الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَغَرِمَ لَهُ قِيمَةَ نِصْفِهِ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْأَجْنَبِيُّ كَانَ الْغُرْمُ لِوَارِثِ الْمُوصِي (وَكَذَا إنْ قَبِلَ بَعْدَ الْأَجْنَبِيِّ) وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ عَتَقَ عَلَى الْأَبِ وَغَرِمَ لِلْأَجْنَبِيِّ قِيمَةَ نِصْفِهِ لَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ.
[فَصْلٌ حَمْلُ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْوَصِيَّةِ]
(فَصْلٌ: حَمْلُ) الْأَمَةِ (الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْوَصِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَقَلِّهَا مِنْ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ (وَصِيَّةٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ وَصِيَّةً إنْ كَانَتْ أَمَةً ذَاتَ فِرَاشٍ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا (وَالْحَمْلُ الْحَادِثُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ مِلْكٌ لِلْمُوصَى لَهُ إنْ قَبِلَ) الْوَصِيَّةَ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَالْحَادِثُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَكَذَا بَعْدَهُ) لِذَلِكَ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ (كَانَ الْحَمْلُ مِنْ أَمَةِ زَوْجُهَا الْمُوصَى لَهُ) بِهَا (وَقَبِلَ) الْوَصِيَّةَ (فَالْحَادِثُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ انْعِقَادُهُ حُرًّا) لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ إمْكَانُ الْإِصَابَةِ لَا حَقِيقَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) الْحَمْلُ (الْمَوْجُودُ حَالَ الْوَصِيَّةِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا عَلَقَتْ مِنْهُ بِرَقِيقٍ (وَلَوْ مَاتَ) الْمُوصَى لَهُ بِهَا (قَبْلَ الْقَبُولِ) وَالرَّدِّ (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (قَبِلُوا) أَيْ وَرَثَتُهُ (فَالْقَوْلُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَالْحُكْمُ (فِي حُرِّيَّةِ الْحَمْلِ كَمَا سَبَقَ) فِي قَبُولِ مُوَرِّثِهِمْ (وَ) لَكِنْ (لَا يَرِثُ مَعَهُمْ كَمَا بَيَّنَّاهُ) قُبَيْلَ فَرْعِ مَتَى أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) كَمَا لَوْ رَدَّ مُوَرِّثُهُمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي وَالْحَمْلُ دَاخِلٌ فِي الْوَصِيَّةِ اُعْتُبِرَ يَوْمَ الْمَوْتِ قِيمَتُهَا حَامِلًا مِنْ الثُّلُثِ) لَوْ أَخَّرَ الظَّرْفَ كَانَ أَوْلَى، وَلَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُمَا مَعًا مِنْ الثُّلُثِ (أَوْ غَيْرُ دَاخِلٍ) فِيهَا سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ أَمْ لِوَارِثِهِ أَمْ لِلْمُوصِي (فَحَائِلًا) تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْمَوْتِ، وَإِذَا قَوَّمْنَاهُمَا فَخَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ فَذَاكَ (وَلَوْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا نُفِّذَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (فِيمَا يَحْتَمِلُهُ) الثُّلُثُ (مِنْهُمَا عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ، وَلِسَائِرِ الْحَيَوَانِ حُكْمُ الْأَمَةِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَيُرْجَعُ فِي مُدَّةِ حَمْلِهَا) أَيْ الْحَامِلِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ (إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ)
(وَتَنْقَسِمُ) إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ (لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ وَحِسَابِيَّةٌ. الْقَسَمُ الْأَوَّلُ: اللَّفْظِيَّةُ، وَفِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى بِهِ، فَالْحَمْلُ يَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَحْدَهُ، وَ)
يَصِحُّ (بِالْحَامِلِ دُونَهُ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهِمَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا لِرَجُلٍ وَبِحَمْلِهَا لِآخَرَ، وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ بِهَا (تَبِعَهَا) حَمْلُهَا الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي الْبَيْع، قَالَ فِي الْأَصْل عَقِبَ هَذَا: وَلَا يَبْعُدُ الْفَتْوَى بِالْمَنْعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ فَيَتْبَعُ وَيُفْرَدُ بِالْوَصِيَّةِ فَلَا يَتْبَعُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَنْزِيلُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ، وَلِأَنَّهَا عَقْدٌ ضَعِيفٌ فَلَا تُسْتَتْبَعُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَرْدُودٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِدُخُولِ الْبِنَاءِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ إمْكَانٍ إفْرَادِهِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا تَنْزِيلُهَا عَلَى الْمُتَيَقَّنِ أَوْ الظَّاهِرِ الْقَرِيبِ مِنْهُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَمَنْقُوضٌ بِالرَّهْنِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّ الْحَمْلَ يَدْخُلُ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُ دُخُولَهُ هُنَا دُخُولُهُ فِي الْعِتْقِ.
(وَالْوَصِيَّةُ بِالطَّبْلِ تُحْمَلُ عَلَى) الطَّبْلِ (الْمُبَاحِ) كَطَبْلِ حَرْبٍ وَحَجِيجٍ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الصِّحَّةِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الثَّوَابَ (فَإِنْ قَالَ) : أَعْطَوْهُ طَبْلًا (مِنْ طُبُولِي وَلَا مُبَاحَ فِيهَا) وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْمُبَاحِ (بَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِيهَا مُبَاحٌ تَصِحُّ وَتُحْمَلُ عَلَيْهِ (أَوْ قَالَ) : أَعْطُوهُ طَبْلًا (مِنْ مَالِي) وَلَيْسَ لَهُ طَبْلٌ مُبَاحٌ (اُشْتُرِيَ لَهُ) طَبْلٌ (مُبَاحٌ. فَرْعٌ) :
لَوْ (أَوْصَى لَهُ بِدُفٍّ لَهُ جَلَاجِلُ وَحَرَّمْنَاهَا) عَلَى وَجْهٍ (دُفِعَ) إلَيْهِ (دُونَهَا، فَإِنْ نَصَّ عَلَيْهَا نُزِعَتْ) مِنْهُ (وَأُعْطِيَهَا) أَيْضًا، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ تَصْحِيحُ الْوَصِيَّةِ فِيهِمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمَا يَصْلُحَانِ لِلْمُبَاحِ (وَإِنْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَعْوَادُ بِنَاءٍ وَقِسِيٌّ أُعْطِيَ وَاحِدًا) مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَلَوْ كَانَ فِيهَا أَعْوَادُ لَهْوٍ تَصْلُحُ لِمُبَاحٍ فَكَذَلِكَ) أَيْ يُعْطَى وَاحِدًا مِنْ الْجَمِيع؛ لِأَنَّ أَعْوَادَ اللَّهْوِ لَمَّا صَلَحَتْ لِمُبَاحٍ صَارَ لَهَا أُسْوَةٌ بِغَيْرِهَا، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ إعْطَاءُ عُودٍ مِنْهَا إذْ كَيْفَ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا الْإِطْلَاقُ إذَا لَمْ تَصْلُحْ لِمُبَاحٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ دُونَ مَا إذَا صَلَحَتْ لَهُ، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ أَوْصَى لَهُ بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ]
قَوْلُهُ: حَمْلُ الْمُوصَى بِهَا الْمَوْجُودُ إلَخْ) لَوْ أَوْصَى بِالشَّجَرَةِ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ
[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ]
[الْقَسَمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَصِيَّة الصَّحِيحَة اللَّفْظِيَّةُ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ)(قَوْلُهُ. وَلَوْ أَطْلَقَ تَبِعَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُبَاحَ فِيهَا بَطَلَتْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ مِنْ أَهْلِهِ، وَيَعْتَقِدُ إبَاحَتُهُ، وَبَيَّنَ غَيْرُهُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهِ لِأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَالْمَلَاهِي أَنْ يُقَالَ بِالْفَسَادِ، وَإِنْ أَوْصَى بِهِ وَهُوَ مِمَّا يُتَمَوَّلُ رُضَاضُهُ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ أَنْ يَصِحَّ، وَيُنَزَّلُ عَلَى إرَادَةِ الرُّضَاضِ طَلَبًا لِلثَّوَابِ وَتَكْفِيرًا لِمَا سَلَفَ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ الْمَنْعِ مُطْلَقًا فِي الطَّبْلِ وَغَيْرِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فِيمَا فِيمَا إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ لِمَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا أَنْ يَصِحَّ قَطْعًا، وَتُنَزَّلُ الْوَصِيَّةُ عَلَى رُضَاضِهِ أَوْ جَوْهَرِهِ وَمَالِيَّتِهِ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَوْضِعَ الْفَسَادِ مَا إذَا سُمِّيَ الطَّبْلُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ بِاسْمِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ هَذَا أَوْ هَذَا الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ أَوْ النُّحَاسَ أَوْ الْخَشَبَ أَوْ هَذِهِ الْعَيْنَ أَنَّهُ يَصِحُّ، فَتُفْصَلُ وَيُعْطَاهَا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ حَيْثُ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ عِيدَانِ اللَّهْوِ صَرَفْت اللَّفْظَ إلَى غَيْرِ عِيدَانِ اللَّهْوِ فَمَنَعْت الظُّهُورَ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعُودٍ وَلَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى عِيدَانِهِ وَلَا عِيدَانَ لَهُ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لِوُجُودِ الظُّهُورِ فِي عُودِ اللَّهْوِ وَعَدَمِ مَا يَمْنَعُ صَرْفَهُ عَنْهُ.
وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ، وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ لِمُبَاحٍ دُونَ مَا إذَا صَلُحَتْ لَهُ لِمُشَارَكَتِهَا الْمُبَاحَ حِينَئِذٍ (أَوْ لَا) تَصْلُحُ لِمُبَاحٍ (حُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى أَعْوَادِ اللَّهْوِ (وَبَطَلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ إذْ لَا يُقْصَدُ الِانْتِفَاعُ بِهَا شَرْعًا، وَفَارَقَ عَدَمَ بُطْلَانِهَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطُّبُولِ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْعُودِ يَنْصَرِفُ إلَى عُودِ اللَّهْوِ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَرْجُوحٌ، وَالطَّبْلُ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ وُقُوعًا وَاحِدًا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ ظُهُورَ اسْمِ الْعُودِ فِي عُودِ اللَّهْوِ وَيَقُولَ: بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْوَادِ، ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَكَذَا لَوْ أَوْصَى) لَهُ (بِعُودِ وَلَا عُودَ لَهُ اُشْتُرِيَ لَهُ عُودُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ وَأُعْطِيَهُ) عِبَارَةُ الْأَصْل: وَلَوْ أَوْصَى بِعُودٍ وَلَا عُودَ لَهُ فَمُقْتَضَى تَنْزِيلِ مُطْلَقِ الْعُودِ عَلَى عُودِ اللَّهْوِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ، أَوْ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ عُودُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ، وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يَشْتَرِي مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي مَالِهِ أَمْكَنَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِالْعُودِ بِهِ. انْتَهَى.
فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُضِفْ الْعُودَ إلَى عِيدَانِهِ كَانَ إلَى الصِّحَّةِ أَقْرَبَ، وَإِذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعُودِ أُعْطِيَهُ (دُونَ الْوَتَرِ وَالْمِضْرَابِ) وَهُوَ مَا يُضْرَبُ بِهِ الْعُودُ وَتَوَابِعُهُمَا كَالْمَلَاوِي الَّتِي يُلْوَى عَلَيْهَا الْأَوْتَارُ وَالْحِمَارُ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرَكَّبُ عَلَيْهَا الْأَوْتَارُ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى عُودًا بِدُونِهَا، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُودُ لَهْوٍ وَعُودُ بِنَاءٍ وَعُودُ قِسِيٍّ فَإِنْ حَمَلْنَا لَفْظَ الْعِيدَانِ عَلَى هَذِهِ الْآحَادِ فَقَدْ حَمَلْنَا الْمُشْتَرَكَ عَلَى مَعَانِيهِ مَعًا وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ الْأُصُولِ، فَإِنْ مُنِعَ فَهَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُودَ لَهْوٍ أَوْ لَا عُودَ لَهُ زَادَ النَّوَوِيُّ: قُلْتُ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه حَمْلُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ. انْتَهَى.
لَكِنَّهُ خَالَفَهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْتَ عَيْنًا فَأَنْت حُرٌّ، فَرَجَّحَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُحْمِلُ عَلَى مَعَانِيهِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي الْمِزْمَارِ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ (إنْ صَلُحَ لِمُبَاحٍ) دُونَ مَا إذَا لَمْ يَصْلُحْ لَهُ، وَإِذَا صَحَّتْ (لَا يُعْطَى) الْمُوصَى لَهُ بِهِ (الْمُجَمِّعَ) أَيْ (الْمَوْضُوعَ بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعْطِي الْمِزْمَارَ بِهَيْئَتِهِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: يَجِبُ أَنْ يُفْصَلَ مِنْ غَيْرِ تَرْضِيضٍ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ اللَّهْوِ ثُمَّ يُعْطَاهُ (وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَوْسٍ حُمِلَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ) وَهِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النَّبْلُ وَهِيَ السِّهَامُ الصِّغَارُ الْعَرَبِيَّةُ (وَ) عَلَى (الْفَارِسِيَّةِ) وَهِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النُّشَّابُ (وَ) عَلَى (قَوْسِ الْحُسْبَانِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (وَهِيَ الَّتِي لَهَا سِهَامٌ صِغَارٌ) تُرْمَى لِمَجْرًى فِيهَا، فَالْحُسْبَانُ اسْمٌ لِلسِّهَامِ الصِّغَارِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمُسَابَقَةِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْقَوْسِ الْمَذْكُورَةِ (لَا) عَلَى (قَوْسِ بُنْدُقٍ وَ) لَا قَوْسِ (نَدْفٍ) لِاشْتِهَارِ الْقَوْسِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلُ دُونَ هَذَيْنِ.
وَالْبُنْدُقُ يُسَمَّى بِالْجُلَاهِقِ بِضَمِّ الْجِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّ الْجَلَاهِقُ اسْمٌ لِقَوْسِ الْبُنْدُقِ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ (إلَّا أَنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ (مَا يُسَمَّى قَوْسًا) فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ يُعْطَى وَاحِدَةً مِنْ الْجَمِيعِ (وَلَوْ قَالَ) : أَعْطُوهُ قَوْسًا (مِنْ قِسِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا هُمَا) أَيْ قَوْسَا الْبُنْدُقِ وَالنَّدْفِ (تَعَيَّنَ الْبُنْدُقُ) أَيْ قَوْسُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ إلَيْهَا أَسْبَقُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَحَدُهُمَا حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ لِلتَّقْيِيدِ بِالْإِضَافَةِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَإِنْ بَيَّنَ الْغَرَضَ اُتُّبِعَ، بِأَنْ قَالَ: لِيَنْدِفَ) بِهَا (أَوْ يَرْمِيَ بِهَا الطَّيْرَ) أَوْ يُقَاتِلَ بِهَا.
(فَرْعٌ: لَوْ أَوْصَى بِقَوْسٍ) أَوْ طَبْلٍ (لَمْ يَدْخُلْ الْوَتَرُ) فِي الْقَوْسِ (وَلَا الْجِلْدُ الزَّائِدُ فِيهَا) أَيْ فِي الطَّبْلِ إذَا كَانَ (يُسَمَّى الطَّبْلُ) أَيْ طَبْلًا (دُونَهُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَارِجٌ عَنْ الْمُسَمَّى، وَكَمَا لَا يَدْخُلُ السَّرْجُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّابَّةِ (وَيَدْخُلُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ فِي اسْمِ السَّهْمِ) لِثُبُوتِهِمَا فِيهِ
(وَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ (شَاةً مِنْ شِيَاهِي) أَوْ مِنْ غَنَمِي (أَوْ) مِنْ (مَالِي أَجْزَأَتْ) شَاةٌ (مَعِيبَةٌ وَمَرِيضَةٌ مَعْزًا وَضَأْنًا وَلَوْ ذَكَرًا) وَصَغِيرَ الْجُثَّةِ لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ كَالْإِنْسَانِ، وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الذَّكَرَ لَا يَدْخُلُ هُنَا لِلْعُرْفِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ بَاقِيهِمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ بِأَنَّ الشَّاةَ ثَمَّ مَحْمُولَةٌ عَلَى اللُّغَةِ، وَهُنَا عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَإِنَّمَا جَوَّزُوا الْمَعِيبَ هُنَا وَإِنْ اقْتَضَى الْإِطْلَاقُ السَّلَامَةَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا زِيَادَةَ فِيهَا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ مَا أَطْلَقُوهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ آلَةِ اللَّهْوِ، أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصْلُحْ لِمُبَاحٍ مَعَ بَقَاءِ اسْمِهِ وَلَوْ مَعَ تَغْيِيرٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعْطَى الْمِزْمَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ) لَا لِلتَّأْنِيثِ كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ: لَفْظُ الشَّاةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَلِهَذَا حُمِلَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ» قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي (كِتَابِ الْأَعْدَادِ) : وَإِنَّمَا أَفْرَدَ اللَّهُ سبحانه وتعالى الضَّأْنَ عَنْ الْمَعْزِ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ وَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَجَعَلَهُمَا نَوْعَيْنِ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ وَالضَّحَايَا، وَذَكَرَ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ قِسْمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا يَتَنَاتَجُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَنَمُ؛؛ لِأَنَّ الضَّأْنَ لَا يَطْرُقُ الْمَعْزَ، وَالْمَعْزَ لَا يَطْرُقُ الضَّأْنَ، فَجَرَى مَجْرَى الْجِنْسِ فِي النَّتَاجِ؛ فَلِذَلِكَ قَسَمَهُمَا قِسْمَيْنِ. اهـ.
وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مَعْزًا وَضَأْنًا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُمَا، فَلَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ إعْطَاءَهُ أَرْنَبًا أَوْ ظَبْيًا لَمْ يُمَكَّنْ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ قَبُولُهُ وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ شَاةٍ، كَمَا ذَكَر ابْنُ عُصْفُورٍ أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ وَالنَّعَامِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ، وَسَبَبُهُ تَخْصِيصُ الْعُرْفِ بِالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ
بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا (لَا سَخْلَةً وَعَنَاقًا) لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ بِهِمَا لِصِغَرِ سِنِّهِمَا، كَذَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَالْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ خَلَا الصَّيْدَلَانِيَّ إجْزَاءَهُمَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. وَالسَّخْلَةُ. وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً، وَالْعَنَاقُ: الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ كَذَلِكَ، وَكَالْعَنَاقِ الْجَدْيُ كَمَا شَمِلَتْهُ السَّخْلَةُ، وَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِهَا كَفَى عَنْ ذِكْرِ الْعَنَاقِ وَالْجَدْيِ (وَفِي قَوْلِهِ) أَعْطُوهُ شَاةً (مِنْ مَالِي لَا تَتَعَيَّنُ) الشَّاةُ (فِي غَنَمِهِ) فَيَجُوزُ إعْطَاؤُهَا عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ: أَعْطُوهُ شَاةً (مِنْ شِيَاهِي) أَوْ مِنْ غَنَمِي يَتَعَيَّنُ الشَّاةُ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ) فِي هَذِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ (شَاةٌ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ مَالِي وَلَا شِيَاهَ لَهُ فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بَلْ يُشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِهِ شَاةٌ.
(وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ (قَالَ اشْتَرَوْا لَهُ شَاةً تَعَيَّنَتْ سَلِيمَةً) لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ) شَاةً لَا تَتَعَيَّنُ السَّلِيمَةُ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ شَاةً (يَحْلِبُهَا) أَوْ يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا (تَعَيَّنَتْ أُنْثَى) مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ (أَوْ يُنْزِيهَا) عَلَى غَنَمِهِ (تَعَيَّنَ كَبْشٌ أَوْ تَيْسٌ) وَالنَّعْجَةُ تُقَالُ (لِلْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ وَالْكَبْشُ لِلذَّكَرِ مِنْهَا وَالتَّيْسُ لِلذَّكَرِ مِنْ الْمَعْزِ) تَخْصِيصُ الْكَبْشِ بِكَوْنِهِ مِنْ الضَّأْنِ وَالتَّيْسِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعْزِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ كَالْإِسْنَوِيِّ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ.
(فَرْعٌ: لَوْ قَالَ) : أَعْطُوهُ (شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِيَ مِنْهَا) وَاحِدَةً (لِأَنَّهَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ) وَهَذَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ الْأَصْحَاب، لَكِنْ جَزَمَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ (وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ وَالْجَمَلَ الْبَخَاتِيَّ وَالْعِرَابَ وَالْمَعِيبَ) وَالسَّلِيمَ لِصِدْقِ اسْمِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا، فَقَدْ سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ: حَلَبَ فُلَانٌ بَعِيرَهُ، وَصَرَعَتْنِي بَعِيرِي، وَالنَّاقَةُ لَا تَشْمَلُ الْجَمَلَ وَبِالْعَكْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ: يَخْتَصُّ اسْمُ الثَّوْرِ بِالذَّكَرِ) لِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ لُغَةً وَعُرْفًا (وَ) اسْمُ (الْبَقَرَةِ وَالْبَغْلَةِ بِالْأُنْثَى) لِذَلِكَ، وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ: إنَّ الْبَقَرَةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا (وَ) اسْمُ (عَشْرِ بَقَرَاتٍ وَ) عَشْرِ (أَيْنُقٍ) بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى النُّونِ (بِالْإِنَاثِ) بِنَاءً عَلَى اخْتِصَاصِ الْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ بِالْأُنْثَى، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِالْبَقَرَاتِ وَالْأَيْنُقِ بَيْنَ تَعْبِيرِهِ بِعَشْرِ وَبِعَشَرَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَذَكْرُ الْعَشْرِ مِثَالٌ (وَعَشْرٌ) أَوْ عَشَرَةٌ (مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمِ) شَامِلٌ (لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لِلذَّكَرِ) لِأَنَّهُمْ مَيَّزُوا فَقَالُوا: كَلْبٌ وَكَلْبَةٌ وَحِمَارٌ وَحِمَارَةٌ (وَيَدْخُلُ الْجَوَامِيسُ فِي اسْمِ الْبَقَرَةِ) كَمَا يُكَمَّلُ بِهَا نُصُبُهَا، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَحْشُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ غَيْرُهُ فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ. انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ قَدْ يُشْكِلُ بِحِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِهِ لَحْمَ بَقَرٍ وَحْشِيٍّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ، وَمَا هُنَاكَ إنَّمَا يُبْنَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَضْطَرِبْ وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبٌ (وَاسْمُ الدَّابَّةِ يَتَنَاوَلُ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ حَتَّى الذَّكَرَ وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ) فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ لِاشْتِهَارِهَا فِي ذَلِكَ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ، وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَغْلَبُ مَا يُرْكَبُ، قَالَ تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] وَالْمُرَادُ بِالْحِمَارِ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، هَذَا إنْ أُطْلِقَ (فَإِنْ قَالَ) : أَعْطُوهُ دَابَّةً (لِيُقَاتِلَ) أَوْ يَكُرَّ أَوْ يَفِرَّ (عَلَيْهَا خَرَجَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (غَيْرُ الْفَرَسِ) فَيَتَعَيَّنُ الْفَرَسُ (أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا خَرَجَ) مِنْهَا (الْبَغْلُ، أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَرَجَ) مِنْهَا (الْفَرَسُ لَا بِرْذَوْنٌ اُعْتِيدَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ) فَلَا يَخْرُجُ (أَوْ) قَالَ: أَعْطُوهُ (دَابَّةً لِظَهْرِهَا وَدَرِّهَا تَعَيَّنَتْ الْفَرَسُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَعْتَادُونَ شُرْبَ أَلْبَانِ الْخَيْلِ وَإِلَّا فَلَا، فَتَتَعَيَّنُ الْبَقَرَةُ، قُلْتُ: أَوْ النَّاقَةُ (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ؛ إذْ قَالَ) أَعْطُوهُ (دَابَّةً لِلْحَمْلِ) عَلَيْهَا (دَخَلَ) فِيهَا (الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا) وَأَمَّا الرَّافِعِيُّ فَضَعَّفَهُ بِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا الدَّابَّةَ عَلَى -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا) كَالزَّكَاةِ وَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالسَّخْلَةُ وَلَدُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: السَّخْلَةُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ،، وَالْعَنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهَا سَنَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهَا) عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ جَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِي سَائِرِ صُوَرِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُنْزِيهَا تَعَيَّنَ كَبْشٌ إلَخْ) أَوْ يُنْتَفَعُ بِصُوفِهَا فَضَائِنَةٌ، أَوْ شَعْرِهَا فَعَنْزٌ، وَهَكَذَا كُلُّ وَصِيَّةٍ تَحْتَمِلُ أَشْيَاءَ إذَا اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ. غ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَغَتْ شَمِلَ مَا إذَا كَانَ لَهُ ظِبَاءٌ، وَهُوَ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الظِّبَاءَ قَدْ يُقَالُ لَهَا شِيَاهُ الْبِرِّ وَلَمْ يُقَلْ لَهَا غَنَمُ الْبَرِّ (قَوْلُهُ: وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ النَّاقَةَ) وَلَا يَشْمَلُ الْفَصِيلَ.
(قَوْلُهُ: وَالْبَقَرَةُ وَالْبَغْلَةُ بِالْأُنْثَى) لَا تَشْمَلُ الْبَقَرَةُ الْعِجْلَةَ وَلَا الثَّوْرُ الْعِجْلَ (قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ الصِّحَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الشَّاةِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَالْمَعِيبَ وَالصَّغِيرَ) لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مَا لَا يُمْكِنُ رُكُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَابَّةً أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إلَخْ) عِبَارَتِهِ إذَا قَالَ: دَابَّةً يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْطَى فَرَسًا بَلْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَشْرَبُ أَلْبَانَ الْخَيْلِ كَالتُّرْكِ، وَهَذَا يَنْقَدِحُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ: مِنْ دَوَابِّي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: دَخَلَ الْجِمَالُ وَالْبَقَرُ إنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَيْهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إذَا قَالَ مِنْ دَوَابِّي لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ وَدَلَالَةِ الْعُرْفِ وَصِدْقِ اللُّغَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ. اهـ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إذَا قَالَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَقَدْ اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الدَّابَّةِ مَا صَرَفَهُ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ خُصَّ بِالْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الرُّكُوبُ إلَى مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْحَمْلُ الْمَنْطُوقُ بِهِ فَيُنَزَّلُ عَلَى مَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ إمَّا عَامًّا كَالْإِبِلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، أَوْ خَاصًّا كَالْبَقَرِ، وَالْخَيْلِ فَإِنَّهُ