الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَشْرِ (فَلِيَقْضِ الْمَظْلُومَةَ عَشْرًا مُتَوَالِيَةً) فَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقًا وَإِنْ فَرَّقَ الْمَظْلُومَةَ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ دَفْعَةً كَالدَّيْنِ (إلَّا أَنْ يُزَوِّجَ جَدِيدَةً أَوْ قُدِّمَتْ) زَوْجَةٌ لَهُ (غَائِبَةٌ) عَقِبَ مُضِيِّ الْعِشْرِينَ (فَيَبْدَأُ) لِلْجَدِيدَةِ (بِحَقِّ الزِّفَافِ) مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ لَا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهَا.
(فَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ) حَقِّ (الْمَظْلُومَةِ قَسَمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ بِالْقُرْعَةِ فَيَجْعَلُ لِلْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ لَيْلَةً وَلِلْمَظْلُومَةِ ثَلَاثًا لَيْلَتَهَا وَلَيْلَتَيْ الْأُخْرَيَيْنِ) يَفْعَلُ ذَلِكَ (ثَلَاثَ نُوَبٍ) وَحِينَئِذٍ فَقَدْ وَفَّاهَا تِسْعًا وَبَقِيَ لَهَا لَيْلَةٌ (فَإِنْ) كَانَ (بَدَأَ بِالْمَظْلُومَةِ وَفَّى الْجَدِيدَةَ) أَوْ الْقَادِمَةَ (لَيْلَتَهَا) لِتَمَامِ الْقَسْمِ (ثُمَّ أَوْفَى الْمَظْلُومَةَ اللَّيْلَةَ الْعَاشِرَةَ) الَّتِي بَقِيَتْ لَهَا (وَيَبْقَى لِلْجَدِيدَةِ أَوْ الْقَادِمَةِ فِي مُقَابِلَتِهَا) أَيْ لَيْلَةٍ الْمَظْلُومَةِ (ثُلُثُ لَيْلَةٍ) لِأَنَّ حَقَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ وَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُلُثُهَا (فَيَبِيتُهَا) أَيْ اللَّيْلَةَ أَيْ ثُلُثَهَا (مَعَهَا) فَلَوْ قَالَ فَيَبِيتُهُ كَانَ أَوْلَى (ثُمَّ يَخْرُجُ) مِنْ عِنْدِهَا (وَيَنْفَرِدُ) عَنْ زَوْجَاتِهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ (ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ لِلْجَمِيعِ) بِالْقُرْعَةِ (وَإِنْ كَانَتْ الْبُدَاءَةُ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ وَإِنْ بَدَأَ (بِالْجَدِيدَةِ) أَوْ بِالْقَادِمَةِ (وَتَمَّتْ التِّسْعُ) لِلْمَظْلُومَةِ هَذَا إيضَاحٌ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ.
(فَيَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ) أَوْ الْقَادِمَةِ (ثُلُثَ لَيْلَةٍ) وَيَخْرُجُ بَقِيَّتَهَا (ثُمَّ) يَبِيتُ (لَيْلَةً عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ ثُمَّ يُعَادُ الْقَسْمُ) لِلْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ (بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمَظْلُومِ بِهِمَا (فَهَلْ يَقْضِي الْمَظْلُومَةَ خَمْسًا) فَقَطْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي الْعَشْرَ مِنْ حَقِّهِمَا وَقَدْ بَطَلَ حَقُّ إحْدَاهُمَا (أَوْ عَشْرًا) تَسْوِيَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَاقِيَةِ (وَجْهَانِ) نَقَلَ الْأَصْلُ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالثَّانِي عَنْ الْبَغَوِيّ وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِصَارِهِ كَلَامَ الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُمْ إنَّ الْقَضَاءَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِهَا وَإِنْ بَاتَهُ فِي حَالِ فُرْقَتِهَا عَنْ الْمَظْلُومِ لَا يُحْسَبُ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُوَافِقُ كَلَامَ الْأَكْثَرِينَ فِي صُوَرِ الْفَصْلِ
(فَرْعٌ) قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَقَسَمَ لِثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَيْلَةً لَيْلَةً وَنَشَزَتْ الرَّابِعَةُ لَيْلَتَهَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَلَوْ عَادَتْ إلَى طَاعَتِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يَقْضِهَا أَوْ قَبْلَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا مَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْأَصَحُّ نَعَمْ لِأَنَّ حَقَّهَا جَمِيعُ اللَّيْلَةِ وَلَا نُشُوزَ مِنْهَا فِي الْبَاقِي انْتَهَى.
وَالْأَقْيَسُ لَا كَمَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا الْقَسْمُ بِنُشُوزِ بَعْضِ الْيَوْمِ (وَإِنْ خَرَجَ أَوْ أُخْرِجَ مُضْطَرًّا) فِيهِمَا (فِي لَيْلَةِ إحْدَاهُنَّ قَضَاهَا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا مَا فَوَّتَهُ بِذَلِكَ (وَذَلِكَ الْوَقْتُ) الَّذِي فَوَّتَ فِي مِثْلِهِ (أَوْلَى) بِالْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقْضِي لِأَوَّلِ اللَّيْلِ مِنْ أَوَّلِهِ وَلِآخِرِهِ مِنْ آخِرِهِ فَإِنْ خَالَفَ جَازَ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتُ الْقَضَاءِ (ثُمَّ يَخْرُجُ) مِنْ عِنْدِهَا (وَيَنْفَرِدُ) عَنْ زَوْجَاتِهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ (إلَّا أَنْ يَخَافَ عَسًّا) أَوْ نَحْوَهُ لَوْ خَرَجَ (فَيَقِفُ) عَنْ الْخُرُوجِ أَيْ يُقِيمُ عِنْدَهَا لِلْعُذْرِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ فَيَقِفُ مُصَحَّفٌ عَنْ فَيَبِيتُ أَوْ عَنْ فَيُعْذَرُ كَمَا وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ (وَالْأَوْلَى) لَهُ (أَنْ لَا يَسْتَمْتِعَ) بِهَا فِيمَا وَرَاءَهُ مِنْ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ الْأَوْلَى وَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إذَا جَامَعَ فِي يَوْمٍ أُخْرَى فَهُوَ مُحَرَّمٌ قَطْعًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَامَعَ ثُمَّ فِي نَوْبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِهِ هُنَا.
(وَإِنْ وَهَبَتْ) وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ (حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ (لِمُعَيَّنَةٍ وَرَضِيَ) بِالْهِبَةِ (بَاتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ) لَيْلَةً لَهَا وَلَيْلَةً لِلْوَاهِبَةِ (وَإِنْ كَرِهَتْ) كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجُ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاهِبَةِ وَمَحَلُّ بَيَاتِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ (مَا دَامَتْ الْوَاهِبَةُ فِي نِكَاحِهِ) فَلَوْ خَرَجَتْ عَنْ نِكَاحِهِ لَمْ يَبِتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ إلَّا لَيْلَتَهَا وَلَوْ قَالَ مَا دَامَتْ تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ كَانَتَا) أَيْ اللَّيْلَتَانِ (مُتَفَرِّقَتَيْنِ لَمْ يُوَالِ بَيْنَهُمَا) لِلْمَوْهُوبَةِ بَلْ يُفَرِّقُهُمَا كَمَا كَانَتَا قَبْلَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ حَقُّ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ.
(وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ حَقَّهَا (لِلْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الضَّرَّاتِ أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (جَعَلَهَا كَالْمَعْدُومَةِ) فَيُسَوِّي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ (وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَخَصَّ بِهِ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعَهُنَّ فِي الْأَرْبَعِينَ مَا كَانَتْ حِصَّتُهَا إلَّا عَشْرًا فَاَلَّذِي تَسْتَحِقُّهُ قَضَاءُ عَشْرٍ كَمَا قَالَ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَثُلُثٌ تَسْتَحِقُّهَا أَدَاءً لِأَنَّ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَهَا فِيهِ قَسْمٌ فَتَكُونُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ أَدَاءً لَا قَضَاءً وَتَابَعَهُ الْعِمْرَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا يَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَيَبْدَأُ لِلْجَدِيدَةِ بِحَقِّ الزِّفَافِ إلَخْ) وَلِأَنَّ قَسْمَ الْجَدِيدَةِ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ وَذَلِكَ الْقَسْمُ مُسْتَحَقٌّ بِالْفِعْلِ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ أَقْوَى وَآكَدُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي (قَوْلُهُ فَهَلْ يَقْضِي الْمَظْلُومَةَ خَمْسًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَقَسَمَ لِثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَيْلَةً لَيْلَةً وَنَشَزَتْ الرَّابِعَةُ لَيْلَتَهَا]
(قَوْلُهُ الْأَصَحُّ نَعَمْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْيَسُ لَا كَمَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْيَوْمَ كَالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَتَبَعَّضُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ مَبِيتِ اللَّيْلَةِ فَإِنَّ وُجُوبَ بَعْضِهِ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِهِمْ.
(قَوْلُهُ إنْ وَهَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ) أَيْ وَلَوْ أَمَةٌ (قَوْلُهُ وَرَضِيَ بِالْهِبَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الرِّضَا لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إسْقَاطَ حَقِّهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ ش (قَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَتْ لَهُ فَخَصَّ بِهِ وَاحِدَةً جَازَ) لَوْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لِزَوْجِهَا وَضَرَائِرِهَا وَرَضِيَ فَالْقِيَاسُ قِسْمَتُهَا عَلَى الرُّءُوس وَمَا خَصَّهُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ وَهَبَتْهُ فَقَطْ
وَلَوْ فِي كُلِّ دُورٍ وَاحِدَةً (جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي اللَّيْلَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَانِ أَمْ لَا وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجُوزَ وَضْعُ الدَّوْرِ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ لَيْلَةً بَيْنَ لَيَالِيِهِنَّ دَائِرَةً بَيْنَهُنَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْصِيصُ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ الْمَيْلَ وَيُورِثُ الْوَحْشَةَ فَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ وَيُسَوِّي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إلَى تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِقَوْلِهَا وَهَبْتُك فَخَصِّصْ مَنْ شِئْت فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى وَهَبْتُك امْتَنَعَ التَّخْصِيصُ قَطْعًا وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ.
(وَلِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَرْجِعَ) فِي هِبَتِهَا مَتَى شَاءَتْ وَيَعُودُ حَقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ (فَيَخْرُجُ) بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا (فَوْرًا) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْفَوْرِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا تَرْجِعُ فِي الْمَاضِي) كَسَائِرِ الْهِبَاتِ الْمَقْبُوضَةِ (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ (لِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَيْلٌ (وَلَوْ أُبِيحَ لَهُ أَكْلٌ) مِنْ ثَمَرِ بُسْتَانٍ ثُمَّ رَجَعَ الْمُبِيحُ (فَأَكَلَ) مِنْهُ الْمُبَاحُ لَهُ (قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ غَرِمَ) بَدَلَ مَا أَكَلَهُ لِأَنَّ الْغَرَامَاتِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ هَذَا وَقِيلَ لَا غُرْمَ أَيْضًا كَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَنَظَّرَهُ بِمَسَائِلَ ذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ الْغُرْمَ وَفِي غَيْرِهِ عَدَمَهُ وَعَلَى الثَّانِي قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَفْسُدُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ وَقَبْلَ عَمَلِهِ بِهِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا انْعَزَلَ انْعَزَلَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَأَمَّا الْمُبِيحُ فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَحَقُّهُ إذَا رَجَعَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُبَاحُ لَهُ قَالَ وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي الْغَرَامَاتِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمَغْرُومُ لَهُ فَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَانِعٌ.
كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَبْسِهِ وَكَذَا فِي عَبْدٍ لَمْ يَخْرُجْ عِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ فَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ
(فَإِنْ) بَاتَ الزَّوْجُ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا ثُمَّ (ادَّعَى أَنَّهَا وَهَبَتْ حَقَّهَا) وَأَنْكَرَتْ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ (إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَإِنْ بَاعَتْ حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ بِأَنْ أَخَذَتْ عَنْهُ عِوَضًا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الضَّرَّةِ (لَمْ يَصِحَّ) فَيَلْزَمُهَا رَدُّ مَا أَخَذَتْهُ وَتَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا الْعِوَضُ (وَيَعْصِي بِطَلَاقِ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ) حَقَّهَا بَعْدَ حُضُورِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ التَّرْجِيحُ الْأَوَّلُ) رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ امْتَنَعَ التَّخْصِيصُ قَطْعًا) وَهُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ فَيَخْرُجُ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَأَنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ لَزِمَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِ مَنْ بَاتَ عِنْدَهَا لِيَشْمَلَ جَمِيعَ أَقْسَامِ الْهِبَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ لِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ) وَمَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ لَا يُقْضَى وَكَذَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِلْقَضَاءِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ.
(قَوْلُهُ وَنَظَّرَهُ بِمَسَائِلَ إلَخْ) مِنْهَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْعَارِيَّةِ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِ وَمِنْهَا إذَا رَمَى مُسْلِمٌ إلَى مُسْلِمٍ تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَفِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ وَجَبَتْ دِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهَا إذَا بَاشَرَ الْوَلِيُّ الْقِصَاصَ مِنْ الْحَامِلِ جَاهِلًا بِالْحَمْلِ فَتَلِفَ الْحَمْلُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى السُّلْطَانِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ ثُمَّ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَمِنْهَا إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ رَجُلًا يَقْتُلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْمَأْمُورُ لَا يَعْلَمُ فَلَا دِيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ وَمِنْهَا إذَا جُنَّ الْمُحْرِمُ ثُمَّ قَتَلَ صَيْدًا فَلَا يَجِبُ الْجَزَاءُ فِي الْأَصَحِّ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ مَعَ أَنَّ الْإِتْلَافَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُتَّجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا مَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ إلَخْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّسْلِيطَ الْمُسْتَفَادَ بِالْعَارِيَّةِ أَقْوَى مِنْ الْمُسْتَفَادِ بِالْإِبَاحَةِ لَا وَجْهَ مِنْهَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ لَفْظٍ إمَّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ.
وَالْإِبَاحَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَيْضًا فَالتَّسَامُحُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْ التَّسَامُحِ فِي الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ قَالَ وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ الْمَذْكُورَ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِ الْآتِي فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ كَوْنِهِ لَوْ وَكَّلَ فِي الْقِصَاصِ فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا عَفْوَ مُوَكِّلِهِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الدِّيَةُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِإِعْلَامِهِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ ثُمَّ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فَيَثْبُتُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا هُنَا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْعِتْقِ فَظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَتْ حَقَّهَا لَمْ يَصِحَّ) قَالَ السُّبْكِيُّ عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي زَمَانِنَا بِالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ حَقَّ الْقَسْمِ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ النُّزُولَ بِعِوَضٍ لَا يَجُوزُ وَكَذَا بِغَيْرِ عِوَضٍ أَعْنِي لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ.
وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا فِيمَا يَجِبُ مِنْ صِفَةِ الْوَظِيفَةِ أَوْ تَسَاوَيَا وَلَمْ يُوَافِقْ النَّاظِرُ عَلَيْهِ لِمُصْلِحَةٍ رَآهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ وَجْهٌ بَعِيدٌ بِالْجَوَازِ إذَا رَضِيَ النَّاظِرُ وَأَمْضَاهُ وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّ النَّازِلِ فَيُوَلِّي النَّاظِرَ مَنْ يَشَاءُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ نَزَلَ لِزَيْدٍ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَهُ تَوْلِيَةُ غَيْرِهِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً لَيْسَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ حَقٌّ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ النَّاظِرُ فَإِنْ وَافَقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حَقًّا كَالْمَرْأَةِ الْمَوْهُوبِ لَهَا إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَصَرُّفِ النَّازِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ بَلْ لِلنَّاظِرِ ثُمَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَتَمَسَّكُ بِالنُّزُولِ بَعْدَ مَوْتِ النَّازِلِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَمَسِّكًا نَعَمْ إنْ رَأَى النَّاظِرُ أَهْلِيَّتَهُ فَلَا بَأْسَ بِجَبْرِ مَقْصِدِ الْمَيِّتِ بِمُوَافَقَتِهِ قَالَ وَسَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ اهـ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ نَزَلَ لِآخَرَ عَنْ وَظِيفَتِهِ فَأَثْبَتَ النُّزُولَ عِنْدَ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَحَكَمَ لَهُ بِمُوجِبِهِ وَنَفَّذَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقُضَاةِ وَأَنْهَى ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ النَّظَرُ الشَّرْعِيُّ فَوَلَّاهَا لَهُ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْوِلَايَةِ حَاكِمٌ وَنَفَّذَ حُكْمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُكَّامِ وَاسْتَخْرَجَ تَوْقِيعَيْنِ شَرِيفَيْنِ يَتَضَمَّنَانِ تَقْرِيرَهُ وَبَاشَرَهَا مُدَّةً ثُمَّ نَازَعَهُ شَخْصٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَنْهَى لِنَاظِرِهَا إنَّهَا شَاغِرَةٌ عَنْ النُّزُولِ فَوَلَّاهَا لَهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَظِيفَةَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ دُونَ غَرِيمِهِ الْمَذْكُورِ