الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرِثُ الْجَدَّةُ وَأُمُّهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَبْعَدَ مِنْهَا (كَمَنْ أَوْلَدَ بِنْتَ بِنْتِ خَالَتِهِ) وَلَدًا (فَأَمَّا أُمُّ أُمُّ الْوَلَدِ لَا تَحْجُبُ أُمَّهَا) فَلَوْ كَانَ لِزَيْنَبِ بِنْتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَلِحَفْصَةَ ابْنٌ، وَلِعُمْرَةِ بِنْتُ بِنْتٍ فَنَكَحَ الِابْنُ بِنْتَ بِنْتِ خَالَتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ تَحْجُبْ عَمْرَةُ الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ أُمَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهَا (لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ) فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فَتَرِثُ مَعَهَا لَا مِنْ جِهَتِهَا.
(فَصْلٌ الِابْنُ فَمَنْ تَحْتَهُ) دَرَجَةً (يَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ)
كَذَلِكَ لِإِدْلَائِهِ بِهِ (وَالْبِنْتَانِ يَحْجُبَانِ كُلَّ بِنْتِ ابْنٍ لَا عَصَبَةَ لَهَا) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَكَذَا بِنْتَا ابْنٍ تَحْجُبَانِ بِنْتَ ابْنِ ابْنٍ لَا عَصَبَةَ لَهَا وَهَكَذَا، وَبِنْتُ وَبِنْتِ ابْنٍ تَحْجُبَانِ بِنْتَ ابْنِ ابْنٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ.
[فَصْلٌ أَوْلَادُ الْأُمِّ يَحْجُبُهُمْ أَرْبَعَةٌ]
(فَصْلٌ وَأَوْلَادُ الْأُمِّ يَحْجُبُهُمْ) أَرْبَعَةٌ (الْوَلَدُ وَوَلَدُ الِابْنِ) وَلَوْ أُنْثَى فِيهِمَا (وَالْأَبُ وَالْجَدُّ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِآيَتَيْ الْكَلَالَةِ الْمُفَسَّرِ بِمَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَةَ، أَمَّا الْأُمُّ فَلَا تَحْجُبُهُمْ وَإِنْ أَدْلُوا بِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ حَجْبِ الْمُدْلِي بِالْمُدْلَى بِهِ إمَّا اتِّحَادُ جِهَتِهِمَا كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ وَالْجَدَّةِ مَعَ الْأُمِّ أَوْ اسْتِحْقَاقُ الْمُدْلَى بِهِ كُلَّ التَّرِكَةِ لَوْ انْفَرَدَ كَالْأَخِ مَعَ الْأَبِ، وَالْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَأْخُذُ بِالْأُمُومَةِ وَهُوَ بِالْأُخُوَّةِ، وَلَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ إذَا انْفَرَدَتْ (وَيُحْجَبُ الْأَخُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ بِالْأَبِ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ) وَإِنْ سَفُلَ لِلْإِجْمَاعِ وَلِتَقَدُّمِ جِهَتَيْ الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ عَلَى غَيْرِهِمَا (وَيُحْجَبُ الْأَخُ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ) لِذَلِكَ (وَبِالْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ) لِقُوَّتِهِ وَبِالْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ إذَا كَانَتْ عَصَبَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَتُحْجَبُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ بِالْأَرْبَعَةِ) الْمَذْكُورِينَ (وَبِالْأُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ هَذَا (إنْ لَمْ تَجِدْ مُعَصِّبًا) لَهَا مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَإِلَّا فَلَا تُحْجَبُ بِهِمَا بَلْ تَرِثُ مَعَ مُعَصَّبِهَا بِالتَّعَصُّبِ كَمَا مَرَّ (وَيُحْجَبُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ بِأَبِيهِ) كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ (وَبِمَنْ يَحْجُبُهُ) لِأَنَّهُ يَحْجُبُ أَبَاهُ فَهُوَ أَوْلَى (وَبِالْجَدِّ) كَالْأَبِ (وَالْأَخِ) أَيْ وَبِالْأَخِ (لِلْأَبِ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَيُحْجَبُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ وَبِابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ) لِقُوَّتِهِ (وَيُحْجَبُ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ بِهَؤُلَاءِ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَبِابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ) لِقُرْبِ دَرَجَتِهِ (وَقِسْ عَلَيْهِ) فَيُحْجَبُ الْعَمُّ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ بِالْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ وَيُحْجَبُ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ بِهَؤُلَاءِ وَبِالْعَمِّ لِلْأَبِ وَيُحْجَبُ ابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبِ بِهَؤُلَاءِ وَبِابْنِ الْعَمِّ لِلْأَبَوَيْنِ (وَالْمُعْتَقُ يَحْجُبُهُ عَصَبَةُ النَّسَبِ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِقُوَّةِ النَّسَبِ (وَأَصْحَابُ الْفُرُوضِ الْمُسْتَغْرَقَةِ يَحْجُبُونَ الْعَصَبَاتِ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا مَا لَمْ يَنْقَلِبُوا إلَى الْفَرْضِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَبِنْتَيْنِ وَوَلَدِ أَبٍ فَوَلَدُ الْأَبِ مَحْجُوبٌ بِالِاسْتِغْرَاقِ لِخَبَرِ «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا» .
(فَرْعٌ لَا يَحْجُبُ مَنْ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ) أَحَدًا لَا حَجْبَ حِرْمَانٍ وَلَا حَجْبَ نُقْصَانٍ لِلْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ، وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي (كَالْقَتْلِ وَالرِّقِّ) فَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ قَاتِلٍ لَهُ أَوْ رَقِيقٍ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ حُرَّيْنِ لَمْ يَحْجُبْ الِابْنُ الْآنَ وَلَمْ يَنْقُصْ فَرْضُ الزَّوْجَةِ (فَإِنْ مُنِعَ) شَخْصٌ مِنْ الْإِرْثِ (لِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ) عَلَيْهِ (فَقَدْ يَحْجُبُ) غَيْرَهُ (حَجْبَ نُقْصَانٍ كَالْأَخِ لِلْأَبِ) فَإِنَّهُ (مَعْدُودٌ عَلَى الْجَدِّ) فِي مَسَائِلِ الْمُعَادَةِ وَيَحْجُبُهُ حَجْبَ نُقْصَانٍ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ (وَكَأُمٍّ مَعَ أَبٍ وَأَخَوَيْنِ أَوْ مَعَ جَدٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ) فَإِنَّهُمَا مَعَ كَوْنِهِمَا لَا يَرِثَانِ لِوُجُودِ الْأَبِ أَوَالْجَدِّ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ حَجْبَ نُقْصَانٍ إذْ (لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْجَدِّ) فِي الثَّانِيَةِ.
(الْبَاب الْخَامِسُ مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ
خَمْسَةٌ)
(الْأَوَّلُ اخْتِلَافُ الدِّينِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (فَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا عَكْسُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ سَبَبُ الْإِرْثِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ قَرَابَةً أَمْ نِكَاحًا أَمْ وَلَاءً وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْكُفْرُ حِرَابَةٌ أَمْ غَيْرَهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَأَمَّا خَبَرُ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» فَقَدْ أَعَلَّهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ كَمَا فِي الْحَيَاةِ لَا الْإِرْثُ الْحَقِيقِيُّ مِنْ الْعَتِيقِ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ عَبْدَهُ وَيُخَالِفُ ذَلِكَ جَوَازُ نِكَاحِ بَعْضِ الْكَافِرَاتِ لِبِنَاءِ التَّوَارُثِ عَلَى التَّنَاصُرِ، وَالنِّكَاحِ عَلَى التَّوَالُدِ وَقَضَاءِ الْوَطَرِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ اتِّصَالُنَا بِهِمْ تَشْرِيفًا لَهُمْ اُخْتُصَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لِاحْتِرَامِهِمْ (وَيَتَوَارَثُ الْكُفَّارُ) بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ (كَالْوَثَنِيِّ) يَرِثُ (مِنْ الْيَهُودِيِّ) وَالْيَهُودِيِّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسُهُ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ الْكُفَّارَ عَلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ الِابْنُ فَمَنْ تَحْتَهُ دَرَجَةً يَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ]
قَوْلُهُ: وَكَأُمٍّ مَعَ أَبٍ وَأَخَوَيْنِ. . . إلَخْ) وَكَأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ، وَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ، وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَالْأَخُ قَدْ أَسْقَطَ فَرْضَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ، وَهُوَ السُّدُسُ وَلَا يَرِثُ، وَزَوْجٌ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَالْأَخُ وَالْأُخْتُ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَزَوْجٌ، وَبِنْتٌ وَأَبَوَانِ وَابْنُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنٍ، فَابْنُ الِابْنِ يَحْجُبُ بِنْتَ الِابْنِ عَنْ سُدُسِهَا، وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأُمٌّ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ عَائِلًا، وَهُوَ سَهْمٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَوْلَا الْأَخُ لَكَانَ لَهَا ثُلُثُ عَائِلٍ، وَهُوَ سَهْمَانِ مِنْ ثَمَانِيَةِ
[الْبَاب الْخَامِسُ مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ]
(الْبَاب الْخَامِسُ)(قَوْلُهُ: مَوَانِعُ الْمِيرَاثِ خَمْسَةٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَعْنُونَ بِالْمَانِعِ مَا يُجَامِعُ السَّبَبَ مِنْ نَسَبٍ وَغَيْرِهِ وَيُجَامِعُ الشُّرُوطَ فَيَخْرُجُ اللِّعَانُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ النَّسَبَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَيَخْرُجُ اسْتِبْهَامُ تَارِيخِ الْمَوْتِ بِغَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ وَيَخْرُجُ الشَّكُّ فِي وُجُودِ الْقَرِيبِ وَعَدَمُ وُجُودِهِ كَالْمَفْقُودِ وَالْحَمْلِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ أَيْضًا وَهُوَ تَحَقُّقُ وُجُودِ الْمُدْلَى حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ) وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إذْ نُسِبَ إلَى السَّهْوِ
اخْتِلَافِ فِرَقِهِمْ يَجْمَعُهُمْ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ فَاخْتِلَافُهُمْ كَاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32]، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] .
وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» فَمَعْنَى الْآيَةِ جَعَلْنَا لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ أَوْ لِكُلِّ نَبِيٍّ شَرِيعَةً وَطَرِيقًا، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَجَعَلَ الثَّانِيَ بَيَانًا لِلْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ (لَا حَرْبِيٍّ مِنْ ذِمِّيٍّ) وَعَكْسُهُ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْبَغْيِ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي أَشْرَفِ الْجِهَاتِ وَهِيَ الْإِسْلَامُ فَلَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِهِمْ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا، وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهَا لَكِنْ قَيَّدَهُ الصَّيْمَرِيُّ بِكَوْنِهِ بِدَارِنَا وَقَضَيْتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ الْإِمَامُ الذِّمَّةَ لِطَائِفَةٍ قَاطِنَةٍ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ مَعَ أَهْلِ الْحَرْب، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجُوزُ تَنْزِيلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مُخَالَفَةَ (وَالْمُعَاهَدِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِهَا (وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُمَا مَعْصُومَانِ بِالْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فَيَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا وَلَا يَرِثَانِ الْحَرْبِيَّ وَلَا يَرِثُهُمَا فَلَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ يَهُودِيٌّ عَنْ ابْنٍ مِثْلِهِ، وَآخَرُ نَصْرَانِيٌّ ذِمِّيٌّ، وَآخَرُ يَهُودِيٌّ مُعَاهَدٌ، وَآخَرُ يَهُودِيٌّ حَرْبِيٌّ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ سِوَى الْأَخِيرِ.
(وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ) أَحَدًا وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِخَبَرِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ تَرَكَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَا يَقِرُّ عَلَى دِينِهِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ (وَلَا يُورَثُ) كَمَا لَا يَرِثُ وَلِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ فِي الدِّينِ (وَمَالُهُ) أَيْ مَا خَلَّفَهُ (فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَكَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ فِي الرِّدَّةِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَاهُ قُرَّةَ إلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَيْ مُعْتَقِدًا حِلَّهُ فَأَمَرَهُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَتَخْمِيسِ مَالِهِ» وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُمَا عَنْ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَا لِبَيْتِ الْمَالِ.
(الْمَانِعُ الثَّانِي: الرِّقُّ) وَهُوَ لُغَةً: الْعُبُودِيَّةُ وَالشَّيْءُ الرَّقِيقُ وَشَرْعًا عَجْزٌ حُكْمِيٌّ يَقُومُ بِالْإِنْسَانِ بِسَبَبِ الْكُفْرِ (فَلَا يَرِثُ رَقِيقٌ) وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ لِأَنَّ الْإِرْثَ إثْبَاتُ مِلْكٍ لِلْوَارِثِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] وَالْقُدْرَةُ الْمَنْفِيَّةُ عَنْهُ هِيَ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَهِيَ الْمِلْكُ لَا الْحِسِّيَّةُ لِثُبُوتِهَا لَهُ كَالْحُرِّ وَمِلْكُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ ضَعِيفٌ، وَالْإِرْثُ مِلْكٌ قَهْرِيٌّ يَحْصُلُ بِلَا اخْتِيَارٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ الْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْمَيِّتِ فَلَا يُمْكِنُ تَوْرِيثُهُ مِنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يَرِثُ ثُمَّ يَتَلَقَّاهُ سَيِّدُهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ يَعْنِي كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَنَحْوَهَا تَمْلِيكٌ اخْتِيَارِيٌّ فَيَكْفِي فِي مَحَلَّهَا قَابِلِيَّةُ الْمِلْكِ وَبِأَنَّهَا تَصِحُّ لِلسَّيِّدِ فَإِيقَاعُهَا لِعَبْدِهِ كَأَنَّهُ إيقَاعٌ لَهُ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فِيهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَغَيْرَهُ حَكَوْا عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ الْعَبْدَ يَرِثُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ لَكِنْ رَدُّوا عَلَيْهِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَرِثُ بِأَسْبَابٍ خَاصَّةٍ لَيْسَ فِي الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ (وَلَوْ مُبَعَّضًا) فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَأَخَذَ بَعْضَ الْمَالِ مَالِكُ الْبَاقِي، وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَيِّتِ (وَيُورَثُ الْمُبَعَّضُ) أَيْ يُورَثُ عَنْهُ جَمِيعُ مَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَمَاتَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ مِنْهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ بِالرِّقِّيَّةِ (لَا الرَّقِيقُ) وَلَوْ مُكَاتَبًا إذْ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ مِلْكُهُ ضَعِيفٌ.
(الْمَانِعُ الثَّالِثُ: الْقَتْلُ وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ) مِنْ مَقْتُولِهِ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ» وَلِتُهْمَةِ اسْتِعْجَالِ قَتْلِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَسَدًّا لِلْبَابِ فِي الْبَاقِي؛ وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: قَالَ تَعَالَى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32] وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الذِّمِّيِّ بِدَارِنَا وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهَا) هُوَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْجِرَاحِ فِي بَابِ تَغَيُّرِ الْحَالِ إنَّ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ يَرِثُ مَنْ بِدَارِنَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجُوزُ تَنْزِيلُ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْغَالِبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ إلَخْ) وَنَقَضَهُ ابْنُ الْهَائِمِ بِأَخَوَيْنِ ارْتَدَّا إلَى النَّصْرَانِيَّةِ مَثَلًا؛ لِبَقَاءِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا وَيُجَابُ بِمَنْعِ بَقَائِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَهَا بِمَا لَا يَقْبَلُ بَعْدَهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَلَا نَظَرَ إلَى اتِّفَاقِهِمَا ظَاهِرًا.
س الزِّنْدِيقُ فِي ذَلِكَ كَالْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَسَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمْ فِي الرِّدَّةِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَال، أَمَّا الْقِصَاصُ فَلَوْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ وَيَجِبُ قِصَاصُ الطَّرْفِ يَسْتَوْفِيهِ مَنْ كَانَ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي حَدِّ الْقَذْفِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ) احْتَجَّ لَهُ السُّهَيْلِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] الْآيَةَ فَإِنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْمِلْكِ وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ (قَوْلُهُ: وَيُورَثُ الْمُبْعِضُ. . . إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُورَثُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَافِرُ الَّذِي لَهُ أَمَانٌ إذَا وَجَبَتْ لَهُ جِنَايَةٌ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ وَأَمَانِهِ ثُمَّ نُقِضَ الْأَمَانُ وَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَمَاتَ بِالسَّرَايَةِ فَإِنَّ قَدْرَ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ لَنَا رَقِيقٌ يُورَثُ كُلُّهُ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ) لَوْ سُئِلَ يَزِيدُ وَعَمْرٌو فَأَفْتَى بِقَتْلِهِ وَرِثَهُ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى اسْمِ مُوَرِّثِهِ فَأَفْتَى بِقَتْلِهِ بِالِاجْتِهَادِ لَا يَرِثُ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ مُقَلَّدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَإِنْ زَكَّى أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا يَرِثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ دَخْلًا فِي الْقَتْلِ فَإِنْ شَهِدَ بِمَا يُوجِبُ الْجَلْدَ أَوْ التَّعْزِيرَ فَأَفْضَيَا إلَى الْهَلَاكِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَرْجَحُ مَنْعُ الْإِرْثِ قِيَاسًا عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ وَلَيْسَ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ إلَى أَحَدٍ وَظُهُورِ مَرَضٍ مِنْهُ. وَسَرَايَتِهِ إلَى الْهَلَاكِ وَلَوْ جَرَحَ مُوَرِّثَهُ وَحَزَّ آخَرُ رَقَبَتَهُ يَرِثُ مُطْلَقًا؟ لَا يَرِثُ مُطْلَقًا، وَالْأَقْيَسُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ مُذَفَّفًا فَلَا يَرِثُ أَوْ غَيْرَ مُذَفَّفٍ فَيَرِثُ كَمَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْجُرْحِ بِسَبَبٍ يُجْزَمُ بِاسْتِنَادِ الْمَوْتِ إلَيْهِ كَالْخَنْقِ وَالسُّقُوطِ مِنْ عُلُوٍّ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْجُرْحِ وَمَوْتِهِ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ. ك قَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ فِي الْمُفْتَى: الْإِرْثُ مُطْلَقًا وَإِنْ سُمِّيَ لَهُ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ أَوْ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ. . . إلَخْ) وَأَشَارَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمَعْنَى