الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَالْأَوَّلُ مَرْدُودٌ زَادَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بَلْ غَلَطَ وَإِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى
(فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي) مُطَلَّقَتِي (بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَرَاجَعْتهَا مُكَذِّبًا لَهَا) أَوْ لَا مُصَدِّقًا وَلَا مُكَذِّبًا (ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْكَذِبِ) بِأَنْ قَالَتْ مَا كَانَتْ انْقَضَتْ (فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْهَا
[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]
[الْبَاب الْأَوَّل أَرْكَان الْإِيلَاء]
(كِتَابُ الْإِيلَاءِ) هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ قَالَ الشَّاعِرُ
وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى
…
إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ
وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ وَخَصَّهُ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى؛ لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ كَأَنَّهُ قِيلَ يُؤْلُونَ مُبْعَدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ وَهُوَ حَرَامٌ لِلْإِيذَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُ إيلَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) حَالِفٌ وَمَحْلُوفٌ بِهِ وَمُدَّةٌ وَمَحْلُوفٌ عَلَيْهِ زَادَ فِي الْأَنْوَارِ وَصِيغَةٌ وَزَوْجَةٌ (الْأَوَّلُ الْحَالِفُ وَشَرْطُهُ زَوْجٌ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَسَيِّدٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا لِسَكْرَانَ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ وَلَا مِمَّنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ كَمَجْنُونٍ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَذِكْرُ مُخْتَارٍ مِنْ زِيَادَتِهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ.
(فَيَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ) بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ (وَ) مِنْ (الْكَافِرِ، وَلَا يَنْحَلُّ) إيلَاؤُهُ (بِالْإِسْلَامِ وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْغَضْبَانِ) لِأَنَّ الْآيَةَ تَشْمَلُ حَالَتَيْ الْغَضَبِ وَالرِّضَا وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ (وَ) مِنْ (الْعِنِّينِ وَالْمَرِيضِ وَالْخَصِيِّ) لِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالْعِنِّينِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) مِنْ (أَشَلَّ ذَكَرٍ وَمَجْبُوبٍ) كُلَّ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضَهَ (إلَّا إنْ بَقِيَ قَدْرُ الْحَشَفَةِ) فَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْجِمَاعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ قَصْدُ الْإِيذَاءِ.
(وَلَا يَنْحَلُّ) الْإِيلَاءُ (بِالْجَبِّ) لِعُرُوضِ الْعَجْزِ فِي الدَّوَامِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِيلَاءِ السَّابِقِ عَلَيْهِ (وَيَصِحُّ) إيلَاءٌ لِزَوْجٍ (مِنْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ وَمَرِيضَةٍ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ حَتَّى تُدْرِكَ) الصَّغِيرَةُ إطَاقَةَ الْجِمَاعِ (وَتُطِيقُ الْمَرِيضَةُ) ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ مِنْ مُتَحَيِّرَةِ لِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ وَمِنْ مُحْرِمَةٍ لِاحْتِمَالِ التَّحَلُّلِ لِحَصْرٍ وَغَيْرِهِ وَمِنْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِإِمْكَانِ الْكَفَّارَةِ قَالَ فِي الْأُولَى وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ وَقِيَاسُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَالتَّكْفِيرِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ حَتَّى تُطِيقَ كَانَ أُولَى وَأَخْصَرَ إلَّا أَنَّهُ تَبِعَ أَصْلَهُ.
(وَ) يَصِحُّ (مِنْ عَجَمِيٍّ بِالْعَرَبِيَّةِ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَمِنْ عَرَبِيٍّ بِالْعَجَمِيَّةِ (إنْ عُرِفَ الْمَعْنَى) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا) بَعْدَ إيلَائِهِ (فَحَالَفَ) فَيَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَلِفُ الْخَالِي عَنْ الْإِيلَاءِ (لَا مُولٍ) لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِخِطَابِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَالطَّلَاقِ قَالَ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] وَلَيْسَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا قَصْدُ الْإِيذَاءِ (وَيَصِحُّ مِنْ رَجْعِيَّةٍ) كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهَا (وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ قَبْلَ الرَّجْعَةِ) لِأَنَّهَا فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ وَلِأَنَّهَا تَحْرُمُ بِالطَّلَاقِ فَلَا وَقْعَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْحَرَامِ (وَلَا يَصِحُّ مِنْ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْإِيذَاءِ كَمَا فِي الْمَجْبُوبِ
(الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَحْلُوفُ بِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ الْتَزَمَ شَيْئًا كَصَوْمٍ وَطَلَاقٍ وَغَيْرِهِ) الْأَوْلَى وَغَيْرُهُمَا (مِمَّا لَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
زَوْجَتُهُ أَمَةً فَصَدَّقَتْهُ كَانَتْ كَالْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا، وَلَوْ كَذَّبَهُ مَوْلَاهَا لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ بِالرَّجْعَةِ وَالتَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ فِيهَا وَلَهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
[فَرْعٌ قَالَ أَخْبَرَتْنِي مُطَلَّقَتِي بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَرَاجَعْتهَا مُكَذِّبًا لَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْكَذِبِ]
(كِتَابُ الْإِيلَاءِ)(قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ) بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاَلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدَ وَقِيلَ مِنْ لِلسَّبَبِيَّةِ) أَيْ يَحْلِفُونَ بِسَبَبِ نِسَائِهِمْ وَقِيلَ بِمَعْنَى عَلَى وَقِيلَ بِمَعْنَى فِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فِيهِمَا أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ أَوْ فِي تَرْكِ وَطْءٍ وَقِيلَ مِنْ زَائِدَةٌ وَالتَّقْدِيرُ يُؤْلُونَ أَيْ يَعْتَزِلُونَ نِسَاءَهُمْ أَوْ أَنَّ آلَى يَتَعَدَّى بِعَلَى وَمَنْ قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُقَالُ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَعَلَى امْرَأَتِهِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْحَالِفُ) لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مُظَاهِرًا وَلَيْسَ بِحَلِفٍ لَكِنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ مُدَّةً يَتَحَقَّقُ انْقِضَاؤُهَا قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى حَالَةِ الْإِمْكَانِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ حَلِفِهِ تَنْقَضِي فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَمَا لَوْ حَلَفَ وَأَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ.
(قَوْلُهُ فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ) مَعَ زِيَادَةٍ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ مِنْ مُتَحَيِّرَةٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا إلَخْ) وَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ حَلَفَ زَوْجُ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ لَا يَطَؤُهَا كَانَ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ الْوُصُولِ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَلَوْ آلَى مُرْتَدٌّ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ مُرْتَدَّةٍ فَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ، فَإِنْ جَمَعَهَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بَلْ إنْ الْتَزَمَ شَيْئًا كَصَوْمٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ أَوْ بِهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ كَمَرَضٍ فَقَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ قَاصِدًا بِهِ نَذْرَ الْمُجَازَاةِ لَا الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَلَا مَأْثُومًا وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ إطْلَاقُ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
أَوْ صَلَاةٌ أَوْ حَجٌّ (أَوْ فَأَنْتِ حَرَامٌ) أَوْ طَالِقٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ (صَارَ مُولِيًا) لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَيَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَشَمَلَهُ إطْلَاقُ آيَةِ الْإِيلَاءِ وَفِي مَعْنَاهُ الظِّهَارُ كَقَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً فَإِنَّهُ إيلَاءٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ (يَمِينُ لَجَاجٍ) فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَلَيْسَ الْيَمِينُ بِصَوْمِ هَذَا الشَّهْرِ إيلَاءً) فَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ الشَّهْرَ الْفُلَانِيَّ وَهُوَ يَنْقَضِي قَبْلَ مُجَاوَزَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْيَمِينِ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِيلَاءُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ مُدَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ أَوْ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْيَمِينِ كَأَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ فَإِنَّهُ إيلَاءٌ (وَلَا) بِصَوْمِ (هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَيَكُونُ إيلَاءً (وَهِيَ) أَيْ الْيَمِينُ (بِصَوْمِ شَهْرِ الْوَطْءِ إيلَاءٌ) كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ فَإِذَا وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ (وَيُجْزِئُهُ صَوْمُ بَقِيَّتِهِ) سَوَاءٌ قُلْنَا بِلُزُومِ مَا الْتَزَمَهُ أَمْ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ) كَنَظِيرِهِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ زَيْدٌ وَقَدِمَ نَهَارًا.
(وَعَلَى الْوَلِيِّ الْكَفَّارَةُ إنْ وَطِئَ) بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ فِيهَا (وَلَوْ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ) لِحِنْثِهِ فِي يَمِينِهِ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَإِلَّا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
(فَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَمَا سَأَمْلِكُ حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك أَوْ فَأَنَا زَانٍ أَوْ فَأَنْت زَانِيَةٌ لَغَا) إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ شَيْءٌ (وَلَا يَكُونُ قَاذِفًا لَهَا بِوَطْئِهَا) أَيْ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ الْمُعَلَّقَ لَا يُلْحِقُ عَارًا (لَكِنْ يُعَزَّرُ) لَهَا بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ آذَهَا بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ زُنَاةٌ.
(وَقَوْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ (كَقَوْلِهِ إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك) فِي أَنَّهُ (لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي الْحَالِ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِهِ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ بِمُضِيِّ سَنَةٍ كَمَا يَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِالْوَطْءِ (وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ) قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ (وَخُرُوجِهِ) قَبْلَهُ (عَنْ مِلْكِهِ) بِبَيْعٍ لَازِمٍ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ حِينَئِذٍ شَيْءٌ (لَا بِتَدْبِيرِهِ وَكِتَابَتِهِ وَلَا بِالِاسْتِيلَادِ) لِأَمَتِهِ الَّتِي عَتَقَهَا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُعْتَقُ لَوْ وُطِئَ (فَإِذَا عَادَ مِلْكُهُ) فِي الْعَبْدِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهُ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ (لَمْ يَعُدْ) أَيْ الْإِيلَاءُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئَتْك فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ) مِنْ آخِرِ تَلَفُّظِهِ (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) وَلَا عِتْقَ لِتَعَذُّرِ تَقَدُّمِهِ عَلَى اللَّفْظِ وَاسْتُشْكِلَ انْحِلَالُهَا بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ (وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ) مِمَّا ذَكَرَ (وَلَمْ يَطَأْ صَارَ مُولِيًا) فَتُضْرَبُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَيُطَالَبُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْعِتْقَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ (وَحِينَ يَطَأُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ مُضِيِّ شَهْرٍ (تَبَيَّنَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِشَهْرٍ وَ) تَبَيَّنَ (انْفِسَاخُ الْبَيْعِ بِعِتْقِهِ إنْ كَانَ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِدُونِ شَهْرٍ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ (فَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ) لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ قَبْلَهُ لِتَقَدُّمِ الْبَيْعِ عَلَى شَهْرٍ وَلَا يَخْفَى مِمَّا مَرَّ عَنْ الْفُورَانِيِّ اعْتِبَارُ زِيَادَةٍ عَلَى الشَّهْرِ فِيمَا ذَكَرَ بَعْدَهُ وَفِي مَعْنَى الْبَيْعِ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ مَوْتٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا.
(وَإِنْ طَلَّقَ حِينَ طُولِبَ) بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ (ثُمَّ رَاجَعَ) أَيْ أَعَادَ مُطَلَّقَتَهُ (ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إلَّا إنْ بَانَتْ مِنْهُ فَجَدَّدَ) نِكَاحَهَا فَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ، وَإِذَا وَطِئَهَا تَبَيَّنَ عِتْقُ الْعَبْدِ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ، وَإِنْ وَقَعَ الْوَطْءُ بِصُورَةِ الزِّنَا كَمَا صَرَّحَ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْمُطَالَبَةِ فِيمَا ذَكَرَ، وَإِنْ ذَكَرَهَا أَصْلُهُ أَيْضًا
(أَوْ) قَالَ إنْ وَطِئْتُك (فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، فَإِنْ كَانَ قَدْ ظَاهَرَ) وَعَادَ (صَارَ مُولِيًا سَوَاءٌ حَلَفَ نَاسِيًا لِلظِّهَارِ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَعِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَتَعْجِيلُ عِتْقِهِ عَنْ الظِّهَارِ زِيَادَةٌ عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلْمَنْعِ عَنْهُ
(ثُمَّ إنْ وَطِئَ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا (عَتَقَ عَنْ الظِّهَارِ) لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الْوَطْءِ أَعْتَقْتُك عَنْ ظِهَارِي وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سَائِرِ التَّعَلُّقَاتِ كَأَنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي (فَإِنْ كَانَ لَمْ يُظَاهِرْ فَقَدْ أَقَرَّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِظِهَارٍ فَيَصِيرُ مُولِيًا مُظَاهِرًا فِي الظَّاهِرِ) لَا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ) عَدَمُ تَنَاوُلِهِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ حِينَ يَطَأُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي يَمِينِ اللَّجَاجِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلِمَ تَبَيَّنَ الْعِتْقُ أَمْ كَيْفَ صُورَتُهَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ وَمَا فِي الْأَيْمَانِ قَوْلٌ آخَرُ فَهَلُمَّ بِالتَّنَاقُضِ وَقَالَ فِي الْمُهَذَّبِ إنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ تَعْلِيقَ عِتْقِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ نَذْرٍ كَانَ نَذْرَ لَجَاجٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ.
(قَوْلُهُ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إلَخْ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ عَمَّا إذَا قَالَ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عِنْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينًا وَلَا تَعْجِيلًا نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِي عَبْدٍ مُعَيَّنٍ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ.