الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ
كَمَا مَرَّ فَلَوْ (وَطِئَ) الرَّجْعِيَّةَ (فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ) الْفَرَاغِ مِنْ (الْوَطْءِ) وَدَخَلَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ (وَاخْتَصَّتْ الرَّجْعَةُ بِبَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالْوَطْءِ (فَلَوْ أَحْبَلَهَا بِالْوَطْءِ رَاجَعَهَا مَا لَمْ تَلِدْ) لِوُقُوعِ عِدَّةِ الْوَطْءِ عَنْ الْجِهَتَيْنِ كَالْبَاقِي مِنْ الْأَقْرَاءِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَتَبَعَّضُ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِنْ وَلَدَتْ فَلَا رَجْعَةَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرَّجْعَة]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا)(فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ وَالنَّظَرُ) إلَيْهَا وَسَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ؛ لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ (وَيُعَزَّرُ بِوَطْئِهَا) إنْ كَانَ عَالِمًا مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَرَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ (لَا جَاهِلًا وَ) لَا (مُعْتَقِدًا حِلَّهُ) لِعُذْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَرْأَةُ.
وَكَالْوَطْءِ فِي التَّعْزِيرِ سَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ (وَيَلْزَمُهُ) بِالْوَطْءِ (مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَهُ) لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنِ فَكَذَا فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ.
(وَيَصِحُّ فِيهَا طَلَاقٌ وَخُلْعٌ وَلِعَانٌ وَظِهَارٌ) وَإِيلَاءٌ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكٍ لِرَجْعَةٍ لَكِنْ لَا حُكْمَ لِلْأَخِيرَيْنِ حَتَّى يُرَاجِعَ بَعْدَهُمَا مِمَّا سَيَأْتِيَانِ فِي بَابَيْهِمَا (وَيَتَوَارَثَانِ وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا) عَلَيْهِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهَا بِصِحَّةِ مَا مَرَّ.
(وَلَوْ قَالَ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ دَخَلَتْ) فِيهِمْ الرَّجْعِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ.
(وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) الرَّقِيقَةَ (فِي الرَّجْعَةِ) الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ (اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ) لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَإِحْدَاثُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لَيْسَ كَالرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَيُضَادُّهُ فَلَا يَصْلُحُ اسْتِدْرَاكًا لِمَا وَقَعَ مِنْ الْخَلَلِ فَوَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا (وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَلَا يُجْزِئُ بَقِيَّةُ طُهْرِ الْعِدَّةِ) عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ، وَإِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ التَّمَتُّعِ بِالرَّجْعَةِ وَوُجُوبُ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا وَصِحَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَالتَّوَارُثِ (فَالرَّجْعَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ الْأَصْلِ (مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ) وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْأَخِيرَةِ فِي كَلَامِي (وَالتَّرْجِيحُ) لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَخْتَلِفُ (بِحَسَبِ ظُهُورِ دَلِيلٍ) لِأَحَدِهِمَا تَارَةً وَلِلْآخِرِ أُخْرَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَنَظِيرُهُ الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ أَمْ جَائِزِهِ وَفِي أَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ أَمْ تَمْلِيكٌ.
(فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ: لَوْ ادَّعَى الرَّجْعَةَ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) وَأَنْكَرَتْ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا (وَكَانَ) أَيْ وَجَعَلَ دَعْوَاهُ لَهَا (إنْشَاءً) لَهَا وَقِيلَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِنْشَاءُ مُتَنَافِيَانِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لَا إنْشَاءٌ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَحْسَبُهُ إجْمَاعَ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً.
(أَوْ) دَعَاهَا (بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَقَبْلَ النِّكَاحِ فَإِنْ قَالَا انْقَضَتْ أَمْسِ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَهُ) وَادَّعَتْهَا هِيَ بَعْدَهُ (صُدِّقَتْ هِيَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَهَا أَمْسِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ قَبْلَ أَمْسِ وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي بَعْدَ انْقِضَاءِ سَلْطَنَتِهِ وُقُوعَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْعَزْلِ أَنَّهُ تَصَرَّفَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ (أَوْ قَالَا رَاجَعَ أَمْسِ، وَادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا قَبْلَهُ) وَادَّعَاهُ بَعْدَهُ (صُدِّقَ هُوَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا)(قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ) إنَّمَا حُرِّمَ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ أَوْجَبَتْ عَلَيْهَا بَرَاءَةَ رَحِمِهَا فَلَوْ أَبَحْنَا لَهُ وَطْأَهَا لَلَزِمَهَا تَمْكِينُهُ وَالْوَطْءُ سَبَبٌ لِشَغْلِ رَحِمِهَا فَتَصِيرُ فِي الْحَالَةِ الْوَاحِدَةِ مَأْمُورَةً بِمَا يُوجِبُ رَحِمَهَا وَمَا هُوَ سَبَبٌ لِشَغْلِهِ، وَأَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ فَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ حَرَّمَ الْوَطْءَ فَحَرَّمَ مُقَدِّمَاتِهِ كَالْبَائِنِ (قَوْلُهُ وَالنَّظَرُ إلَيْهَا) أَيْ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ) لِلشُّبْهَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ سَلْطَنَةُ الرَّدِّ وَخِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الْأَبِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ) كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَ الْمُسْتَوْلَدَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ إلَخْ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي سِتَّةَ عَشْرَ آيَةً وَبَيَّنَهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ إلَخْ وَلَا نَفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلْيُعْرَفْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِنْ رَاجَعَهَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ.
[فَصْلٌ الِاخْتِلَافِ فِي الرَّجْعَةَ]
(قَوْلُهُ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ) عِبَارَتُهُ وَإِنْ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ قَدْ رَاجَعْتُك أَمْسِ أَوْ يَوْمَ كَذَا الْيَوْمُ مَاضٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَ رَجْعَةً وَهَكَذَا لَوْ قَالَ كُنْت رَاجَعْتُك بَعْدَ الطَّلَاقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ حَقٍّ لَهَا بِأَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَيَرْفَعَهُ بِالْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَذْهَبِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ) وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لِإِنْشَاءٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ
(قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا إلَخْ) لَوْ كَانَتْ امْرَأَةً صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً فَقَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ صَدَقَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَ أَبٍ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَعَرَضَ لَهَا مَرَضٌ أَذْهَبَ عَقْلَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُقْبَلْ، فَإِنْ أَفَاقَتْ وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ.
مَا انْقَضَتْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا قَبْلَهُ.
(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِوَقْتٍ بِأَنْ اقْتَصَرَ هُوَ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ سَابِقَةٌ وَهِيَ عَلَى أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ سَابِقٌ (صُدِّقَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (بِالدَّعْوَى) بِيَمِينِهِ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ سَبَقَتْ الزَّوْجَةُ وَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ مُرَاجَعَتِك، ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ بَلْ بَعْدَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَاعْتَضَدَ دَعْوَاهَا بِالْأَصْلِ، وَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ وَقَالَ رَاجَعْتُك قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك، ثُمَّ قَالَتْ هِيَ بَلْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الِانْقِضَاءِ وَاعْتَضَدَ دَعْوَاهُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا سَبَقَ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَرَاخِي كَلَامِهَا عَنْهُ، فَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَوْلِيَّةٌ فَقَوْلُهُ رَاجَعْتُك كَإِنْشَائِهَا حَالًا وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لَيْسَ بِقَوْلِيٍّ فَقَوْلُهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ عَمَّا تَقَدَّمَ فَكَانَ قَوْلُهُ رَاجَعْتُك صَادَفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ وَكَأَنَّ الرَّوْضَةَ أَسْقَطَتْهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي مَنْشَأِ الرَّجْعَةِ وَهَلْ الْمُرَادُ سَبْقُ الدَّعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ لَا؟ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ نَعَمْ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاعْتَمَدَهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِيمَا إذَا سَبَقَهَا الزَّوْجُ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَاخَ كَلَامُهَا عَنْ كَلَامِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ (فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا يُعْلَمُ غَالِبًا إلَّا مِنْهَا وَالزَّوْجُ يُمْكِنُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبْقٌ حَتَّى يَتَقَدَّمَ بِهِ وَلِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ مُحَقَّقٌ فَهُوَ أَصْلٌ وَالرَّجْعَةُ رَدٌّ لِلنِّكَاحِ فِي الْمَاضِي وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا (وَإِنْ اعْتَرَفَا بِتَرْتِيبِهِمَا وَأَشْكَلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (قُضِيَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ (لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ) وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ.
(فَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ مُنْشِئًا (رَاجَعْتُك فَقَالَتْ مُتَّصِلًا بِهِ قَدْ انْقَضَتْ) عِدَّتِي (قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ رَجْعَتِك (صُدِّقَتْ) لِأَنَّ قَوْلَهُ رَاجَعْت إنْشَاءٌ وَقَوْلَهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ فَيَكُونُ الِانْقِضَاءُ سَابِقًا عَلَى قَوْلِهَا، أَمَّا لَوْ قَالَتْ ذَلِكَ مُتَرَاخِيَةً عَنْ قَوْلِ الزَّوْجِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك أَمْسِ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنَ فَقَالَتْ بَلْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَمْسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مُنْشِئًا لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ السَّابِقِ تَصْدِيقُهَا.
(وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْعِدَّةِ) زَوْجًا آخَرَ (وَادَّعَى مُطَلِّقُهَا) تَقَدُّمَ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (فَلَهُ الدَّعْوَى) بِهِ (عَلَيْهَا، وَكَذَا عَلَى الزَّوْجِ) لِأَنَّهَا فِي حِبَالَتِهِ وَفِرَاشِهِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَطْعِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مِنْ اثْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ سَبْقَ نِكَاحِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ (انْتَزَعَهَا) مِنْ الزَّوْجِ سَوَاءٌ أَدْخَلَ أَمْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً (فَإِنْ بَدَأَ بِهَا) فِي الدَّعْوَى (فَأَقَرَّتْ) لَهُ بِالرَّجْعَةِ (لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهَا (عَلَى الثَّانِي مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهَا (فَإِنْ زَالَ حَقُّهُ) بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ حَلَفَ الْأَوَّلُ يَمِينَ الرَّدِّ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهَا (سُلِّمَتْ لِلْأَوَّلِ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ (وَقَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ زَوَالِ حَقِّ الثَّانِي (يَجِبُ عَلَيْهَا لِلْأَوَّلِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِلْحَيْلُولَةِ) أَيْ لِأَنَّهَا أَحَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي حَتَّى لَوْ زَالَ حَقُّ الثَّانِي رُدَّ لَهَا الْمَهْرُ لِارْتِفَاعِ الْحَيْلُولَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ لِلْحَيْلُولَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي حِبَالَةِ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا) أَيْ زَوْجِيَّتَهَا (آخَرُ فَأَقَرَّتْ) لَهُ بِهَا (وَقَالَتْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا سَبَقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ) وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْعَدَدِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ أَحَدِهِمَا فَالْعَكْسُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا صُدِّقَ الزَّوْجُ وَالْمُدْرَكُ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ هُوَ غَفْلَةٌ فَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْعَدَدِ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا عِنْدَ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ لَا عَكْسِهِ فَفِيهِمَا هُنَاكَ لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِي الرَّجْعَةُ وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهَا، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ طَلَّقْتُك يَوْمَ السَّبْتِ وَقَالَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَصُدِّقَ فِيهِ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَتْ وَلَدْت يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ يَوْمَ السَّبْتِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ فِي الْوِلَادَةِ فَكَذَا فِي وَقْتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ وَادَّعَى تَقَدُّمَ الْوِلَادَةِ وَهِيَ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ سَلْطَنَةِ النِّكَاحِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ عِنْدَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ هُنَاكَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْعِفُهُ وَيُعَرِّضُهُ لِلزَّوَالِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ فَقَدْ سَبَقَ فِيهَا طَلَاقٌ ضَعُفَ بِهِ النِّكَاحُ وَصَارَ زَوَالُهُ مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَانْقِضَاؤُهَا مَرْجُوعٌ فِيهِ إلَى قَوْلِهَا فَلِهَذَا نَظَرْنَا هُنَا إلَى السَّابِقِ بِالدَّعْوَى وَرَجَّحْنَا قَوْلَهُ هُنَاكَ عِنْدَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى وَقْتٍ لِسَلَامَةِ الْعِصْمَةِ عَمَّا يُورِثُ خَلَلًا فِيهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك أَمْسِ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنَ فَقَالَتْ بَلْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَمْسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مُنْشِئًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا التَّزَوُّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ غَائِبًا وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ رَاجِعٌ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي حُبَالَةِ رَجُلٍ إلَخْ) ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا