الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَمِنَهَا كَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّقْصِيرَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي أَوَّلَ السَّبَبِ الرَّابِعِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْقَاضِي أَمَّا الْقَاضِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ فِي تَرِكَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ وَلِعُمُومِ وِلَايَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ: وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا فَرَّطَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ إيصَائِهِ لَيْسَ تَفْرِيطًا وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ وَنُقِلَ التَّصْرِيحُ بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ كُلَّ حَالَةٍ تُعْتَبَرُ الْوَصِيَّةُ فِيهَا مِنْ الثُّلُثِ كَوُقُوعِ الطَّاعُونِ بِالْبَلَدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ فِيمَا ذَكِرَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ قُتِلَ غِيلَةً فَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَالْوَصِيَّةُ) هُنَا (الْإِعْلَامُ بِهَا) وَالْأَمْرُ بِرَدِّهَا مَعَ بَقَائِهَا فِي يَدِهِ وَمَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عِنْدَ إيصَاءِ الْوَارِثِ أَوْ غَيْرِهِ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِنْكَار (وَيَجِبُ تَمْيِيزُهَا) فِي الْوَصِيَّةِ بِإِشَارَةٍ أَوْ صِفَةٍ.
(فَإِنْ قَالَ هِيَ ثَوْبٌ وَلَمْ يَصِفْهُ ضَمِنَ) هَا (وَلَوْ لَمْ يُخْلِفْ ثَوْبًا) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّمْيِيزِ فَيُضَارِبُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِقِيمَتِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَيَّزَهَا لَا يَضْمَنُهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي التَّرِكَةِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (وَلَوْ خَلَفَهُ) أَيْ ثَوْبًا (لَمْ يَتَعَيَّنْ) كَوْنُهُ (لَهَا) أَيْ لِلْوَدِيعَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَلِفَتْ وَالْمَوْجُودُ غَيْرُهَا بَلْ يَجِبُ قِيمَتُهُ فِي التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ وَجَدَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ (فَإِنْ لَمْ يُوصِ) بِهَا (وَادَّعَى الْوَارِثُ التَّلَفَ) لَهَا (وَقَالَ: إنَّمَا لَمْ يُوصِ) بِهَا (لَعَلَّهُ) أَيْ تَلَفَهَا (كَانَ بِغَيْرِ تَقْصِيرِ) وَادَّعَى صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ تَقْصِيرَهُ (فَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ ذِمَّتَهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجْزِمْ الْوَارِثُ بِالتَّلَفِ بِأَنْ قَالَ: عَرَفْتُ الْإِيدَاعَ لَكِنْ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ كَانَ الْأَمْرُ وَأَنَا أُجَوِّزُ أَنَّهَا تَلِفَتْ عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَلَمْ يُوصِ بِهَا لِذَلِكَ فَيَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ مُسْقِطًا (وَلَا أَثَرَ لِخَطِّ الْمَيِّتِ) أَيْ كِتَابَتُهُ عَلَى شَيْءٍ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ أَوْفِي جَرِيدَتَهُ لِفُلَانِ عِنْدِي كَذَا وَدِيعَةً (إنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ) فَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ بِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَتَبَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ تَلْبِيسًا أَوْ اشْتَرَى الشَّيْءَ وَعَلَيْهِ الْكِتَابَةُ فَلَمْ يَمْحُهَا أَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ كِتَابَتِهَا فِي الْجَرِيدَةِ وَلَمْ يَمْحُهَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ إقْرَارِ مُورِثِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ.
(فَصْلُ: يَجُوزُ نَقْلُهَا مِنْ حِرْزٍ إلَى مِثْلِهِ) أَوْ فَوْقَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (وَلَوْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى لَا سَفَرَ بَيْنَهُمَا وَلَا خَوْفَ) وَلَا نَهْيَ مِنْ الْمَالِكِ كَمَا سَيَأْتِي إذْ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ بِذَلِكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ، لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا ضَرَرُهُ مِثْلَ ضَرَرِهَا وَدُونَهُ (لَا) نَقْلُهَا (إلَى حِرْزٍ دُونَهُ) وَإِنْ كَانَ حِرْزُ مِثْلِهَا (إلَّا إنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ) الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْحِرْزَيْنِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا بِنِيَّةِ التَّعَدِّي وَكَالدَّارِ الْخَانِ وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا اسْتَثْنَاهُ مَا لَوْ نَقَلَهَا بِظَنِّ الْمِلْكِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَعَ بِهَا ظَانًّا مِلْكَهَا فَتَلِفَتْ أَمَّا إذَا نَقَلَهَا لِسَفَرٍ أَوْ خَوْفٍ فَلَا ضَمَانَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي السَّبَبِ الثَّانِي وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا عَيَّنَ الْمَالِكُ الْحِرْزَ وَهَذَا الْفَصْلُ جَعَلَهُ الْأَصْلُ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ فَعَدَّ الْأَسْبَابَ تِسْعَةً.
(السَّبَبُ الرَّابِعُ تَرْكُ دَفْعِ الْهَلَاكِ) عَنْ الْوَدِيعَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَدِيعِ دَفْعُ مُهْلَكَاتِهَا عَلَى الْعَادَةِ (وَإِنْ أَوْدَعَهُ حَيَوَانًا) وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ إطْعَامِهِ (فَلَمْ يُطْعِمْهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ) مِثْلُهُ (فِيهَا صَارَ مَضْمُونًا) عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَمُتْ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهُ فَعَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ بِمَا يَصُونُهُ عَنْ التَّلَفِ وَالْعَيْبِ (لَا) إنْ مَاتَ (دُونَهَا) أَيْ الْمُدَّةُ فَلَا يَضْمَنُهُ (إلَّا إنْ كَانَ بِهَا) الْأَوْلَى بِهِ (جُوعٌ سَابِقٌ وَعَلِمَهُ فَيَضْمَنُ الْقِسْطَ) لَا الْجَمِيعَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا ضَمَانَ وَتَرْجِيحُ التَّقْسِيطِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَهُ مُقَابِلُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ حَيْثُ شَبَّهَهُ بِمَا لَوْ اكْتَرَى بَهِيمَةً فَحَمَلَهَا أَكْثَرَ مِمَّا شَرَطَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ جَوَّعَ إنْسَانًا وَبِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ، وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ وَالْمَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَا.
(وَإِنْ نَهَاهُ) عَنْ إطْعَامِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) لِلْإِذْنِ فِي إتْلَافِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: اُقْتُلْ دَابَّتِي فَقَتَلَهَا نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ كَأَنْ أُودِعَ لِوَلِيٍّ حَيَوَانَ مَحْجُورِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَيُشْبِهُ أَنَّ نَهْيَهُ كَالْعَدَمِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَقَيَّدَهُ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ السَّبَبِ الرَّابِعِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ أَوْ الْوَدِيعَةُ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قُتِلَ غِيلَةً) بِالْكَسْرِ الِاغْتِيَالُ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ هُنَا الْإِعْلَامُ بِهَا إلَخْ) لَا أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْوَصِيِّ لِيَرُدَّهَا فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ مِنْ لُزُومِ الْإِشْهَادِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ لُزُومِهِ. وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ.
[فَصْلُ نَقْلُ الْوَدِيعَة مِنْ حِرْزٍ إلَى مِثْلِهِ]
(قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى) لَيْسَ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ تُسَمَّى سَفَرًا أَوْ كَانَ فِيهَا خَوْفٌ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَلَا خَوْفَ) أَيْ فِيهَا (قَوْلُهُ لَا إلَى حِرْزٍ دُونَهُ) جَعَلَ الْإِمَامُ هَذَا فِيمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ حِرْزًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالنَّهْيِ عَنْ النَّقْلِ مِنْهُ غ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ نَقَلَهَا إلَى مَحَلِّهِ أَوْ دَارٍ هِيَ حِرْزٌ مِثْلُهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ الصَّحِيحُ وَنَسَبَ لِلشَّيْخَيْنِ الْجَزْمَ بِخِلَافِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا فِي السَّبَبِ الرَّابِعِ، وَقَدْ أَطْلَقَا فِي السَّبَبِ الثَّامِنِ الْجَزْمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِالنَّقْلِ إلَى حِرْزِ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَدْ أَطْلَقَا فِي السَّبَبِ الثَّامِنِ الْجَزْمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ التَّقْسِيطِ مِنْ زِيَادَتِهِ) كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مُقَابِلُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيُشْبِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ بِعِلْمِ الْوَدِيعِ بِالْحَالِ) إنْ أَرَادَ بِالتَّقْيِيدِ اسْتِقْرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ