الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالسُّدُسُ) لَهُ كَمَا مَرَّ وَالْبَاقِي لِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعُصُوبَةِ (وَلَهُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ) فَأَكْثَرَ أَوْ مَعَهُمَا (السُّدُسُ فَرْضًا) لِأَنَّ آيَتَهُ لَمْ تُفَضِّلْ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْأَوْلَادِ (وَالْبَاقِي) بَعْدَ فَرْضِ الْبَنَاتِ (بِالتَّعْصِيبِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (وَالْجَدُّ) فِي النَّسَبِ (كَالْأَبِ) فِي الْمِيرَاثِ (إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ)
وَالْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ الْأُمِّ (كَمَا سَيَأْتِي) بَيَانُهُ (وَالْأَبُ يُسْقِطُهُمْ. الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْأُمَّ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الثُّلُثِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي)
بَلْ لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا دَرَجَةً فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَفْضُلَهَا (وَالْأَبُ يَرُدُّهَا) إلَيْهِ كَمَا مَرَّ.
(الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُ أُمَّ الْأَبِ) وَإِنْ أَسْقَطَ أُمَّ نَفْسِهِ (وَالْأَبُ يُسْقِطُهَا) ، لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلَ بِالْجَدِّ بِخِلَافِهَا فِي الْأَبِ.
(فَصْلٌ: وَالِابْنُ) إذَا انْفَرَدَ (يَحُوزُ الْجَمِيعَ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ إذَا اُجْتُمِعَ مَعَ الْبِنْتِ يَأْخُذُ ضِعْفَ مَا تَأْخُذُهُ وَهِيَ إذَا انْفَرَدَتْ تَأْخُذُ النِّصْفَ فَالِابْنُ إذَا انْفَرَدَ يَأْخُذُ ضِعْفَهُ وَهُوَ الْكُلُّ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَخِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] بَلْ أَوْلَى (وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) لِلْإِجْمَاعِ، وَلِآيَةِ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] ، وَلِآيَةِ {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً} [النساء: 176] وَإِنَّمَا فَضَّلَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ قَوَّامٌ عَلَى النِّسَاءِ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَخُولِفَ هَذَا فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ فَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِآيَتِهِمْ.
(فَرْعٌ لَا شَيْءَ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ)
لِحَجْبِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ (وَلَهُ مَا زَادَ عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (فَرْضِ الْبِنْتِ وَالْبَنَاتِ يَعْصِبُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ مِمَّنْ لَا فَرْضَ لَهَا) مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أُخْتُهُ أَوْ بِنْتُ عَمِّهِ أَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَكَمَا فِي الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ، وَأَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ فَلِتَعَذُّرِ إسْقَاطِهِ فَإِنَّهُ عَصَبَةٌ ذَكَرٌ فَحِرْمَانُ مَنْ فَوْقَهُ مَعَ قُرْبِهِ وَحَوْزِهِ وَهُوَ مَعَ بُعْدِهِ بَعِيدٌ، وَلَوْ كَانَ فِي رُتْبَتِهَا لَمْ يُفْرَدْ مَعَ قُرْبِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ فِي دَرَجَتِهَا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُعَصِّبُ مَنْ هِيَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَى مِنْهُ إذَا أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ السُّدُسِ (وَلِبِنْتِ الِابْنِ وَبَنَاتِهِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لَا) مَعَ (بَنَاتِهِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْبَنَاتِ لَيْسَ لَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ، فَالْبِنْتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْنَ شَيْئًا مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ لَهُنَّ وَلَا عُصُوبَةَ (وَأَوْلَادُ الِابْنِ عِنْدَ) وُجُودِ (أَوْلَادِ ابْنِ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ عِنْدَهُمْ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِهِمْ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِمْ سَوَاءٌ أَكَانُوا إخْوَةً أَمْ بَنِي أَعْمَامٍ أَمْ إخْوَةً وَبَنِي أَعْمَامٍ (وَكَذَا كُلُّ دَرَجَةٍ) عَالِيَةٍ مَعَ دَرَجَةٍ سَافِلَةٍ فَإِنَّ حُكْمَهَا مَا ذُكِرَ.
(وَلَيْسَ) لَنَا فِي الْفَرَائِضِ (مَنْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ، وَعَمَّتَهُ، وَعَمَّةُ أَبِيهِ وَ) عَمَّةُ (جَدِّهِ وَبَنَاتُ عَمِّهِ، وَبَنَاتُ عَمِّ أَبِيهِ وَ) بَنَاتُ عَمِّ (جَدِّهِ إلَّا الْأَسْفَلُ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ) .
(فَصْلٌ: الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ (كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) عِنْدَ انْفِرَادِهِمْ عَنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَلِلذَّكَرِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ مَا بَقِيَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَيَزِيدُ الْعَصَبَةُ مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَسْقُطُونَ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ بِخِلَافِ الْعَصَبَةِ مِنْ الْأَوْلَادِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ اسْتِغْرَاقٌ.
(وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ (كَهُمَا لِلْأَبَوَيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ (إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِكَسْرِهَا عَلَى نِسْبَةِ التَّشْرِيكِ إلَيْهَا مَجَازًا، وَيُقَالُ الْمُشْتَرَكَةُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ بِتَاءٍ بَعْدَ الشِّينِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى: الْمُشَرَّكُ فِيهَا بَيْنَ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادِ الْأُمِّ فَإِنَّ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ يَنْقَلِبُونَ فِيهَا إلَى الْفَرْضِ، وَأَوْلَادَ الْأَبِ يَسْقُطُونَ لِمَا سَيَأْتِي.
(وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ) وَمِثْلُهَا الْجَدَّةُ (وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ) فَأَكْثَرُ (لِأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَدْرُ السُّدُسِ كَابْنَتَيْنِ وَأُمٍّ أَوْ أَقَلَّ كَابْنَتَيْنِ وَزَوْجٍ ف (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ. . . إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فَائِدَةُ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهِيَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الْإِرْثِ وَلِهَذَا جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ: وَالْأَوْلَى هُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَحَقَّ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ الْأَحَقُّ وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّجُلُ يُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ وَفِي مُقَابَلَةِ الصَّبِيِّ جَاءَتْ لِبَيَانِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ.
وَهَذَا كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فِي مِثْلِ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] إنَّ اسْمَ الْجِنْسِ مُتَحَمِّلٌ لِلْفَرْدِيَّةِ وَالْجِنْسِ مَعًا وَبِالصِّفَةِ يَعْلَمُ الْمُرَادُ فَلَمَّا وُصِفَتْ الدَّابَّةُ وَالطَّائِرُ بَقِيَ الْأَرْضِ، وَيَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ لَا الْفَرْدُ م (قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ كَالْأَبِ. . . إلَخْ) فَلَهُ الْحَالَاتُ الثَّلَاثُ فَيَرِثُ بِالْعُصُوبَةِ عِنْد عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَبِالْفَرْضِ مَعَ الْفَرْعِ الْعَاصِبِ أَوْ إذَا اُسْتُغْرِقَ أَهْلُ الْفُرُوضِ أَوْ أَبْقُوا قَدْرَ السُّدُسِ أَوْ أَقَلَّ كَمَا سَبَقَ، وَيَرِثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعًا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ أَوْ مِنْهُمَا مَا يَفْضُلُ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مَعْنَى الرَّحِمِ بِالْوِلَادَةِ وَمَعْنَى التَّعْصِيبِ بِالذُّكُورَةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَابْنِ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ، وَقَالُوا لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَالْفَرْضِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاث مَسَائِلَ. . . إلَخْ) أَبُو الْجَدِّ وَمَنْ فَوْقَهُ كَالْجَدِّ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْجُبُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا يَحْجُبُهَا مَنْ فَوْقَهُ
[فَصْلٌ مِيرَاث الِابْن]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) إنَّمَا فُضِّلَ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالنُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ. وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهَا نِصْفَ مَا لِلذَّكَرِ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ وَالذَّكَرُ لَهُ حَاجَتَانِ: حَاجَةٌ لِنَفْسِهِ وَحَاجَةٌ لِزَوْجَتِهِ، وَالْأُنْثَى حَاجَةٌ وَاحِدَةٌ لِنَفْسِهَا. بَلْ هِيَ غَالِبًا تَسْتَغْنِي بِالتَّزْوِيجِ عَنْ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا وَلَكِنْ لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى احْتِيَاجَهَا إلَى النَّفَقَةِ، وَأَنَّ الرَّغْبَةَ تَقِلُّ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ جَعَلَ لَهَا حَظًّا مِنْ الْإِرْثِ، وَأَبْطَلَ حِرْمَانَ الْجَاهِلِيَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: لِآيَتِهِمْ وَلِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ) وَسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ مَعَ الْوَلَدِ.