الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَفْيِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ) الْوَارِثُ (وَأَخَذَهَا وَإِنْ قَالَ) الْوَدِيعُ (حَبَسْتُهَا) عِنْدِي (لِأَنْظُرَ هَلْ أَوْصَى) بِهَا مَالِكُهَا أَوْ لَا (فَهُوَ مُتَعَدِّ ضَامِنٌ) .
(وَإِنْ عَرَفَ الْمُلْتَقِطُ) لِشَيْءٍ (الْمَالِكَ) لَهُ (فَلَمْ يُخْبِرْهُ) بِهِ حَتَّى تَلِفَ (أَوْ عَزَلَ قَيِّمٌ) لِطِفْلِ أَوْ لِنَحْوِهِ أَوْ لِمَسْجِدٍ (نَفْسِهِ وَلَمْ يُخْبِرْ الْحَاكِمَ بِمَا تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ أَخَّرَ الْقَيِّمُ بَيْعَ وَرَقِ فِرْصَادٍ لِطِفْلٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى مَضَى وَقْتُهُ ضَمِنَ لَا إنْ ارْتَقَبَ) بِتَأْخِيرِ بَيْعِهِ (نَفَاقًا) بِالْفَتْحِ أَيْ رَوَاجًا لَهُ (فَرَخَّصَ) فَلَا يَضْمُنُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا قَيِّمُ الْمَسْجِدِ فِي أَشْجَارِهِ وَهَذَا شَبِيهٌ بِتَعْرِيضِ الثَّوْبِ الَّذِي يُفْسِدُهُ الدُّودُ لِلرِّيحِ.
(وَإِنْ) بَعَثَ رَسُولًا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ و (أَعْطَاهُ خَاتَمَهُ أَمَارَةً) لِمَنْ يَقْضِي لَهُ الْحَاجَةَ (وَقَالَ) لَهُ (رُدَّهُ) عَلَيَّ (بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَوَضَعَهُ) بَعْدَ قَضَائِهَا (فِي حِرْزٍ) لِمِثْلِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ (لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (إلَّا التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ) بِمَعْنَى النَّقْلِ وَتَحَمُّلِ مُؤْنَتِهِ.
(وَلَوْ لَمْ يُسْتَحْفَظْ) دَاخِلَ الْحَمَّامِ (الْحَمَّامِيُّ) لِحِفْظِ ثِيَابِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ حِفْظُ الثِّيَابِ) فَلَوْ ضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ نَامَ أَوْ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَلَا نَائِبَ لَهُ ثَمَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. أَمَّا إذَا اسْتَحْفَظَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الْحِفْظُ.
(وَإِنْ أَوْدَعَهُ قَبَالَةً) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ (وَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ) كَأَنْ قَالَ لَا نَدْفَعُهَا إلَى زَيْدٍ حَتَّى يُعْطِيَكَ دِينَارًا فَدَفَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ (ضَمِنَ قِيمَةَ الْكَاغِدِ مَكْتُوبًا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ قِيمَتُهَا مَكْتُوبَةً (وَأُجْرَةُ الْكِتَابَةِ) إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ بَيَانُ مَأْخَذِ قِيمَتِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا إلَى مُنْشِئِهَا الْكِتَابَةُ بِالْأُجْرَةِ فَذَاكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ ظَاهِرًا مِنْ إيجَابِ قِيمَتِهَا مَكْتُوبَةً مَعَ الْأُجْرَةِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ الْقِبْلَةَ لَهُ مُتَقَوِّمَةٌ فَإِذَا تَلِفَتْ لَزِمَ قِيمَتُهَا وَلَا نَظَرَ لِأُجْرَةِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَلَزِمَ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ثَوْبًا مُطَرَّزًا غَرِمَ قِيمَتَهُ وَأُجْرَةَ التَّطْرِيزِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَالْغَاصِبُ إنَّمَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَقَطْ كَمَا أَجَابَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَالصَّوَابُ لُزُومُهَا فَقَطْ انْتَهَى.
(خَاتِمَةٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ كُلُّ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا إذَا اسْتَسْلَفَ السُّلْطَانُ لِحَاجَةِ الْمَسَاكِينِ زَكَاةً قَبْلَ حَوْلِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا لَهُمْ أَيْ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي مَحَلِّهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُلْتَحَقُ بِهَا مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَحَبَسَهَا الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ ثُمَّ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)
الْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَقِيلَ يَقَعُ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إذَا أَفْرَدَ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا افْتَرَقَا كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَقَعُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ الْعَكْسِ وَمِنْ هَذَيْنِ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الْفَيْءِ وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] الْآيَتَيْنِ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ فَيْئًا لِرُجُوعِهِ مِنْ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ فَاءَ أَيْ رَجَعَ وَالثَّانِي غَنِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ فَضْلٌ وَفَائِدَةٌ مَحْضَةٌ (وَفِيهِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ: الْفَيْءُ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ بِلَا قِتَالٍ وَلَا إيجَافٍ)
أَيْ إسْرَاعِ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (مِنْ جِزْيَةٍ وَعُشُورٍ) مَشْرُوطَةٍ عَلَيْهِمْ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ إذَا دَخَلُوا دَارَنَا (وَتَرِكَةِ مُرْتَدٍّ وَذِمِّيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ بَيَانُ مَأْخَذِ قِيمَتِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا الَّتِي مَنْشَؤُهَا الْكِتَابَةُ بِالْأُجْرَةِ فَذَاكَ وَإِنْ أُرِيدَ إلَخْ) لَمْ يُرِدْ بِهِ الشِّقُّ الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ ظَاهِرُهُ وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْكَاغِدَ قَبْلَ كِتَابَتِهِ تَكْثُرُ الرَّغْبَةُ فِيهِ لِلِانْتِفَاعِ بِالْكِتَابَةِ فِيهِ فَقِيمَتُهُ مُرْتَفِعَةٌ كَثِيرَةٌ وَبَعْدَ كِتَابَتِهِ يَصِيرُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ فَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ قِيمَتِهِ مَكْتُوبًا أُجْرَةُ كِتَابَةِ الشُّهُودِ لَا حَجَّ مِنَّا بِمَالِكِهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَوْ تَلِفَ مَاءٌ بِمَفَازَةٍ ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ مَالِكُهُ بِمَكَانٍ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ فِيهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لَا مِثْلُهُ وَأَمَّا لُزُومُ قِيمَةِ الثَّوْبِ مُطَرَّزًا دُونَ أُجْرَةِ التَّطْرِيزِ فَلَا إجْحَافَ فِيهِ بِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ تَزِيدُ بِتَطْرِيزِهِ بَلْ كَثِيرًا مَا تُجَاوِزُ الزِّيَادَةُ قِيمَةَ مَا طُرِّزَ بِهِ وَأَجَرْتُهُ وَمِنْ نَظَائِرِ مَسْأَلَتِنَا مَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فَحَفَرَ فِيهَا الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الدَّفْنِ فَمُؤْنَةُ الْحَفْرِ عَلَيْهِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ، وَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَمَا لَوْ حَمَى الْوَطِيسُ لِيُخْبَزَ فِيهِ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَبَرَّدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا يُخْبَزُ فِيهِ.
[خَاتِمَةٌ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ]
(قَوْلُهُ خَاتِمَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ إلَخْ) رَأَيْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأَمِينَ عَلَى الْبَهِيمَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْمُودَعِ وَالرَّاعِي وَنَحْوِهِمَا لَوْ رَآهَا وَقَعَتْ فِي مَهْلَكَةٍ فَذَبَحَهَا جَازَ وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ. قُلْتُ وَيَجِبُ أَنْ يَلْزَمَهُ إعْلَامُ رَبِّهَا بِهَا إنْ أَمْكَنَهُ وَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُهَا بِلَا كُلْفَةٍ نُظِرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ الْمَالِكُ فِي ذَبَحَهَا لِمَا ادَّعَاهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْأَمِينُ إلَّا بِبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ع وَمَا نُظِرَ فِيهِ لَيْسَ بِمُرَادٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ: وَلَوْ سَقَطَتْ شَاةٌ وَلَمْ يَذْبَحْهَا الرَّاعِي حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ وَلَوْ عَلِمَ بِالْقَرَائِنِ أَنَّهَا لَا تَعِيشُ غَالِبًا فَيَجُوزُ لَهُ الذَّبْحُ وَلَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَإِنَّ تَلَفَهُ فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ بَائِعِهِ
[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]
[الْبَاب الْأَوَّلُ الْفَيْءُ]
[فَصْلٌ يُقْسَمُ الْفَيْءِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ]
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) هَذَا شَطْرُ بَيْتٍ مَوْزُونٍ وَالْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمُ بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: 41] الْآيَتَيْنِ) وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَقَدْ فَسَّرَ لَهُمْ الْإِيمَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ الْغَنَائِمُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتُحْرِقُهُ ثُمَّ أُحِلَّتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ فَيْئًا إلَخْ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ أَيْضًا فَلِذَلِكَ قِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا.
(قَوْلُهُ وَذِمِّيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ) وَكَذَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِ ذِمِّيٍّ مَاتَ عَنْ وَارِثٍ غَيْرِ جَائِزٍ قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا قَالَ مَالُ ذِمِّيٍّ مَعَ كَوْنِ الْحَرْبِيِّ يَرِثُهُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَالِ الْمُحْتَرَمِ وَمَالُ الْحَرْبِيِّ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ قَهْرًا مَعَ كَوْنِهِ حَيًّا
أَوْ مَا هَرَبُوا عَنْهُ) لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ كَضُرٍّ أَصَابَهُمْ (أَوْ صُولِحُوا عَلَيْهِ بِلَا قِتَالٍ) أَوْ نَحْوِهَا (فَيُخَمَّسُ) خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ لِآيَةِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَشَمِلَ تَعْبِيرُهُ بِمَا أُخِذَ مَا فِيهِ اخْتِصَاصٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَالِ الْمَأْخُوذِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ صَيْدُ دَارِ الْحَرْبِ وَحَشِيشُهُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهَا كَمُبَاحِ دَارِنَا وَبِقَوْلِهِ وَلَا إيجَافٍ نَحْوِ السَّرِقَةِ مِمَّا فِيهِ إسْرَاعٌ فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ لَا فَيْءٌ
(فَصْلٌ وَيُقْسَمُ خُمُسُهُ) أَيْ الْفَيْءِ (عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ)
فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ:
(سَهْمٌ) مِنْ الْخَمْسَةِ (لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) كَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى مَصَالِحِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهُ يَصْرِفُهُ فِي السِّلَاحِ وَسَائِرِ الْمَصَالِحِ وَإِضَافَتُهُ لِلَّهِ فِي الْآيَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِالِابْتِدَاءِ بِاسْمِهِ (وَمَصْرِفُهُ) أَيْ السَّهْمِ الْمَذْكُورِ (بَعْدَهُ) صلى الله عليه وسلم (لِلْمَصَالِحِ) الْعَامَّةِ (كَسَدِّ الثُّغُورِ وَعِمَارَةِ الْحُصُونِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ) ؛ لِأَنَّ بِهَا تُحْفَظُ الْمُسْلِمُونَ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَالِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلْيَكُنْ الصَّرْفُ لِلْمَصَالِحِ بِتَقْدِيمِ (الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ) مِنْهَا وُجُوبًا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَأَهَمُّهَا سَدُّ الثُّغُورِ السَّهْمُ (الثَّانِي لِذَوِي الْقُرْبَى) لِلْآيَةِ (وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ) دُونَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنْيِ نَوْفَلٍ وَإِنْ كَانَ الْأَرْبَعَةُ أَوْلَادَ عَبْدِ مَنَافٍ لِاقْتِصَارِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ عَلَى بَنِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ سُؤَالِ بَنِي الْأَخِيرَيْنِ لَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ حَتَّى أَنَّهُ لَمَّا بُعِثَ بِالرِّسَالَةِ نَصَرُوهُ وَذَبُّوا عَنْهُ بِخِلَافِ بَنِي الْأَخِيرَيْنِ بَلْ كَانُوا يُؤْذُونَهُ وَالْعِبْرَةُ بِالِانْتِسَابِ إلَى الْآبَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا مَنْ يُنْسَبُ مِنْهُمْ إلَى الْأُمَّهَاتِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ وَعُثْمَانَ مَعَ أَنَّ أُمَّ كُلٍّ مِنْهُمَا هَاشِمِيَّةٌ.
وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ صلى الله عليه وسلم كَأُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ مِنْ بِنْتِهِ زَيْنَبَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ بِنْتِهِ رُقَيَّةَ. فَإِنَّهُمْ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى بِلَا شَكٍّ قَالَ وَلَمْ أَرَهُمْ تَعَرَّضُوا لِذَلِكَ فَيَنْبَغِي الضَّبْطُ بِقَرَابَةِ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ لَا بَنِيهِمَا وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ تَوَفَّيَا صَغِيرَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَقِبٌ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِمَا انْتَهَى عَلَى أَنَّ مَا ضَبَطَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ مَا أَرَادَهُ دَخَلَ فِيهِ غَيْرُ الْمُرَادِ لِأَنَّ قَرَابَةَ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ أَعَمُّ مِنْ فُرُوعِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.
(لَا مَوَالِيهِمْ) فَلَا شَيْءَ لَهُمْ (وَيُفَضَّلُ بِالذُّكُورَةِ) فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ مَا لِأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ يُسْتَحَقُّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ كَالْإِرْثِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى وَلَا يُوقَفُ شَيْءٌ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ وَقْفِ شَيْءٍ (وَيَعُمُّهُمْ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا (كَالْمِيرَاثِ) وَلِلْآيَةِ (وَلَا يَخْتَصُّ) بِهِ (فَقِيرٌ وَحَاضِرٌ) بِمَوْضِعِ الْفَيْءِ وَكَبِيرٌ وَقَرِيبٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَقَدْ أَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَبَّاسَ وَكَانَ غَنِيًّا (نَعَمْ يُجْعَلُ مَا فِي كُلِّ إقْلِيمٍ لِسَاكِنِهِ فَإِنْ عَدِمَهُ بَعْضُ الْأَقَالِيمِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ (أَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُمْ) السَّهْمُ بِأَنْ لَمْ يَفِ بِمَنْ فِيهِ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِمْ (نَقَلَ إلَيْهِمْ حَاجَتَهُمْ) إذْ لَا تَعْظُمُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ قَدْرُ الْحَاجَةِ أَيْ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْإِمَامُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَنْقُولِ إلَيْهِمْ وَغَيْرِهِمْ وَالتَّعْبِيرُ بِحَاجَتِهِمْ يَفُوتُ هَذَا الْمَعْنَى بَلْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْحَاصِلُ (يَسِيرًا لَا يَسُدُّ مَسَدًّا بِالتَّوْزِيعِ قُدِّمَ الْأَحْوَجُ) فَالْأَحْوَجُ وَلَا يَسْتَوْعِبُ لِلضَّرُورَةِ وَتَصِيرُ الْحَاجَةُ مُرَجَّحَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَبَرَةً فِي الِاسْتِحْقَاقِ السَّهْمَ (الثَّالِثُ لِلْيَتَامَى) لِلْآيَةِ (وَهُمْ كُلُّ صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى (لَا أَب لَهُ) وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ أَمَّا كَوْنُهُ صَغِيرًا فَلِخَبَرِ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا أَبَ لَهُ فَلِلْوَضْعِ وَالْعُرْفِ سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ أَمْ لَا قُتِلَ أَبُوهُمْ فِي الْجِهَادِ أَمْ لَا (وَيُشْتَرَطُ) فِي إعْطَائِهِمْ (فَقْرُهُمْ) لِإِشْعَارِ لَفْظِ الْيُتْمِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيُقْسَمُ خُمُسُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْفَيْءِ الْخُمُسُ كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ دَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] الْآيَةَ فَأَطْلَقَ هَاهُنَا وَقَيَّدَ فِي الْغَنِيمَةِ فَحَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَاخْتِلَافِ السَّبَبِ فَإِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ وَهُوَ رُجُوعُ الْمَالِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ بِالْقِتَالِ وَعَدَمِهِ كَمَا حَمَلْنَا الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ عَلَى الْمُؤْمِنَةِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.
(قَوْلُهُ وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ) أَيْ قُضَاةِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ) وَلَمْ يُرَدَّ إلَّا بَعْدَ الْوَفَاةِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَوْزِيعُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ لَهُمْ إلَّا بِالصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِمْ.
(قَوْلُهُ وَيَفْضُلُ بِالذُّكُورَةِ) إنَّمَا أَعْطَى النِّسَاءَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الزُّبَيْرَ رضي الله عنه كَانَ يَأْخُذُ سَهْمَ أُمِّهِ صَفِيَّةَ عَمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه يَدْفَعُ لِفَاطِمَةَ رضي الله عنها مِنْهُ وَفِي النَّسَائِيّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِصَفِيَّةَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَدْفَعْ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى الصَّرْفِ لِلذُّكُورِ فَإِنَّ ذُو اسْمٌ مَذْكُورٌ جَعَلَهُ لِلشَّخْصِ الَّذِي يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ قَالَهُ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ وَقْفِ شَيْءٍ) قَالَ شَيْخُنَا فَالْأَوْجَهُ وَقْفُ مَا زَادَ إلَى حِصَّةِ ذَكَرٍ (قَوْلُهُ كَالْمِيرَاثِ) لَكِنْ سَوَّى بَيْنَ مُدْلٍ بِجِهَتَيْنِ وَمُدْلٍ بِجِهَةِ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُمْ كُلُّ صَغِيرٍ لَا أَبَ لَهُ) شَمِلَ اللَّقِيطَ وَوَلَدَ الزِّنَا وَالْمَنْفِيَّ بِاللِّعَانِ قَالَ النَّاشِرِيُّ: فَإِنْ: قِيلَ مَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَلَكِنَّ الْأَبَ فَقِيرٌ أَيُعْطَى أَمْ لَا وَمَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ مُوسِرٌ أَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَغْنِي بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا يُعْطَى مَنْ أَبُوهُ فَقِيرٌ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ مَسْكَنَةَ الْيَتِيمِ كَفَقْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فَقْرُهُمْ) يُشْتَرَطُ فِي الْيَتَامَى الْإِسْلَامُ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ نَعَمْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَصْرِفُ لِلْكَافِرِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ وَاضْطَرَبَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِيهِ فَقَالَا هُنَا لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِلْكَافِرِ وَفِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ وَفِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِمَالِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ وَلَا نَظَرَ لِإِنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ وَلَا لِارْتِفَاقِهِ بِالْقَنَاطِرِ وَالرُّبُطِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ