الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ) أَوْصَى (لِزَيْدٍ وَالْمَلَائِكَةِ أَوْ الرِّيَاحِ أَوْ الْحِيطَانِ) أَوْ نَحْوِهَا (أُعْطِيَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ وَلِلْفُقَرَاءِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ (وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ وَلِلَّهِ فَلِزَيْدٍ النِّصْفُ ثُمَّ الْبَاقِي يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْقُرْبِ) لِأَنَّهَا مَصْرَفُ الْحُقُوقِ الْمُضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى هَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ وَذَكَرَ فِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْأَقْوَى صَرْفُ الْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ (وَلَوْ أَوَصَى بِثُلُثِهِ لِلَّهِ) تَعَالَى (صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ) عَلَى مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ لِلْمَسَاكِينِ) مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُوصَى لَهُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ.
(الْقِسْمُ الثَّانِي الْأَحْكَامُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ) لَهُ (سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ صَحَّ) ذَلِكَ (وَيُعَيِّنُ الْوَارِثُ) السَّنَةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَحْمِلُ الْإِطْلَاقَ عَلَى سَنَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِمَوْتِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُضْطَرًّا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَعَلِمَ الْمُوصِي وَقَصَدَ إعَانَتَهُ وَأَمَّا إحَالَةُ الْأَمْرِ عَلَى تَعْيِينِ الْوَارِثِ فَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ قَالَ: لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْقَاضِي لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ هَذَا الْبُسْتَانِ سَنَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا فَتَعْيِينُهَا إلَى الْوَارِثِ (وَيَجُوزُ التَّقْدِيرُ) فِي الْوَصِيَّةِ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ (بِمُدَّةِ حَيَاةِ زَيْدٍ وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ هَذَا الْعَامَ فَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ فَالْقَابِلُ) أَيْ فَبِثَمَرَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ وَتَصِحُّ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ هَذَا الْعَامِ وَإِنْ مَرِضَ فَبِخِدْمَةِ الْعَامِ الْقَابِلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ) الْمُوصَى بِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا مُجَرَّدَ إبَاحَةٍ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَعْيَانِ وَتُوَرِّثُ الْمَنْفَعَةُ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَلَهُ إجَارَتُهَا وَإِعَارَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَوْ تَلَفَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ.
(نَعَمْ قَوْلُهُ أَوْصَيْتُ لَكَ بِمَنَافِعِهِ) أَيْ بِأَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ (حَيَاتَكَ أَوْ بِأَنْ تَسْكُنَ) هَذِهِ (الدَّارَ أَوْ بِأَنْ يَخْدُمَكَ) هَذَا (الْعَبْدُ إبَاحَةً لَا تَمْلِيكَ فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ وَفِي الْإِعَارَةِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْعُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَكَ بِسُكْنَاهَا أَوْ بِخِدْمَتِهِ أَوْ بِمَنَافِعِهِ) فَلَيْسَ بِإِبَاحَةٍ بَلْ تَمْلِيكٌ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّهُ ثَمَّ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَأَسْنَدَهُ إلَى الْمُخَاطَبِ فَاقْتَضَى قُصُورَهُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَنَافِعِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَقَوْلُهُ) لِلْوَصِيِّ (أَطْعِمْ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالِي تَمْلِيكٌ) لَهُ (كَإِطْعَامِ الْكَفَّارَةِ وَ) قَوْلُهُ لَهُ (اشْتَرِ خُبْزًا وَاصْرِفْهُ لِجِيرَانِي إبَاحَةٌ) كَذَا نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَلَمْ أَرَهُمَا فِيهَا وَكَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يُقْصَدُ بِذَلِكَ إلَّا التَّمْلِيكُ وَفِي جَعْلِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ تَمْلِيكًا وَإِبَاحَةً تَسَمُّحٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُقْتَضٍ لَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ
.
(فَصْلٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ إثْبَاتُ الْيَدِ) عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا
(وَ) لَهُ (الْأَكْسَابُ الْمُعْتَادَةُ) مِنْ احْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ (وَكَذَا) لَهُ (الْمَهْرُ) الْحَاصِلُ بِوَطْءِ شُبْهَةِ أَوْ نِكَاحٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَقِيلَ: إنَّهُ لِوَارِثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا يُوصَى بِهَا وَلَا يُسْتَحَقُّ بَدَلُهَا بِالْوَصِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ فِي الْأَصْلِ وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَحَكَى فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ.
وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا (لَا) الْأَكْسَابَ (النَّادِرَةَ كَالْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَلِلْوَلَدِ) الَّذِي أَتَتْ بِهِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا (حُكْمُ أُمِّهِ) فِي أَنَّ الرَّقَبَةَ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتُهَا لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَفَارَقَ وَلَدَ الْمَوْقُوفَةِ حَيْثُ كَانَ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفَةِ أُمُّهُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمِلْكَ ثَمَّ أَقْوَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ فَقَوِيَ الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِهِ هُنَا، كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ أَيْضًا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُوصِي لَمْ يُخْرِجْهَا وَإِنَّمَا أَخْرَجَ الْمَنْفَعَةَ لَكِنَّ الْمَنْفَعَةَ اسْتَتْبَعَتْ الْعَيْنَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا فَلَوْ وَطِئَهَا) فَأَوْلَدَهَا (فَالْوَلَدُ حُرٌّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَالْهَاشِمِيَّةِ وَالطَّالِبِيَّةِ وَالْعَلَوَيَّةِ]
قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إلَخْ) وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ) عِبَارَتُهُ وَاحْتَجُّوا لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ زَوَائِدِهِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَام الْوَصِيَّة الْأَحْكَامُ الْمَعْنَوِيَّةُ]
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ فَكَانَتْ كَالْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ: وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِطْعَامَ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُرَادًا بِهِ التَّمْلِيكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَحُمِلَ فِي لَفْظِ الْمُوصَى عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّرْفُ.
[فَصْلٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهَا]
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا إبْدَالُ مَنَافِعِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ غُصِبَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَإِنَّ لَهُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِمَهْرِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ فِي جَوَابِهِ وَهُوَ الْفَارِقُ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلْمَنَافِعِ وَالْأَكْسَابِ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكَسْبَ النَّادِرَ وَالْمُعْتَادَ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَيَمْلِكُ الرَّقَبَةَ عَلَى قَوْلٍ مَشْهُورٍ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَئُولُ الْمِلْكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْوَاقِفِ تَعَلُّقٌ بِالْعَيْنِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا فَإِنَّ مِلْكَ الْوَرَثَةِ بَاقٍ عَلَيْهَا وَوَلَدُهَا لَهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ سَكَتُوا عَنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا يُفْرَدُ عَنْ الْمَهْرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَهْرِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْدَرِجُ فِيهِ فَوَاضِحٌ اهـ وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيِّ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ