الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذَّنْبِ قَالَ وَذَكَرَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ. اهـ. وَلَعَلَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ: وَغِيبَةُ الْكَافِرِ مُحَرَّمَةٌ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ فِيهَا تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ وَتَرْكًا لِوَفَاءِ الذِّمَّةِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ سَمِعَ ذِمِّيًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَمُبَاحَةٌ إنْ كَانَ حَرْبِيًّا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ حَسَّانَ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغِيبَةَ وَهِيَ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُ وَلَوْ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مُحَرَّمَةٌ سَوَاءٌ أَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ أَمْ كِتَابَةٍ أَمْ إشَارَةٍ بِعَيْنٍ أَوْ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ نَحْوِهَا لَكِنَّهَا تُبَاحُ لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ تَجِبُ بَذْلًا لِنَصِيحَةِ الْغَيْرِ وَتَحْذِيرِهِ مِنْ الشَّرِّ.
نَعَمْ إنْ انْدَفَعَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ هَذَا أَوْ لَا تَصْلُحْ لَك مُصَاهَرَتُهُ أَوْ مُعَامَلَتُهُ أَوْ لَا خَيْرَ لَك فِيهِ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ بِذِكْرِ عُيُوبِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَقِيَاسُهُ إنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِذِكْرِ بَعْضِهَا لَا بِذِكْرِ جَمِيعِهَا قَالَ الْبَارِزِيُّ، وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِيهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ عَنْهُ وَلَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَسُوءِ الْخُلُقِ وَالشُّحِّ اُسْتُحِبَّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فِي الْحَالِ وَسَتَرَ نَفْسَهُ وَإِنْ اُسْتُشِيرَ فِي وِلَايَةٍ فَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ أَوْ الْخِيَانَةَ وَأَنَّ نَفْسَهُ لَا تُطَاوِعُهُ عَلَى تَرْكِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ أَوْ يَقُولَ لَسْت أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ انْتَهَى وَوُجُوبُ التَّفْصِيلِ بَعِيدٌ وَالْأَوْجَهُ دَفْعُ ذَلِكَ بِنَحْوِ قَوْلِهِ أَنَا لَا أَصْلُحُ لَكُمْ
(فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ) فِي النِّكَاحِ أَرْبَعُ خُطَبٍ (خُطْبَةٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَاطِبِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا (وَ) خُطْبَةٌ مِنْ الْمُجِيبِ (قَبْلَ الْإِجَابَةِ وَ) خُطْبَتَانِ (قَبْلَ النِّكَاحِ) إحْدَاهُمَا مِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَالْأُخْرَى مِنْ الْخَاطِبِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ، وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَى ذَلِكَ فَصَحَّحَ أَنَّ الْخُطْبَةَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ الَّتِي أَمَامَ الْعَقْدِ أَطْوَلَ مِنْ خُطْبَةِ الْخِطْبَةِ وَالْخُطْبَةُ تَحْصُلُ (بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلَاةِ) عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَالْوَصِيَّةِ) بِالتَّقْوَى فَيَحْمَدُ اللَّهَ الْخَاطِبُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ رَاغِبًا فِي كَرِيمَتِكُمْ أَوْ فَتَاتِكُمْ وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك أَوْ نَحْوَهُ، وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا «قَالَ إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يَضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [النساء: 1] إلَى قَوْلِهِ {رَقِيبًا} [النساء: 1]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْلِهِ {عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] » وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ.
وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَتَفَرَّقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ وَإِنْ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقٍ كَذَا أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ (فَلَوْ حَمِدَ اللَّهَ الْوَلِيُّ وَصَلَّى) عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَأَوْصَى) بِتَقْوَى اللَّهِ (ثُمَّ قَالَ زَوَّجْتُك فُلَانَةَ فَفَعَلَ الزَّوْجُ مِثْلَهُ) بِأَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى وَأَوْصَى (ثُمَّ قَبِلَ) النِّكَاحَ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا يَضُرُّ هَذَا الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا يَقْطَعُ الْوَلَاءَ كَالْإِقَامَةِ وَطَلَبِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ وَالْخُطْبَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَهِيَ مِمَّنْ ذُكِرَ فَيَحْصُلُ بِهَا الِاسْتِحْبَابُ وَيَصِحُّ مَعَهَا الْعَقْدُ (فَإِنْ طَالَ) الذِّكْرُ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (أَوْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (كَلَامٌ يَسِيرٌ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ (بَطَلَ) الْعَقْدُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ مَا يَشْمَلُ الْكَلِمَ وَالْكَلِمَةَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ) الْوَلِيِّ عَلَى الْعَقْدِ (أُزَوِّجُك) هَذِهِ أَوْ زَوَّجْتُكهَا (عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ وَلَوْ شَرَطَهُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمَوْعِظَةُ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالشَّرْعِ
(فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لَهُمَا) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ (بِالْبَرَكَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ) فَيُقَالُ بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك (وَالْجَمْعِ) أَيْ وَبِالْجَمْعِ (بِخَيْرٍ) فَيُقَالُ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ؛ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا رَفَّأَ مَنْ تَزَوُّجٍ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْقَلْبِ كَمَا يَحْصُلُ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ بَلْ تَجِبُ بَذْلًا لِنَصِيحَةِ الْغَيْرِ إلَخْ) وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَالْخِتَانِ وَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ فِي الْمَذْهَبِ يَجِبُ ذِكْرُ مَعَايِبِ الْخَاطِبِ لِيَحْذَرَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا ذِكْرُهَا نَصِيحَةً وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْ
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ فِي النِّكَاحِ أَرْبَعُ خُطَبٍ]
(قَوْلُهُ وَاسْتَدْرَكَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْإِبْطَالِ أَوْلَى