الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ بِصَدَاقٍ وَاحِدٍ يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا مَا يَخُصُّ مَهْرَهَا مِنْ تَوْزِيعِ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرَيْهِمَا وَكَالْجَمْعِ الْمَذْكُورِ وَالْجَمْعِ بَيْنِ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ أَوْ خَلِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَيُتَصَوَّرُ الْجَمْعُ) بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ لَهُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ وَإِنْ صَحَّ فِي الْأُولَى فَقَطْ (بِأَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَه وَأَمَتَهُ أَوْ يُوَكِّلَهُ) أَيْ الزَّوْجُ لَهُمَا (الْوَلِيَّانِ) أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ الْآخَرَ (فَيَقُولُ) الْمُزَوِّجُ (زَوَّجْتُك هَذِهِ وَهَذِهِ) بِكَذَا (وَيَقْبَلُ) الْمُخَاطَبُ (نِكَاحَهُمَا) بِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي هَذِهِ بِكَذَا وَزَوَّجْتُك أَمَتِي هَذِهِ بِكَذَا فَفَصَّلَ) الْمُخَاطَبُ (فِي الْقَبُولِ) أَيْضًا بِأَنْ قَالَ قَبِلْت نِكَاحَ بِنْتِك وَقَبِلْت نِكَاحَ أَمَتِك (صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ حَصَلَ التَّفْصِيلُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ) دُونَ الْآخَرِ وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعْلُومَتَانِ مِنْ الَّتِي قَبْلَهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ لِيُبَيِّنَ بِهِمَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِكَذَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ) تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ.
(وَإِذَا جَمَعَ) رَجُلٌ فِي عَقْدٍ (بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَأَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ صَحَّ) النِّكَاحُ (فِي الْأَمَةِ) دُونَ الْأُخْتَيْنِ عَمَلًا بِمَا مَرَّ (وَمَتَى قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك هَذَا الْخَمْرَ) بِكَذَا (أَوْ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَابْنِي) أَوْ وَفَرَسِي فَقِبَلَهُمَا (صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ) لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَضْمُومِ لِلْبَيْعِ فِي الْأُولَى وَلِلنِّكَاحِ فِي الثَّانِيَةِ فَيَلْغُو ذِكْرُهُ وَيَصِحُّ نِكَاحُ الْبِنْتِ فِيهِمَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ
(وَإِنْ تَزَوَّجَ) حُرٌّ (أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا) وَإِنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ (كَالْأُخْتَيْنِ)
[الْجِنْسُ الرَّابِعُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الْكُفْرُ]
(الْجِنْسُ الرَّابِعُ) مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (الْكُفْرُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ) التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (مِنْ الْمَجُوسِ) وَإِنْ كَانَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ إذْ لَا كِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا نَتَيَقَّنُهُ قَبْلُ فَيُحْتَاطُ (وَ) مِنْ (الْمُتَمَسِّكِينَ بِصُحُفِ شِيثٍ) وَإِدْرِيسَ (وَإِبْرَاهِيمَ وَزَبُور دَاوُد وَ) مِنْ (سَائِرِ الْكُفَّارِ) كَعَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالصُّوَرِ وَالنُّجُومِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالزَّنَادِقَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ يَحِلُّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي قَالَ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ حِلٌّ لَكُمْ وَقَالَ {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] فَالْمُرَادُ مِنْ الْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ دُونَ سَائِرِ الْكُتُبِ قَبْلَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ بِنُظُمٍ تُدَرَّسُ وَتُتْلَى وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهَا.
وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ غَيْرَهَا اجْتَمَعَ فِيهِ نُقْصَانُ الْكُفْرِ فِي الْحَالِ وَفَسَادُ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ وَالْكِتَابِيَّةُ فِيهَا نَقْصٌ وَاحِدٌ وَهُوَ كُفْرُهَا فِي الْحَالِ
(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْمُسْلِمُ
وَهِيَ إسْرَائِيلِيَّةٌ وَغَيْرُهَا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (يَصِحُّ نِكَاحُ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) إلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَكَذَا غَيْرُهُنَّ) مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (مِمَّنْ دَخَلَ قَوْمُهَا) أَيْ آبَاؤُهَا أَيْ أَوَّلُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ (قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ) لَهُ (أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ) وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ (وَ) لَكِنَّهُمْ (تَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ) يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا (لَا) إنْ دَخَلُوا (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَتَبْدِيلِهِ أَوْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَقَبْلَ تَبْدِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يَتَجَنَّبُوا الْمُبَدَّلَ كَمَا فُهِمَ مِمَّا مَرَّ.
فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ وَحُرْمَتِهِ بِالنَّسْخِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَبِالتَّبْدِيلِ الْمَذْكُورِ وَفِي الثَّالِثَةِ (وَكَذَا) لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا (إنْ جُهِلَ الْحَالُ) وَفِي نُسْخَةٍ حَالُهُمْ أَيْ دُخُولُ قَوْمِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ (وَلَوْ جُهِلَ حَالُ آبَاءِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ) فِي أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات تِ أَوْ عُلِمَ دُخُولُهُمْ فِيهِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ وَقَبْلَ نَسْخِهِ (لَمْ يَحْرُمْنَ) لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ (بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ إلَّا مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهَا) فِي ذَلِكَ الدِّينِ (بَعْدَ دِينِ الْإِسْلَامِ) أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ جَمَعَ عَبْدٌ فِي عَقْدٍ حُرَّةً وَأَمَةً]
قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ مُنَاكَحَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ إلَخْ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «سُنُّوا لَهُمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا مُرْسَلًا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَيُؤَكِّدُهُ إجْمَاعُ الْجُمْهُورِ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْكِتَابِيِّ أَيْضًا وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إنْ قُلْنَا إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ اهـ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ تَصِيرَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اهـ هَذَا غَيْرُ مُلَاقٍ لِكَلَامِ السُّبْكِيّ إذْ هُوَ فِي التَّحْرِيمِ وَهَذَا فِي عَدَمِ مَنْعِهِمْ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُنَاكَحَةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ تَحِلُّ إلَخْ) ذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي إبَاحَةِ الْكِتَابِيَّةِ مَا يُرْجَى مِنْ مَيْلِهَا إلَى دِينِ زَوْجِهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى النِّسَاءِ الْمَيْلُ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ وَإِيثَارِهِنَّ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَلِهَذَا حَرُمَتْ الْمُسْلِمَةُ عَلَى الْمُشْرِكِ إشْفَاقًا مِنْ أَنْ تَمِيلَ إلَى دِينِهِ
[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْمُسْلِمُ]
(قَوْلُهُ وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ إلَخْ) قَالَ الطُّوفِيُّ وَجَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ أَيُّوبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ بَنِي الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ فَأَيُّوبُ ابْنُ أَخِي إسْرَائِيلَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ إسْرَائِيلَ وَمِنْهُمْ آدَم وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَصَالِحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ وَإِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ وَهُودٌ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالتَّهَوُّدُ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى صلى الله عليه وسلم كَالتَّهَوُّدِ وَالتَّنَصُّرِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَصَحِّ.
وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى هَلْ نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى أَوْ خَصَّصَتْهَا وَالنَّاسِخُ شَرِيعَتُنَا وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ وَالِدِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلَّ شَرِيعَةٍ نَسَخَتْ الَّتِي قَبْلَهَا فَشَرِيعَةُ عِيسَى نَسَخَتْ شَرِيعَةَ مُوسَى وَشَرِيعَتُنَا نَسَخَتْ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ قَالَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ