الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّكَاحُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءَ الْكَافِرِ وَمُقَدِّمَتَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ رَجْعَةً وَأَسْلَمُوا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَنُقِرُّهُمْ كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ بَلْ أَوْلَى.
(وَ) لَا (إنْكَارَ الطَّلَاقِ) أَيْ إنْكَارَ الزَّوْجِ لَهُ أَيْ لَا تَصِحُّ بِهِ الرَّجْعَةُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زَيَّاتِهِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) كَالنِّكَاحِ فَلَوْ قَالَ رَاجَعْتُك إنْ شِئْت فَقَالَ شِئْت لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَلَا يَضُرُّ رَاجَعْتُك إذْ شِئْت أَوْ إنْ) شِئْت (بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لَا كَسْرِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيلٌ لَا تَعْلِيقٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَسْتَفْسِرُ الْجَاهِلُ بِالْعَرَبِيَّةِ.
(وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ (وَأَبْهَمَ ثُمَّ رَاجَعَ) أَوْ طَلَّقَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) إذْ لَيْسَتْ الرَّجْعَةُ فِي احْتِمَالِ الْإِبْهَامِ كَالطَّلَاقِ لِشَبَهِهَا بِالنِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ (وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالرَّجْعَةِ) كَأَنْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ مَتَى رَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لِمَنْ هِيَ فِي نِكَاحِهِ مَتَى طَلَّقْتُك وَرَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ (فَرَاجَعَهَا صَحَّ) الِارْتِجَاعُ (وَطَلُقَتْ) وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ.
(الرُّكْنُ الثَّالِثُ الزَّوْجَةُ فَلَا يُرَاجِعُ إلَّا فِي عِدَّةِ وَطْءٍ) مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (وَطَلَاقٍ) بَعْدَ الْوَطْءِ (بِلَا عِوَضٍ وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ) لِلطَّلَاقِ وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ مَاءِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ فِي اللَّعْنَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالِاسْتِدْخَالِ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] إذْ لَوْ كَانَ حَقُّ الرَّجْعَةِ بَاقِيًا لَمَا أُبِيحَ لَهُنَّ النِّكَاحُ وَالْمُرَادُ بِالْبُلُوغِ هُنَا حَقِيقَتُهُ وَفِي {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] مُقَارَبَةُ الْأَجَلِ وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ فِيمَا قَبْلَ عِدَّتِهِ كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي الْعِدَدِ أَوْ طَلَّقَهَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَفِي اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ فَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ وَشَكَّ فِي حُصُولِهِ فَرَاجَعَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ حَاصِلًا فَفِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَمُولِيُّ وَرَأَيْته كَذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخِ كَمَالُ الدِّينِ سَلَّارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ أَنَّهَا تَصِحُّ وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ الْفَسْخُ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يَلِيقُ بِهِ جَوَازُ الرَّجْعَةِ وَبِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ لِبَيْنُونَتِهَا وَبِقَوْلِهِ وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ مَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ لِبَيْنُونَتِهَا وَلِئَلَّا يَبْقَى النِّكَاحُ بِلَا طَلَاقٍ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ يُحْوِجُ إلَى مُحَلِّلٍ.
(وَلَا) يُرَاجِعُ (حَالَ رِدَّةٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي الرِّدَّةِ وَقَفَ) الطَّلَاقُ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا نُفُوذَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ رَاجَعَهَا فِيهَا لَغَا) وَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ الِاسْتِبَاحَةُ وَمَا دَامَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا لَا يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَلِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُلَائِمُ حَالَهَا وَتُخَالِفُ الطَّلَاقَ حِينَئِذٍ حَيْثُ يُوقَفُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَالرِّدَّةِ فَيَتَنَاسَبَانِ وَلَيْسَتْ الرِّدَّةُ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ وَلَا أَثَرَ لَهَا فِي زَوَالِ النِّكَاحِ.
(وَلَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ ذِمِّيٍّ) أَوْ أَسْلَمَ وَزَوْجَتُهُ وَثَنِيَّةٌ (فَرَاجَعَهَا لَمْ يَصِحَّ) لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ (فَلَوْ أَسْلَمَ) أَوْ أَسْلَمَتْ (فِي الْعِدَّةِ اسْتَأْنَفَ) الرَّجْعَةَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ رَجْعَتِهَا (رِضَاهَا) وَلَا حُضُورُ الْوَلِيِّ وَلَا عِلْمُهُ بِهَا (وَلَا رِضَا سَيِّدِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228](وَيُسَنُّ إعْلَامُهُ) أَيْ سَيِّدِهَا وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ.
(وَلَا تَسْقُطُ) الرَّجْعَةُ (بِالْإِسْقَاطِ) لَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ إسْقَاطُهَا كَمَا لَا يَسْقُطُ الْوَلَاءُ فِي الْعِتْقِ بِشَرْطِ إسْقَاطِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ طَلَّقْتُك فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ طَلَّقْتُك فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ فَتُؤَاخِذُ) بِقَوْلِهَا (لِأَنَّهَا غَلَّظَتْ عَلَى نَفْسِهَا) بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا نَفَقَتُهَا فِي الْمُدَّةِ لِزَائِدَةٍ فَتَسْتَحِقُّهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ إسْقَاطَهَا وَالْأَصْلُ دَوَامُهَا وَعَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي (وَالْقَوْلُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمَا سِوَى الْأَشْهُرِ) مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (إنْ أَمْكَنَ) دَعْوَاهَا وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ إذْ يَعْسُرُ عَلَيْهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ لَمْ يَأْثَمْنَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا) وَلَيْسَ كَوَطْءِ الْمَبِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ بِحَالٍ فَجَازَ أَنْ يَقْطَعَهُ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ فَالرَّدُّ إلَى الْمِلْكِ مِثْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءَ الْكَافِرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) ؛ لِأَنَّهَا إمَّا ابْتِدَاءُ عَقْدٍ فَلَا تَقْبَلُهُ كَالنِّكَاحِ وَإِمَّا اسْتِدَامَةٌ فَكَذَلِكَ كَاخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَّجَهُ التَّفْصِيلُ
(قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا وَأُبْهِم ثُمَّ رَاجَعَ لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا فَوَجْهَانِ فِي الْجَوَاهِرِ.
(تَنْبِيهٌ) قَدْ يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى الشَّكِّ لِتَعَذُّرِ الْمُحَقَّقِ فِي صُوَرٍ مِنْهَا الرَّجْعَةُ فِي عِدَّةِ نِكَاحٍ شَكَّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَإِنَّهَا رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ وَكَذَا الرَّجْعَةُ مَعَ الشَّكِّ فِي حُصُولِ الْإِبَاحَةِ كَمَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَ فِي الْعِدَّةِ تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ
(قَوْلُهُ فَلَا يُرَاجِعُ إلَّا فِي عِدَّةٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الْعِدَّةِ الْأُولَى حَتَّى يُخْرِجَ مَا إذَا خَالَطَهَا مُخَالَطَةَ الْأَزْوَاجِ بِغَيْرِ وَطْءٍ وَقُلْنَا بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْعِدَدِ فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حَالِ الرَّجْعَةِ مِنْ كَوْنِهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ ذَكَرُوا فِي بَابِ الْعِدَدِ أَنَّهَا إذَا اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ عَنْ طَلَاقٍ ثُمَّ طَرَأَتْ عِدَّةُ حَمْلٍ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ كَمَالٌ سَلَّارٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهَا فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ فَتَسْتَحِقُّهَا إلَخْ) وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا ضَعِيفٌ
بِالْكِتْمَانِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِكِتْمَانِهِنَّ حِينَئِذٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] وَخَرَجَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَبِمَا سِوَى الْأَشْهُرِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ لِرُجُوعِ النِّزَاعِ إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَبِقَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَعْوَاهَا لِصِغَرٍ أَوْ إيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ أَيْضًا وَفُرِّعَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ.
قَوْلُهُ (فَيُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا بِالْوِلَادَةِ لِتَمَامِ سِتَّةٍ) الْأَوْلَى التَّمَامُ بِسِتَّةِ (أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ) لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوِلَادَةِ (مِنْ) حِينِ (إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ النِّكَاحِ (وَلِمَنْصُورٍ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا (وَلَحْظَتَيْنِ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ (وَلِمُضْغَةٍ) بِلَا صُورَةٍ بِمُضِيِّ (ثَمَانِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْسَامُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الْأُولَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَوْله تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مَعَ قَوْلِهِ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِمَا ذُكِرَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ» .
وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا» الْحَدِيثَ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ كَأَنْ قَالَ أُخْبِرُكُمْ بِكَذَا ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ كَذَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِحَمْلِ التَّصْوِيرِ فِي الثَّانِي عَلَى غَيْرِ التَّامِّ وَفِي الْأَوَّلِ عَلَى التَّامِّ أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَى التَّصْوِيرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُفَادَةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَاءُ فَصَوَّرَهَا إذْ التَّقْدِيرُ فَمَضَتْ مُدَّةٌ فَصَوَّرَهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَجَعَلَهُ غُثَاءً} [الأعلى: 5](وَ) يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا (بِالْأَقْرَاءِ لِمُطَلَّقَةٍ بِطُهْرٍ) أَيْ فِيهِ وَهِيَ حُرَّةٌ مُعْتَادَةٌ (بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ) لَحْظَةٍ لِلْقَرْءِ الْأَوَّلِ وَلَحْظَةٍ لِلطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (وَلَوْ خَالَفَ) ذَلِكَ (عَادَتَهَا) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِهِ (وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَبِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ) لِلطَّعْنِ فِي الدَّمِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لَيْسَ بِقَرْءٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَوَشٍ بِدَمَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ لَحْظَةٌ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الطُّهْرِ (وَ) بِمُضِيِّ (سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِآخِرِ الْحَيْضِ) فَتَطْهُرُ بِعِدَّةِ أَقَلِّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ وَتَحِيضُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (وَكَذَا) بِمُضِيِّ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا (بِالْوِلَادَةِ) بِأَنْ لَمْ تَرَ نِفَاسًا وَهِيَ مُعْتَادَةٌ فَإِنْ رَأَتْهُ أَوْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً زَادَتْ الْمُدَّةُ فَقَوْلُ الْأَصْلِ بَعْدَمَا ذُكِرَ وَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَالطَّعْنُ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ حَيْضَتَانِ وَالطَّعْنُ فِي الثَّالِثَةِ (وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً) فَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ وَهِيَ مُعْتَادَةٌ (فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً (أَوْ وَهِيَ مُبْتَدَأَةٌ فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا (أَوْ) طَلُقَتْ (فِي حَيْضٍ) أَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِالْوِلَادَةِ (فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) تَنْقُصِي بِهَا عِدَّتُهَا (وَاللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ) فِي مُدَّةِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ (فَأَصْلُهُ) لِلْقَرْءِ الثَّالِثِ عَمَّا بَعْدَهُ أَيْ مُبَيِّنَةً لَهُ لَا مِنْ الْعِدَّةِ فَهِيَ (لَا تَصْلُحُ الرَّجْعَةُ) وَلَا لِغَيْرِهَا مِنْ آثَارِ نِكَاحِ الْمُطَلِّقِ كَإِرْثٍ.
وَلَوْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَرْأَةُ هَلْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَقَلِّ وَهُوَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا إلَّا بِيَقِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ (فَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ (لِدُونِ الْإِمْكَانِ كَذَّبْنَاهَا وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْهُ) أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ (لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى) لِأَنَّ إصْرَارَهَا يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الِانْقِضَاءِ الْآنَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ غَلَطًا فَاحِشًا مِنْ الْخَارِصِ وَرُدَّ قَوْلُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْخَرَصِ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ) أَيْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ.
(قَوْلُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا) التَّعْبِيرُ بِهَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرَ عَدَدِيَّةٌ لَا هِلَالِيَّةٌ وَمِنْ الْأَشْهُرِ الْعَدَدِيَّةِ الْأَشْهُرُ السِّتَّةُ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَحَيْثُ صَدَّقْنَاهَا فِي الْوَضْعِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسَبِ وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً» إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ بَعْثَهُ الْمَلَكَ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةَ لِلتَّصْوِيرِ وَخَلْقِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْجِلْدِ وَاللَّحْمِ وَالْعِظَامِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَبَعْثَتِهِ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَقَدْ حَصَلَتْ الْمُغَايِرَةُ بَيْنَ الْبَعْثَتَيْنِ اهـ وَالْحَدِيثَانِ كَالصَّرِيحِينَ فِي هَذَا الْجَمْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَا يُشَاهَدُ مِنْ تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا خُصُوصًا فِي الذَّكَرِ فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا غَايَةُ نِهَايَةِ الْإِرْسَالِ فَلَا بِدْعَ فِي أَنْ يَحْصُلَ النَّفْخُ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً) أَيْ أَوْ مُبَعَّضَةً
(قَوْلُهُ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ) لَا سِيَّمَا فِيمَنْ أَرَادَتْ التَّزْوِيجَ بِغَيْرِ الْمُطَلِّقِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى) قَالَ الْفَتَى مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِصْرَارَ مَعَ دَعْوَاهَا لِلْإِمْكَانِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الرَّوْضَةِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِصْرَارِ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى كَافٍ فِي تَصْدِيقِهَا الْآنَ عَلَى الْأَصَحِّ فَزِدْت لَفَظَّةً وَكَذَا فَاسْتَقَامَ بِهَا الْكَلَامُ فَصَارَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْ لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَكَذَا لَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا