الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ إنَّهُ كِنَايَةٌ وَمِنْ هُنَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَا قَالَهُ.
وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ بِمَالٍ وَبِدُونِهِ وَإِنَّ أَكْثَرَ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ (وَيُلْزِمُهَا بِهِ) أَيْ بِالْخُلْعِ بِلَا مَالٍ (مَعَ الْقَبُولِ) مِنْهَا بَعْدَ إضْمَارِهِ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ الْخُلْعِ بِعِوَضٍ فَيَرْجِعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ كَالْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَكَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالنِّكَاحِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْخُلْعُ مَعَ الزَّوْجَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَجِبُ مَهْرٌ بَلْ تَطْلُقُ مَجَّانًا وَكَذَا لَوْ خَالَعَ مَعَهُ بِخَمْرٍ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَيْتَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاخْتِلَاعِ مَعَهُ وَلَوْ نَفَى الْعِوَضَ فَقَالَ خَالَعْتكِ بِلَا عِوَضٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ خَالَعْتكِ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَإِنْ أَجَابَتْهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَمَحَلُّ صَرَاحَتِهِ إذَا قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا (وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى صَدَاقِهَا) أَوْ عَلَى بَقِيَّتِهِ (وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ تَخَالَعَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِوُقُوعِهِ رَجْعِيًّا فِي الْخُلْعِ بِدَمٍ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّمَ لَا يُقْصَدُ كَمَا سَيَأْتِي فَذِكْرُهُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ خُلْعِهَا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى مَا فِي كَفِّهَا وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ وَوُجُوبَ الْمَهْرِ.
(فَصْلٌ يَصِحُّ الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِالْعَجَمِيَّةِ) كَالْعَرَبِيَّةِ (وَالْهَزْلُ) كَالطَّلَاقِ هَزْلًا (وَ) لَفْظُ (بِعْتُك نَفْسَك وَأَقَلْتُك إيَّاهَا بِكَذَا مَعَ الْقَبُولِ فَوْرًا كِنَايَةٌ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَبُولُ فَوْرًا (وَكَذَا) قَوْلُ الزَّوْجِ (بِعْتُك طَلَاقَك بِكَذَا أَوْ) قَوْلُ الزَّوْجَةِ (بِعْتُك ثَوْبِي) مَثَلًا (بِطَلَاقِي) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كِنَايَةٌ (بِشَرْطِ النِّيَّةِ مِنْهُمَا) كَبِعْتُكِ نَفْسَك إلَّا أَنْ يُجِيبَ الْقَابِلُ بِقَبِلْتُ فَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ.
(فَرْعٌ إذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ خَالَعْتكِ عَلَيْهِ أَوْ عَكَسَا) فَقَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ طَلَّقْتُك عَلَيْهِ (نَفَذَ) وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ سَرَّحْتُك عَلَيْهِ (وَإِنْ وَكَّلَهُ) أَيْ الزَّوْجُ شَخْصًا (فِي الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ بِعِوَضٍ) بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ (لَمْ يَنْفُذْ فِيمَنْ تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ) بِأَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا وَبَقِيَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ الرَّجْعَةَ بِخِلَافِهِ فِيمَنْ لَا تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ فَيَنْفُذُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ فَفِي نُفُوذِهِ احْتِمَالَانِ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ مَعَ فَائِدَةٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهَا أَخْذًا مِنْ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصُورَةُ ذَلِكَ كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ فِي الْعَدَدِ فَإِنْ خَالَفَهُ فِيهِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ عَنْ الْقَفَّالِ فِي الْبَابِ الثَّانِي فَاسْتِدْرَاكُ الْمُهِمَّاتِ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ الْقَفَّالِ وَإِنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنْ أَرَادَ بِكَلَامِ الْقَفَّالِ مُقْتَضَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ فَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُقْتَضَاهُ.
(فَصْلٌ الْخُلْعُ قِسْمَانِ
الْأَوَّلُ أَنْ يَبْدَأَ) الزَّوْجُ (بِطَلَاقِهَا عَلَى عِوَضٍ) فَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لِأَخْذِهِ مُقَابِلَ مِلْكِهِ وَفِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ لِتَرَتُّبِ الطَّلَاقِ عَلَى قَبُولِ الْمَالِ أَوْ بَدَلِهِ كَمَا يَتَرَتَّبُ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ عَلَيْهَا ثُمَّ قَدْ يَغْلِبُ مَعْنَى أَحَدِهِمَا وَقَدْ يُرَاعَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الصِّيَغُ فَإِنْ أَتَى بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ (كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَتَغْلِبُ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبُولِ) مِنْهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُعَاوَضَاتِ (وَيُشْتَرَطُ قَبُولٌ) مِنْهَا وَلَوْ بِكِنَايَةٍ (مُطَابِقٌ) لِإِيجَابِهِ (فَوْرًا) أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ فَلَوْ تَخَلَّلَ زَمَنٌ أَوْ كَلَامٌ طَوِيلٌ لَمْ يَنْفُذْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ فَرَّعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَا قَالَهُ) قَدْ حَاوَلَ الشَّيْخُ أَبُو زُرْعَةَ التَّوْفِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ بِحَمْلِ مَا فِيهِمَا مِنْ إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا جَرَى الْخُلْعُ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ عَلَى مَا إذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ نِيَّةُ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ إذْ لَيْسَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ صَرِيحُ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا فِي الرَّوْضَةِ حَقِيقٌ بِأَنْ يُعْتَمَدَ (أَنْ) لِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَلْفَاظٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا أَوْ مِنْ أَصْلِنَا انْحِصَارُهَا فِي ثَلَاثٍ.
(قَوْلُهُ فَمَحَلُّ صَرَاحَتِهِ إذَا قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى صَدَاقِهَا إلَخْ) قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ بِمَا لَك عَلَيَّ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ بِمَا بَقِيَ لَك مِنْهُ فَقَالَتْ قَبِلْت ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ فَتَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مَا طَلَّقَهَا مَجَّانًا بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا اهـ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ عِلْمِ الزَّوْجِ وَجَهْلِهِ وَهُوَ الْحَقُّ وَيُؤَيِّدُهُ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَالَعَةِ عَلَى مَا فِي كَمِّهَا قَالَ شَيْخُنَا بَنَاهُ عَلَى رَأْيِهِ فِيهَا وَإِلَّا فَالْمُرَجَّحُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَمِّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا فَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا كَاتِبُهُ.
[فَصْلٌ الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ]
(قَوْلُهُ فَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ نِيَّةُ الْقَابِلِ أَمَّا الْمُبْتَدِئُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ
[فَرْعٌ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ خَالَعْتكِ عَلَيْهِ أَوْ عَكَسَا]
(قَوْلُهُ فِيمَا لَا تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ) أَيْ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ فِي الصُّورَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ
[فَصْلٌ الْخُلْعُ قِسْمَانِ]
[الْقِسْم الْأَوَّلُ أَنْ يَبْدَأَ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا عَلَى عِوَضٍ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ) وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ قَبُولَ الْخَرْسَاءِ بِإِشَارَتِهَا الْمُفْهِمَةِ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا بِاللَّفْظِ
وَسَيَأْتِي (نَعَمْ لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ بِأَلْفٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالْأَلْفِ) كَمَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ وَالزَّوْجَةُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا بِسَبَبِ الْمَالِ وَقَدْ وَافَقَتْهُ فِي قَدْرِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ.
(فَإِنْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ أَوْ الثَّلَاثَ بِأَلْفَيْنِ) أَوْ بِخَمْسِمِائَةٍ (لَمْ يَصِحَّ) لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَتْهُ بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ جَوَابُ الْإِيجَابِ فَإِذَا خَالَفَهُ فِي الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ جَوَابًا وَالْإِعْطَاءُ لَيْسَ جَوَابًا وَإِنَّمَا هُوَ فِعْلٌ فَإِذَا أَتَتْ بِأَلْفَيْنِ فَقَدْ أَتَتْ بِأَلْفٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِالزِّيَادَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَإِنْ أَتَى بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ غُلِّبَ التَّعْلِيقُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَا يُشْتَرَطُ إيجَادُ الصِّفَةِ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْأَخِيرِ بَيَّنَّهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ اقْتَضَى) أَيْ لَفْظُ التَّعْلِيقِ (التَّرَاخِيَ) بِأَنْ لَمْ يَقْتَضِ فَوْرًا (كَمَتَى أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَمَتَى مَا وَأَيُّ حِينٍ) أَعْطَيْتنِي أَلْفًا (لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ وَلَا الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) وَمَحَلُّ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ لِلتَّرَاخِي فِي الْإِثْبَاتِ أَمَّا فِي النَّفْيِ فَلِلْفَوْرِ فَلَوْ قَالَ مَتَى لَمْ تُعْطِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ وَلَمْ تُعْطِ طَلَقَتْ.
(وَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِلَفْظِ إنْ أَوْ إذَا) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ (إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي مَتَى وَنَحْوِهَا لِصَرَاحَتِهَا فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ مَعَ كَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لَهُ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ حَيْثُ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مِنْ جَانِبِهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا إنْ كَانَتْ) زَوْجَتُهُ (أَمَةً وَالْمَشْرُوطُ غَيْرَ خَمْرٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا (لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِعْطَاءِ إلَّا مِنْ كَسْبِهَا) وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَجْلِسِ غَالِبًا (وَإِنْ كَانَ) الْمَشْرُوطُ (خَمْرًا اُشْتُرِطَ) الْإِعْطَاءُ فَوْرًا وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ الْخَمْرَ (لِأَنَّ يَدَهَا وَيَدَ الْحُرَّةِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ) وَقَدْ تَشْتَمِلُ يَدُهَا عَلَيْهِ (وَإِنْ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ مِنْ كَسْبِهَا طَلَقَتْ بَائِنًا) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَرَدَّ) الزَّوْجُ وُجُوبًا (الْمَالَ لِلسَّيِّدِ وَتَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهَا) فَتُطَالَبُ بِهِ إذَا عَتَقَتْ.
وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً إلَى آخِرِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي تَتِمَّتِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ كَالْحُرَّةِ فِي صُورَةِ الْخَمْرِ أَيْضًا فَارَقَا بِأَنَّ الْحُرَّةَ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِهَا خَمْرٌ وَالْأَمَةُ لَا يَدَ لَهَا وَلَا مِلْكَ أَيْ فَغَلَبَ جَانِبُ التَّعْلِيقِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَقَيَّدُ إعْطَاءُ الْأَلْفِ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ كَسْبِهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِهَا وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ كَسْبِهَا مِثَالٌ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِهَا وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَالِ السَّيِّدِ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي يَلْزَمُ الزَّوْجَ رَدُّ الْمَالِ لِلسَّيِّدِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَيْته مَغْصُوبًا أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيلِهِ حَيْثُ قَالَ إذَا أَعْطَتْهُ الزَّوْجَةُ أَلْفًا مَغْصُوبَةً لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مَغْصُوبَةً أَوْ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا لَا يُتَصَوَّرُ لَهَا الْمِلْكُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ.
قَالَ لَكِنْ نَقَلَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَصُورَةُ الثَّوْبِ ذَكَرَهَا فِي تَهْذِيبِهِ وَلَمْ أَرَهَا فِي تَعْلِيقِهِ وَلَا صُورَةَ الْأَلْفِ فِي تَهْذِيبِهِ وَلَعَلَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فَلَا تَعَارُضَ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يُفْهِمُ التَّعَارُضَ وَبِتَقْدِيرِ التَّعَارُضِ فَالْأَوْجَهُ مَا قَرَّرْته أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إعْطَائِهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَضَى التَّرَاخِيَ كَمَتَى إلَخْ) فِي الْكِفَايَةِ إنَّ مَهْمَا مِثْلُ مَتَى وَمُقْتَضَاهُ إنَّهُ إذَا قَالَ مَهْمَا أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ يَجُوزُ التَّرَاخِي وَفِي النِّهَايَةِ مَا يَقْتَضِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ مَتَى مَا أَوْ مَهْمَا أَعْطَيْتنِي بِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ وَلَا الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) لِأَنَّ مَتَى صَرِيحَةٌ فِي التَّرَاخِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَتَى أَعْطَيْتنِي السَّاعَةَ كَانَ مُحَالًا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالْقَرَائِنِ لِأَنَّ النَّصَّ لَا يَتَبَدَّلُ مَعْنَاهُ كَذَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا) أَيْ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَإِلَّا فَوَقْتُ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَهَذَا فِي إنْ الْمَكْسُورَةِ أَمَّا الْمَفْتُوحَةُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بَائِنًا لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لِأَنَّك أَعْطَيْتنِي أَلْفًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إذْ لِأَنَّهَا لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ. اهـ. وَقِيَاسُ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا جَوَّزْتُمْ لَهَا التَّأْخِيرَ لِشُبْهَةِ الْجِعَالَةِ كَمَا جَوَّزْتُمْ لَهَا صِيغَةَ التَّعْلِيقِ لِذَلِكَ قِيلَ لِتَيْسِيرِ التَّعْجِيلِ عَلَيْهَا وَتَعَسُّرِهِ عَلَى عَامِلِ الْجِعَالَةِ لِعُسْرِ الْعَامِلِ فِيهَا وَجَهَالَتِهِ كَرَدِّ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ شَيْخُنَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ إنْ وَإِذَا فِي اقْتِضَاءِ الْفَوْرِيَّةِ هُوَ فِي جَانِبِ الثُّبُوتِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي جَانِبِ النَّفْيِ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ أَنْ يُطَلِّقَ وَلَمْ يُطَلِّقْ طَلَقَتْ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ تَطْلِيقِهَا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً) الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ لَا يَجْرِي فِيهِمَا خِلَافٌ الْمُتَوَلِّي لِاسْتِيلَائِهِمَا عَلَى الْمَالِ الْمُبَعَّضَةُ بِحِصَّةِ الْحُرِّيَّةِ وَالْمُكَاتَبَةُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَمِثْلُهُمَا الْمَأْذُونُ لَهَا فِي التِّجَارَةِ وَالْخُلْعِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ عِوَضًا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ أَعْطَيْتنِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ شُرُوطُ الْفَوْرِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً اهـ وَمَتَى عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَتَمَكَّنَتْ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ أَعْطَاهَا السَّيِّدُ الْمَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ) وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيّ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَقَيَّدُ إعْطَاءُ الْأَلْفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ كَسْبِهَا مِثَالٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إلَخْ) أَوْ هَذَا الثَّوْبَ فَأَعْطَتْهُ طَلَقَتْ وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا) يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ فِي حَقِّهَا لِكَوْنِهَا لَا تَمْلِكُ مَنُوطٌ بِمَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ فَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ لِجَهَالَتِهِ فَصَارَ كَإِعْطَاءٍ لِحُرَّةٍ ثَوْبًا مَغْصُوبًا أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ هَذَا الثَّوْبَ