الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُسْخَةٍ مَمْحِيًّا فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ ضَاعَ (إلَّا إنْ بَقِيَتْ الْآثَارُ مَقْرُوءَةً) أَيْ يُمْكِنُ قِرَاءَتُهَا فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ وَصَلَ وَالْمَكْتُوبُ بِحَالِهِ وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ مَمْحِيٍّ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِكَسْرِ الْحَاءِ فَيَكْتُبُ مَمْحٍ مِنْ امَّحَى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ لُغَةٌ فِي انْمَحَى لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْقُوصٌ وَإِعْرَابُ الْمَنْقُوصِ نَصْبًا كَإِعْرَابِهِ رَفْعًا وَجَرًّا فِي لُغَةٍ وَلَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رُبَاعِيًّا مَعَ أَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ تَقُولُ مَحَى لَوْحَهُ يَمْحُوهُ مَحْوًا وَيَمْحِيه مَحْيًا وَيَمْحُهُ فَهُوَ مَمْحُوٌّ وَمَمْحِيٌّ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لِوُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ تَطْلُقُ إنْ قَالَ كِتَابِي كَمَا ذُكِرَ لَا إنْ قَالَ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ تَصْوِيرُهُ بِكِتَابِي يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّالِثِ وَقَدْ اسْتَحْسَنَهُ الْأَصْلُ.
(وَلَا أَثَرَ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (لِبَقَاءِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِهِ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ وُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِنْ عُلِّقَ بِبُلُوغِ الطَّلَاقِ) أَوْ وُصُولِهِ أَوْ إتْيَانِهِ (فَسَلِمَ) مِنْ الِانْمِحَاءِ (مَوْضِعُ الطَّلَاقِ وَقَعَ قَطْعًا) فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَمْ يَقَعْ وَلَا حَاجَةَ بِقَوْلِهِ قَطْعًا (وَقِرَاءَةُ بَعْضِ الْكِتَابِ) أَوْ فَهْمُهُ مُطَالَعَةً (إنْ عُلِّقَ بِقِرَاءَتِهِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ إنْ عُلِّقَ بِوُصُولِهِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ثُمَّ (وَإِنْ عُلِّقَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ ثُمَّ بِوُصُولِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ بِوُصُولِ الْكِتَابِ طَلْقَتَيْنِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ (أَوْ) عُلِّقَ (بِوُصُولِ نِصْفِ الْكِتَابِ فَوَصَلَ كُلُّهُ طَلُقَتْ) لِاشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى النِّصْفِ.
(وَإِنْ كَتَبَ غَيْرَهُ أَوْ كَنَّى) بِلَفْظِ (بِإِذْنِهِ وَ) لَوْ (نَوَى هُوَ) الطَّلَاقَ (لَغَا) فَالْعِبْرَةُ بُنَيَّةِ الْكَاتِبِ وَالْكَانِي (وَالْكَتْبُ عَلَى الْأَرْضِ) أَوْ نَحْوِهَا (كِتَابَةٌ لَا عَلَى الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ) وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ كَتَبَ أَنْت طَالِقٌ وَاسْتَمَدَّ) بِالْقَلَمِ مِنْ الدَّوَاةِ نُظِرَ (إنْ كَانَ) الِاسْتِمْدَادُ (لِحَاجَةٍ ثُمَّ كَتَبَ تَعْلِيقًا) كَإِذَا أَتَاك كِتَابِي (صَحَّ التَّعْلِيقُ) ظَاهِرًا فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْكِتَابُ (وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ لِحَاجَةٍ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الْكِتَابَ) أَيْ كَتْبَ الطَّلَاقِ (أَوْ النِّيَّةَ) وَادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ.
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) لِلطَّلَاقِ وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] » إلَى آخِرِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ الْفُرْقَةَ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ لِتَخْيِيرِهِنَّ مَعْنًى وَاسْتُشْكِلَ بِمَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهَا الدُّنْيَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إيقَاعِهِ بِدَلِيلِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28](قَوْلُهُ طَلِّقِي نَفْسَك) لِزَوْجَتِهِ (أَوْ اعْتِقِي نَفْسَك لِأَمَتِهِ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِغَرَضِهِمَا (كَالْهِبَةِ) وَنَحْوِهَا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَلَّكْتُكُمَا نَفْسَكُمَا فَيَمْلِكَانِهَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ (لَا تَوْكِيلٌ) بِذَلِكَ دَفْعٌ لِمَا قِيلَ إنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لَهُمَا فِيهِ غَرَضًا وَلَهُمَا بِالزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ اتِّصَالًا (فَإِنْ كَانَ) التَّفْوِيضُ (بِمَالُ فَيُمْلَكُ بِعِوَضٍ) كَالْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّفْوِيضُ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا مَعَ غَيْرِ مُكَلَّفَةٍ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ (وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا لِتَضَمُّنِهِ الْقَبُولَ) وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَضِيه فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ ثُمَّ طَلَّقَتْ لَمْ يَقَعْ (إلَّا أَنْ قَالَ) طَلِّقِي نَفْسَك (مَتَى شِئْت) فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّمْلِيكُ اشْتِرَاطَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِمَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ سُومِحَ فِي تَمْلِيكِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ تَمْلِيكٌ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا ذُكِرَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَصَوَّبَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَهُوَ الْحَقُّ وَالْإِعْتَاقُ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ مَوْضُوعٌ لَهُ.
(وَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَوْ انْمَحَى إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ) لَوْ قَالَ إذَا جَاءَك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَاهَا بَعْضُ الْكِتَابِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَك خَطِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَذَهَبَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِكِتَابَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَكِتَابَةُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ خَطَّهُ لَمْ تَطْلُقْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى إثْبَاتِ قِرَاءَتِهِ أَوْ نِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنَّهُ خَطَّهُ إذَا شَاهَدُوهُ وَقْتَ كِتَابَتِهِ وَكَانَ الْخَطُّ مَحْفُوظًا عِنْدَهُمْ لِيَأْمَنُوا التَّزْوِيرَ.
[الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ فِي الطَّلَاقُ]
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ التَّفْوِيضُ) .
(فَرْعٌ) فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى رَجُلَيْنِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ ثَلَاثًا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ فَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ قَالَ الْفُورَانِيُّ لَا يَقَعُ سَيَأْتِي عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّطْلِيقُ فَوْرًا) كَأَنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ التَّطْلِيقَ هُنَا جَوَابُ التَّمْلِيكِ فَكَانَ كَقَبُولِهِ وَقَبُولُهُ فَوْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَّرَتْ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَتْ عَلَى الْفَوْرِ قَبِلْت (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبَعْضِ مُخْتَصِرِي الرَّوْضَةِ) كَالْأُصْفُونِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ) وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْحِجَازِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّدْرِيبِ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ جَرَى عَلَيْهِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّمْلِيكِ وَمَنْ أَثْبَتَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا وَجَعَلَهُ عَلَى التَّرَاخِي فَاَلَّذِي رَمَزَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي خِلَالِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ رَأَيْنَاهُ تَمْلِيكًا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.