الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَوْعُ تَصَرُّفٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ بِهِ الِاحْتِيَاطَ (وَجْهَانِ) جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِذَلِكَ فِي اللُّقَطَةِ وَهِيَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَهَذِهِ أَوْلَى.
(فَرْعٌ وَإِنْ خَانَ) فِي الْوَدِيعَةِ بِسَبَبِ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْخِيَانَةِ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ رَدَّ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ إلَى مَكَانِهِ (إلَّا بِالْإِيدَاعِ) ثَانِيًا فَيَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ (وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهَا) قَبْلَهُ إلَى مَالِكِهَا (وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْخِيَانَةِ لَا قَبْلَهَا صَارَ أَمِينًا) وَبَرِئَ؛ لِأَنَّ التَّضْمِينَ حَقُّ الْمَالِكِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ عَنْ ضَمَانِ الْحَفْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأهُ عَنْهُ قَبْلَهَا كَأَنْ قَالَ: أَوْدَعْتُكَ فَإِنْ خُنْت ثُمَّ تَرَكْتَ الْخِيَانَةَ عُدْتَ أَمِينًا لِي فَخَانَ ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَا يَصِيرُ أَمِينًا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ وَتَعْلِيقٌ لِلِاسْتِثْمَانِ الثَّانِي.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ (خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ فَوَدِيِعَةٌ أَبَدًا أَوْ) خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً (وَيَوْمًا عَارِيَّةً) فَوَدِيعَةٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَعَارِيَّةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَ (لَمْ يَعُدْ بَعْدَهَا) أَيْ الْعَارِيَّةُ أَيْ يَوْمُهَا (وَدِيعَةٌ) أَبَدًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَكَسَ الْأُولَى فَقَالَ خُذْهُ يَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ وَيَوْمًا وَدِيعَةً. فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَتْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ. وَلَوْ عَكَسَ الثَّانِيَةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَارِيَّةً وَفِي الثَّانِي أَمَانَةً. .
[فَصْلٌ خَلَطَ الْوَدِيعَة بِمَالٍ فَلَمْ تَتَمَيَّزْ عَنْهُ بِسُهُولَةٍ]
(فَصْلٌ) لَوْ (خَلَطَهَا) بِمَالٍ (فَلَمْ تَتَمَيَّزْ) عَنْهُ بِسُهُولَةٍ (ضَمِنَ) هَا (وَلَوْ) خَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا أَوْ (بِمَالِ الْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِيَانَةً نَعَمْ إنْ خَلَطَهَا سَهْوًا فَلَا ضَمَانَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا تَمَيَّزَتْ كَأَنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِدَنَانِير فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنَ (وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا) وَهِيَ دَرَاهِمُ (دِرْهَمًا وَرَدَّ بَدَلَهُ) إلَيْهَا (لَمْ يَمْلِكْهُ الْمَالِك) إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ ضَمَانِهِ (ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ) عَنْهَا (ضَمِنَ الْجَمِيعَ) لَخَلْطِهِ الْوَدِيعَةَ بِمَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْهَا فَالْبَاقِي غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْ بَعْضِهَا لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ بِصِفَةٍ كَسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَسِكَّةٍ ضَمِنَ مَالًا يَتَمَيَّزُ خَاصَّةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ) إلَيْهَا (لَمْ يَضْمَنْ سِوَاهُ) مِنْ بَقِيَّةِ الدَّرَاهِمِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) كُلُّهَا أَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ هُوَ عَنْهَا لِاخْتِلَاطِهِ بِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَلْطَ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الْأَخْذِ (وَإِنْ تَلِفَ نِصْفُهَا ضَمِنَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الدِّرْهَمِ فَقَطْ (هَذَا) كُلُّهُ (إذَا لَمْ يَفُضَّ خَتْمًا) أَوْ قُفْلًا عَلَى الدَّرَاهِمِ (فَإِنْ فَضَّهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَضَّ يَقْتَضِي الضَّمَانَ.
(وَلَوْ قَطَعَ الْوَدِيعُ) لِدَابَّةٍ (يَدَهَا أَوْ أَحْرَقَ بَعْضَ الثَّوْبِ) الْمُودَعِ عِنْدَهُ (خَطَأً ضَمِنَهُ) أَيْ الْمُتْلِفُ لِتَفْوِيتِهِ (دُونَ الْبَاقِي) لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِيهِ (أَوْ عَمْدًا) أَوْ شَبَهَهُ (ضَمِنَهُمَا) جَمِيعًا لِتَعَدِّيهِ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ تَسْوِيَتَهُمْ الْخَطَأَ بِالْعَمْدِ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْبَعْضِ الْمُتْلَفِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا فِي ضَمَانِ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْبَاقِي فِيهَا إذْ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ. .
(السَّبَبُ السَّادِسُ الْمُخَالَفَةُ) فِي الْحِفْظِ لِلْوَدِيعَةِ (وَإِنْ خَالَفَهُ فِي وَجْهِ الْحِفْظِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَعَدَلَ إلَى آخَرَ (وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ) وَكَانَتْ الْمُخَالَفَةُ تَقْصِيرًا لِتَأْدِيَتِهَا إلَى التَّلَفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ (فَلَا) يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فِي صُنْدُوقٍ وَ (قَالَ) لَهُ (لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ فَرَقَدَ) عَلَيْهِ (وَانْكَسَرَ بِهِ) أَيْ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِذَلِكَ (ضَمِنَ) لِلْمُخَالَفَةِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (لَوْ سُرِقَ) مَا فِيهِ (فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ جَانِبٍ كَانَ يَرْقُدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَرْقُدْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إذَا رَقَدَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْلَى جَانِبَ الصُّنْدُوقِ وَرُبَّمَا لَا يَتَمَكَّنُ السَّارِقُ مِنْ الْأَخْذِ إذَا كَانَ بِجَانِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ غَيْر الْجَانِبِ الْمَذْكُورِ أَوْ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ وَلَوْ مِنْ الْجَانِبِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ (لَا تُقْفِلْ) عَلَيْهَا (أَوْ لَا تَجْعَلْ) عَلَيْهَا (قُفْلَيْنِ أَوْ ادْفِنْهَا) فِي بَيْتِكَ (وَلَا تَبْنِ عَلَيْهَا فَخَالَفَ) فِي ذَلِكَ (لَمْ يَضْمَنْ) لِذَلِكَ (وَلَا يَرْجِعُ بِالْبِنَاءِ) أَيْ بِبَدَلِهِ عِنْدَ رَدِّهِ الْوَدِيعَةَ (كَأُجْرَةِ النَّقْلِ) لَهَا (لِلضَّرُورَةِ) فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (ارْبِطْ الدَّرَاهِمَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا (فِي كُمِّكَ فَأَمْسَكَهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ خَانَ فِي الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْخِيَانَةِ]
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ رَدَّ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَيَدُهُ بِتَعَدِّيهِ قَدْ أَخَذَتْ الْوَدِيعَةَ وَكَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّضْمِينَ حَقُّ الْمَالِكِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ) لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ مَنْ يَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ كَالْغَاصِبِ إذَا أَبْرَأَهُ مَالِكُ الْعَيْنِ مِنْ الضَّمَانِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي يَدِهِ لَمْ يَبْرَأْ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ أَمَانَةٍ وَالضَّمَانُ عَارِضٌ وَبِالْإِبْرَاءِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا بِخِلَافِ يَدِ الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ وَخَرَجَ بِالْمَالِكِ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ هَذَا الِاسْتِئْمَانَ إنَّمَا هُوَ لِلْمَالِكِ خَاصَّةً لَا لِلْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ وَنَحْوِهِمَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَوْ فَعَلُوهُ لَمْ يَعُدْ أَمِينَا قَطْعًا
[فَرْعٌ قَالَ لَهُ خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ]
(قَوْلُهُ: خَلَطَهَا فَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَمِنَ) حَتَّى لَوْ خَلَطَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ مَثَلًا ضَمِنَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَيْسَ الضَّابِطُ التَّمَيُّزَ بَلْ سُهُولَتُهُ حَتَّى لَوْ خَلَطَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ مَثَلًا كَانَ مُضَمَّنًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَلَطَهَا سَهْوًا فَلَا ضَمَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنُ) أَيْ النَّقْصَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ ضَمِنَ الْجَمِيعَ لِخَلْطِ الْوَدِيعَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْطِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبِ بِمِثْلِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى جِهَةِ التَّعَدِّي. وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكُ لِنَفْسِهِ فَغَلِظَ عَلَيْهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ وَالْمُودَعُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَالِ عُدْوَانًا فَإِنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَلَا وُجِدَ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ) قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَيَّزَ أَوْ لَا أَمَّا مَسْأَلَةُ ضَمَانِ نِصْفِ دِرْهَمٍ فِيمَا لَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ عَشْرَةً مَثَلًا وَتَلِفَ نِصْفُهَا فَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ سَلَامَةَ الدِّرْهَمِ أَوْ تَلَفَهُ فَضَمَّنَّاهُ نِصْفَ دِرْهَمِ؛ إذْ هُوَ الْمُحَقَّقُ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ سُرِقَ فِي الصَّحْرَاءِ) الْمُرَادُ بِالصَّحْرَاءِ هُنَا غَيْرُ الدَّار حَتَّى لَوْ كَانَ خَارِجَ الْبَابِ فَهُوَ كَالصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: كَانَ يَرْقُدُ فِيهِ) أَيْ عَادَةً
بِيَدِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ سَقَطَتْ (بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ضَمِنَ) إذْ لَوْ رَبَطَهَا لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ فَالتَّلَفُ حَصَلَ بِالْمُخَالَفَةِ (أَوْ) تَلِفَتْ (بِغَصْبٍ فَلَا) ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ مِنْ الرَّبْطِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَصْبِ وَالرَّبْطَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّلَفِ بِالسُّقُوطِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ لَمْ يَرْبِطْهَا فِي كُمِّهِ بَلْ (جَعْلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ أَحْرَزُ (إلَّا إنْ كَانَ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ) فَيَضْمَنُ (أَوْ) قَالَ لَهُ (اجْعَلْهَا فِي جَيْبِكَ فَرَبَطَ) هَا (فِي الْكُمِّ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْجَيْبَ أَحْرَزُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ امْتَثَلَ) أَمْرَهُ (وَرَبَطَهَا فِي الْكُمِّ لَمْ يُكَلَّفْ) مَعَهُ (إمْسَاكُهَا بِالْيَدِ بَلْ إنْ كَانَ الرَّبْطُ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ فَأَخَذَهَا الطُّرَّارُ) أَيْ الْقَاطِعُ مَأْخُوذٌ مِنْ طُرَّ الثَّوْبُ بِضَمِّ الطَّاءِ أَيْ قُطِعَ (ضَمِنَ) لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارُهَا وَتَنْبِيهُ الطُّرَّارِ وَإِغْرَاؤُهُ عَلَيْهَا لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ أَوْ حَلِّهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (لَا إنْ اسْتَرْسَلَتْ) بِانْحِلَالِ الْعُقْدَةِ وَضَاعَتْ (وَقَدْ احْتَاطَ فِي الرَّبْطِ) فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهَا إذَا انْحَلَّتْ بَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ فِي الْكُمِّ (أَوْ) كَانَ الرَّبْطُ (مِنْ دَاخِلِهِ فَبِالْعَكْسِ) فَيَضْمَنُهَا إنْ اسْتَرْسَلَتْ لِتَنَاثُرِهَا بِالِانْحِلَالِ لَا إنْ أَخَذَهَا الطُّرَّارُ لِعَدَمِ تَنْبِيهِهِ.
وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مُطْلَقُ الرَّبْطِ وَقَدْ أَتَى بِهِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى جِهَةِ التَّلَفِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَدَلَ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَى غَيْرِهِ فَحَصَل بِهِ التَّلَفُ وَبِأَنَّهُ لَوْ قَالَ احْفَظْ الْوَدِيعَةَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَوَضَعَهَا فِي زَاوِيَةٍ مِنْهُ فَانْهَدَمَتْ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَتْ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى لَسَلِمَتْ. وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّبْطَ لَيْسَ كَافِيًا عَلَى أَيْ وَجْهٍ فُرِضَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَضَمُّنِهِ الْحِفْظَ وَلِهَذَا لَوْ رَبَطَ رَبْطًا غَيْرَ مُحْكَمٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الرَّبْطِ يَشْمَلُ الْمُحَكَّمَ وَغَيْرُهُ وَلَفْظُ الْبَيْتِ مُتَنَاوِلٌ لِكُلٍّ مِنْ زَوَايَاهُ وَالْعُرْفُ لَا يُخَصِّصُ مَوْضِعًا مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ) بِرَبْطِهَا فِي كُمِّهِ بِإِمْسَاكِهَا فِي يَدِهِ (فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِنْ أَوْدَعَهُ) إيَّاهَا (فَوَضَعَهَا فِي الْكُمِّ بِلَا رَبْطٍ) فَسَقَطَتْ (وَهِيَ خَفِيفَةٌ) لَا يَشْعُرُ بِهَا (ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ فِي الْإِحْرَازِ (أَوْ) وَهِيَ (ثَقِيلَةٌ) يَشْعُرُ بِهَا (فَلَا) يَضْمَنُهَا (أَوْ) وَضَعَهَا (فِي كَوْرِ عِمَامَتِهِ بِلَا رَبْطٍ) فَضَاعَتْ (ضَمِنَ) هَذَا إذَا أَوْدَعَهُ فِي السُّوقِ مَثَلًا وَلَمْ يَعُدْ إلَى بَيْتِهِ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ لَزِمَهُ إحْرَازُهَا فِيهِ، وَلَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ حِرْزًا لَهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ بَيْتَهُ أَحْرَزُ فَلَوْ خَرَجَ بِهَا فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ أَوْ يَدِهِ ضَمِنَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْأَصْلِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ.
(وَإِنْ أَعْطَاهُ) إيَّاهَا (فِي السُّوقِ وَقَالَ) لَهُ (احْفَظْهَا فِي بَيْتِكَ لَزِمَهُ الذَّهَابُ بِهَا) إلَى بَيْتِهِ (فَوْرًا) وَحَفِظَهَا فِيهِ (أَوْ) أَعْطَاهَا لَهُ (فِي الْبَيْتِ وَقَالَ) لَهُ (احْفَظْهَا فِيهِ لَزِمَهُ الْحِفْظُ فِيهِ) فَوْرًا (فَإِنْ أَخَّرَ) فِيهِمَا الْحِفْظَ فِيهِ (بِلَا مَانِعٍ ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ (وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ) هَا (فِيهِ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ لَا مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ) وَخَرَجَ بِهَا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا وَأَمْكَنَ إحْرَازُهَا فِي الْبَيْتِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْبَيْتَ أَحْرَزُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا شَدَّهَا فِي عَضُدِهِ مِمَّا يَلِي أَضْلَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا حَصَل التَّلَفُ فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ. قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي تَقْيِيدِهِمْ الصُّورَةَ بِمَا إذَا قَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ - إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مَرْبُوطَةً وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ.
(وَإِنْ) أَوْدَعَهُ دَابَّةً وَ (قَالَ) لَهُ (اجْعَلْهَا فِي بَيْتِكَ فَوَضَعَهَا فِي حِرْزٍ) آخَرَ (مِثْلِ بَيْتِهِ) أَوْ أَحْرَزَ مِنْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَتْ بِغَصْبٍ فَلَا) شَمِلَ مَا إذَا نَهَاهُ عَنْ إمْسَاكِهَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْجَيْبِ فَتْحَةُ الْقَمِيصِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مُعْتَادٌ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ أَوْ الْجَيْبِ الْمُعْتَادِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ عِنْد طَوْقِهِ فَتْحَةً نَازِلَةً كَالْخَرِيطَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ أَيْضًا. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا شَامِل لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي فِي الطَّوْقِ أَحْرَزُ.
(قَوْلُهُ: مَأْخُوذٌ مِنْ طُرَّ الثَّوْبُ بِضَمِّ الطَّاءِ إلَخْ) وَأَمَّا طَرَّ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهُ نَبَتَ يُقَالُ طَرَّ الشَّارِبُ أَيْ نَبَتَ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ دَاخِلِهِ فَبِالْعَكْسِ) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ فَرَبَطَهَا فِي التَّحْتَانِيِّ مِنْهُمَا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ رُبِطَ دَاخِلَ الْكُمِّ أَمْ خَارِجَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ ر (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّبْطَ إلَخْ) وَجِهَاتُ الرَّبْطِ مُخْتَلِفَةٌ وَجِهَاتُ الْبَيْتِ مُسْتَوِيَةٌ فَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْقُرْبِ مِنْ الشَّارِعِ وَنَحْوِهِ فَقَدْ يُقَالُ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ، وَبِهَذَا فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ اسْتِشْكَالَ الرَّافِعِيِّ عَلَى وَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ فِي الْكُمِّ حِرْزٌ كَيْفَ كَانَ وَلَا يَجِبُ الْحِفْظُ فِي الْأَحْرَزِ س (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الرَّبْطِ يَشْمَلُ الْمُحْكَمَ وَغَيْرَهُ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: اُرْبُطْ مُطْلَقٌ لَا عَامُّ وَلَفْظُ الْبَيْتِ عَامٌّ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الذَّهَابُ بِهَا فَوْرًا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ نَفَاسَةِ الْوَدِيعَةِ وَطُولُ التَّأْخِيرِ وَضِدُّهُمَا اهـ. وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحْرِزْهَا الْآنَ فِي الْبَيْتِ فَأَخَذَ ضَمِنَ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا مَانِعٍ ضَمِنَ) وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: إنْ تَرَكَهَا فِي دُكَّانِهِ وَهُوَ حِرْزُ مِثْلِهَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِهِ بِالْعَشِيِّ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْبَيْتِ فِي الْحِرْزِ. قُلْتُ وَلَعَلَّ هَذَا مَادَّةُ تَفْصِيلِ الْفَارِقِيِّ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ حَيْثُ قَالَا: إنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْقُعُودُ فِي السُّوقِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ لِاشْتِغَالِهِ بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَأَخَّرَهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِالْقُعُودِ وَلَا لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فِي الْمُضِيِّ إلَى الْبَيْتِ ضَمِنَ مُطْلَقًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالُوهُ حَسَنٌ مُتَّجِهٌ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ لَكِنْ الْمَنْقُولُ فِي الشَّامِلِ وَحُلْيَةِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ النَّصِّ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ يَرُدُّهُ فَافْهَمْ. قَالُوا: لَوْ قَالَ لَهُ وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ احْمِلْهَا إلَى بَيْتِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَقُومَ فِي الْحَالِ وَيَحْمِلَهَا إلَيْهِ، فَلَوْ تَرَكَهَا فِي حَانُوتِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَى الْبَيْتِ مَعَ الْإِمْكَانِ ضَمِنَ، وَقَالَ سَلِيمٌ فِي الْمُجَرَّدِ: إنْ حَمَلَهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ تَشَاغَلَ عَنْهَا وَلَمْ يَحْمِلْهَا مِنْ سَاعَتِهِ ثُمَّ حَمَلَهَا فَهَلَكَتْ فِي طَرِيقِهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ