الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إذْ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ مَمْنُوعٌ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ كَمَا يَعْصِي بِتَأْخِيرِ التَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا وَنَسِيَ عَيْنَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ إزَالَةَ الْحَبْسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ (فَيُحْبَسُ لَهُ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (فَإِنْ لَمْ يَنْفَعْ) فِيهِ الْحَبْسُ (عُزِّرَ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ وَيُكَرِّرُهُ (مَرَّاتٍ إلَى أَنْ يَخْتَارَ) بِشَرْطِ تَخَلُّلِ مُدَّةٍ يَبْرَأُ بِهَا عَنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ (وَأَنْفَقَ) الزَّوْجُ (عَلَيْهِنَّ) وُجُوبًا إلَى أَنْ يَخْتَارَ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي حَبْسِهِ قَالَ الْقَاضِي.
فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْفِقَ إلَّا عَلَى أَرْبَعٍ وَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَمِيعِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّهُنَّ مُمْتَنِعَاتٌ عَنْ الْأَزْوَاجِ بِسَبَبِهِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَفْرِضُ أَنَّهَا الْمَنْكُوحَةُ وَالنَّفَقَةُ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّ نَصِيبَ الزَّوْجَاتِ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِنَّ بَلْ لِلْكُلِّ مَا لِلْوَاحِدَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا حُبِسَ لَا يُعَزَّرُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَعَلَّهُ يَتَرَوَّى وَأَقْرَبُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ مُدَّةُ الِاسْتِنَابَةِ أَيْ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْإِمْهَالِ الِاسْتِنْظَارَ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (فَإِنْ امْتَهَلَ) بِمَعْنَى اسْتَمْهَلَ (أُمْهِلَ ثَلَاثَةً) فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَوِّي شَرْعًا (لَا بِالنَّفَقَةِ) أَيْ لَا يُمْهَلُ لَهَا لِتَضَرُّرِهِنَّ بِتَأْخِيرِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَخْتَارُ أَحَدٌ) مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ (عَنْ مُمْتَنِعٍ) مِنْ الِاخْتِيَارِ (وَ) عَنْ (مَيِّتٍ) بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ فِي الْإِيلَاءِ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلِأَنَّ حَقَّ الْفِرَاقِ فِيهِ لَيْسَ لِمُعَيَّنَةٍ وَقَوْلُهُ وَمَيِّتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ
(فَرْعٌ)(لَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهِنَّ (فَعِدَّةُ الْحَامِلِ بِالْوَضْعِ) وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ (وَ) عِدَّةُ (ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ وَلِلْفِرَاقِ فَأَخَذَ بِالْأَحْوَطِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَعِدَّةُ الْوَفَاةِ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ (وَابْتِدَاءُ الْأَقْرَاءِ مِنْ) وَقْتِ (الْإِسْلَامِ) أَيْ إسْلَامِهِمَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُفَارِقَةٌ بِالِانْفِسَاخِ وَهُوَ يَحْصُلُ مِنْ حِينَئِذٍ (وَابْتِدَاءُ الْأَشْهُرِ مِنْ) وَقْتِ (مَوْتِهِ وَيُوقَفُ لَهُنَّ مِيرَاثُ الزَّوْجَاتِ) مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ بِعَوْلٍ أَوْ دُونِهِ (حَتَّى يَصْطَلِحْنَ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحَقِّهِ فَيُقْسِمُ بَيْنَهُنَّ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِهِنَّ بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَصَالَحَ عَنْهَا وَلِيُّهَا فَيُمْتَنَعُ بِدُونِ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ.
(فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا وَفِيهِنَّ صَغِيرَةٌ فَصَالَحَ) عَنْهَا (وَلِيُّهَا عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (الثَّمَنِ لَا) عَلَى (أَقَلَّ) مِنْهُ (جَازَ) اعْتِبَارًا بِعَدَدِهِنَّ وَتَسَاوِيهِنَّ فِي ثُبُوتِ الْأَيْدِي بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْحَظِّ لِمُوَلِّيَتِهِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ لِيَقَعَ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنْ تَقُولَ كُلٌّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا إنَّهَا هِيَ الزَّوْجَةُ ثُمَّ تَسْأَلُهَا تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا هَذَا إذَا اصْطَلَحْنَ جَمِيعًا (فَإِنْ طَلَبَ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ) فَأَقَلُّ (شَيْئًا) مِنْ الْمَوْقُوفِ (بِلَا صُلْحٍ مُنِعْنَ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزَّوْجَاتِ غَيْرُهُنَّ (أَوْ) طَلَبَهُ (خَمْسٌ) مِنْهُنَّ (أُعْطِينَ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ) لِعِلْمِنَا أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَةً (وَالسِّتُّ) إذَا طَلَبْنَهُ أُعْطِينَ (نِصْفَهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ لِعِلْمِنَا أَنَّ فِيهِنَّ زَوْجَتَيْنِ وَإِنْ طَلَبَهُ سَبْعٌ أُعْطِينَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ (وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ) أَيْ بِمَا أَخَذْنَهُ (حَقُّهُنَّ) أَيْ تَمَامُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِنَّ أَنْ يُبَرِّئْنَ عَنْ الْبَاقِي وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ فِيهِنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَدْفُوعَ فَكَيْفَ نُكَلِّفُهُنَّ بِدَفْعِ الْحَقِّ إلَيْهِنَّ إسْقَاطَ حَقٍّ آخَرَ إنْ كَانَ وَحَكَى مَعَ ذَلِكَ وَجْهًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا أُعْطِينَ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ.
وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ نِسْبَةُ هَذَا إلَى النَّصِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ صَرِيحًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنَسَبَهُ فِي الْبَيَانِ لِلْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعِلَّتُهُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَحْصُلَ لِصَاحِبِهِ مِثْلُهُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ حِرْمَانُ بَعْضٍ وَإِعْطَاءُ بَعْضٍ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ
(وَلَوْ كَانَ فِيهِنَّ) أَيْ الثَّمَانِ اللَّاتِي أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ (أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ) وَأَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ (أَوْ كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَكِتَابِيَّةٌ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) وَمَاتَ (وَلَمْ يُبَيِّنْ) فِي الصُّورَتَيْنِ (لَمْ يُوقَفْ لَهُنَّ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ لِلْإِرْثِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِنَّ الْكِتَابِيَّاتِ (وَاقْتَسَمَ بَاقِي الْوَرَثَةِ الْجَمِيعَ) أَيْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ الِاخْتِيَارُ وَالتَّعْيِينُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاجِبٌ فِي النِّكَاح]
قَوْلُهُ أَوْ مُعَيَّنًا وَنَسِيَ عَيْنَهَا) أَيْ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا
[فَرْعٌ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ مِنْ زَوْجَاتِهِ]
(قَوْلُهُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْأَقْرَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَوْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بُطْلَانِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِلضَّرُورَةِ