الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّسَبُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ عَلَى إمْكَانِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الطَّلَاقِ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ لِبُعْدِ سَبْقِ الْمَاءِ بِهِ إلَى الرَّحِمِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ أَصْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَيَثْبُتُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكُلُّ الْمُسَمَّى فِي) النِّكَاحِ (الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ
(وَلَهُ الِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ) كَمَا يَسْتَمْتِعُ بِسَائِرِ بَدَنِهِمَا (لَا يَدِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5]{إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون: 6] إلَى قَوْلِهِ {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] وَهَذَا مِمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ
(وَالْعَزْلُ) وَهُوَ أَنْ يُنْزِلَ بَعْدَ الْجِمَاعِ خَارِجَ الْفَرْجِ (تَحَرُّزًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ) وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ قَبْلَهُ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.
وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا فِي كُلِّ حَالٍ وَخَرَجَ بِالتَّحَرُّزِ عَنْ الْوَلَدِ مَا لَوْ عَنَّ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ ذَكَرَهُ قُرْبَ الْإِنْزَالِ لَا لِلتَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعَزْلَ جَائِزٌ مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا» وَبِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ الْفَيْئَةِ وَالْعُنَّةِ
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْوَاطِئِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَ ثَانِيًا (أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ الْفَرْجَ بَيْنَ الْوَطْأَتَيْنِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْغُسْلِ (وَيَبْعُدُ حِلُّهُ) أَيْ تَصَوُّرُ حِلِّ إيقَاعِ الْوَطْأَتَيْنِ (فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ) لِأَنَّ الْقَسْمَ وَاجِبٌ لَهُنَّ وَلَا يَجُوزُ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَنْ يَأْتِيَ الْأُخْرَى إلَّا بِإِذْنِهَا وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» فَمَحْمُولٌ عَلَى إذْنِهِنَّ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُنَّ كَالْإِمَاءِ.
وَفِي قَوْلِهِ وَيَبْعُدُ حِلُّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ حِلُّهُ كَأَنْ وَطِئَ وَاحِدَةً آخِرَ نَوْبَتِهَا ثُمَّ الثَّانِيَةَ أَوَّلَ نَوْبَتِهَا أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى وَوَطْئِهِ لَهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَاتِ إلَّا بِإِذْنِهِنَّ (وَيُبَاحُ) ذَلِكَ (فِي الْإِمَاءِ) وَلَوْ مَعَ زَوْجَةٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَسْمِ لَهُنَّ
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ بِحَضْرَةِ أُخْرَى) فَإِنَّهُ دَنَاءَةٌ (وَأَنْ يَذْكُرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا) لِذَلِكَ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَذَا أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ هُنَا وَفِي الشَّهَادَاتِ لَكِنْ جَزَمَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْجِمَاعِ فَيُكْرَهُ ذِكْرُهُ إلَّا لِفَائِدَةٍ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ عَلَى التَّفْصِيلِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى خِلَافِهِ.
(وَيُسَنُّ مُلَاعَبَةُ الزَّوْجَةِ) إينَاسًا وَتَلَطُّفًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» (إنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً) مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ خَافَهَا لَمْ يُسَنَّ بَلْ قَدْ يُمْتَنَعُ (و) يُسَنُّ لَهُ (أَنْ لَا يُعَطِّلَهَا) فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا وَيُحَصِّنَهَا وَأَدْنَى الدَّرَجَاتِ أَنْ لَا يَتْرُكَهَا لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ (وَأَنْ لَا يُطِيلَ عَهْدَهَا بِالْجِمَاعِ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ (وَأَنْ يُجَامِعَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا قَدِمْت فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ» أَيْ ابْتَغِ الْوَلَدَ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَيُكْرَهُ الْجِمَاعُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ مِنْ الشَّهْرِ وَلَيْلَةِ نِصْفِهِ فَيُقَالُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ الْجِمَاعَ فِيهَا وَأَنَّهُ يُجَامِعُ وَيُكْرَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ لِئَلَّا يَنَامَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ (وَ) أَنْ (يُسَمِّيَ اللَّهَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْجِمَاعِ (وَيَدْعُوَ بِالْمَأْثُورِ) أَيْ بِالْمَنْقُولِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ (مَنْعُهُ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ جَائِزٍ) بِهَا (تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا) لِمَنْعِهَا حَقَّهُ مَعَ تَضَرُّرِ بَدَنِهِ بِذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيُكْرَهُ) لِلْمَرْأَةِ (أَنْ تَصِفَ لِزَوْجِهَا امْرَأَةً أُخْرَى لِغَيْرِ حَاجَةٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرُ الزَّوْجِ مِثْلُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى
(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ) (وَتَزْوِيجِهِ بِهَا
و) وُجُوبِ (إعْفَافِهِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ) بِعِدَّةِ مَا فِي التَّرْجَمَةِ (الْأَوَّلُ فِي وَطْئِهِ) لَهَا (فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَطْءُ جَارِيَةِ الِابْنِ) مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ إجْمَاعًا وَلِآيَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ وَلَا يَلْحَقُ بِالْوَطْءِ فِيهِ الْوَلَدُ فِي الْأَمَةِ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ خِلَافًا لِمَنْ صَحَّحَ هُنَا خِلَافَ ذَلِكَ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَصَحُّ فِي النِّهَايَةِ عَدَمُ اللُّحُوقِ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي اللِّعَانِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَالْأَكْثَرِينَ عَدَمُ ثُبُوتِهِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى إلَخْ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ
(قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَطِئَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْأُولَى) أَيْ أَوْ انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا أَوْ يَطَأُ وَاحِدَةً فِي نَوْبَةِ الْأُخْرَى بِظَنِّهِ أَنَّهَا صَاحِبَةُ النَّوْبَةِ ثُمَّ يَطَأُ صَاحِبَةَ النَّوْبَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ وَدَارَ عَلَيْهِنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ وَاحِدَةٌ فَوَطِئَهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَى أُخْرَى عَقِبَ وَطْئِهَا فَوَطِئَهَا أَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ نَاشِزَاتٍ ثُمَّ وَطِئَهُنَّ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ إلَخْ) كَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ يُشِيرُ إلَيْهِ
[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ وَتَزْوِيجِهِ بِهَا]
[الطَّرَف الْأَوَّلُ يَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ وَطْءُ جَارِيَةِ الِابْنِ]
(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي وَطْءِ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ)
{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5]{إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] وَلِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ لِلِابْنِ وَالْفَرْجُ الْوَاحِدُ لَا يُبَاحُ لِاثْنَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ وَلَوْ مُوسِرًا.
(وَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَتَهُ) أَيْ الِابْنِ (وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فَفِي خَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَلِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقَ مَالَهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ وَلِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ فَيَبْعُدُ أَنْ يُرْجَمَ بِوَطْءِ جَارِيَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَهَا فِي الْقُبُلِ أَمَّا إذَا وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ تَمَجُّسٍ فِي دُبُرِهَا بَلْ هُوَ أَوْلَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ فِي مَوَاضِعَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ وَهَذَا سَاقَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا كَغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ (بَلْ يُعَزَّرُ) فِيهِمَا كَمَا فِي ارْتِكَابِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ وَهُوَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِحَقِّ الْوَلَدِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ جَزَمُوا بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لِحَقِّهِ وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَأُجِيبَ عَنْ النَّظَرِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَذْفِ وَلَدِهِ لِحَقِّهِ وَإِلَّا فَقَدْ يُرَادُ بِهِ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ التَّعْزِيرِ لِلْوَلَدِ فِي وَطْءِ جَارِيَتِهِ عَدَمُ ثُبُوتِهِ فِي قَذْفِهِ لِأَنَّ لِلْأَبِ شُبْهَةً فِي مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ عِرْضِهِ
(وَيَجِبُ) لَهُ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ لَهَا وَلَوْ بِطَوْعِهَا (الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ مُؤْمِنًا لِلشُّبْهَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ وَكَذَا أَرْشُ بَكَارَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا (وَغَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ) لِلِابْنِ (تَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ) أَبَدًا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَوْطُوءَةَ الْأَبِ (وَالْمَوْطُوءَةُ) لَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ الِابْنِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْأَبِ إحْبَالٌ (وَلَا يَغْرَمُ الْأَبُ) لَهُ بِتَحْرِيمِهِ لَهَا عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ (قِيمَتَهَا وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا) أَوْ نَحْوَهُ (بِخِلَافِ وَطْءِ زَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُ الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُهَا (وَالْفَرْقُ بَقَاءُ الْمَالِيَّةِ) الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ (فِي الْأَمَةِ) وَالْفَائِتُ عَلَى الِابْنِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الْحِلِّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَخَرَجَتْ أُخْتَهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ وَالْفَائِتُ فِي الزَّوْجَةِ الْمِلْكُ وَالْحِلُّ جَمِيعًا وَلِأَنَّ الْحِلَّ فِيهَا هُوَ الْمَقْصُودُ فَيُقَوَّمُ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَعَلَى مَا ذُكِرَ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ أَمَةَ أَخِيهِ فَوَطِئَهَا أَبُوهُمَا لَزِمَهُ مَهْرَانِ مَهْرٌ لِمَالِكِهَا وَمَهْرٌ لِزَوْجِهَا (فَإِنْ أَحْبَلَهَا) الْأَبُ الْحُرُّ وَلَوْ مُعْسِرًا أَوْ كَافِرًا (صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ عِنْدَ الْعُلُوقِ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي نَفَتْ الْحَدَّ وَأَوْجَبَتْ الْمَهْرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ هُنَا بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَمَا فِي إيلَادِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّ الْإِيلَادَ هُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ فَلَوْ نَفَّذْنَاهُ عِنْدَ الْإِعْسَارِ لَعَلَّقْنَا حَقَّهُ بِذِمَّةِ خَرَابٍ وَهُوَ ضَرَرٌ أَيْضًا.
وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ فَيَثْبُتُ إيلَادُهَا هُنَا لِلْأَبِ مُطْلَقًا (إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ) فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَتَهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ لِتَعَذُّرِ انْتِقَالِ مِلْكِهَا إلَيْهِ (ثُمَّ الْوَلَدُ) الْحَاصِلُ مِنْهَا بِوَطْئِهِ (حُرٌّ نَسِيبٌ) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (الْمَهْرُ) كَمَا مَرَّ (لَا إنْ أَنْزَلَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ) إيلَاجِ (الْحَشَفَةِ) فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَمَا لَوْ وَطِئَ إلَخْ) لَا حَدَّ فِيمَا تَفَقَّهَهُ لِلشُّبْهَتَيْنِ وَلَا فِيمَا قَاسَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ كَالْأَذْرَعِيِّ لَكِنَّهُ فِي التَّجْرِبَةِ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ وَالِدِهِ خَاصَّةً فَقَالَ قَالَ وَالِدِي يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهُ ثُبُوتُ الْحَدِّ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَوْطُوءَةِ الِابْنِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ بِجِهَةِ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِأَنْ تُبَاعَ عَلَى ابْنٍ رَهَنَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ إقْبَاضِهِ وَإِعْسَارِهِ وَفِيمَا إذَا جَنَتْ (قَوْلُهُ وَهَذَا سَاقَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَخَلَائِقَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ فَأَمَّا إذَا وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ الِابْنِ فَحُكْمُهُ فِي الْمَسَائِلِ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ التَّغْرِيرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَكَذَا أَرْشُ بَكَارَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا إلَخْ) لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَ عُضْوًا مِنْ بَدَنِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهُ الْمَهْرُ) وَلَا يَتَعَدَّدُ بِتَكَرُّرِ الْوَطَآتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) وَلَوْ مُشْتَرَاةً قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُوصًى بِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَرْهُونَةً أَوْ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا مَالٌ وَالْمُحْبِلُ مُوسِرٌ أَوْ مُكَاتَبَةً لِلِابْنِ.
وَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ لِأَمَةٍ اسْتَعَارَهَا مِنْ وَلَدِهِ وَرَهَنَهَا ثُمَّ أَحْبَلَهَا ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ صُوَرٌ إحْدَاهَا مَمْلُوكَةُ الِابْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَقْبِضْهَا الثَّالِثَةُ الَّتِي رَهَنَهَا الِابْنُ إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا الرَّابِعَةُ الَّتِي اسْتَعَارَهَا مِنْ ابْنِهِ وَرَهَنَهَا ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا وَهُوَ مُوسِرٌ الْخَامِسَةُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا وَقَدْ حَجَرَ عَلَى ابْنِهِ بِالْفَلَسِ السَّادِسَةُ مُكَاتَبَةُ الِابْنِ السَّابِعَةُ مُدَبَّرَتُهُ الثَّامِنَةُ الْمُوصَى بِهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ وَارْتَفَعَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ كَذَلِكَ الْعَاشِرَةُ مَنْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَاسْتَوْلَدَهَا أَبُوهُ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ الْمُزَوَّجَةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ) لَوْ كَانَ الْوَالِدُ مُسْلِمًا وَالْوَلَدُ ذِمِّيًّا وَمُسْتَوْلَدَتُهُ ذِمِّيَّةٌ فَهَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ لِلْوَالِدِ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلنَّقْلِ لَوْ نَقَضَتْ الْعَهْدَ وَسُبِيَتْ أَوْ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّهَا الْآنَ عَلَى حَالَةٍ تَقْتَضِي مَنْعَ النَّقْلِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى اسْتِيلَادِ الْمُكَاتَبَةِ وَأَوْلَى هُنَا بِالْمَنْعِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالثَّانِي