الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ وَيُؤَثِّرُ فِي إثْبَاتِ الْحَدِّ عَلَيْهَا كَالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالْيَمِينِ فِي امْتِنَاعِ الْعَوْدِ إلَيْهَا بَعْدَ النُّكُولِ؛ لِأَنَّهَا بِالنُّكُولِ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُدَّعِي فَفِي تَمْكِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الِانْتِقَالِ إبْطَالُ حَقِّهِ وَاللِّعَانُ بِالِامْتِنَاعِ عَنْهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْغَيْرِ وَكَالْحَدِّ فِيمَا ذَكَرَ التَّعْزِيرُ (لَا) إنْ طَلَبَهُ (بَعْدَهُ) فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ كَذِبُهُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ) وَالطَّالِبُ لَهُ الزَّوْجُ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (زَنَيْت وَأَنْت صَغِيرَةٌ وَجَبَ التَّعْزِيرُ) لِلْإِيذَاءِ (فَيُسْأَلُ) عَنْ بَيَانِ الصِّغَرِ (فَإِنْ ذَكَرَ سِنًّا يَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لَاعَنَ) لِإِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ذَكَرَ سِنًّا لَا يَحْتَمِلُهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا (فَلَا) يُلَاعِنُ كَمَا مَرَّ وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ) زَنَيْت (وَأَنْت مَجْنُونَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ وَعُرِفَ لَهَا حَالٌ كَذَلِكَ) أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (عُزِّرَ) وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ (وَلَاعَنَ) لِإِسْقَاطِ التَّعْزِيرِ (وَإِنْ عُلِمَ وِلَادَتُهَا فِي الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةُ) وَسَلَامَةُ عَقْلِهَا (حُدَّ) لِلْقَذْفِ الصَّرِيحِ وَتُلْغَى الْإِضَافَةُ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهَا وَاخْتَلَفَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْغَالِبُ سَلَامَةُ الْعَقْلِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِي صُورَتَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ (فَتَحْلِفُ) أَنِّي (مَا كُنْت كَذَلِكَ وَيُحَدُّ) هُوَ، وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَعُزِّرَ (وَكَذَا) الْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا (إنْ قَالَ) لَهَا (أَنْت الْآنَ أَمَةٌ فَأَنْكَرَتْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ (لَا) إنْ قَالَ أَنْت الْآنَ (كَافِرَةٌ) فَأَنْكَرَتْ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى يَمِينٍ (بَلْ تَصِيرُ مُسْلِمَةً بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّهَا إذَا قَالَتْ أَنَا مُسْلِمَةٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهَا وَهُوَ هُنَا إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ وَالْأَصْلُ فِي الدَّارِ الْإِسْلَامُ (فَلَوْ قَالَتْ أَرَدْت بِقَوْلِك) لِي (وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ) أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ (وَصْفِي بِالصِّغَرِ) أَوْ الْجُنُونِ أَوْ الْكُفْرِ أَوْ الرِّقِّ (وَقَذْفِي فِي الْحَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْحَالِ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ تَعْلِيقُ الزِّنَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ فَتَرْجِيحُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي صُورَةِ الْكُفْرِ (وَمَتَى قَالَ) لَهَا (زَنَيْت وَقَالَ) بَعْدَهُ (أَرَدْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ) أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ، وَإِنْ عُهِدَ لَهَا تِلْكَ الْحَالَةُ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ فِي الْحَالِ ظَاهِرُهُ يُوجِبُ الْحَدَّ (وَإِنْ قَالَ هِيَ تَعْلَمُ أَنِّي أَرَدْته حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَحُدَّ لَهَا، وَإِنْ عُهِدَ لَهَا تِلْكَ الْحَالَةُ (وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ وَلَدِ مَجْنُونَةٍ قَذَفَهَا) كَوَلَدِ الْعَاقِلَةِ (فَإِنْ لَاعَنَ) لِنَفْيِ الْوَلَدِ أَوْ غَيْرِهِ (وَقَذَفَهَا عَاقِلَةً) أَوْ مَجْنُونَةً لَكِنْ أَضَافَ زِنَاهَا إلَى حَالَةِ الْعَقْلِ (ثُمَّ أَفَاقَتْ وَلَمْ تُلَاعِنْ حُدَّتْ) فَإِنْ لَاعَنَتْ سَقَطَ عَنْهَا الْحَدُّ.
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمُلَاعِنِ
وَلَهُ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَهْلِيَّةُ الْيَمِينِ) لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ مُؤَكَّدٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لِآيَةِ اللِّعَانِ مَعَ «قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ احْلِفْ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنَّك لَصَادِقٌ» وَلَا يُنَافِي فِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ كِنَايَةٌ فِي الْيَمِينِ وَلَا مُطْلِعَ لِلْقَاضِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ هُنَا عَلَى نِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِالْكِنَايَةِ فَحَلَفَ وَأَطْلَقَ انْعَقَدَتْ بِيَمِينِهِ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي الْوَاقِعَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمُكْرَهٍ (وَلَا عُقُوبَةَ) عَلَيْهِمْ (نَعَمْ يُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ) مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ (بِبُلُوغِهِ) وَإِفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِلزَّجْرِ عَنْ سُوءِ الْأَدَبِ وَقَدْ حَدَثَ لَهُ زَاجِرٌ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ التَّكْلِيفُ (وَيُلَاعِنُ الذِّمِّيُّ وَالرَّقِيقُ) وَالْمَحْدُودُ بِالْقَذْفِ، وَكَذَا الذِّمِّيَّةُ وَالرَّقِيقَةُ وَالْمَحْدُودَةُ بِالْقَذْفِ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ
(فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَاعَنَ دُونَهَا حُدَّتْ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا) وَلَمْ تَرْضَ هِيَ بِحُكْمِنَا (فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْهَا عُزِّرَ) لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ هُوَ بِحُكْمِنَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا
(الشَّرْطُ الثَّانِي الزَّوْجِيَّةُ) فَلَا لِعَانَ لِأَجْنَبِيٍّ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهُ إلَى الْقَذْفِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ السَّيِّدُ مَعَ أَمَتِهِ (وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ) فِي جَوَازِ اللِّعَانِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ أَقَذَفَهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا أَمْ بَعْدَهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهِ مِنْهَا أَحْكَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رَجْعَتِهَا مَا لَوْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُضَارَّةَ فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا مُنْتَفِيَةٌ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ فِي الظِّهَارِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَوْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالرَّجْعَةِ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَمَدَارُهُ عَلَى الْفِرَاشِ وَلُحُوقِ النَّسَبِ وَالرَّجْعِيَّةُ فِيهِمَا كَالْمَنْكُوحَةِ وَفِي التَّأْخِيرِ خَطَرُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ امْتَنَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ]
قَوْلُهُ فَتَرْجِيحُ الثَّانِي مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْمُلَاعِنِ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ مُؤَكَّدَةٌ إلَخْ) أَوْ شَهَادَةٌ أَوْ يَمِينٌ فِيهَا شَائِبَةُ شَهَادَةٍ أَوْ عَكْسُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ عَدَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ أَقْوَى الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لِآيَةِ اللِّعَانِ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِهِلَالٍ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَتَتْ الْمَرْأَةُ بِالْوَلَدِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يَصِحُّ مِنْ الْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى، وَلَوْ كَانَ شَهَادَةً لَمَا صَحَّ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ الْمُلَاعِنَ يَدْرَأُ بِلِعَانِهِ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ وَشَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٌ، وَوُجِّهَ الثَّالِثُ بِأَنَّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ اللِّعَانِ، ثُمَّ أَرَادَهُ مُكِّنَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهَا وَبِمِثْلِهِ يُوَجَّهُ الرَّابِعُ (قَوْلُهُ فَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْفِرَاقَ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ.