الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى وَاعْتُرِضَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّغْلِيبِ وَلَا قَصْدَ.
(فَرْعٌ) لَوْ (لُقِّنَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ) أَيْ كَلِمَتُهُ (بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) فَقَالَهَا (جَاهِلًا مَعْنَاهَا فَقَصَدَ بِهِ) الْأَوْلَى بِهَا (الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ) كَمَا لَوْ قَصَدَهُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ وَكَمَا لَوْ لُقِّنَ كَلِمَةَ الْكُفْرِ فَقَالَهَا لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ لَفَظَ عَجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ وَأَنْ لَا يُلَقَّنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا) لَا يَقَعُ (لَوْ قَصَدَ) بِهَا (مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ (وَيُؤَاخَذُ) بِمَعْنَاهَا فِيمَا ذُكِرَ (ظَاهِرًا مُخَالِطُ أَهْلِهَا) وَيُدَيَّنُ.
(فَصْلٌ) فِي الْإِكْرَاهِ (لَا يَصِحُّ طَلَاقٌ وَإِسْلَامٌ) وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ (مِنْ مُكْرَهٍ بِبَاطِلٍ) لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَصَحَّ إسْلَامُهُ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَغَا كَالرِّدَّةِ نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ (لَا حَقَّ) أَيْ لَا مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ (فَيَصِحُّ إسْلَامُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ بِالْإِكْرَاهِ) لَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَكَذَا طَلَاقُ الْمَوْلَى وَاحِدَةً بِإِكْرَاهِ الْقَاضِي لَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ (لَا) إسْلَامُ (الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى كُفْرِهِ بِالْجِزْيَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ كَالذِّمِّيِّ (فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي) الزَّوْجَ (الْمَوْلَى عَلَى) الطَّلْقَاتِ (الثَّلَاثِ) فَتَلَفَّظَ بِهَا (وَقُلْنَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَغَا) الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا وَقَعَتْ وَاحِدَةً) وَلَغَا الزَّائِدُ (وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ بِصِيغَةٍ) مِنْ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ (أَوْ صِفَةٍ) مِنْ تَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ تَوْحِيدٍ لِلطَّلَاقِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ ضِدِّهِ (فَأَتَى بِغَيْرِهَا أَوْ) عَلَى الطَّلَاقِ (بِتَخْيِيرٍ) فِيهِ أَوْ فِي الزَّوْجَاتِ كَطَلِّقْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ حَفْصَةَ أَوْ عَمْرَةَ (أَوْ) عَلَى طَلَاقٍ (مُبْهَمٍ) مَحَلُّهُ كَطَلِّقْ إحْدَى زَوْجَتَيْك (فَعَيَّنَ) فِي التَّخْيِيرِ أَوْ الْإِبْهَامِ (أَوْ عَلَى طَلَاقِ حَفْصَةَ فَقَالَ هِيَ وَعَمْرَةُ طَلْقَانِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِظُهُورِ قَصْدِ الِاخْتِيَارِ بِعُدُولِهِ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالَ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ أَوْ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ لَا حَفْصَةُ) وَإِنْ عُطِفَتْ عَمْرَةُ عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ تَطْلُقْ هُنَا مَحَلٌّ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ حَالَةَ إيقَاعِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَفِي نِسَاءِ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي.
(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ) كَأَنْ قَالَ أَرَدْت بِطَلَاقِ فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِي أَوْ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ (قُبِلَ) مِنْهُ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ التَّوْرِيَةَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةُ) بِأَنْ يُرِيدَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ (فَلَوْ تَرَكَهَا عَالِمًا) بِهَا وَلَوْ (مِنْ غَيْرِ دَهْشَةٍ) أَصَابَتْهُ بِالْإِكْرَاهِ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ تُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَيُفَارِقُ الْمَصُولَ عَلَيْهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْهَرَبُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ النُّفُوسَ يُحْتَاطُ لَهَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَالتَّوْرِيَةُ مِنْ وَرَّيْت الْخَبَرَ تَوْرِيَةً أَيْ سَتَرَتْهُ وَأَظْهَرْت غَيْرَهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ كَأَنَّهُ يَجْعَلُهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يُظْهَرُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَمَعْنَاهَا أَنْ يُطَلِّقَ لَفْظًا هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنًى وَيُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.
(وَلَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الطَّلَاقِ (فَقَصَدَ الْإِيقَاعَ) بِهِ (وَقَعَ) لِقَصْدِهِ فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ كِنَايَةٌ (وَلَوْ أُكْرِهَ غَيْرُ الزَّوْجِ الْوَكِيلُ) فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ (لَغَا) طَلَاقُ الْوَكِيلِ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ وُجِدَ اخْتِيَارُ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ الزَّوْجُ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ.
[فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ]
(فَصْلٌ حَدُّ الْإِكْرَاهِ أَنْ يُهَدِّدَ الْمُكْرَهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِكْرَاهِ (بِعَاجِلٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ (يُؤَثِّرُ لِعَاقِلٍ لِأَجْلِهِ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ) بِهِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ إنْ امْتَنَعَ مِمَّا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (وَعَجَزَ عَنْ الْهَرَبِ) وَالْمُقَاوَمَةِ (وَالِاسْتِغَاثَةِ) بِغَيْرِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ وَخَرَجَ بِعَاجِلِ الْآجِلِ فَلَا يَحْصُلُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُجَرَّدُ الْهَجْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ فِي مَحَلِّ الزَّوْجِيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُرِدْ الْوَاعِظُ ذَلِكَ فِي مُخَاطَبَتِهِ لِلْحَاضِرِينَ فَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ عِصْمَةٌ يَقْطَعُهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مُفَارَقَتَهُمْ وَمُتَارَكَتَهُمْ وَعَدَمَ الِاجْتِمَاعِ بِهِمْ وَهَذَا صَارِفٌ عَنْ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا فَلَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ طَلَاقٌ.
[فَرْعٌ لُقِّنَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا فَقَالَهَا جَاهِلًا مَعْنَاهَا]
(قَوْلُهُ لُغَةُ الطَّلَاقِ بِلُغَةٍ لَا يَعْرِفُهَا) شَمِلَ الْعَجَمِيَّ وَالْعَرَبِيَّ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُلَقَّنَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَصْلٌ فِي الْإِكْرَاهِ فِي الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَيْئَةِ) صُورَتُهُ أَنْ يَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ آلَى مِنْ غَائِبَةٍ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْفَيْئَةِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانٍ لِلِاجْتِمَاعِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُعَاهِدَ أَيْ وَالْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَهَ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الكوهكيلوني فِي الضَّابِطِ إنَّ كُلَّ مَا لَا يَلْزَمُهُ حَالَ الطَّوَاعِيَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ بِالْإِكْرَاهِ وَكُلَّ مَا يَلْزَمُهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَطَلَاقِ زَوْجَةِ الْمَوْلَى وَبَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْأَدَاءِ.
[فَرْعٌ ادَّعَى الْمُكْرَهُ عَلَى الطَّلَاقَ التَّوْرِيَةَ]
(قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الْمُكْرَهُ التَّوْرِيَةَ إلَخْ) كُلُّ قَرِينَةٍ إذَا ادَّعَاهَا الْمُخْتَارُ يُدَيَّنُ بِهَا فِي الْبَاطِنِ إذَا ادَّعَاهَا الْمُكْرَهُ تُقْبَلُ ظَاهِرًا.
(فَصْلٌ) حَدُّ الْإِكْرَاهِ