الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يَخَفْ.
فَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَضْرَابُهُ يَزُورُونَ رَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةَ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهَا فَإِنْ وُجِدَ رَجُلٌ كَسُفْيَانَ وَامْرَأَةٌ كَرَابِعَةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْإِجَابَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ إذْنُ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ لِلْمَدْعُوِّ (وَيُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ) كَمَا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ (فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ طَعَامَهُ حَرَامٌ حَرُمَتْ) إجَابَتُهُ.
(فَصْلٌ التَّقْرِيبُ) أَيْ تَقْرِيبُ الْمُضِيفِ الطَّعَامَ (لِلضَّيْفِ إذْنٌ) لَهُ فِي الْأَكْلِ (وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ) إلَى مَنْزِلِهِ (فَلْيَأْكُلْ اكْتِفَاءً) بِالْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ لَفْظِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (لَا إنْ انْتَظَرُوا) أَيْ الْمُضِيفُونَ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ انْتَظَرَ أَيْ الْمُضِيفُ (غَيْرَهُ) فَلَا يَأْكُلُ (إلَّا بِإِذْنٍ) لَفْظًا أَوْ بِحُضُورِ الْغَيْرِ لِاقْتِضَاءِ الْقَرِينَةِ عَدَمَ الْأَكْلِ بِدُونِ ذَلِكَ.
(وَيَمْلِكُ مَا الْتَقَمَهُ) بِالْتِقَامِهِ أَيْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحُهُ وَصَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ الْقَاضِي وَالْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي تَرْجِيحُ أَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِازْدِرَاءِ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَهُ (وَلَا يُطْعِمُ هِرَّةً) وَلَا سَائِلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَاهُ) بِهِ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُبِيحُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ عُرْفًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فَقَوْلُهُمْ وَيَمْلِكُهُ أَيْ يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِنَفْسِهِ كَالْعَارِيَّةِ لَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْعَيْنَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُفَارِقُ مُقَابِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَإِنَّمَا هُوَ إتْلَافٌ بِإِذْنِ الْمَالِكِ.
(وَلِلضَّيْفِ تَلْقِيمُ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُفَاضِلَ) الْمُضِيفُ (طَعَامَهُمَا) فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ سَوَاءٌ خُصَّ بِالنَّوْعِ الْعَالِي أَمْ بِالسَّافِلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَيُكْرَهُ) لِلْمُضِيفِ (تَفَاضُلُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ الْخَاطِرِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الشِّبَعِ وَإِنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ كَانَ الضَّيْفُ يَأْكُلُ كَعَشْرَةٍ مَثَلًا وَمُضِيفُهُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي الْمِقْدَارِ قَالَ وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ قَلِيلًا فَأَكَلَ لُقَمًا كِبَارًا مُسْرِعًا حَتَّى يَأْكُلَ أَكْثَرَ الطَّعَامِ وَيَحْرِمَ أَصْحَابَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ
(وَيَحْرُمُ التَّطَفُّلُ) وَهُوَ حُضُورُ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا إذَا عَلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ.
وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ أَمَّا الْعَامَّةُ كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ لِيَدْخُلَ مَنْ شَاءَ فَلَا تَطَفُّلَ وَالطُّفَيْلِيُّ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّطَفُّلِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى طُفَيْلٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَ يَأْتِي الْوَلَائِمَ بِلَا دَعْوَةٍ فَكَانَ يُقَالُ لَهُ طُفَيْلُ الْأَعْرَاسِ (وَلَهُ) أَيْ لِلضَّيْفِ (حَمْلُ مَا عَلِمَ رِضَاهُ) أَيْ الْمُضِيفِ (بِهِ لَا إنْ شَكَّ) فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْمَأْخُوذِ وَجِنْسِهِ وَبِحَالِ الْمُضِيفِ وَالدَّعْوَةِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِذَا عَلِمَ رِضَاهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ عَنْ طَوْعٍ لَا عَنْ حَيَاءٍ (وَلَهُ الشُّرْبُ مِنْ السِّقَايَاتِ) الْمَوْضُوعَةِ فِي الطُّرُقِ لِلْعُرْفِ
(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْأَكْلِ
(تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ) وَلَوْ مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ (قَبْلَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ) لِلْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْأَكْلِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الشُّرْبُ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
(وَهِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) إذَا أَتَى بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ (وَ) مَعَ ذَلِكَ (يُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكُلِّ لَا مِنْ الْبَعْضِ فَقَطْ (فَإِنْ تَرَكَهَا) وَلَوْ عَمْدًا (أَوَّلَهُ قَالَ) فِي أَثْنَائِهِ (بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَيْضًا وَلَوْ سَمَّى مَعَ كُلِّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي إجَابَةِ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ) لِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّاعِي حُرًّا رَشِيدًا وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَرْجُو وَفَاءَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَوْ كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ أَوْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ تَقْرِيبُ الْمُضِيفِ الطَّعَامَ لِلضَّيْفِ إذْنٌ لَهُ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ]
(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَشَرْحِ ابْن الْمُلَقِّن وَالنُّكَتِ أَنَّهُ رَجَّحَ فِي الصَّغِيرِ الْمِلْكَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَهُوَ سَهْوٌ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ثُمَّ قِيلَ يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ بِالْأَخْذِ وَقِيلَ بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ وَقِيلَ بِالِازْدِرَاءِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ الْمِلْكِ قَبْلَهُ رَجَّحَ مِنْهَا الْأَوَّلَ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَكَذَا رَأَيْته فِيمَا لَا أُحْصِي مِنْ نُسْخَةٍ مِنْهُ انْتَهَى فس قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ لَا تَجُوزُ إبَاحَتُهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ أَمَّا هُوَ فَإِنَّمَا يَأْكُلُهُ إتْلَافٌ بِإِذْنِ مَالِكِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ وَالْأَضْمَنُ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بِالدَّعْوَةِ الْخَاصَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ]
(قَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْأَكْلِ) يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِيَكُونَ قُرْبَةً مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ لَا مِنْ حُظُوظِ النُّفُوسِ
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ إذَا كَانَ الْمُؤَاكِلُ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَسْتَقْذِرُهُ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ بِيَدِ الْآكِلِ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ قُرُوحٌ أَوْ نَحْوُهَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
لُقْمَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الشَّرَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْحَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْأَطْعِمَةِ (جَهْرًا فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ رُفْقَتُهُ (لِيُقْتَدَى بِهِ) فِيهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِالْجَهْرِ فِي الْحَمْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا بِرِفْعَةِ بِالِابْتِدَاءِ وَنَصْبِهِ بِالِاخْتِصَاصِ أَوْ النِّدَاءِ أَوْ جَرِّهِ بِالْبَدَلِ مِنْ لِلَّهِ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ) لَكِنَّ الْمَالِكَ يَبْتَدِئُ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَيَتَأَخَّرُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لِيَدْعُوَا النَّاسَ إلَى كَرْمِهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (الْأَكْلُ بِالثَّلَاثِ) مِنْ الْأَصَابِعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَالدُّعَاءُ لِلْمُضِيفِ بِالْمَأْثُورِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ) كَأَنْ يَقُولَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ وَقُرَيْشٍ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ
(وَيَكْرَهُ الْأَكْلُ مُتَّكِئًا) لِخَبَرِ «أَنَا لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُتَّكِئُ هُنَا الْجَالِسُ مُعْتَمَدًا عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنْ الطَّعَامِ وَأَشَارَ غَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبِهِ وَمِثْلُهُ الْمَضْجَعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَ) يُكْرَهُ الْأَكْلُ (مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَمِنْ الْوَسَطِ) وَالْأَعْلَى (لَا نَحْوُ الْفَاكِهَةِ) مِمَّا يُتَنَقَّلُ بِهِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ (وَيُكْرَهُ تَقْرِيبُ فَمِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّعَامِ (بِحَيْثُ يَقَعُ مِنْ فَمِهِ إلَيْهِ شَيْءٌ وَذَمُّهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَيُكْرَهُ نَفْضُ يَدِهِ فِي الْقَصْعَةِ (لَا قَوْلُهُ لَا أَشْتَهِيهِ) أَوْ مَا اعْتَدْت أَكْلَهُ فَلَا يُكْرَهُ لِخَبَرِ الضَّبِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَيُكْرَهُ الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ حَالَ أَكْلِهِمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) كَعِنَبَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرُّفَقَاءِ (وَالْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَالتَّنَفُّسِ وَالنَّفْخِ فِي الْإِنَاءِ) لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ (وَالشُّرْبُ قَاعِدًا أَوْلَى) مِنْهُ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَالشُّرْبُ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ وَأَمَّا شُرْبُهُ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَنْ يَتَقَيَّأَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدُكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِئْ» .
(وَ) الشُّرْبُ (مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ مَكْرُوهٌ) لِلنَّهْيِ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ أَيْ الْقِرْبَةِ وَلِأَنَّهُ يَقْذُرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُنْتِنُهُ قِيلَ وَلِئَلَّا يَدْخُلَ فِي جَوْفِهِ مُؤْذٍ يَكُونُ فِي الْقِرْبَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ وَرُدَّ بِالشُّرْبِ مِنْ الْإِبْرِيقِ وَنَحْوِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ بِلَا عُذْرٍ فِي الْيَدِ (وَيُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ عَلَى الطَّعَامِ) لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ (وَ) يُسْتَحَبُّ (لَعْقُ الْإِنَاءِ وَالْأَصَابِعِ وَأَكْلِ سَاقِطٍ) مِنْ اللُّقَمِ وَنَحْوِهَا إذَا (لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ) تَنَجَّسَ (وَلَمْ يَتَعَذَّرْ تَطْهِيرُهُ) وَطَهُرَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ (مُؤَاكَلَةُ عَبِيدٍ وَصِغَارِهِ) وَزَوْجَاتِهِ (وَأَنْ لَا يَخُصَّ نَفْسَهُ بِطَعَامٍ إلَّا لِعُذْرٍ) كَدَوَاءٍ (بَلْ يُؤْثِرُهُمْ) عَلَى نَفْسِهِ بِفَاخِرِ الطَّعَامِ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ وَخُبْزٍ لَيِّنٍ أَوْ طَيِّبٍ (وَلَا يَقُومُ) عَنْ الطَّعَامِ (وَغَيْرُهُ يَأْكُلُ) مَا دَامَ يَظُنُّ بِهِ حَاجَةً إلَى الْأَكْلِ (وَأَنْ يُرَحِّبَ بِضَيْفِهِ وَيُكْرِمَهُ) كَمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ.
وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَتَلَقَّطَ فُتَاتَ الطَّعَامِ وَأَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِضَيْفِهِ وَلِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ كُلْ وَيُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ اكْتَفَى مِنْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَأَنْ يَتَخَلَّلَ وَلَا يَبْتَلِعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَسْنَانِهِ بِالْخِلَالِ بَلْ يَرْمِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ بِخِلَافِ مَا يَجْمَعُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ بَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَبْتَلِعُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ أَكْلِهِ اللَّحْمَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا مِنْ الْخُبْزِ حَتَّى يَسُدَّ الْخَلَلَ وَأَنْ لَا يَشُمَّ الطَّعَامَ وَلَا يَأْكُلَهُ حَارًّا حَتَّى يَبْرُدَ وَأَنْ يُرَاعِيَ أَسْفَلَ الْكُوزِ حَتَّى لَا يَنْقُطَ وَأَنْ يَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ وَلَا يَتَجَشَّأَ فِيهِ بَلْ يُنَحِّيهِ عَنْ فَمِهِ بِالْحَمْدِ وَيَرُدُّهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ فِي أَوَائِلِهَا وَبِالْحَمْدِ فِي أَوَاخِرِهَا وَيَقُولَ فِي آخِرِ الْأَوَّلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيَزِيدَ فِي الثَّانِي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي الثَّالِثِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمِنْ آدَابِ الْمُضِيفِ أَنْ يُشَيِّعَ الضَّيْفَ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَمِنْ آدَابِ الضَّيْفِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَأَنْ لَا يَجْلِسَ فِي مُقَابَلَةِ حُجْرَةِ النِّسَاءِ وَسُتْرَتِهِنَّ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ.
وَيَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يُقَدِّمَ الْفَاكِهَةَ ثُمَّ اللَّحْمَ ثُمَّ الْحَلَاوَةَ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْفَاكِهَةُ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَائِدَةِ بَقْلٌ وَقَدْ ذَكَرْت زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَرْنِ ثَمَرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَالْقِرَانُ حَرَامٌ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَيَحْصُلُ الرِّضَا بِالتَّصْرِيحِ بِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَرِينَةٍ أَوْ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِهِ وَمَتَى شَكَّ فِي رِضَاهُمْ فَحَرَامٌ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمْ اُشْتُرِطَ رِضَاهُ فَإِنْ قَرَنَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَحَرَامٌ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيَحْصُلُ الْجَوَازُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ أَحَدُهُمَا إذَا قَرَنَ الْمَالِكُونَ ثَانِيَهَا إذَا سَامَحُوا بِذَلِكَ ثَالِثُهَا إذَا كَانَ الْقَارِنُ هُوَ الْمَالِكَ (وَقَوْلُهُ الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ فِيهَا لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إذْ خِلَافُ الْأَوْلَى هُوَ الْمَكْرُوهُ إذَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ بِخُصُوصِهِ لَكِنَّهُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَقُومُ عَنْ الطَّعَامِ إلَخْ) يَعْنِي وَلَا يَتْرُكُ الْأَكْلَ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ) وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ بِهِ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ لِجَعْلِهِ أَهْلًا لِتَضْيِيفِهِ ش