفْعِ نَفَقَتِهَا إنْ عُلِمَ مَوْضِعُهُ (وَاخْتَارَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ) وَغَيْرُهُمَا (جَوَازَ الْفَسْخِ) لَهَا (إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا) فِي غَيْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَقَالَ الرُّويَانِيُّ، وَ) ابْنُ أُخْتِهِ (صَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ، وَإِنْ أَثْبَتَتْ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عِنْدَ حَاكِمِ بَلَدِهَا (بِإِعْسَارِ غَائِبٍ فُسِخَتْ، وَلَوْ قَبْلَ إعْلَامِهِ وَتُفْسَخُ لِغَيْبَةِ مَالِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ) ،
وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ لِتَضَرُّرِهَا بِالِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ
نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنَا أَحْضُرُهُ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: فَإِنْ كَانَ بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا فَسْخَ، وَيُؤْمَرُ بِتَعْجِيلِ الْإِحْضَارِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُهْلَةِ، وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ مُوسِرًا وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِذَا غَابَ وَهُوَ مُوسِرٌ فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ، وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا.
(وَ) تُفْسَخُ (لِتَأْجِيلِهِ) أَيْ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ عَلَى غَيْرِهِ (قَدْرَ مُدَّةِ إحْضَارِهِ) أَيْ إحْضَارِ مَالِهِ الْغَائِبِ (مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِ بِدُونِ قَدْرِ ذَلِكَ.
(وَ) تُفْسَخُ (لِكَوْنِهِ) أَيْ مَالِهِ (عَرُوضًا لَا يَرْغَبُ فِيهَا، وَ) لِكَوْنِ دَيْنِهِ (حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ لَا) عَلَى (مُوسِرٍ حَاضِرٍ، وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الَّتِي عَلَيْهَا دَيْنُهُ (هِيَ) أَيْ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّهَا فِي حَالَةِ الْإِعْسَارِ لَا تَصِلُ إلَى حَقِّهَا، وَالْمُعْسِرُ مَنْظَرٌ بِخِلَافِهَا فِي حَالِ الْيَسَارِ (فَإِنْ غَابَ) مَدِينُهُ الْمُوسِرُ وَمَالُهُ بِدُونِ مَسَافَةٍ الْقَصْرِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا تُفْسَخُ كَمَا لَوْ غَابَ الزَّوْجُ الْمُوسِرُ وَثَانِيهِمَا تُفْسَخُ لِتَضَرُّرِهَا، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ جَزْمًا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ.
(وَلَا) تُفْسَخُ (بِكَوْنِهِ مَدْيُونًا) ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ حَتَّى يَصْرِفَهُ إلَيْهَا.
(وَتَفْسَخُ) بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَتِهَا (وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهَا عَنْهُ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلْفَسْخِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ فَتَبَرَّعَ غَيْرُهُ بِأَدَائِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ مِنْهُ مِنْ الْمُتَبَرِّعِ ثُمَّ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لِلزَّوْجِ ثُمَّ سَلَّمَهَا الزَّوْجُ لَهَا لَمْ تَفْسَخْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ.
(لَا) إنْ تَبَرَّعَ بِهَا (الْأَبُ) ، وَإِنْ عَلَا (عَنْ طِفْلِهِ) أَوْ نَحْوِهِ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: قَالَ وَيُمْكِنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَكِنَّهَا لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَيْضًا لَوْ جَدَّدَ نِكَاحَ الْبَائِنِ الْحَامِلِ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا تَوَقَّفَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا عَلَى تَمْكِينٍ جَدِيدٍ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ النَّفَقَةِ الْأُولَى كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَشَزَتْ الْحَامِلُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) مِثْلُهَا كُلُّ مَنْ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ كَالْأَمَةِ الَّتِي تُسَلِّمُ لَيْلًا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]
[الطَّرَف الْأَوَّل ثُبُوت الْفَسْخ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) . (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَرْضَ ذِمَّتَهُ) أَيْ بِهَا، فَإِنْ رَضَتْ بِذِمَّتِهِ بِأَنْ صَبَرَتْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا أَوْ اقْتَرَضَتْ وَأَنْفَقَتْ مَعَ بَقَاءِ نَفَقَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَا بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ لَمْ تَعْلَمْ) فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْغَائِبِ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَاضِي الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا فَسْخَ مَا دَامَ الزَّوْجُ مُوسِرًا، وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ غَيْبَةِ الْمَالِ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَغَيْبَةِ الْمَالِكِ الْمُوسِرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ غَائِبًا كَانَ الْعَجْزُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَهُوَ مُوسِرٌ فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهَا قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعْسَارَ عَيْبٌ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ) وَفِي الْخَادِمِ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَتَعْلِيقِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ.
(قَوْلُهُ: لَا الْأَبُ عَنْ طِفْلِهِ أَوْ نَحْوِهِ) مِثْلُهُ السَّيِّدُ عَنْ رَقِيقِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَلَدَ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ
فَلَا فَسْخَ لَهَا إذْ يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَرَّعَ بِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَيَكُونُ الْوَلِيُّ كَأَنَّهُ وَهَبَ، وَقِيلَ لَهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الْأُمِّ عَلَى أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ لَوْ تَطَوَّعَ عَنْ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا وَاجِدَةٌ لِلنَّفَقَةِ
(وَلَا) تَفْسَخُ (بِضَمَانٍ) مِنْ غَيْرِهِ لَهُ (بِإِذْنِهِ نَفَقَةَ يَوْمٍ فَيَوْمٍ) بِأَنْ يُجَدِّدَ ضَمَانَ كُلِّ يَوْمٍ، وَإِلَّا فَضَمَانُهَا جُمْلَةً لَا يَصِحُّ فَتَفْسَخُ بِهِ (فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُوسِرُ) أَوْ الْمُتَوَسِّطُ (مُدًّا لَمْ تَفْسَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي قِوَامًا (وَبَقِيَ الْبَاقِي دَيْنًا) عَلَيْهِ.
(فَصْلٌ: لَا تَفْسَخُ امْرَأَةُ) رَجُلٍ (مُكْتَسِبٍ مَا يُنْفِقُ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَمْ تَفْسَخْ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تَجِبُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّخِرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ (وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ أُجْرَةُ أُسْبُوعٍ فِي يَوْمٍ مِنْهُ) ، وَكَانَتْ تَفِي بِنَفَقَةِ جَمِيعِهِ فَإِنَّهَا لَا تَفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْسِرٍ (بَلْ تَسْتَدِينُ) لِمَا يَقَعُ مِنْ التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نُصَبِّرُهَا أُسْبُوعًا بِلَا نَفَقَةٍ بَلْ الْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْوَاجِدِ لِنَفَقَتِهَا وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ (فَلَوْ بَطَلَ) مَنْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي بَعْضِ الْأُسْبُوعِ نَفَقَةَ جَمِيعِهِ الْكَسْبَ (أُسْبُوعًا لِعَارِضٍ فَسَخَتْ) لِتَضَرُّرِهَا وَتَكُونُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِقَدْرِ مَا مَرَّ فِيهِ (لَا لِامْتِنَاعِ) لَهُ مِنْ الْكَسْبِ فَلَا تَفْسَخُ (كَالْمُوسِرِ) الْمُمْتَنِعِ.
(وَلَا) تَفْسَخُ (بِالْعَجْزِ عَنْ الْأُدْمِ) ، وَإِنْ لَمْ يَنْسَغْ الْقُوتُ بِدُونِهِ لِبَعْضِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَالنَّفْسُ تَقُومُ بِدُونِهِ (وَ) لَا عَنْ (نَفَقَةِ الْخَادِمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا.
(وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا) يَعْجِزُ بِهِ عَنْ الْكَسْبِ، وَكَانَ (يَبْرَأُ لِثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ (لَمْ تَفْسَخْ) إذْ لَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ ذَلِكَ (أَوْ) كَانَ (يَطُولُ) زَمَنُهُ بِأَنْ لَا يَبْرَأَ لِثَلَاثٍ (فَسَخَتْ) لِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (لِانْقِطَاعِ كَسْبِهِ) .
(وَلَوْ عَجَزَ عَنْ السُّكْنَى أَوْ الْكِسْوَةِ فَسَخَتْ) أَيْضًا لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِهِمَا بَلْ لَا تَبْقَى النَّفْسُ بِدُونِ الْكِسْوَةِ غَالِبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْكِسْوَةِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْفَارِقِيُّ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْقَمِيصِ، وَالْخِمَارِ وَجُبَّةِ الشِّتَاءِ فَلَهَا الْفَسْخُ أَوْ مِمَّا مِنْهُ بُدٌّ كَالسَّرَاوِيلِ، وَالنَّعْلِ فَلَا، قَالَ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَوَانِي، وَالْفُرُشِ وَنَحْوِهَا فَالْمُتَّجَهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا فَسْخَ؛ لِأَنَّ مَا يُسْتَحَقُّ لِلْإِصْلَاحِ وَالزِّينَةِ لَا يَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إمْتَاعٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ عَدَمَ الْفَسْخِ بِذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا كَالسُّكْنَى (وَإِنْ كَانَتْ تَحْصُلُ الْبَطَالَةُ عَلَى الْعَلَاءِ) أَيْ الْعُمْلَةُ بِأَنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَسْتَعْمِلُهُمْ وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ لِذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ يَقَعُ (غَالِبًا لَا نَادِرًا أَجَازَ) لَهَا (الْفَسْخَ) لِتَضَرُّرِهَا.
(وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِ نِصْفِ الْمُدِّ غَدَاءً، وَ) نِصْفِهِ (عَشَاءً كَذَلِكَ) أَيْ وَقْتُهُ (لَمْ تَفْسَخْ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا (أَوْ كَانَ يُحَصِّلُ يَوْمًا مُدًّا وَيَوْمًا نِصْفًا فَسَخَتْ) لِتَضَرُّرِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ مُدٍّ وَدُونَهُ أَوْ يَوْمًا مَدًّا وَيَوْمًا لَا يُحَصِّلُ شَيْئًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مُدٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ حِنْثِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى، وَلَا يَتَعَشَّى فَأَكَلَ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ أَنَّهَا لَا تَفْسَخُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِالْمُعْجِزِ عَنْ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ فَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ وَاجِبُ الْمُعْسِرِ.
(وَلَا فَسْخَ بِالْمَهْرِ) أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ (لِلْمُفَوِّضَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ لَهَا قَبْلَ فَرْضِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ (وَلَا بِمَهْرٍ وَجَبَ) بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِدُونِهَا أَيْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ (بَعْدَ الدُّخُولِ) لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ كَمَا فِي عَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ؛ وَلِأَنَّ تَمْكِينَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْمَهْرِ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِذِمَّتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا فَلَأَنْ لَا يَكُونُ لَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى، وَفَارَقَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ حَيْثُ تَفْسَخُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ كَانَ الْمُعَوَّضُ تَالِفًا فَيَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ فَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَ الْمَهْرِ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ فَلَا فَسْخَ بِعَجْزِهِ عَنْ بَقِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبُضْعِ بِقِسْطِهِ فَلَوْ فَسَخَتْ لَعَادَ لَهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْفَسْخِ فِيمَا اسْتَقَرَّ لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْفَسْخِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
إعْفَافُهُ فَلَا شَكَّ فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْقَبُولِ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ كَذَلِكَ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ لِلْوَارِثِ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ، وَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ الْقَبُولُ بَسَطَ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ إلَخْ) أَيْ كَسْبًا حَلَالًا
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَيْ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا بِمَهْرٍ بَعْدَ الدُّخُولِ) لَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا مَعَ وَطْئِهِ أَنْ تَمْتَنِعَ حَتَّى تَتَسَلَّمَ الْمَهْرَ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ وُجُودِ هَذَا الْوَطْءِ عِ قو