الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ خَصَائِصِهِ أَيْضًا (وَالسِّوَاكُ) لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ (وَالْمُشَاوَرَةُ) لِذَوِي الْأَحْلَامِ فِي الْأَمْرِ قَالَ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عِنْدَ اسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ (وَتَغْيِيرُ مُنْكَرٍ رَآهُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ أَنَّ فَاعِلَهُ يَزِيدُ فِيهِ عِنَادًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْخَوْفِ (وَمُصَابَرَةُ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَثُرَ) وَلَوْ زَادَ عَلَى الضِّعْفِ وَلَوْ مَعَ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ مَوْعُودٌ بِالْعِصْمَةِ وَالنَّصْرِ (وَقَضَاءُ دَيْنِ مُسْلِمٍ مَاتَ مُعْسِرًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ فَتَرَك دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ» وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا اتَّسَعَ الْمَالُ.
(وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ) بَعْدَهُ (قَضَاؤُهُ مِنْ) مَالِ (الْمَصَالِحِ) كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ اتِّسَاعِ الْمَالِ وَفَضْلِهِ عَنْ مَصَالِحِ الْأَحْيَاءِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ) بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا وَاخْتِيَارِهِ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] الْآيَتَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ مُكْرِهًا لَهُنَّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مَا آثَرَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْفَقْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا صَحَّ أَنَّهُ تَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا تَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَتِهِ كَمَا تَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى أَوْ تَعَوَّذَ مِنْ فَقْرِ الْقَلْبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ وَإِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» وَلَمَّا خَيَّرَهُنَّ وَاخْتَرْنَهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ التَّزَوُّجَ عَلَيْهِنَّ وَالتَّبَدُّلَ بِهِنَّ مُكَافَأَةً لَهُنَّ فَقَالَ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] الْآيَةَ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ لِتَكُونَ لَهُ الْمِنَّةُ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهِنَّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَوَابُ) مِنْهُنَّ لَهُ (فَوْرًا) لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ بَدَأَ بِعَائِشَةَ وَقَالَ إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا فَلَا تُبَادِرِينِي بِالْجَوَابِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك (فَلَوْ اخْتَارَتْهُ) وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ (لَمْ يَحْرُمْ) عَلَيْهِ طَلَاقُهَا كَلَّمَتْهُ (أَوْ كَرِهَتْهُ) بِأَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا (تَوَقَّفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الطَّلَاقِ) فَلَا تَحْصُلُ بِاخْتِيَارِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28](وَهَلْ قَوْلُهَا اخْتَرْت نَفْسِي طَلَاقٌ وَهَلْ لَهُ تَزَوُّجُهَا بَعْدَ الْفِرَاقِ) إذَا لَمْ تَكْرَه تَزَوُّجَهُ (أَوْ) لَهُ (تَخْيِيرُهُنَّ) فِيمَا مَرَّ (قَبْلَ مُشَاوَرَتِهِنَّ) فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا فِي الْأُولَى وَتَعُمُّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَذِكْرُهُ الْأَخِيرَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْأُولَى بِالطَّلَاقِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ صَرِيحٌ فِي الْفِرَاقِ (وَنَسَخَ وُجُوبَ التَّهَجُّدِ عَلَيْهِ) كَمَا نَسَخَ وُجُوبَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَدَلِيلُ وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] وَدَلِيلُ النُّسَخِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (لَا) وُجُوبَ (الْوِتْرِ) عَلَيْهِ فَلَمْ يُنْسَخْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ التَّهَجُّدِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَرْجِيحِهِ هُنَا لَكِنَّهُ رَجَحَ فِيمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ تَهَجَّدَ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ
النَّوْعُ (الثَّانِي الْمُحَرَّمَاتُ عَلَيْهِ) وَخُصَّ بِهَا تَكْرِمَةً لَهُ إذْ أَجْرُ تَرْكِ الْمُحَرَّمِ أَكْثَرُ مِنْ أَجْرِ تَرْكِ الْمَكْرُوهِ وَفِعْلِ الْمَنْدُوبِ (وَهِيَ الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ) نَفْلُهَا وَفَرْضُهَا كَالْكَفَّارَةِ لِمَا مَرَّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَصِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّهُمَا يُنْبِئَانِ عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَأُبْدِلَ بِهِمَا الْفَيْءَ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ الْمُنْبِئُ عَنْ عِزِّ الْآخِذِ وَذُلِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الصَّدَقَةِ لَأَغْنَاهُ عَمَّا قَبْلَهَا (وَمَعْرِفَةُ الْخَطِّ وَالشَّعْرِ) أَيْ تَعَلُّمُهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] وَقَوْلُهُ {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ) وَقِيلَ لِكُلِّ مَا يُسْتَحَبُّ لَنَا وَقِيلَ لِتَغَيُّرِ الْفَمِ وَقِيلَ عَنْ نُزُولِ الْوَحْيِ لِلْمُنَاجَاةِ وَقِيلَ لِكُلِّ مَكْتُوبَةٍ (قَوْلُهُ وَالْمُشَاوَرَةُ لِذَوِي الْأَحْلَامِ فِي الْأَمْرِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيمَا شَاوَرَهُمْ فَقِيلَ فِي الْحَرْبِ وَمُكَابَدَةِ الْعَدُوِّ وَقِيلَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا دُونَ الدِّينِ وَقِيلَ فِي أُمُورِ الدِّينِ تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى عِلَلِ الْأَحْكَامِ وَطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَيَّدَ الْإِمَامُ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ بِمَا إذَا صَدَرَ مِنْهُ مَطْلٌ ظَلَمَ بِهِ وَمَاتَ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَمْلِكْ فِي حَيَاتِهِ مَا يُؤَدِّيهِ بِهِ لَمْ يَقْضِ دَيْنُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَقِيَ اللَّهَ وَلَا مَظْلِمَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَوَّذَ مِنْ فَقْرِ الْقَلْبِ إلَخْ) الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ وَأُعِيذَ مِنْهُ الْفَقْرُ الِاضْطِرَارِيُّ وَكَانَ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ الْفَقْرَ لِإِيثَارِهِ بِقُوَّتِهِ فَلَا يَبْقَى فِي يَدِهِ شَيْءٌ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِذَلِكَ ع أَوْ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ الْفَقْرِ الَّذِي يَحْصُلُ مَعَهُ سُوءُ الْحَالِ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَا يَكْفِي مِنْ الْقُوتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا ت.
(قَوْلُهُ لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا كَأَمَتِهِ) وَإِذَا طَلَّقَهَا هَلْ يَكُونُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا لَا فِي الْأُولَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَنَعَمْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ التَّهَجُّدِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَا يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ بَعْدَ النَّوْمِ وَلَا فِي وَقْتٍ يَكُونُ النَّاسُ فِيهِ نِيَامًا وَالتَّهَجُّدُ يُفَارِقُهُ فِي ذَلِكَ
[النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ الْمُحَرَّمَاتُ]
(قَوْلُهُ وَهِيَ الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا إلَخْ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُسَاوُونَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ يَخْتَصُّ بِهِ قَالَ بِالْأَوَّلِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَبِالثَّانِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَسُئِلْت هَلْ: الصَّدَقَاتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ غَيْرِ نَبِيِّنَا جَائِزَةٌ أَوْ لَا وَهَلْ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى جَوَازِهَا بِقَوْلِ إخْوَةِ يُوسُفَ {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88] ؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّمَخْشَرِيّ وَالْقُرْطُبِيُّ لِشَرَفِهِمْ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» انْتَهَى وَلِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} [يوسف: 88] بِرَدِّ أَخِينَا إلَى أَبِيهِ أَوْ بِالْمُسَامَحَةِ وَقَبُولِ الْمُزْجَاةِ وَقِيلَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى حَقِّنَا قَالَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَلَمْ تَحْرُمْ الصَّدَقَةُ إلَّا عَلَى نَبِيِّنَا قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» وَقَالَتْ فِرْقَةٌ كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ مُحَرَّمَةً وَلَكِنْ قَالُوهُ تَجَوُّزًا اسْتِعْطَافًا مِنْهُمْ فِي الْمُبَالَغَةِ كَمَا تَقُولُ لِمَنْ تُسَاوِمُهُ فِي سِلْعَتِهِ هَبْنِي مِنْ ثَمَنِهَا كَذَا أَوْ خُذْ مِنِّي كَذَا فَلَمْ تَقْصِدْ أَنْ يَهَبَك وَإِنَّمَا حَسَّنْت لَهُ الْمَقَالَ حَتَّى يَرْجِعَ مَعَك إلَى سَوْمِك
وَالرُّويَانِيُّ بِالْخَطِّ الْقِرَاءَةَ مِنْ الْكِتَابِ وَبِتَعَلُّمِ الشَّعْرِ رِوَايَتَهُ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ خَطَّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوحِي أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ خَطٍّ فَنُسِبَ إلَيْهِ الْفِعْلُ تَجَوُّزًا أَوْ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ مُعْجِزَةً وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ الرَّجَزِ كَقَوْلِهِ «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الرَّجَزَ لَيْسَ بِشَعْرٍ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ وَقَعَ مُرَجَّزًا (لَا الْأَكْلُ لِثُومٍ وَنَحْوِهِ) كَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ أَكْلُهُ لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ بِرَائِحَتِهِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ «أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَنَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَرْسَلَ إلَيْهِ بِطَعَامٍ مِنْ خُضْرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ وَكُرَّاثٌ فَرَدَّهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ» (أَوْ) الْأَكْلُ (مُتَّكِئًا) لِمَا مَرَّ وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَا لَا آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ» فَلَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ نَعَمْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَكْرُوهَانِ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي حَقِّ أُمَّتِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي حَقِّهِمْ فِي الْأَوَّلِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ مُقَيَّدًا بِالنِّيءِ وَبِالثَّانِي الرَّافِعِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَّكِئُ الْجَالِسُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ وَأَقَرَّهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: بَلْ هُوَ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبٍ، وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ (نَزْعُ لَامَتِهِ) أَيْ سِلَاحِهِ (قَبْلَ الْقِتَالِ) لِلْعُدْوَانِ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِخَبَرِ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَامَتِهِ فَيَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَسْنَدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ (وَمَدُّ الْعَيْنِ إلَى مَتَاعِ النَّاسِ) أَيْ إلَى مَا مَتَّعُوا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: 131] الْآيَةَ (وَخَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَهِيَ الْإِيمَاءُ بِمَا يُظْهِرُ خِلَافَهُ) مِنْ مُبَاحٍ مِنْ نَحْوِ ضَرْبٍ أَوْ قَتْلٍ وَسُمِّيَ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ (دُونَ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ) فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا (وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ وُجُوبِ تَخْيِيرِهِ نِسَاءَهُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْقَائِلَةِ لَهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رُوِيَ أَنَّ نِسَاءَهُ لَقَّنَّهَا أَنْ تَقُولَ لَهُ ذَلِكَ وَقُلْنَ لَهَا أَنَّهُ كَلَامٌ يُعْجِبُهُ.
(وَنِكَاحُ كِتَابِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُشْرِكَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلِخَبَرِ «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا أُزَوَّجَ إلَّا مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (لَا التَّسَرِّي بِهَا) فَلَا يَحْرُمُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَسَرَّى بِرَيْحَانَةَ وَكَانَتْ يَهُودِيَّةً مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ» وَاسْتَشْكَلَ بِهَذَا تَعْلِيلَهُمْ السَّابِقَ بِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنِّكَاحِ أَصَالَةُ التَّوَالُدِ فَاحْتِيطَ لَهُ وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ الْمُشْرِكَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فِيهِمَا (وَنِكَاحُ الْأَمَةِ وَلَوْ مُسْلِمَةً) ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا مُعْتَبَرٌ لِخَوْفِ الْعَنَتِ وَهُوَ مَعْصُومٌ بِفِقْدَانِ مَهْرِ الْحُرَّةِ وَنِكَاحُهُ غَنِيٌّ عَنْ الْمَهْرِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَبِرِقِّ الْوَلَدِ وَمَنْصِبُهُ صلى الله عليه وسلم مُنَزَّهٌ عَنْهُ (وَالْمَنُّ) أَيْ إعْطَاؤُهُ الْعَطَايَا (لِيَسْتَكْثِرَ) أَيْ لِيَطْلُبَ الْكَثْرَةَ بِالطَّمَعِ فِي الْعِوَضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] وَإِنْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا تُعْطِ شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ
النَّوْعُ (الثَّالِثُ التَّخْفِيفَاتُ وَالْمُبَاحَاتُ لَهُ) وَخُصَّ بِهَا تَوْسِعَةً عَلَيْهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا خُصَّ بِهِ مِنْهَا لَا يُلْهِيهِ عَنْ طَاعَتِهِ وَإِنْ أَلْهَى غَيْرَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ هُنَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَلْ مَا لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ (وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْجَوْرِ وَقَدْ مَاتَ عَنْ تِسْعٍ وَلِأَنَّ غَرَضَهُ نَشْرُ بَاطِنِ الشَّرِيعَةِ وَظَاهِرِهَا وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً فَأُبِيحَ لَهُ تَكْثِيرُ النِّسَاءِ لِيَنْقُلْنَ مَا يَرَيْنَهُ مِنْ أَفْعَالِهِ وَيَسْمَعْنَهُ مِنْ أَقْوَالِهِ الَّتِي قَدْ يَسْتَحْيِ مِنْ الْإِفْصَاحِ بِهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ (وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (الزِّيَادَةُ عَلَيْهِنَّ) أَيْ التِّسْعِ بِقَوْلِهِ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] أَيْ بَعْدَ التِّسْعِ اللَّاتِي اخْتَرْنَك (ثُمَّ نُسِخَ) فَأُبِيحَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ بِآيَةِ {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50] كَمَا مَرَّ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَرُمَ ثُمَّ نُسِخَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُحْرِمًا) بِنُسُكٍ لِخَبَرٍ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» لَكِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا وَفِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ» وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَكُنْت السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَدْ رَدَّ الشَّافِعِيُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ خَطٍّ إلَخْ) وَهَذَا تُعَضِّدُهُ رِوَايَةُ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ ك (قَوْلُهُ وَكُرَّاثٍ) أَيْ وَفُجْلٍ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ أَكْلُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِالنِّيءِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَوْضِعُ الْكَرَاهَةِ فِي النِّيءِ أَمَّا الْمَطْبُوخُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ طَعَامًا فِيهِ بَصَلٌ (قَوْلُهُ وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْكَشَّافُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَإِمْسَاكُ كَارِهَتِهِ قَالَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ الْحَقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَأَخْطَأَ مَنْ عَكَسَ ر