الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَمَاتَتْ) فَجْأَةً أَوْ بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) حَمْلًا لِتَعْيِينِهِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِيَّةِ عِنْدَ التَّخْصِيصِ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا ضَرَرُهُ مِثْلُ ضَرَرِهَا وَدُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي حِرْزٍ دُونَ بَيْتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ حِرْزُ مِثْلِهَا (وَإِنْ انْهَدَمَ عَلَيْهَا) الْحِرْزُ الْمُمَاثِلُ لِبَيْتِهِ أَوْ الْأَحْرَزُ مِنْهُ (ضَمِنَ لِلْمُخَالَفَةِ) لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِهَا (وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ النَّقْلِ) لَهَا (فَنَقَلَ ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَحْرَزَ لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ (إلَّا إنْ وَقَعَ خَوْفٌ) مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ نَقْلُهَا (بَلْ يَجِبُ إلَى حِرْزٍ) لِمِثْلِهَا (وَيَتَعَيَّنُ مِثْلُهُ) أَيْ حِرْزٌ مِثْلُ الْحِرْزِ الْأَوَّلِ (إنْ وَجَدَ) وَإِلَّا فَلَا يَتَعَيَّنُ. فَلَوْ تَرَكَ النَّقْلَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ بِالنَّهْيِ نَوْعًا مِنْ الِاحْتِيَاطِ (إلَّا أَنْ قَالَ) لَهُ لَا تَنْقُلْهَا (وَإِنْ وَقَعَ خَوْفٌ) فَلَا يَنْقُلُهَا وَإِنْ وَقَعَ خَوْفٌ وَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ نَقْلِهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَتْلِفْ مَالِي فَأَتْلَفَهُ (لَكِنْ لَوْ نَقَلَ) حِينَئِذٍ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ قَصَدَ الصِّيَانَةَ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَحَلَّ لَهُ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي) وُقُوعِ (الْخَوْفِ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (بِهِ الْوَدِيعُ) بَيِّنَةً (إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَرَفَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهِ (وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ أُحْرِزَتْ فِيهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) .
(فَرْعُ) لَوْ (عَيَّنَ الْمَالِكُ لَهَا ظَرْفًا مِنْ ظُرُوفِهِ فَنَقَلَهَا) الْوَدِيعُ مِنْهُ (إلَى غَيْرِهِ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ الظَّرْفَ وَالْمَظْرُوفَ وَدِيعَتَانِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حِفْظُ أَحَدِهِمَا فِي حِرْزٍ وَالْأُخْرَى فِي آخَرَ (إلَّا إنْ كَانَ) الثَّانِي (دُونَ الْمُعَيَّنِ) فَيَضْمَنُ (وَإِنْ كَانَتْ الظُّرُوفُ لِلْوَدِيعِ فَكَالْبُيُوتِ) فِيمَا ذَكَر فِيهَا (وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهَا أَوْ الِاسْتِعَانَةِ) عَلَى حِفْظِهَا (بِحَارِسٍ أَوْ) عَنْ (الْإِخْبَارِ بِهَا فَخَالَفَهُ) فِيهِ (ضَمِنَ إنْ أَخَذَهَا الدَّاخِلُ) عَلَيْهَا (وَالْحَارِسُ) لَهَا (أَوْ) تَلِفَتْ (بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ) بِهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَإِنَّ أَخَذَهَا غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ أَوْ تَلِفَتْ لَا بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ فَلَا ضَمَانَ. وَقَوْلُ الْعَبَّادِيِّ: وَلَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ هَلْ عِنْدَكَ لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ فَأَخْبَرَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ كَتْمَهَا مِنْ حِفْظِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الضَّمَانِ بِالْأَخْذِ لِسَبَبٍ آخَرَ.
(وَإِنْ أَمَرَهُ) وَقَدْ أَوْدَعَهُ خَاتَمًا (بِوَضْعِ الْخَاتَمِ فِي خِنْصَرِهِ فَجَعَلَهَا فِي بِنَصْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ أُحْرِزَ لِكَوْنِهِ أَغْلَظَ (إلَّا إنْ جَعَلَهَا فِي أَعْلَاهُ) أَوْ فِي وَسَطِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ (أَوْ انْكَسَرَتْ لِغِلَظِهَا) أَيْ الْبِنْصِرِ فَيَضْمَنُ (لِأَنَّ أَسْفَلَ الْخِنْصَرِ أَحْفَظُ مِنْ أَعَلَى الْبِنْصِرِ) وَوَسَطِهِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَلِلْمُخَالَفَةِ فِي الْأَخِيرَة، وَالتَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَإِنْ قَالَ اجْعَلْهُ فِي الْبِنْصِرِ فَجَعَلَهُ فِي الْخِنْصَرِ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْتَهِي إلَى أَصْلِ الْبِنْصِرِ فَاَلَّذِي فَعَلَهُ أَحْرَزُ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي بِنْصَرِكَ فَحَفِظَهُ فِي خِنْصَرِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ لَبِسَهُ فِي الْبِنْصِرِ كَانَ فِي الْخِنْصَرِ وَاسِعًا انْتَهَى وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنْ مَا قَالَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ: احْفَظْ هَذَا فِي يَمِينِكَ فَجَعَلَهُ فِي يَسَارِهِ ضَمِنَ وَبِالْعَكْسِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَحْرَزُ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ أَكْثَرُ غَالِبًا نَقَلَهُ الْعِجْلِيّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَوْ هَلَكَ لِلْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ قَالَ: وَقَضَيْتُهُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَعْسَرَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَانَا سَوَاءً.
(وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ) فِي إيدَاعِ الْخَاتَمِ (بِشَيْءٍ فَوَضَعَهَا فِي الْخِنْصَرِ لَا غَيْرِهَا ضَمِنَ) وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَصَّهَا إلَى ظَهْرِ الْكَفِّ (لِأَنَّهُ لَبِسَهَا) أَيْ اسْتَعْمَلَهَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا (إلَّا إنْ قَصَدَ) بِلُبْسِهَا فِيهَا (الْحِفْظَ) فَلَا يَضْمَنُ وَقَضِيَّتُهُ تَصْدِيقُهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَبِسَهَا لِلْحِفْظِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْخَوْفِ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ بِخِلَافِ وُقُوعِ الْخَوْفِ وَالْبِنْصِرِ مُؤَنَّثٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ مُذَكَّرًا وَمُؤَنَّثًا وَالْخَاتَمُ مُذَكَّرٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ مُؤَنَّثًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ حَلَقَةٌ (وَغَيْرُ الْخِنْصَرِ لِلْمَرْأَةِ) فِي حِفْظِهَا لِلْخَاتَمِ (كَالْخِنْصَرِ) لِأَنَّهَا قَدْ تَتَخَتَّمُ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْخُنْثَى يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالرَّجُلِ إذَا لَبِسَ الْخَاتَمَ فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَيَحْتَمِلُ مُرَاعَاةَ الْأَغْلَظِ هُنَا وَهُوَ الْتِحَاقُهُ بِالْمَرْأَةِ كَمَا غَلَّظْنَا فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالرَّجُلِ.
(السَّبَبُ السَّابِعُ التَّضْيِيعُ) لَهَا؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَبِالتَّحَرُّزِ عَنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ (فَيَضْمَنُهَا بِهِ) أَيْ بِالتَّضْيِيعِ (وَلَوْ نَاسِيًا) لَهَا وَذَلِكَ (كَإِتْلَافِهِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنْ سُرِقَتْ مِنْهُ فَكَذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ إذَا سُرِقَ مَا فِيهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ع وَذَكَرَ فِي الْأَنْوَارِ مَعَهُمَا الْغَصْبَ مِنْهُ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ اعْتِمَادُ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْتِ وَكَلَامُ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا كَانَ سَبَبَ الْغَصْبِ النَّقْلُ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى) عَبَّرَ بِلَكِنْ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالنَّقْلِ لِلْمُخَالَفَةِ
[فَرْعُ عَيَّنَ الْمَالِكُ لَهَا ظَرْفًا مِنْ ظُرُوفِهِ فَنَقَلَهَا الْوَدِيعُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْهَا]
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَا قَالَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ لَوْ هَلَكَ لِلْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ مَا قَالَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِهَا إلَخْ) يَجِبُ تَقَيُّدُهُ بِمَنْ لَا يَقْصِدُ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ وَبِمَنْ لَمْ يَعْتَدِ اللُّبْسَ فِي غَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَاهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى يُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِالرَّجُلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا) وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ
لَهَا (أَوْ انْتِفَاعُهُ بِهَا) أَوْ وَضْعُهُ لَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا وَلَوْ (خَطَأً أَوْ غَلَطًا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي الْخَطَأِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ أُخِذَتْ) مِنْهُ (قَهْرًا لَمْ يَضْمَنْ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (وَإِنْ أُعْلِمَ بِهَا هُوَ لَا غَيْرُهُ مِنْ مَصَادِرِ الْمَالِكِ) وَعُيِّنَ لَهُ مَوْضِعُهَا فَضَاعَتْ بِذَلِكَ (ضَمِنَ) لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ الْحِفْظِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْلَمَهُ بِهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ بِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ أَعْلَمَهُ بِهَا كَرْهًا لَكِنْ نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حِينَئِذٍ كَالْمُحْرِمِ إذَا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ لَا يَضْمَنُهُ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بِالدَّلَالَةِ مُضَيَّعٌ لَهَا. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ لِلْيَدِ وَالْتِزَامُ الْحِفْظِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا أَصْلًا. قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ: لَوْ أُكْرِهَ حَتَّى دَلَّ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ أَكْرَهَ حَتَّى سَلَّمَهَا بِنَفْسِهِ.
(وَلَوْ أُكْرِهَ) عَلَى تَسْلِيمِهَا لَهُ (فَسَلَّمَهَا ضَمِنَ) لِتَسْلِيمِهِ (وَالْقَرَارُ) لِلضَّمَانِ (عَلَى الْمُكْرِهِ) لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا عُدْوَانًا فَإِذَا ضَمِنَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَ رَجَعَ عَلَى الْمُكْرِهِ (وَيَجِبُ) عَلَى الْوَدِيعِ (إنْكَارُهَا عَنْ الظَّالِمِ وَالِامْتِنَاعُ) مِنْ إعْلَامِهِ بِهَا (جَهْدَهُ) فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ مَعَ الْقُدْرَةِ ضَمِنَ (وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ) عَلَى ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ حِفْظِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُوَرِّي إذَا أَمْكَنَتْهُ التَّوْرِيَةُ وَكَانَ يَعْرِفُهَا لِئَلَّا يَحْلِفَ كَاذِبًا. قَالَ: وَيَتَّجِهُ وُجُوبُ الْحَلِفِ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ رَقِيقًا وَالظَّالِمُ يُرِيدُ قَتْلَهُ أَوْ الْفُجُورَ بِهِ: قَالَ وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلِفُ كَاذِبًا؛ لِأَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ مُحَرَّمًا لَعَيْنِهِ (وَيُكَفِّرُ) عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهَا (وَإِنْ حَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ) أَوْ الْعِتْقِ (مُكْرَهًا) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ فَحَلَفَ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ فَدَى الْوَدِيعَةَ بِزَوْجَتِهِ أَوْ رَقِيقِهِ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا وَسَلَّمَهَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ فَدَى زَوْجَتَهُ أَوْ رَقِيقَهُ بِهَا (وَإِنْ أَعْلَمَ اللُّصُوصَ بِمَكَانِهَا) فَضَاعَتْ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (ضَمِنَ) لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ الْحِفْظِ (لَا) إنْ أَعْلَمَهُمْ (بِأَنَّهَا عِنْدَهُ) مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَكَانِهَا فَلَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ.
(السَّبَبُ الثَّامِنُ الْجُحُودُ) لَهَا (وَجُحُودُهَا) عَنْ مَالِكِهَا (بَعْدَ الطَّلَبِ) مِنْهُ لَهَا (لَا قَبْلَهُ خِيَانَةٌ) فَيَضْمَنُهَا بِخِلَافِ جُحُودِهَا قَبْلَهُ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا (فَلَوْ قَالَ) لَهُ مَالِكُهَا (بِلَا طَلَبٍ لَهَا: لِي عِنْدَكِ وَدِيعَةٌ فَأَنْكَرَ) أَوْ سَكَتَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُمْسِكْهَا لِنَفْسِهِ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي الْجُحُودِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَانْ يُرِيدَ بِهِ زِيَادَةَ الْحِفْظِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ طَلَبِهَا كَمَا تَقَرَّرَ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ غَرَضًا صَحِيحًا كَأَنْ أَمَرَ الظَّالِمُ مَالِكَهَا بِطَلَبِهَا مِنْ الْوَدِيعِ فَطَلَبَهَا مِنْهُ وَهُوَ يُحِبُّ جُحُودَهَا فَجَحَدَهَا حِفْظًا لَهَا فَلَا ضَمَانَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. فَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْجُحُودِ الْمُضْمَنِ كُنْتُ غَلِطْت أَوْ نَسِيتُ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَالِكُ.
(فَرْعٌ) .
(وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْجَاحِدِ) لِلْوَدِيعَةِ بِإِيدَاعِهَا عِنْدَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهَا (وَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ لَهَا قَبْلَهُ) أَيْ الْجُحُودِ نَظَرْتَ فِي صِيغَةِ جُحُودِهِ (فَإِنْ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ) أَوْ لَا وَدِيعَةَ (لَك عِنْدِي صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَاهُ إذْ لَا تَنَاقَضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً يَوْمَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَالَ (لَمْ تَرُدَّ عَنِّي لَمْ يُصَدَّقْ فِي الرَّدِّ) لِتَنَاقُضِ كَلَامَيْهِ وَظُهُورِ خِيَانَتِهِ (لَكِنْ لَوْ سَأَلَ التَّحْلِيفَ) لِلْمَالِكِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ وَضْعُهُ لَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا) لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَبْطِ الدَّابَّةِ فِي الدَّارِ فَرَبَطَهَا الْوَدِيعُ فِي حَرِيمِهَا بِمَرْآهُ وَمَسْمَعِهِ فَفِي ضَمَانِهَا وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ ضَمَانِهِ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ (قَوْلُهُ وَعَيَّنَ لَهُ مَوْضِعَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ) قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إذَا دَلَّ سَارِقًا عَلَى الْوَدِيعَةِ ضَمِنَ إذَا أَخَذَهَا السَّارِقُ فَإِنْ ضَاعَتْ بِغَيْرِ السَّرِقَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا تَكُونُ الدَّلَالَةُ كَنِيَّةِ الْخِيَانَةِ وَفِيهِ وَجْهَانِ. اهـ.: وَأَصَحُّهُمَا عَدَمُ ضَمَانِهَا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ فَسَلَّمَهَا ضَمِنَ) لِتَسْلِيمِهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ الظَّالِمُ مِنْ تَسَلُّمِهَا لَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمُودَعُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ) قَالَ شَيْخُنَا جَوَازًا كَمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يُوَرِّيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُتَّجَهُ وُجُوبُ الْحَلِفِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ مُحَرَّمَا لَعَيْنِهِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْمَذْكُورُ هُنَا وَإِلَّا فَكُلُّ كَذِبٍ مُحَرَّمٍ مَعَ التَّعَمُّدِ.
(قَوْلُهُ: وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهَا) فَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَسَكَ الْمَكَسَةَ تَاجِرٌ وَقَالُوا لَهُ بِعْتَ بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ حَدَثَ عَنْ الطَّرِيقِ لِأَجَلٍ الْمَكْسِ فَأَنْكَرَ فَقَالُوا لَهُ: احْلِفْ بِالطَّلَاقِ أَنَّكَ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَحَلَفَ بِهِ خَوْفًا مِنْهُمْ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ إكْرَاهٌ عَلَى نَفْسِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ مُكْرَهًا حَنِثَ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ الْمَكَّاسُونَ لِلتَّاجِرِ بِعْتَ بِضَاعَةً بِلَا مَكْسٍ أَوْ حَدَثَ عَنْ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ الْمَكْسِ فَأَنْكَرَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مُكْرَهًا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إكْرَاهٌ عَلَى نَفْسِ الْحَلِفِ بِعَيْنِهِ أَوْ الِاعْتِرَافِ بَلْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَانْتَفَى شَرْطُ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْلَمَ اللُّصُوصَ بِمَكَانِهَا إلَخْ) ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ كَلَامًا يَتَعَيَّنُ ذِكْرُهُ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ أَوْدَعَهُ وَقَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا فَخَالَفَ فَسَرَقَهَا مَنْ أَخْبَرَهُ أَوْ مَنْ أَخْبَر مَنْ أَخْبَرَهُ ضَمِنَ وَلَوْ تَلْفِتْ بِسَبَبٍ آخَر لَمْ يَضْمَنْ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ لَوْ سَأَلَهُ رَجُلٌ هَلْ عِنْدَكَ لِفُلَانِ وَدِيعَةٌ فَأَخْبَرَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ كَتَمَهَا مِنْ حِفْظِهَا. اهـ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الضَّمَانِ بِالْأَخْذِ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِ غَرَضًا) أَيْ فِي الْجُحُودِ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(السَّبَبُ الثَّامِن الْجُحُودِ) .
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ فِي جُحُودِهِ إلَخْ) وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ جُحُودِهِ وَلَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْكَ صُدِّقَ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ مُقْتَضَاهُ الِاكْتِفَاءُ مِنْ الْمُودَعِ فِي الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ بَلْ التَّخْلِيَةُ وَقَدْ نَبَّهَ النَّوَوِيُّ عَلَى هَذَا فِي آخِرِ الدَّعَاوَى فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ حَكَى عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، ثُمَّ يُقَالُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ فَأَمَّا أَنْ يُقَدَّرَ خِلَافٌ أَوْ يُؤَوَّلُ مَا أَطْلَقُوهُ فَصَوَّبَ النَّوَوِيُّ التَّأْوِيلَ