الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْعَيْنِ وَيَلْزَمُهَا لَهُ بَدَلُ نِصْفِهَا.
(وَلَيْسَ لَهُ خُلْعُ زَوْجَةِ وَلَدِهِ) الطِّفْلِ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ إنَّمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ (وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ مَنْ أَبْرَأَتْ) زَوْجَهَا (مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ خَالَعْت بِهِ) فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْخُلْعَ (وَلَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي أَبْرَأَتْك عَنْ صَدَاقِي أَوْ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْهُ فَطَلَّقَ أَوْ خَالَعَ حَامِلًا بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا لَمْ يَبْرَأْ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِبْرَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالتَّسْمِيَةَ فِي الثَّالِثَةِ بَاطِلَانِ (وَطَلَقَتْ) بَائِنًا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُسَمَّى فِي الْأُولَيَيْنِ وَفَسَادُهُ فِي الثَّالِثَةِ (وَالْخُلْعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ سَنَةً) مَثَلًا (كُلُّ يَوْمٍ كَذَا فَاسِدٌ) لِلْجَهْلِ بِالْمُسَمَّى فَتَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَلَعَلَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ صِفَةَ الْمُسْلَمِ) فَإِنْ اسْتَوْفَاهَا صَحَّ الْخُلْعُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ الْبَابِ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ (وَمَنْ خُولِعَتْ بِحَضَانَةِ وَلَدِهَا) مِنْهُ (سَنَةً) مَثَلًا (فَتَزَوَّجَتْ) فِي أَثْنَائِهَا (لَمْ يُنْزَعْ) مِنْهَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى) ثَوْبٍ (هَرَوِيٌّ) وَوَصَفَهُ (بِصِفَاتِ السَّلَمِ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا لَمْ يَجُزْ) أَخْذُهُ (إلَّا بِوَجْهِ) .
وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى وَجْهِ (الِاسْتِبْدَالِ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَدَلًا عَمَّا عَلَيْهَا فَيَقْبَلَهُ الزَّوْجُ فَيَجُوزَ كَالِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ بِمَا ذُكِرَ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ إلَّا بِوَجْهِ الِاسْتِبْدَالِ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ لَشَمَلَهُ وَكَانَ أَخْصَرَ (وَإِنْ قَالَتْ لَهُ أَنْت) بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي (فَطَلِّقْنِي بَرِئَ) مِنْهُ (وَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا قَصَدَتْ جَعْلَ الْإِبْرَاءِ عِوَضًا عَنْ الطَّلَاقِ وَلِذَلِكَ تَرَتَّبَ سُؤَالُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ عَنْ صَدَاقِي (وَإِنْ قَالَتْ خَالَعْتكِ بِصَدَاقِي الَّذِي فِي ذِمَّتِك فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ سَقَطَ) عَنْهُ (صَدَاقُهَا بِخِلَافِ قَوْلِهَا اشْتَرَيْت دَارَك بِهِ) فَأَنْكَرَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِهِ يَقْتَضِي سُقُوطَهُ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الزَّوْجِ إذَا بَرِئَتْ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ اشْتِغَالُهَا بِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ إذْ قَدْ تَخْرُجُ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً أَوْ تُرَدُّ بِعَيْبٍ أَوْ تَتْلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَعُودُ الصَّدَاقُ (وَإِنْ ادَّعَى خُلْعَهَا) فَأَنْكَرَتْ (فَحَلَفَتْ ثُمَّ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْحَدُّ ظَاهِرًا دُونَهَا) لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا فِي نِكَاحِهِ (لَا بَاطِنًا إنْ كَذَبَ) .
فَإِنْ صَدَقَ لَزِمَهُ الْحَدُّ بَاطِنًا أَيْضًا (وَلَوْ قَالَ) لَهَا (أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فَوْرًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَقِيلَ لَا تَقَعُ إلَّا بِقَوْلِهَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَقَعُ الْأُخْرَى بِالْأَلْفِ إنْ قَبِلَتْ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا) فَالْأُولَى رَجْعِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ بَائِنٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ أَوْ قَبِلَتْ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا (فَلَا) تَقَعُ الْأُخْرَى لِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْأُولَى وَلِبَيْنُونَتِهَا بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَعَرَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ يُحْدِثُهُ بِلَا سَبَبٍ فَيَقْطَعُ النِّكَاحَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْكِتَابُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] وَقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَالسُّنَّةُ كَقَوْلِهِ «صلى الله عليه وسلم أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ لِي رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ وَإِنَّهَا زَوْجَتُك فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقَوْلِهِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) سِتَّةٌ (الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا (وَ) فِي (غَيْرِهِمَا وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا) فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ (لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ) وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَعَدَمَ النَّدَمِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً بِأَلْفَيْنِ وَلَا بَيِّنَةَ]
قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ أَنْتَ بَرِيءٌ) أَيْ أَوْ أَبْرَأْتُك (قَوْلُهُ مِنْ صَدَاقِي فَطَلِّقْنِي) أَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك طَلَّقْتُك فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ إنْ بَرِئْت مِنْ مَهْرِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِهِ لِشَخْصٍ تَطْلُقُ) وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيَّ تَمَامُ الْبَرَاءَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ شَرْطًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِوُجُودِ الْبَرَاءَةِ أَجَابَ الْأَصْبَحِيُّ بِأَنَّهُ يَكُونُ شَرْطًا عَلَى الْمُخْتَارِ سِيَّمَا إذَا قَالَ أَرَدْت بِهِ الشَّرْطَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ حُكْمُهُ حُكْمُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ أَجَابَ الْأَصْبَحِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهَا فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَهِيَ قَيْدٌ فِي تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا وَهُوَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ إذْ الْحَالُ مُقَيَّدَةٌ كَالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِهِ يَقْتَضِي سُقُوطَهُ بِالْكُلِّيَّةِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَأَوْضَحُ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الدَّارَ بِمُقْتَضَى قَوْلِهَا مَنَعَهَا ظُلْمًا فَتَرْجِعُ إلَى بَدَلِهَا وَهُوَ الثَّمَنُ لَكِنْ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لِتَعَذُّرِ الْعِوَضِ أَوْ الِانْفِسَاخِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ كَإِتْلَافِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ تَأْخُذُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ فِي مِثْلِهِ خِلَافٌ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ الْجَمِيعِ عَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ حَسَنٌ غ.
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيّ إثْبَاتًا وَنَفْيًا]
[الطَّرَفَ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ]
(كِتَابُ الطَّلَاقِ)
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ قَوْلِيَّةٍ لَا بِالتَّنْجِيزِ وَلَا بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَيَاهُ وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ كَمَا إذَا كَانَ يُقَصِّرُ فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ وَإِلَى مَحْظُورٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَإِلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ عِنْدَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ لَا شَهْوَةَ لَهُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولٍ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ طَلَاقُهَا (قَوْلُهُ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا) وَلَوْ بِوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِحَامِلٍ إلَخْ) وَلَا حَالَةٍ يَسْتَعْقِبُ الطَّلَاقَ الشُّرُوعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ الْحَمْلُ
أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» (وَالْبِدْعِيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَزَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (أَوْ) فِي (طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ وَلَوْ) كَانَ الْجِمَاعُ أَوْ الِاسْتِدْخَالُ (فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ)(إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَمْلُهَا) وَكَانَتْ مِمَّنْ قَدْ تَحْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَلِأَنَّ عِدَّتَهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ حَائِلًا تَكُونُ بِالْأَقْرَاءِ وَرُبَّمَا يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَتَبْقَى مُرْتَابَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهَا التَّزَوُّجُ.
وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ بِالْجِمَاعِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنِ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَوْ حِيضَ قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا) طَلَاقُ (مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ) فَإِنَّهُ يُدْعَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لَحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا
(أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْحَامِلُ) مِنْ الْمُطَلِّقِ (وَلَوْ حَاضَتْ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ فَلَا بِدْعَةَ لَهُنَّ وَلَا سُنَّةَ) لِانْتِقَاءِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذَهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقَ شُرُوعُهَا فِي الْعِدَّةِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي غَيْرِهَا
(وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ) عَلَى الْمُوَلَّى (وَ) فِي (الشِّقَاقِ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (إذَا أَمَرَ) الْمُطَلِّقُ (بِهِ فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مَلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْفَيْئَةُ أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ.
(وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِخَوْفِ تَقْصِيرِهِ) فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ طَلَاقَ الْوَلَدِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا لِتَعَنُّتٍ وَنَحْوِهِ (وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْحَالِ) لِخَبَرِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» .
(وَلَوْ سَأَلَتْهُ) الطَّلَاقَ (بِلَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا لَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ لَفْظَ مُرْهُ وَالْفَاءَ وَقِيلَ لِيُرَاجِعْهَا لَكَانَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرْهُ مُرَادٌ بِهِ الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَلِكِ لِوَزِيرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلْ كَذَا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ الْمَلِكِ وَالْقَرِينَةُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُبْلِغٌ لِأَمْرِ الْمَلِكِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي هَا هُنَا.
(قَوْلُهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) إذَا لَمْ يَسْتَعْقِبْ الطَّلَاقَ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِحَالِهَا وَبِتَحْرِيمِ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا. اهـ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبِدْعِيِّ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ) بِنَاءً عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ) وَلَا يَمْنَعُ تَحْرِيمُهُ وُقُوعَهُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّغْلِيبِ فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا) أَيْ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ الْمَارِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ هُنَا الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ لِأَجَلٍ الْعِتْقِ بَلْ يَتَّجِهُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا.
وَالصُّورَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَأَلَتْهُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ إذْ دَوَامُهُ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا وَإِنْ طَالَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَهَا مِنْ أَصْلِ الرِّقِّ وَأَنْعَمَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ
(قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ
(قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمُرَادُهُ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي الْحَيْضِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ هَؤُلَاءِ يَتَقَيَّدُ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ بَلْ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا طَلَبَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ.
(قَوْلُهُ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ فِي الْمُطَالَبَةِ فَذَهَبَ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالسَّيْرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرْ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا. اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً) أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَاجِبِ الدِّينِ أَوْ كَانَتْ تُؤْذِي أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةً لِمَالِهِ أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَالَةِ لِبُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فُجُورَهَا أَوْ بَانَ كَوْنُهَا عَقِيمًا