الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ تَأْخِيرَ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَنْ هَذَا أَوْ تَقْدِيمِهِ عَلَى بِالْبَرَكَةِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْأَصْلِ وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَوَّلَ مَا يَلْقَى زَوْجَتَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاصِيَتِهَا وَيَقُولَ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْجِمَاعِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا (وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ) لِخَبَرٍ وَرَدَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالرِّفَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ الِالْتِئَامُ وَالِاتِّفَاقُ مِنْ قَوْلِهِمْ رَفَأْت الثَّوْبَ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْوَلِيِّ (عَرْضُ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى ذَوِي الصَّلَاحِ) كَمَا فَعَلَ شُعَيْبٌ بِمُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعُمَرُ بِعُثْمَانَ ثُمَّ بِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم (وَإِحْضَارُ الصَّالِحِينَ لِلْعَقْدِ) زِيَادَةً عَلَى الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ (وَأَنْ يَنْوِيَ بِالنِّكَاحِ السُّنَّةَ وَالصِّيَانَةَ) لِدِينِهِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ إنْ قَصَدَ بِالنِّكَاحِ طَاعَةً مِنْ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ صِيَانَةَ فَرْجِهِ وَنَحْوَهُ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَأْثَمُ بِهِ
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]
[الرُّكْن الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ وَهِيَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ)(وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ) الصِّيغَةُ وَهِيَ (الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ النِّكَاحِ) بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ وَالْمُرَادُ بِلَفْظِ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا وَهُوَ (شَرْطٌ) فَلَا يَنْعَقِدُ بِغَيْرِهِمَا كَلَفْظِ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْزِعُ إلَى الْعِبَادَاتِ لِوُرُودِ النَّدْبِ فِيهِ، وَالْأَذْكَارُ فِي الْعِبَادَاتِ تُتَلَقَّى مِنْ الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ إنَّمَا وَرَدَ بِلَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ مَلَّكْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» فَقِيلَ وَهْمٌ مِنْ الرَّاوِي وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَأَفَادَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " شَرْطٌ " أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ الرُّكْنِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لَهُ وَلَوْ نَصَبَهُ كَانَ أَوْلَى (لَوْ) كَانَ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ (بِالْعَجَمِيَّةِ) فَإِنَّهُ يَكْفِي وَإِنْ أَحْسَنَ قَائِلُهَا الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ فَاكْتَفَى بِتَرْجَمَتِهِ هَذَا (إنْ فَهِمَاهَا) بِأَنْ فَهِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَلَامَ نَفْسِهِ وَكَلَامَ الْآخَرِ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ اللُّغَتَانِ أَمْ اخْتَلَفَتَا.
(فَإِنْ فَهِمَهُمَا ثِقَةٌ) دُونَهُمَا وَأَخْبَرَهُمَا بِمَعْنَاهَا (فَوَجْهَانِ) رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ كَمَا فِي الْعَجَمِيِّ الَّذِي ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ قَالَ: وَصُورَتُهُ أَنْ لَا يَفْهَمَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا فَلَوْ أَخْبَرَ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَمَا قَالَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ وَيَنْعَقِدُ أَيْضًا بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي مَوَانِعِ الْوِلَايَةِ، وَالْإِيجَابُ (كَزَوَّجْتُكَ وَأَنْكَحْتُك) ابْنَتِي (فَيَقُولُ) الزَّوْجُ (تَزَوَّجْت) هَا أَوْ (نَكَحْت) هَا (أَوْ قَبِلْت نِكَاحَهَا) أَوْ تَزْوِيجَهَا أَوْ هَذَا النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ، وَلَوْ قَالَ وَيَقُولُ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى؛ إذْ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْت ابْنَتَك أَوْ نَكَحْتهَا فَقَالَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا صَحَّ، وَلَوْ قَالَ رَضِيت نِكَاحَهَا فَكَقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا كَمَا حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.
وَقَوْلُ السُّبْكِيّ نَقْلُ هَذَا الْإِجْمَاعِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اكْتَفَى بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرَّضَاعِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِلَفْظِ النِّكَاحِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتَفِيَ بِرَضِيتُ نِكَاحَهَا. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: وَكَزَوَّجْتُكَ زَوَّجْت لَك أَوْ إلَيْك فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ (لَا قَبِلْت فَقَطْ) لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِوَاحِدٍ مِنْ لَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ وَالنِّكَاحُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ لِحَاجَتِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لِلزَّوْجَيْنِ بِالْبَرَكَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ]
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ)
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ) صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مَصْدَرٌ كَالْإِنْكَاحِ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ) أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ رَوَى بِالْمَعْنَى ظَنًّا مِنْهُ تَرَادُفَهُمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ النُّطْقَ بِالْكَافِ بَلْ بِالْهَمْزَةِ فَقَالَ قَبِلْت نَآحَهَا أَوْ هَذَا النَّوْحَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ تَرْجَمَهُ بِلُغَتِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْت أَوْ أَنْأَحْتُأَ بِإِبْدَالِ الْكَافِ هَمْزَةً ت وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ جَوَّزْتُكَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ تَجَوَّزْت وَعُلِمَ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الِانْعِقَادِ بِالْعَجَمِيَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ مَنْ لَا تُحْسِنُ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْمَعْدُولِ عَنْهَا وَبَيْنَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْآتِي بِالْإِيجَابِ يَعْرِفُ مَعْنَى مَا أَتَى بِهِ دُونَ صَاحِبِهِ.
(قَوْلُهُ فَيَقُولُ الزَّوْجُ تَزَوَّجْت إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَقَطْ وَأَمَّا الْمُسَمَّى فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا صَرَّحَ الزَّوْجُ بِهِ فِي لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا عَلَى هَذَا الصَّدَاقِ أَوْ نَحْوَهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَبُولَ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى فَإِنْ نَوَى الْقَبُولَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ بِهِ وَلَزِمَ كَمَا فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْت ابْنَتَك إلَخْ) أَوْ أَتَزَوَّجُهَا الْآنَ أَوْ أَنَا نَاكِحُهَا الْآنَ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ رَضِيت نِكَاحَهَا إلَخْ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ اخْتَرْت نِكَاحَهَا أَوْ أَرَدْت نِكَاحَهَا صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ قَبِلْت؛ لِأَنَّهَا أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِالْقَبُولِ (قَوْلُهُ وَكَزَوَّجْتُكَ زَوَّجْت لَك) أَوْ إلَيْك أَوْ مِنْك أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ لَا تُزَادُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ) أَيْ فِي الصِّلَاتِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِوَاحِدٍ مِنْ لَفْظَيْ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ) وَالْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ مُعَادًا فِي الْجَوَابِ لَكِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَاتِ