الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِيهِ.
(وَيَجُوزُ) لَهَا الِاكْتِحَالُ بِهِ (لِلْحَاجَةِ) إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ، وَ) يَجُوزُ ذَلِكَ (لِلضَّرُورَةِ) إلَى اسْتِعْمَالِهِ (نَهَارًا وَيَجُوزُ) الِاكْتِحَالُ (بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا) إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ (لَا الْأَصْفَرِ كَالصَّبْرِ) بِفَتْحِ الصَّادِ، وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الصَّادِ، وَكَسْرِ الْبَاءِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْضَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ نَعَمْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فَفِي أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَإِذَنْ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.
وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ بِدُونِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ رَدَّهَا عَبْدُ الْحَقِّ «قَالَتْ إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا قَالَ لَا، وَإِنْ انْفَقَأَتْ» ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ، وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِك؛ لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ نَهَارًا فَيَجُوزُ فِيهِ.
(وَيَحْرُمُ طَلْيُ الْوَجْهِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُصَفِّرُ الْوَجْهَ فَهُوَ كَالْخِضَابِ (وَبِكُلِّ مَا يُحَمِّرُهُ وَيُصَفِّرُهُ) وَيُبَيِّضُهُ كَإِسْفِيذَاجَ (وَ) يَحْرُمُ (تَصْفِيفُ الشَّعْرِ) أَيْ الطُّرَّةُ (وَتَجْعِيدُ الْأَصْدَاغِ) أَيْ شَعْرِهَا (وَالِاخْتِضَابُ بِالْحِنَّاءِ) أَوْ نَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ (لَا فِيمَا تَحْتَ الثِّيَابِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي الصَّبْرِ لَيْلًا لِخَفَائِهِ عَلَى الْأَبْصَارِ فَكَذَا مَا أَخْفَاهُ ثِيَابُهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْغَالِيَةُ، وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهَا كَالْخِضَابِ.
(فَرْعٌ: لَهَا التَّجَمُّلُ بِالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ، وَأَثَاثِ الْبَيْتِ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفُرُشِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ قُلْت الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ مُطْلَقًا (وَ) لَهَا (التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ (وَغَسْلُ الرَّأْسِ، وَمَشْطُهُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ) وَالِاسْتِحْدَادُ، وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الزِّينَةِ أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْجِمَاعِ فَلَا يُنَافِي فِي إطْلَاقِ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (وَمَنْ تَرَكَتْ الْإِحْدَادَ أَوْ السُّكْنَى) فِي كُلِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) إذْ الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ بَلَغَهَا وَفَاةٌ لِزَوْجٍ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَعَصَتْ) بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ عَلِمَتْ) حُرْمَةَ التَّرْكِ هَذَا إنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً، وَإِلَّا فَالْعِصْيَانُ عَلَى وَلِيِّهَا.
(فَرْعٌ: لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ إظْهَارَ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّلَفُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ قَدْ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ، وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الصَّبْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الرَّادَّ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ. انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى)(وَتَجِبُ السُّكْنَى) لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنًا بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6](وَكَذَا) تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ (عَنْ وَفَاةٍ وَفَسْخٍ) بِرِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ أَنْ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا، وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِي الشَّفَةِ، وَاللِّثَةِ وَعَلَى الْخَدَّيْنِ، وَالذَّقَنِ فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (قَوْله لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ) الدُّهْنُ لِلْحَاجَةِ كَالِاكْتِحَالِ لِلرَّمَدِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا: يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا حَاجَةٌ. كا (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمَا يَظْهَرُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ كَالرِّجْلَيْنِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَفِي الْتِحَافِهَا بِالْحَرِيرِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِكَوْنِهِ لُبْسًا.
(قَوْلُهُ: قُلْت الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ إلَخْ) وَتَطِيبُ الْمَحَلِّ بِشَيْءٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ عِنْدَ اغْتِسَالِهَا مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِخِلَافِ الْمُحْرِمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَلَا زِينَةَ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ يَطُولُ زَمَنُهَا فَرُخِّصَ لَهَا فِيهِ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ (قَوْلُهُ: إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ تَعْزِيَةٍ وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الْحُزْنِ (قَوْله قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ) فِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ وَالصِّهْرُ، وَالصِّدِّيقُ كَمَا أَلْحَقُوا بِهِمْ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَهَلْ لِلرَّجُلِ التَّحَزُّنُ عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمْ لَا؟ . ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعُجَالَةِ: وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عَنْ الْمَصَائِبِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّة]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى)
وَعَشْرًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ، وَالنَّفَقَةُ لِسُلْطَتِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ انْقَضَتْ (لَا) لِمُعْتَدَّةٍ (عَنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّرَبُّصِ فِيهَا لَمْ تَتَأَكَّدْ حُرْمَتُهُ فَلَا يَلْحَقُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ (وَلَا سُكْنَى لِأُمِّ وَلَدٍ عَتَقَتْ) بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهَا أَوْ مَوْتِهِ كَذَلِكَ (وَلَا صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ) أَيْ لَا سُكْنَى لَهَا (وَلَا لِأَمَةٍ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ التَّامِّ كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهُمَا (بَلْ لِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا حَالَ فَرَاغِ الْخِدْمَةِ) لِلسَّيِّدِ لِتُحْصِنَهَا (وَلَا) سُكْنَى (لِمَنْ طَلُقَتْ) أَوْ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا (نَاشِزَةً أَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ) وَلَوْ فِي عِدَّةٍ لِوَفَاةٍ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ مَنْزِلِهِ (حَتَّى تُطِيعَ) كَمَا لَوْ نَشَزَتْ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ بَلْ أَوْلَى.
(فَصْلٌ: وَيَجِبُ لَهَا) أَيْ لِلْمُعْتَدَّةِ أَيْ تَسْتَحِقُّ (السُّكْنَى بِمَسْكَنِ يَوْمِ الْفِرَاقِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ فُرَيْعَةَ السَّابِقِ، وَمُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ هَذَا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ مُسْتَحَقًّا لِلزَّوْجِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ) إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْهُ ذُو الْعِدَّةِ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي لِآيَةِ {لا تُخْرِجُوهُنَّ} [الطلاق: 1] ، وَمِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ وَالنَّاكِحِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الرَّجْعِيَّةَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ. (نَعَمْ إنْ كَانَ) الْمَسْكَنُ (خَسِيسًا لَمْ يَلْزَمْهَا الرِّضَا بِهِ) فَلَهَا طَلَبُ النَّقْلَةِ إلَى لَائِقٍ بِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْمَحُ بِالسُّكْنَى فِيهِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ، وَقَدْ زَالَتْ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ يَتَجَدَّدُ لَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَلَا تُؤَثِّرُ الْمُسَامَحَةُ فِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (أَوْ) كَانَ (نَفِيسًا لَمْ يَلْزَمْهُ) الرِّضَا بِهِ فَلَهُ نَقْلُهَا إلَى لَائِقٍ بِهَا إنْ وَجَدَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَهَا وَبِهِ وَالتَّبَرُّعُ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ اتِّصَالِهِ بِالْقَبْضِ (فَإِنْ كَانَ لَائِقًا) بِهَا وَ (رَضِيَا بِالنَّقْلَةِ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ أَصْلِ الْعِدَّةِ بِاتِّفَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ تَوَابِعِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ حَيْثُ يَسْكُنَانِ وَيَنْتَقِلَانِ كَيْفَ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا عَلَى الْخُلُوصِ وَلَوْ تَرَكَا الِاسْتِقْرَارَ، وَأَدَامَا السَّفَرَ جَازَ بِخِلَافِهِ هُنَا (فَإِنْ طَلَّقَهَا) أَوْ مَاتَ (وَقَدْ انْتَقَلَتْ) مِنْ مَسْكَنِهَا (إلَى مَسْكَنٍ أَوْ بَلَدٍ) آخَرَ (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ) وَاعْتَدَّتْ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ فِي لَا الثَّانِي فَتَلْزَمُهَا فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) ، وَقَدْ انْتَقَلَتْ (بِإِذْنٍ) مِنْهُ (اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمَسْكَنُ عِنْدَ الْفِرَاقِ (وَكَذَا) تَعْتَدُّ فِيهِ (لَوْ طَلَّقَهَا) أَوْ مَاتَ (بَعْدَ الْخُرُوجِ) إلَيْهِ مِنْ الْمَسْكَنِ أَوْ عُمْرَانِ الْبَلَدِ وَبَعْدَ الْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهِ (وَقَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَتَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ فِيهِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (وَالِاعْتِبَارُ بِنَقْلِهِ بَدَنَهَا لَا) بِنَقْلِهِ (أَثَاثَهَا وَخَدَمَهَا) كَمَا أَنَّ حَاضِرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ لَا مَنْ أَثَاثُهُ وَخَدَمُهُ بِهَا (وَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهَا) إلَى الْأَوَّلِ (لِنَقْلِ الْمَتَاعِ) أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى الثَّانِي فَانْتَقَلَتْ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ لِذَلِكَ فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي كَمَا لَوْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ فَطَلَّقَهَا، وَهِيَ خَارِجَةٌ (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي سَفَرٍ لِحَاجَتِهَا) الْأَوْلَى لَا لِنَقْلِهِ كحج (وَلَوْ صَحِبَهَا) فِيهِ (فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ) عُمْرَانِ (الْبَلَدِ لَمْ تُسَافِرْ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي إبْطَالِ سَفَرِهَا بِخِلَافِ سَفَرِ النَّقْلَةِ فَإِنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ صَرِيحُهُ (أَوْ) ، وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْخُرُوجِ (فَعَوْدُهَا أَفْضَلُ) مِنْ الْمُضِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ السَّيْرِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا مَضَتْ أَوْ عَادَتْ (فَإِنْ مَضَتْ وَالسَّفَرُ لِحَاجَةٍ عَادَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا) لِتَمَامِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ (وَلَوْ لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ) الَّتِي بِإِقَامَتِهِ فِيهَا لَا يَنْتَفِي عَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نِهَايَةُ سَفَرِهَا وَلَهَا أَنْ تُقِيمَ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهَا، وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ السَّفَرِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ) إذَا تَبَرَّعَ السَّيِّدُ بِتَسْلِيمِ أَمَتِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا ثُمَّ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ تَقْرِيرُهَا فِي الْمَسْكَنِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا فِي الْأَوَّلِ فِيهِ وَقْفَةٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. اهـ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الرَّجْعِيَّةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ)، وَهُوَ أَوْضَحُ ع وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ) هُوَ مُرَادُهُمْ