الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَقَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا عليه الصلاة والسلام حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ كَمَا مَرَّ.
(فَرْعٌ مَنْ وَافَقَ الْيَهُودَ مِنْ السَّامِرَةِ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (أَوْ) وَافَقَ (النَّصَارَى مِنْ الصَّابِئِينَ) وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ (فِي الْأُصُولِ) أَيْ أُصُولِ دِينِهِمْ (نَاكَحْنَاهُمْ) بِالشَّرْطِ السَّابِقِ (وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُبْتَدِعَةٌ فَهُمْ كَمُبْتَدِعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ نَعَمْ إنْ كَفَّرَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَرُمَتْ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ (لَا إنْ شَكَكْنَا) فِي مُوَافَقَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْأُصُولِ أَوْ عَلِمْنَا مُخَالَفَتَهُمْ لَهُمْ فِيهَا كَمَا فُهِمَ بِالْمُخَالَفَةِ مِمَّا مَرَّ وَبِالْأَوْلَى مِنْ هُنَا فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُنَا لَهُمْ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى سَامِرَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى أَصْلِهَا السَّامِرِيِّ عَابِدِ الْعِجْلِ وَالثَّانِيَةُ صَابِئَةً قِيلَ لِنِسْبَتِهَا إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ عليه السلام وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ وَإِطْلَاقُ الصَّابِئَةِ عَلَى مَا قُلْنَا هُوَ الْمُرَادُ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَقْدَمَ مِنْ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَنْفُونَ الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ فَبَذَلُوا لَهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَرَكَهُمْ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ.
(فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ)
ذِمِّيَّةٍ أَوْ حَرْبِيَّةٍ (مَكْرُوهٌ) لِئَلَّا تَفْتِنَهُ أَوْ وَلَدَهُ (وَ) لَكِنَّ نِكَاحَ (الْحَرْبِيَّةِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ قَهْرِنَا وَلِلْخَوْفِ مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ بِدَارِهِمْ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ قَالَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَرَاهَةَ التَّسَرِّي أَيْضًا أَيْ هُنَاكَ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ كَرَاهَةِ الذِّمِّيَّةِ إذَا وَجَدَ مُسْلِمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (وَلَهَا) أَيْ لِلْكِتَابِيَّةِ الْمَنْكُوحَةِ (أَحْكَامُ الْمُسْلِمَةِ) الْمَنْكُوحَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُفْضِيَةِ لِذَلِكَ (إلَّا فِي التَّوَارُثِ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِتَوَقُّفِ حِلِّ الْوَطْءِ عَلَيْهِ (وَ) مِنْ (الْجَنَابَةِ) لِتَوَقُّفِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ كَمَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا تُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَكَذَا الْمُسْلِمَةُ) لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ كَمَا تُجْبَرُ) عَلَيْهِ (الْمُسْلِمَةُ الْمَجْنُونَةُ وَيَسْتَبِيحُ) بِالْغُسْلِ الْمَذْكُورِ (الْوَطْءَ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ) أَيْ الْمُغْتَسِلَةُ لِلضَّرُورَةِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ حُكْمِ الْمُمْتَنِعَةِ إذَا غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا وَذِكْرُ حُكْمِ الْمُسْلِمَةِ الْعَاقِلَةِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ (عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ) وَالْعَانَةِ (وَالظُّفْرِ) لِمَا مَرَّ (وَعَلَى اجْتِنَابِ) تَنَاوُلِ (الْمُؤْذِيَاتِ كَالثُّومِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ وَكَذَا النَّبِيذُ) وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ تَسْكَرْ بِهِ (وَإِنْ اسْتَحَلَّتْهُ الْمُسْلِمَةُ) أَيْ اعْتَقَدَتْ حِلَّهُ (وَعَلَى غُسْلِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ أَعْضَائِهَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِخِلَافِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ ثِيَابِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ كَرِيهٌ.
(وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ لُبْسِ جِلْدِ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَ) لُبْسِ (ثَوْبٍ كَرِيهٍ) أَيْ لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ كَأَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ (وَ) لَهُ مَنْعُهَا (مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ) وَكَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ السَّيِّدُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ) وَنَحْوِهِمَا (عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَفَادَ) هَا (الْأَمَانَ مِنْ الْقَتْلِ) فَأَشْبَهَتْ الْمُسْتَأْمَنَةَ وَلَيْسَ كَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ لَا يَعْظُمُ الْأَمْرُ فِيهِ كَتَبْدِيلِ الدِّينِ وَلِأَنَّ غُسْلَهَا غُسْلُ تَنْظِيفٍ لَا غُسْلُ عِبَادَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهَا إذَا أَسْلَمَتْ لَا تُصَلِّي بِذَلِكَ الْغُسْلِ وَالتَّنْظِيفُ حَقُّ الزَّوْجِ فَجَازَ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ لَيْسَ حَقًّا لَهُ حَتَّى يُجْبِرَهَا عَلَيْهِ
(فَصْلٌ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ يُقَرُّ) أَهْلُهُ عَلَيْهِ (إلَى مِثْلِهِ) كَيَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ تَنَصَّرَ أَوْ عَكْسِهِ (أَوْ إلَى مَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ) كَيَهُودِيٍّ تَوَثَّنَ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ لَا يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَوَثَنِيٍّ تَهَوَّدَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ.
وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وَلِأَنَّهُ أَحْدَثَ دِينًا بَاطِلًا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِهِ سَوَاءٌ أَصَرَّ عَلَيْهِ أَمْ عَادَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضِيلَةٌ لِبُطْلَانِهَا بِالِانْتِقَالِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى لَمْ تَنْسَخْ شَرِيعَةَ مُوسَى فَإِنَّ عِيسَى مُقَرِّرٌ لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ إلَّا مَا نُسِخَ مِنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ ثُمَّ ذَكَرَ تَأْوِيلَ النَّصِّ وَبَسَطَ ذَلِكَ. اهـ. فس وَقَوْلُهُ إنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ عِيسَى دَعَا الْيَهُودَ إلَى دِينِهِ فَلَوْ لَمْ يَنْسَخْ دِينَهُمْ بِدِينِهِ وَكِتَابَهُمْ بِكِتَابِهِ لَأَقَرَّهُمْ وَلَدَعَا غَيْرَهُمْ اهـ.
فَالدَّاخِلُ فِي الْيَهُودِيَّةِ بَعْدَ عِيسَى عَلَى الْبَاطِلِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْرُمْنَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ
[فَرْعٌ حُكْم مَنْ وَافَقَ الْيَهُودَ أَوْ وَافَقَ النَّصَارَى فِي الْأُصُولِ فِي النِّكَاح]
(قَوْلُهُ فَهُمْ كَمُبْتَدَعَةِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ لَمْ يُنَاكَحُوا قَطْعًا
[فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ]
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ كَرَاهَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ) وَعَلَّلَهُ بِالْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّكْفِيرِ وَالِاسْتِرْقَاقِ (قَوْلُهُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ) صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْكَافِرَةِ وَزَوْجِ الْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ إلَخْ) هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ خَلِيَّةً هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ أَمْ لَا وَهَلْ فِي تَرْكِهَا نَوْعٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ لِحْيَتِهَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ ذَلِكَ كَالِاسْتِحْدَادِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ أَنَّ تَرْكَهَا لَيْسَ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ