الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَوْعُ تَصَرُّفٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَرَادَ بِهِ الِاحْتِيَاطَ (وَجْهَانِ) جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِذَلِكَ فِي اللُّقَطَةِ وَهِيَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَهَذِهِ أَوْلَى.
(فَرْعٌ وَإِنْ خَانَ) فِي الْوَدِيعَةِ بِسَبَبِ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْخِيَانَةِ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ رَدَّ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ إلَى مَكَانِهِ (إلَّا بِالْإِيدَاعِ) ثَانِيًا فَيَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ (وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهَا) قَبْلَهُ إلَى مَالِكِهَا (وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْخِيَانَةِ لَا قَبْلَهَا صَارَ أَمِينًا) وَبَرِئَ؛ لِأَنَّ التَّضْمِينَ حَقُّ الْمَالِكِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمَالِكُ عَنْ ضَمَانِ الْحَفْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأهُ عَنْهُ قَبْلَهَا كَأَنْ قَالَ: أَوْدَعْتُكَ فَإِنْ خُنْت ثُمَّ تَرَكْتَ الْخِيَانَةَ عُدْتَ أَمِينًا لِي فَخَانَ ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَا يَصِيرُ أَمِينًا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ وَتَعْلِيقٌ لِلِاسْتِثْمَانِ الثَّانِي.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) لَهُ (خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ فَوَدِيِعَةٌ أَبَدًا أَوْ) خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً (وَيَوْمًا عَارِيَّةً) فَوَدِيعَةٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَعَارِيَّةٌ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَ (لَمْ يَعُدْ بَعْدَهَا) أَيْ الْعَارِيَّةُ أَيْ يَوْمُهَا (وَدِيعَةٌ) أَبَدًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَكَسَ الْأُولَى فَقَالَ خُذْهُ يَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ وَيَوْمًا وَدِيعَةً. فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَتْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ. وَلَوْ عَكَسَ الثَّانِيَةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَارِيَّةً وَفِي الثَّانِي أَمَانَةً. .
[فَصْلٌ خَلَطَ الْوَدِيعَة بِمَالٍ فَلَمْ تَتَمَيَّزْ عَنْهُ بِسُهُولَةٍ]
(فَصْلٌ) لَوْ (خَلَطَهَا) بِمَالٍ (فَلَمْ تَتَمَيَّزْ) عَنْهُ بِسُهُولَةٍ (ضَمِنَ) هَا (وَلَوْ) خَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا أَوْ (بِمَالِ الْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِيَانَةً نَعَمْ إنْ خَلَطَهَا سَهْوًا فَلَا ضَمَانَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا تَمَيَّزَتْ كَأَنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِدَنَانِير فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنَ (وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا) وَهِيَ دَرَاهِمُ (دِرْهَمًا وَرَدَّ بَدَلَهُ) إلَيْهَا (لَمْ يَمْلِكْهُ الْمَالِك) إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ ضَمَانِهِ (ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ) عَنْهَا (ضَمِنَ الْجَمِيعَ) لَخَلْطِهِ الْوَدِيعَةَ بِمَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْهَا فَالْبَاقِي غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْ بَعْضِهَا لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ بِصِفَةٍ كَسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَسِكَّةٍ ضَمِنَ مَالًا يَتَمَيَّزُ خَاصَّةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (فَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ) إلَيْهَا (لَمْ يَضْمَنْ سِوَاهُ) مِنْ بَقِيَّةِ الدَّرَاهِمِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) كُلُّهَا أَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ هُوَ عَنْهَا لِاخْتِلَاطِهِ بِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَلْطَ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الْأَخْذِ (وَإِنْ تَلِفَ نِصْفُهَا ضَمِنَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الدِّرْهَمِ فَقَطْ (هَذَا) كُلُّهُ (إذَا لَمْ يَفُضَّ خَتْمًا) أَوْ قُفْلًا عَلَى الدَّرَاهِمِ (فَإِنْ فَضَّهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَضَّ يَقْتَضِي الضَّمَانَ.
(وَلَوْ قَطَعَ الْوَدِيعُ) لِدَابَّةٍ (يَدَهَا أَوْ أَحْرَقَ بَعْضَ الثَّوْبِ) الْمُودَعِ عِنْدَهُ (خَطَأً ضَمِنَهُ) أَيْ الْمُتْلِفُ لِتَفْوِيتِهِ (دُونَ الْبَاقِي) لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِيهِ (أَوْ عَمْدًا) أَوْ شَبَهَهُ (ضَمِنَهُمَا) جَمِيعًا لِتَعَدِّيهِ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ تَسْوِيَتَهُمْ الْخَطَأَ بِالْعَمْدِ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْبَعْضِ الْمُتْلَفِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا فِي ضَمَانِ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْبَاقِي فِيهَا إذْ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ. .
(السَّبَبُ السَّادِسُ الْمُخَالَفَةُ) فِي الْحِفْظِ لِلْوَدِيعَةِ (وَإِنْ خَالَفَهُ فِي وَجْهِ الْحِفْظِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَعَدَلَ إلَى آخَرَ (وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ) وَكَانَتْ الْمُخَالَفَةُ تَقْصِيرًا لِتَأْدِيَتِهَا إلَى التَّلَفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ (فَلَا) يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فِي صُنْدُوقٍ وَ (قَالَ) لَهُ (لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ فَرَقَدَ) عَلَيْهِ (وَانْكَسَرَ بِهِ) أَيْ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ بِذَلِكَ (ضَمِنَ) لِلْمُخَالَفَةِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (لَوْ سُرِقَ) مَا فِيهِ (فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ جَانِبٍ كَانَ يَرْقُدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَرْقُدْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إذَا رَقَدَ عَلَيْهِ فَقَدْ أَخْلَى جَانِبَ الصُّنْدُوقِ وَرُبَّمَا لَا يَتَمَكَّنُ السَّارِقُ مِنْ الْأَخْذِ إذَا كَانَ بِجَانِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ غَيْر الْجَانِبِ الْمَذْكُورِ أَوْ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ وَلَوْ مِنْ الْجَانِبِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ (لَا تُقْفِلْ) عَلَيْهَا (أَوْ لَا تَجْعَلْ) عَلَيْهَا (قُفْلَيْنِ أَوْ ادْفِنْهَا) فِي بَيْتِكَ (وَلَا تَبْنِ عَلَيْهَا فَخَالَفَ) فِي ذَلِكَ (لَمْ يَضْمَنْ) لِذَلِكَ (وَلَا يَرْجِعُ بِالْبِنَاءِ) أَيْ بِبَدَلِهِ عِنْدَ رَدِّهِ الْوَدِيعَةَ (كَأُجْرَةِ النَّقْلِ) لَهَا (لِلضَّرُورَةِ) فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (ارْبِطْ الدَّرَاهِمَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا (فِي كُمِّكَ فَأَمْسَكَهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[فَرْعٌ خَانَ فِي الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْخِيَانَةِ]
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ رَدَّ السَّارِقُ الْمَسْرُوقَ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَيَدُهُ بِتَعَدِّيهِ قَدْ أَخَذَتْ الْوَدِيعَةَ وَكَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّضْمِينَ حَقُّ الْمَالِكِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ) لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ مَنْ يَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ كَالْغَاصِبِ إذَا أَبْرَأَهُ مَالِكُ الْعَيْنِ مِنْ الضَّمَانِ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي يَدِهِ لَمْ يَبْرَأْ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ أَمَانَةٍ وَالضَّمَانُ عَارِضٌ وَبِالْإِبْرَاءِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا بِخِلَافِ يَدِ الْغَاصِبِ وَنَحْوِهِ وَخَرَجَ بِالْمَالِكِ وَلِيُّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ هَذَا الِاسْتِئْمَانَ إنَّمَا هُوَ لِلْمَالِكِ خَاصَّةً لَا لِلْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ وَنَحْوِهِمَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَوْ فَعَلُوهُ لَمْ يَعُدْ أَمِينَا قَطْعًا
[فَرْعٌ قَالَ لَهُ خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ]
(قَوْلُهُ: خَلَطَهَا فَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَمِنَ) حَتَّى لَوْ خَلَطَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ مَثَلًا ضَمِنَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَيْسَ الضَّابِطُ التَّمَيُّزَ بَلْ سُهُولَتُهُ حَتَّى لَوْ خَلَطَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ مَثَلًا كَانَ مُضَمَّنًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَلَطَهَا سَهْوًا فَلَا ضَمَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْصُلَ نَقْصٌ بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنُ) أَيْ النَّقْصَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ ضَمِنَ الْجَمِيعَ لِخَلْطِ الْوَدِيعَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْطِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبِ بِمِثْلِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى جِهَةِ التَّعَدِّي. وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكُ لِنَفْسِهِ فَغَلِظَ عَلَيْهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ وَالْمُودَعُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَالِ عُدْوَانًا فَإِنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَلَا وُجِدَ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ) قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَيَّزَ أَوْ لَا أَمَّا مَسْأَلَةُ ضَمَانِ نِصْفِ دِرْهَمٍ فِيمَا لَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ عَشْرَةً مَثَلًا وَتَلِفَ نِصْفُهَا فَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ سَلَامَةَ الدِّرْهَمِ أَوْ تَلَفَهُ فَضَمَّنَّاهُ نِصْفَ دِرْهَمِ؛ إذْ هُوَ الْمُحَقَّقُ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ سُرِقَ فِي الصَّحْرَاءِ) الْمُرَادُ بِالصَّحْرَاءِ هُنَا غَيْرُ الدَّار حَتَّى لَوْ كَانَ خَارِجَ الْبَابِ فَهُوَ كَالصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: كَانَ يَرْقُدُ فِيهِ) أَيْ عَادَةً