الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ (وَقَعَ) فِي الْحَالِ (لِلْإِشَارَةِ) إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ ذَاتَ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ فَحَالُهَا مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَتْ فَالْوَصْفَانِ مُتَنَافِيَانِ فَسَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ (فَإِنْ أَرَادَ بِالسُّنِّيِّ الْوَقْتَ وَالْبِدْعِيِّ الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ) لِذَاتِ أَقْرَاءٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (سُنِّيًّا بِدْعِيًّا قُبِلَ وَإِنْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ) أَيْ وُقُوعُهُ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ.
(فَصْلٌ لَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ فَالصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا) مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا) كَمَا لَوْ وَصَفَهَا كُلَّهَا بِالسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ (وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ) تَطْلُقُ (طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ وَطَلْقَةً) ثَالِثَةً (فِي الْحَالِ الثَّانِي) لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَقْتَضِي التَّشْطِيرَ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّشْطِيرِ (فَلَوْ قَالَ أَرَدْت عَكْسَهُ) أَيْ إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَطَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ (وَلَوْ أَرَادَ بَعْضَ كُلِّ طَلْقَةٍ) أَيْ إيقَاعَهُ فِي الْحَالِ (وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ) بِطَرِيقِ التَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَسَكَتَ وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ) أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ (وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ) فَقَطْ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ النِّصْفِ وَإِنَّمَا حُمِلَ فِيمَا مَرَّ عَلَى التَّشْطِيرِ لِإِضَافَتِهِ الْبَعْضَيْنِ إلَى الْحَالَيْنِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ) أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْحَالِ وَ) وَقَعَ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَقَعَ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ وَصْفٌ لِلطَّلْقَتَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فَيَلْغُو لِلتَّنَافِي وَيَبْقَى الطَّلْقَتَانِ وَهَذَا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَلِلْبِدْعَةِ) فَإِنَّهُ يَقَعُ الْجَمِيعُ فِي الْحَالِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَأَتَمُّهُ وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الْمَدْحِ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ وَأَعْدَلِهِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ السُّنَّةِ.
(وَأَقْبَحِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ أَقْبَحُ الطَّلَاقِ (وَنَحْوُهُ) مِنْ صِفَاتِ الذَّمِّ كَأَسْمَجِهِ وَأَفْضَحِهِ وَأَفْحَشِهِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْحَرَجِ) أَوْ طَلَاقُ الْحَرَجِ (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَلَا يَقَعُ إنْ كَانَ فِي حَالِ السُّنَّةِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى حَالِ الْبِدْعَةِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحُسْنِ الْبِدْعِيَّ) لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا أَحْسَنُ لِسُوءِ خُلُقِهَا (وَبِالْقَبِيحِ السَّيِّئَ) لِحُسْنِ عِشْرَتِهَا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا إلَّا فِيمَا يَضُرُّهُ) بِأَنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ فِي الْأُولَى وَفِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ (وَإِنْ فَسَّرَ الْقَبِيحَ بِالثَّلَاثِ قُبِلَ) مِنْهُ وَهَذِهِ قَدَّمَهَا مَعَ زِيَادَةِ قَبِيلِ الْفَصْلِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ هُنَا فَإِنْ فَسَّرَ كُلَّ صِفَةٍ بِمَعْنًى فَقَالَ أَرَدْت كَوْنَهَا حَسَنَةً مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَقَبِيحَةً مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ حَتَّى تَقَعَ الثَّلَاثُ أَوْ بِالْعَكْسِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ.
(وَإِنْ قَالَ لِطَاهِرٍ غَيْرِ مَمْسُوسَةٍ أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً وَالْقُرْءُ) هُنَا (هُوَ الطُّهْرُ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ لِصِدْقِ الِاسْمِ وَإِنَّمَا شُرِطَ الِاحْتِوَاشُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَكَرُّرِ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِإِظْهَارِ احْتِوَاشِهَا الدِّمَاءَ (بَانَتْ فِي الْحَالِ بِطَلْقَةٍ فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ الطُّهْرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ) يَجْرِيَانِ فِي وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْعَوْدِ (أَوْ) جَدَّدَهُ (بَعْدَهُمَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) الْأُولَى قَوْلُ الْأَصْلِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّجْدِيدِ (أَوْ) قَالَهُ لِطَاهِرٍ (مَمْسُوسَةٍ وَقَعَ لِكُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ) سَوَاءٌ أَجَامَعَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَتَكُونُ الطَّلْقَةُ سُنِّيَّةً إنْ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَبِدْعِيَّةً إنْ جَامَعَهَا فِيهِ وَتُشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا قَالَهُ لِحَائِضٍ فَلَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْقُرْءَ عِنْدَنَا الطُّهْرُ كَمَا مَرَّ (أَوْ) قَالَهُ (لِحَامِلٍ أَوْ صَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا مَمْسُوسَةٌ (وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ) كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ (فَإِنْ رَاجَعَ الْحَمْلَ وَقَعَتْ أُخْرَى بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْعِدَّةُ) لِهَذِهِ الطَّلْقَةِ سَوَاءٌ أَوْطَأَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا (فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَامِلُ حَائِضًا) وَقْتَ التَّعْلِيقِ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ) لِتُوجَدَ الصِّفَةُ (وَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ قُرْءٌ وَاحِدٌ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْقُرْءَ مَا دَلَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ مَعَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ سُنِّيًّا الْآنَ) أَوْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْتُك لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا]
(قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا) أَوْ طَلْقَةً حَسَنَةً قَبِيحَةً أَوْ جَمِيلَةً فَاحِشَةً أَوْ لِلْحَرَجِ وَالْعَدْلِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْبَعْضِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ) أَيْ حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ بَعْضُهَا لِزَيْدٍ وَبَعْضُهَا لِعَمْرٍو ثُمَّ فَسَّرَ الْبَعْضَ بِدُونِ النِّصْفِ قُبِلَ (قَوْلُهُ كَأَجْمَلِهِ وَأَفْضَلِهِ إلَخْ) أَيْ وَأَكْمَلِهِ وَأَجْوَدِهِ أَوْ خَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِلطَّاعَةِ.
(قَوْلُهُ وَأَفْحَشِهِ) أَيْ وَأَفْظَعِهِ وَأَرْدَئِهِ وَأَتْلَفَهُ وَشَرِّ الطَّلَاقِ وَأَضَرِّهِ وَأَمَرِّهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْحَسَنِ الْبِدْعِيَّ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَحْسَنِ الطَّلَاقِ أَعْجَلَهُ أَوْ لَمْ أَعْرِفْ مَعْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَالْقُرْءُ هُنَا الطُّهْرُ) لَا شَكَّ أَنَّا وَجَدْنَا هُنَا قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالطُّهْرِ وَهِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَمَّا كَانَ حَرَامًا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ عَدَمَ إرَادَتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ وَإِرَادَةَ الْمَعْنَى الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ صَارَ هَذَا الْحُكْمُ عَامًّا لِمَنْ يَعْلَمُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَيْضًا وَلَوْ كَافِرًا
الْحَمْلِ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لَهَا أَنْت طَالِقٌ (فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً) فَإِنَّ طَلَاقَهَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا (وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الْأَقْرَاءِ) وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ.
(فَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ (بِكُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَكَمَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلسُّنَّةِ (إلَّا أَنَّ ذَاتَ الْأَقْرَاءِ لَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ فِي طُهْرٍ جُومِعَتْ فِيهِ) لِعَدَمِ وَصْفِ السُّنَّةِ (وَمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا) إمَّا (لِلسُّنَّةِ أَوْ بِلَا قَيْدٍ وَنَوَى التَّفْرِيقَ) لَهَا (عَلَى الْأَقْرَاءِ مُنِعَ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الْأُولَى وَفِي الْحَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُعَارِضُهُ فِي الْأُولَى ذِكْرُ السُّنَّةِ إذْ لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا إنْ تَلَفَّظَ بِالسُّنَّةِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ كَالْمَالِكِيِّ فَيَقْبَلُ ظَاهِرُ الْمُوَافَقَةِ تَفْسِيرَهُ اعْتِقَادَهُ وَتَبِعَ فِي تَقْيِيدِهِ بِالسُّنَّةِ أَصْلَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْحَالِفِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَأُمِرَتْ) زَوْجَتُهُ (بِالِامْتِنَاعِ) مِنْهُ ظَاهِرًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا فِيهِ (وَجَازَ) لَهُ (الْوَطْءُ) لَهَا (بَاطِنًا) إذَا رَاجَعَهَا وَكَانَ صَادِقًا وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ (وَلَهَا التَّمْكِينُ) مِنْ وَطْئِهِ لَهَا (إنْ صَدَّقَتْهُ) بِقَرِينَةٍ (وَهَذَا مَعْنَى التَّدْيِينُ) وَهُوَ لُغَةً أَنْ تَكِلَهُ إلَى دِينِهِ وَإِذَا صَدَّقَتْهُ فَرَآهُمَا الْحَاكِمُ مُجْتَمِعَيْنِ فَهَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ (وَيُدَيَّنُ مَنْ طَلَّقَ صَغِيرَةً لِلسُّنَّةِ) أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَقَالَ أَرَدْت إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ) لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ مَعَ كَوْنِ اللَّفْظِ لَيْسَ نَصًّا فِي إفْرَادِهِ (وَإِنْ قَالَ)(أَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (لَا إنْ شَاءَ اللَّهُ دُيِّنَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوَهُ كَأَنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ بِرَفْعِ حُكْمِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ وَقَوْلُهُ مِنْ وَثَاقٍ تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَكَفَتْ فِيهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً قَالَ فِي الْأَصْلِ وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالنَّسْخِ لَمَّا كَانَ رَفْعًا لِلْحُكْمِ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَلِذَلِكَ جَازَ بِاللَّفْظِ وَبِغَيْرِهِ كَالْقِيَاسِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النُّسَخُ جَائِزٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالتَّخْصِيصِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ.
(وَلَوْ خَصَّصَ عَامًّا كَنِسَائِي) طَوَالِقُ (أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً دُيِّنَ) لِمَا مَرَّ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ (ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ عُمُومَ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ إفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) تُشْعِرُ بِإِرَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ غَيْرِ الطَّلَاقِ (كَحَلِّهَا مِنْ وَثَاقٍ) عِنْدَ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت حَلَّهَا مِنْ وَثَاقِهَا (وَقَوْلُ الْمُسْتَثْنَاةِ وَهِيَ تُخَاصِمُهُ تَزَوَّجْت) عَلَيَّ إذَا قَالَ عَقِبَهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِأَكْلِ خُبْزٍ) أَوْ نَحْوِهِ (ثُمَّ فَسَّرَ بِنَوْعٍ خَاصٍّ) فَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ فِي لَا آكُلُ مِنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَوْعٍ يُحْمَلُ عَلَى وُجُودِ الْقَرِينَةِ أَوْ عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا كَمَا فِي نَظَائِرِهِ (وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت) التَّكْلِيمَ (شَهْرًا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ) فَلَا تَطْلُقُ إذَا كَلَّمَتْهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ ثُمَّ قَالَ قَصَدْت شَهْرًا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَالضَّابِطُ) فِيمَا يُدَيَّنُ فِيهِ وَمَا لَا يُدَيَّنُ (أَنَّهُ إنْ فَسَّرَ) كَلَامَهُ (بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ) عَلَيْك (أَوْ) أَرَدْت (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ (أَوْ) فَسَّرَهُ (بِتَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ كَطَلَّقْتُك ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ) كَقَوْلِهِ (أَرْبَعَتُكُنَّ) طَوَالِقُ (وَأَرَادَ إلَّا ثَلَاثَةً لَمْ يُدَيَّنْ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (مِنْ مُقَيِّدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ صَارِفٍ) لَهُ (إلَى مَعْنًى آخَرَ أَوْ مُخَصِّصٍ) لَهُ بِبَعْضِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الطُّهْرُ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِلِابْتِدَاءِ قُوَّةً فَأَثَّرَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ الْخَالِي عَنْ الِاحْتِوَاشِ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهَا التَّمْكِينُ إنْ صَدَّقَتْهُ) فَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ صِدْقَهُ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهَا وَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي الْحَالَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ بِهِ بَاطِنًا وَقَبْلَ تَفْرِيقِهِ لَيْسَ لِمَنْ ظَنَّ صِدْقَ الزَّوْجِ نِكَاحُهَا وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَحْرِيمُهُ (قَوْلُهُ أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا قَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَاخْتَارَهُ وَحَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك فَلَا نَقْلَ فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْهَا وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ فِيهَا أَنَّهُ إنْ قَدَّمَ غَيْرَ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَخَّرَهَا فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ وَهَكَذَا أَقُولُ فِي إلَّا إنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك طَالِقٌ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ إنْ قَالَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ طَلُقَتْ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْتِ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ سِوَاهَا طَلُقَتْ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا) لَوْ ادَّعَى فِي الْمُشْتَرَكِ إرَادَةَ أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ قُبِلَ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ) فَإِنَّ قَصْدَهُ تَصْدِيقُ نَفْسِهِ وَنَفْيُ التُّهْمَةِ وَأَنَّهُ مَا أَوْحَشَهَا بِإِدْخَالِ ضِرَّةٍ عَلَيْهَا وَمَنْعِهَا مِنْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ.