الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ) أَوْصَى (لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ أَوْ الرِّيَاحِ أَوْ الْحِيطَانِ) أَوْ نَحْوِهَا (أُعْطِيَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ وَلِلْفُقَرَاءِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ (وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلَّهِ فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ ثُمَّ الْبَاقِي يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْقُرْبِ) لِأَنَّهَا مَصْرَفُ الْحُقُوقِ الْمُضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ وَذَكَرَ فِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْأَقْوَى صَرْفُ الْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ (وَلَوْ أَوَصَى بِثُلُثِهِ لِلَّهِ) تَعَالَى (صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ) عَلَى مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ لِلْمَسَاكِينِ) مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُوصَى لَهُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ.
(الْقِسْمُ الثَّانِي الْأَحْكَامُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ) لَهُ (سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ صَحَّ) ذَلِكَ (وَيُعَيِّنُ الْوَارِثُ) السَّنَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَحْمِلُ الْإِطْلَاقَ عَلَى سَنَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِمَوْتِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُضْطَرًّا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَعَلِمَ الْمُوصِي وَقَصَدَ إعَانَتَهُ وَأَمَّا إحَالَةُ الْأَمْرِ عَلَى تَعْيِينِ الْوَارِثِ فَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ قَالَ: لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْقَاضِي لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ هَذَا الْبُسْتَانِ سَنَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا فَتَعْيِينُهَا إلَى الْوَارِثِ (وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ) فِي الْوَصِيَّةِ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ (بِمُدَّةِ حَيَاةِ زَيْدٍ وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ هَذَا الْعَامَ فَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ فَالْقَابِلُ) أَيْ فَبِثَمَرَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ وَتَصِحُّ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ هَذَا الْعَامِ وَإِنْ مَرِضَ فَبِخِدْمَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ) الْمُوصَى بِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا مُجَرَّدَ إبَاحَةٍ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَعْيَانِ وَتُوَرِّثُ الْمَنْفَعَةُ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَلَهُ إجَارَتُهَا وَإِعَارَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَوْ تَلَفَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ.
(نَعَمْ قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لَكَ بِمَنَافِعِهِ) أَيْ بِأَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ (حَيَاتَكَ أَوْ بِأَنْ تَسْكُنَ) هَذِهِ (الدَّارَ أَوْ بِأَنْ يَخْدُمَكَ) هَذَا (الْعَبْدُ إبَاحَةً لَا تَمْلِيكَ فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ وَفِي الْإِعَارَةِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْعُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَكَ بِسُكْنَاهَا أَوْ بِخِدْمَتِهِ أَوْ بِمَنَافِعِهِ) فَلَيْسَ بِإِبَاحَةٍ بَلْ تَمْلِيكٌ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّهُ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأَسْنَدَهُ إلَى الْمُخَاطَبِ فَاقْتَضَى قُصُورَهُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَنَافِعِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَقَوْلُهُ) لِلْوَصِيِّ (أَطْعِمْ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالِي تَمْلِيكٌ) لَهُ (كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ وَ) قَوْلُهُ لَهُ (اشْتَرِ خُبْزًا وَاصْرِفْهُ لِجِيرَانِي إبَاحَةٌ) كَذَا نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَلَمْ أَرَهُمَا فِيهَا وَكَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يُقْصَدُ بِذَلِكَ إلَّا التَّمْلِيكُ وَفِي جَعْلِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ تَمْلِيكًا وَإِبَاحَةً تَسَمُّحٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُقْتَضٍ لَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ
.
(فَصْلٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ إثْبَاتُ الْيَدِ) عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا
(وَ) لَهُ (الْأَكْسَابُ الْمُعْتَادَةُ) مِنْ احْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ (وَكَذَا) لَهُ (الْمَهْرُ) الْحَاصِلُ بِوَطْءِ شُبْهَةِ أَوْ نِكَاحٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَقِيلَ: إنَّهُ لِوَارِثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا يُوصَى بِهَا وَلَا يُسْتَحَقُّ بَدَلُهَا بِالْوَصِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ فِي الْأَصْلِ وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَحَكَى فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ.
وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا (لَا) الْأَكْسَابَ (النَّادِرَةَ كَالْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَلِلْوَلَدِ) الَّذِي أَتَتْ بِهِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (حُكْمُ أُمِّهِ) فِي أَنَّ الرَّقَبَةَ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهَا لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَفَارَقَ وَلَدَ الْمَوْقُوفَةِ حَيْثُ كَانَ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفَةِ أُمُّهُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمِلْكَ ثَمَّ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِهِ هُنَا، كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ أَيْضًا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُوصِي لَمْ يُخْرِجْهَا وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْمَنْفَعَةَ لَكِنَّ الْمَنْفَعَةَ اسْتَتْبَعَتْ الْعَيْنَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا فَلَوْ وَطِئَهَا) فَأَوْلَدَهَا (فَالْوَلَدُ حُرٌّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَالْهَاشِمِيَّةِ وَالطَّالِبِيَّةِ وَالْعَلَوَيَّةِ]
قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ) عِبَارَتُهُ وَاحْتَجُّوا لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ زَوَائِدِهِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَام الْوَصِيَّة الْأَحْكَامُ الْمَعْنَوِيَّةُ]
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ فَكَانَتْ كَالْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ: وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِطْعَامَ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُرَادًا بِهِ التَّمْلِيكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَحُمِلَ فِي لَفْظِ الْمُوصَى عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّرْفُ.
[فَصْلٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا]
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ غُصِبَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَإِنَّ لَهُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِمَهْرِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ فِي جَوَابِهِ وَهُوَ الْفَارِقُ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكَسْبَ النَّادِرَ وَالْمُعْتَادَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَيَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ مَشْهُورٍ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَئُولُ الْمِلْكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْوَاقِفِ تَعَلُّقٌ بِالْعَيْنِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا فَإِنَّ مِلْكَ الْوَرَثَةِ بَاقٍ عَلَيْهَا وَوَلَدُهَا لَهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ سَكَتُوا عَنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا يُفْرَدُ عَنْ الْمَهْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَهْرِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْدَرِجُ فِيهِ فَوَاضِحٌ اهـ وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيِّ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ
نَسِيبٌ وَلَا حَدَّ) عَلَى الْوَاطِئِ لِلشُّبْهَةِ كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَجَزَمَ فِي الْوَقْفِ بِأَنَّهُ يَحُدُّ وَقَاسَ عَلَيْهِ مَا صَحَّحَهُ مِنْ حَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمَا صَحَّحَهُ هُنَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَالْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ أَوْجَهُ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَوْ وُجُوبُ الْحَدِّ فِي الْوَصِيَّةِ دُونَ الْوَقْفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا أَبَدًا أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَا مُدَّةً فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَأْجَرِ (وَلَا اسْتِيلَادَ) بِإِيلَادِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ الْمَمْلُوكَ لَيْسَ كَالْكَسْبِ (وَيَشْتَرِي بِهَا عَبْدٌ وَيَكُونُ مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ الْأَمَةِ فِي أَنَّ رَقَبَتَهُ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتَهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَقِيلَ الْقِيمَةُ لِلْوَارِثِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْعَبْدِ بِالرَّقِيقِ كَانَ أَوْلَى لِيُفِيدَ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّ كَانَ ذَكَرًا اشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدًا أَوْ أُنْثَى اشْتَرَى بِقِيمَتِهَا أَمَةَ.
(وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَكَسْبِهِ وَسُكْنَى دَارٍ وَغَلَّتِهَا (لَا يَسْتَحِقُّ غَيْرَهَا وَبِسُكْنَى دَارٍ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهَا عَمَلَ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ) إلَّا أَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ.
(فَرْعٌ: لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ السَّفَرُ بِالْعَبَدِ) الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ لِئَلَّا يَخْتَلَّ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَيْسَ كَزَوْجِ الْأَمَةِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ ثَمَّ لِلسَّيِّدِ (وَنَفَقَتُهُ) الشَّامِلَةُ لِلْكِسْوَةِ وَنَحْوِهَا (وَفِطْرَتُهُ عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ) كَانَ الْإِيصَاءُ بِالْمَنْفَعَةِ (مُؤَبَّدًا) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَخَلَاصُهُ أَنْ يَعْتِقَهُ وَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ كَانَ كَالْوَارِثِ فِيمَا ذُكِرَ، وَعَلَفُ الْبَهِيمَةِ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَلِلْوَارِثِ إعْتَاقُهُ) لِأَنَّ رَقَبَتَهُ لَهُ (لَا) إعْتَاقُهُ (عَنْ كَفَّارَةٍ) لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ لِنَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الزَّمِنَ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَيَظْهَرُ الْجَوَازُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: وَمِثْلُ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ إعْتَاقُهُ عَنْ النَّذْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ (وَتَبْقَى مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةً) لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا كَانَتْ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمُسْتَأْجَرَ (وَلَا يَرْجِعُ) الْعَتِيقُ عَلَى الْمُعْتِقِ (بِقِيمَتِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ كِتَابَتُهُ؛ لِأَنَّ أَكْسَابَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَيْرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
وَلَوْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ الْأَمَةُ فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ وَتَزَوَّجَتْ بِحُرٍّ أَوْ بِرَقِيقِ وَعَتَقَ كَانَ أَوْلَادُهَا أَرِقَّاءَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَابُ انْعِقَادُهُمْ أَحْرَارٌ وَيَغْرَمُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ فَوَّتَهُمْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ (وَفِي الدَّارِ) الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا (لَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْعِمَارَةِ) لَهَا (وَلَا يُمْنَعُ) مِنْهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْوَارِثُ كَمَا مَرَّ لِحُرْمَةِ الزَّوْجِ وَكَعِمَارَةِ الدَّارِ سَقْيُ الْبُسْتَانِ الْمُوصَى بِثِمَارِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ (مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ لَا) مِنْ (غَيْرِهِ جَازَ) وَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً أَوْ جَمَادًا إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ تَقْصِدُ بِالْبَيْعِ غَالِبًا بِخِلَافِهِ هُوَ لِاجْتِمَاعِ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ فِي مِلْكِهِ (إلَّا مَا قُدِّرَ) الْإِيصَاءُ فِيهِ (بِمُدَّةٍ) مَعْلُومَةٍ (فَلَهُ حُكْمُ الْمُسْتَأْجَرِ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ اجْتَمَعَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ وَقَدْ حَكَى الدَّارِمِيّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ الصِّحَّةُ مِنْ الْوَارِثِ دُونَ غَيْرِهِ وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَيَأْتِي تَصْوِيرُ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ (وَكَذَا مَا أَوْصَى بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ كَالنَّتَاجِ) أَيْ كَالْحَيَوَانِ الْمُوصَى بِنَتَاجِهِ (يَجُوزُ بَيْعُهُ) مُطْلَقًا لِبَقَاءِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ وَفَوَائِدِهِ كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَالظَّهْرِ، وَصُورَةُ بَيْعِهِ أَنْ يَبِيعَهُ حَائِلًا؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ حَامِلًا بَاطِلٌ لِكَوْنِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ مُسْتَثْنَى شَرْعًا وَلَا يُشْكَلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ مُتَعَلَّقٌ بِعَيْنِهَا بِخِلَافِهِ هُنَا.
(فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَارِثِ وَطْءَ) الْأَمَةِ (الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحْبَلُ) لِمَا فِيهِ مِنْ خَوْف -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مَا صَحَّحَاهُ فِي الْبَابَيْنِ مِنْ حَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مِلْكُهُ لَهَا أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِمَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُوصِي بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَتَصَرُّفُهُ فِيهَا أَتَمُّ مِنْ تَصَرُّفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِإِجَارَةِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ وَإِعَارَتِهِ وَالسَّفَرِ بِهِ وَنَحْوِهَا وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِجَارَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَا نَحْوِهَا (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَأْجِرِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ السَّفَرُ) أَيْ الْغَالِبُ فِيهِ الْأَمْنُ (قَوْلُهُ بِالْعَبْدِ) يَنْبَغِي جَوَازُ سَفَرِهِ بِالْأَمَةِ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ الْجَوَازْ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا مَرْدُودٌ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِنُقْصَانِ مَنَافِعِهِ (قَوْلُهُ وَتَبْقَى مَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمَنَافِعِ لِلْمُوصَى لَهُ مَجِيءُ مَا سَبَقَ فِي أَكْسَابِهِ وَغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ وَرِثَهُ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْهِبَةِ حَتَّى يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ الظَّاهِرُ الْمَنْعِ، وَلَوْ مَلَكَ عَبْدًا بِالْإِرْثِ فَمَا اكْتَسَبَهُ عِنْدَهُ هَلْ يَفُوزُ بِهِ أَوْ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ نَفْسَهُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ أَجَّرَ الْحُرُّ نَفْسَهُ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَعَارَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَادُهَا أَرِقَّاءَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ غَيْرِهِ جَازَ) لَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَالْوَارِثُ كَافِرَيْنِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ وَامْتَنَعَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ شِرَائِهِ وَالتَّفْرِيعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ كَافِرًا فَيُشْبِهُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى نَقْلِ الْمَنَافِعِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالُوهُ فِي اسْتِئْجَارِ الْكَافِرِ مُسْلِمًا غ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ إلَخْ لَا يُجْبَرُ. وَقَوْلُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يُجْبَرَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا) قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ لَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُدَّةً طَوِيلَةً فِي عَبْدٍ مَثَلَا بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنْ لَا يَبْقَى بَعْدَهَا فَلَعَلَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ هُنَا وَفِي الْمُسْتَأْجَرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَمْلَ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ، وَكَتَبَ أَيْضًا الظَّاهِرُ صِحَّةُ بَيْعِهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ وَقَدْ تَنَاوَلَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ فَدَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ نَصِيبُ الْآخَرِ.