الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ ثُلُثَ الْمَالِ (بِيَوْمِ الْمَوْتِ) لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تَمَلُّكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ (فَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ كَثُرَ) أَوْ تَلِفَ ثُمَّ كَسَبَ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ثُمَّ كَسَبَهُ (لَزِمَهُ) يَعْنِي وَارِثَهُ (ثُلُثُهُ) وَلَوْ أَوْصَى بِقَدْرِ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَفِ بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ افْتَقَرَ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الزَّائِدِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَوَفَّى بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهَا (وَلَا تُنَفَّذُ) الْوَصِيَّةُ (إلَّا فِي الثُّلُثِ الْفَاضِلِ عَنْ الدَّيْنِ) لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ (فَإِنْ) كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلَمْ تُنَفَّذْ الْوَصِيَّةُ فِي شَيْءٍ لَكِنْ يُحْكَمُ بِانْعِقَادِهَا حَتَّى لَوْ (أُبْرِئَ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ قَضَاهُ) عَنْهُ (آخَرُ فَكَانَ لَا دَيْنَ) فَتُنَفَّذُ.
(فَرْعٌ: التَّبَرُّعَاتُ الْمُنَجَّزَةُ) كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ (فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ مُتَّصِلٍ بِالْمَوْتِ) مُعْتَبَرَةٌ (مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ) لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَخَرَجَ بِالْمَرَضِ التَّبَرُّعَاتُ الْمُنَجَّزَةُ فِي الصِّحَّةِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، نَعَمْ لَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي صِحَّتِهِ وَأَقْبَضَهُ فِي مَرَضِهِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تُمَلَّكُ بِالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ، وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ يُعْتَبَرُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ، وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا فِي الْمَرَضِ قِيمَةَ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَفِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ قِيمَةَ يَوْمِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ، أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ جَارٍ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ.
(فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ
، فَإِنْ انْتَهَى) الشَّخْصُ (إلَى) حَالِ (الْقَطْعِ بِالْمَوْتِ) مِنْ ذَلِكَ (عَاجِلًا كَمَنْ شَخَصَ بَصَرُهُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ، أَيْ فَتْحِ عَيْنِهِ بِغَيْرِ تَحْرِيكِ جَفْنٍ (وَبَلَغَتْ رُوحُهُ الْحَنْجَرَةَ) أَيْ الْحُلْقُومَ (فِي النَّزْعِ أَوْ ذُبِحَ أَوْ شُقَّ بَطْنُهُ وَأَخْرَجَتْ حُشْوَتُهُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا، أَيْ: أَمْعَاؤُهُ (أَوْ غَرِقَ فَغَمَرَهُ الْمَاءُ وَهُوَ غَيْرُ سَابِحٍ) أَيْ غَيْرُ مُحْسِنِ السِّبَاحَةِ (فَلَا عِبْرَةَ) فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهَا (بِوَصِيَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ) وَغَيْرِهِمَا (فَهُوَ كَالْمَيِّتِ) عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ (وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ (فِي غَيْرِ الثُّلُثِ لِمَرَضٍ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا كَالْقُولَنْجِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ أَنْ يَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا تَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا (وَذَاتِ الْجَنْبِ) وَتُسَمَّى ذَاتَ الْخَاصِرَةِ، وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَوْفِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ، وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ، وَمِنْ عَلَامَتِهَا الْحُمَّى اللَّازِمَةُ وَالْوَجَعُ النَّاحِسُ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ وَضِيقُ النَّفَسِ وَتَوَاتُرُهُ وَالسُّعَالُ (وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَالْإِسْهَالِ الْمُتَوَاتِرِ) أَيْ الْمُتَتَابِعِ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ (لَا إسْهَالِ يَوْمَيْنِ) أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ.
(إلَّا أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ عَدَمُ اسْتِمْسَاكٍ وَخُرُوجُ طَعَامٍ غَيْرِ مُسْتَحِيلٍ أَوْ زَحِيرٌ مَعَهُ وَجَعٌ) وَشِدَّةٌ بِلَا تَقَطُّعٍ لِلْخَارِجِ (أَوْ) مَعَهُ (تَقَطُّعٌ) لِلْخَارِجِ (أَوْ) يُضَمُّ إلَيْهِ (دَمٌ) يَخْرُجُ (مِنْ نَحْوِ كَبِدٍ) مِنْ الْأَعْضَاءِ الشَّرِيفَةِ (لَا مِنْ نَحْوِ بَوَاسِيرَ أَوْ) إلَّا أَنْ (يُعَجِّلَ وَيَمْنَعَ النَّوْمَ) فَمَخُوفٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ إسْهَالٍ يَخْرُجُ مَعَهُ دَمٌ مِنْ نَحْوِ بَوَاسِيرَ (وَكَالْفَالِجِ فِي ابْتِدَائِهِ) بِخِلَافِ دَوَامِهِ لَيْسَ مَخُوفًا سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ ارْتِعَاشٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَهُوَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ: اسْتِرْخَاءُ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا. وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ. فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَكَ
(لَا السِّلِّ) بِكَسْرِ السِّينِ لَا بِفَتْحِهَا كَمَا وَقَعَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَدَنُ فِي النُّقْصَانِ وَالِاصْفِرَارِ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ (مُطْلَقًا) أَيْ لَا فِي ابْتِدَائِهِ وَلَا فِي انْتِهَائِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ صَاحِبُهُ غَالِبًا لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا فَيَكُونُ كَالشَّيْخُوخَةِ وَالْهَرَمِ (وَكَالْحُمَّى الشَّدِيدَةِ الْمُطْبِقَةِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا، أَيْ الْمُلَازِمَةِ الَّتِي لَا تَبْرَحُ لِأَنَّ إطْبَاقَهَا يُذْهِبُ الْقُوَّةَ الَّتِي هِيَ قِوَامُ الْحَيَاةِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا مَخُوفَةً إذَا زَادَتْ عَلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ. (أَوْ) حُمَّى (الْوَرْدِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ (أَوْ) حُمَّى (الثِّلْثِ) بِكَسْرِ الثَّاءِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا (أَوْ حُمَّى الْأَخَوَيْنِ) وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ (أَوْ) حُمَّى (الْغِبِّ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا (لَا) حُمَّى (الرِّبْعِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: لَا بِيَوْمِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) وَالْقَائِلُ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ يَوْمُ النَّذْرِ، رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ اللُّزُومِ فَهُوَ نَظِيرُ الْمَوْتِ فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَعِتْقٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ الْعِتْقِ عِتْقُ أُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ نُجِّزَ فِي مَرَضِهِ
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]
(فَصْلٌ: بَيَانُ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ إلَخْ)(قَوْلُهُ: وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ مِنْ التَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْقُولَنْجِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ سَمَّاهُ الْعَوَامُّ قُولِنْجَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَهُوَ مَرَضٌ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ تَكَرَّرَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَالْإِسْهَالُ الْمُتَوَاتِرُ) وَلَوْ لَحْظَةً (قَوْلُهُ: لَا إسْهَالُ يَوْمَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا) وَلَمْ يَتَوَاتَرْ (قَوْلُهُ: إلَّا السِّلَّ) قَالَ السَّبْتِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ: لَعَلَّ وَجَعَ الِاسْتِسْقَاءِ كَوَجَعِ السِّلِّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ السِّينِ) أَوْ بِضَمِّهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ لَا الرِّبْعِ) وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْمُثَلَّثَةَ
يَأْخُذُ قُوَّةً فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ
(وَلَا حُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِهَا قَبْلَ الْعَرَقِ مَوْتٌ فَقَدْ بَانَتْ مَخُوفَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا بَعْدَ الْعَرَقِ لِأَنَّ أَثَرَهَا زَالَ بِالْعَرَقِ، وَالْمَوْتِ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَالدِّقُّ) بِكَسْرِ الدَّالِ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا يَمْتَدُّ مَعَهُ حَيَاةٌ غَالِبًا (مَخُوفٌ، وَمِنْ الْمَخُوفِ هَيَجَانُ) الْمِرَّةِ (الصَّفْرَاءِ أَوْ الْبَلْغَمِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْبَلْغَمِ (وَالدَّمِ) بِأَنْ يَثُورَ وَيَنْصَبَّ إلَى عُضْوٍ كَيَدٍ وَرِجْلٍ فَيُخَمَّرُ وَيَنْفَتِحُ (وَ) مِنْ الْمَخُوفِ (الطَّاعُونُ) وَهُوَ هَيَجَانُ الدَّمِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَانْتِفَاخُهُ، وَيُقَالُ: نَبْرٌ مُؤْلِمٌ جِدًّا يَخْرُجُ غَالِبًا مِنْ الْآبَاطِ مَعَ لَهِيبٍ وَخَفَقَانٍ وَقَيْءٍ وَنَحْوِهِ.
(وَ) مِنْهُ (الْجِرَاحَةُ إنْ كَانَتْ) نَافِذَةً (إلَى الْجَوْفِ أَوْ) كَانَتْ (عَلَى مَقْتَلٍ أَوْ) فِي (مَوْضِعٍ كَثِيرِ اللَّحْم أَوْ) حَصَلَ (مَعَهَا ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ تَآكُلٌ أَوْ تَوَرُّمٌ وَ) مِنْهُ الْقَيْءُ (الدَّائِمُ أَوْ) الْمَصْحُوبُ (بِخَلْطٍ) مِنْ الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ (أَوْ دَمٍ، وَ) مِنْهُ (الْبِرْسَامُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ وَرَمٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ (لَا وَجَعُ الْعَيْنِ وَالضِّرْسِ وَ) لَا (الصُّدَاعُ) وَالْجَرَبُ وَنَحْوُهَا فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً (وَأُلْحِقَ بِالْمَخُوفِ) مِنْ الْأَمْرَاضِ (الْتِحَامُ) أَيْ اخْتِلَاطُ (قِتَالِ مُتَكَافِئَيْنِ) أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ التَّكَافُؤِ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ سَوَاءٌ أَكَانَا مُسْلِمَيْنِ أَمْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُسْلِمًا وَكَافِرًا بِخِلَافِ قِتَالٍ بِغَيْرِ الْتِحَامٍ وَإِنْ تَرَامَيَا بِالنُّشَّابِ وَالْحِرَابِ أَوْ بِالْتِحَامٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَغْلِبُ الْآخَرَ لَكِنْ هَذَا مَحِلُّهُ فِي حَقِّ الْغَالِبِ فَقَطْ.
(وَالتَّقْدِيمُ لِلرَّجْمِ) فِي الزِّنَا أَوْ لِلْقَتْلِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْإِقْرَارِ (وَهَيَجَانُ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ) بِخِلَافِ هَيَجَانِهِ بِلَا رِيحٍ (وَأَسْرُ كَافِرٍ) أَوْ غَيْرِهِ (يَعْتَادُ الْقَتْلَ) لِلْأَسْرَى بِخِلَافِ أَسْرِ مَنْ لَا يَعْتَادُهُ كَالرُّومِ (وَكَذَا) يُلْحَقُ بِهِ (التَّقْدِيمُ لِلْقِصَاصِ) بِخِلَافِ الْحَبْسِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ إذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ حُبِسَ لِيُقْتَلَ لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ بِهَا إذْ الْحَبْسُ لِلْقَتْلِ كَالتَّقْدِيمِ لَهُ، انْتَهَى.
وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَلْحَقُوهُ ثَمَّ بِالْمَخُوفِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْغَيْرِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ هُنَا حَقًّا لِلْغَيْرِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ بِأَنَّ مَعْنَى الْحَبْسِ ثَمَّ التَّقْدِيمُ لِلْقَتْلِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ لَهُ (وَكَذَا) يَلْحَقُ بِهِ (ظُهُورُ طَاعُونٍ وَفَاشِيُّ وَبَاءٍ) فِي الْبُقْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُصِيبَا الْمُتَبَرِّعَ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الطَّاعُونِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ الطَّاعُونُ: الْمَرَضُ الْعَامُّ وَالْوَبَاءُ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ فَتَنْفَسِدُ مِنْهُ الْأَمْزِجَةُ، فَجَعَلَ الْوَبَاءَ قِسْمًا مِنْ الطَّاعُونِ، وَهُوَ مَمْدُودٌ وَمَقْصُورٌ، وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ الطَّاعُونَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ أَنْوَاعٌ، وَقِيلَ: الْوَبَاءُ الْمَرَضُ الْعَامُّ، وَقِيلَ: الْمَوْتُ الذَّرِيعُ، أَيْ السَّرِيعُ (وَ) كَذَا (الطَّلْقُ) وَيَمْتَدُّ خَوْفُهُ (إلَى انْفِصَالِ الْمَشِيمَةِ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ (أَوْ) إلَى زَوَالِ مَا حَصَلَ بِالْوِلَادَةِ فِيمَا لَوْ (انْفَصَلَتْ) أَيْ الْمَشِيمَةُ (وَحَصَلَ مِنْ الْوِلَادَةِ جُرْحٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ لَا) حَالَ الْحَمْلِ (قَبْلَ الطَّلْقِ وَلَا إلْقَاءُ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ) فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهَا الْهَلَاكُ كَمَا يُخَافُ مِنْ وِلَادَةِ الْمُتَخَلِّقِ (وَمَوْتُ الْجَنِينِ) فِي الْجَوْفِ (مَخُوفٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَعَهُ وَجَعٌ شَدِيدٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِمَ لَا يُرَاجَعُ الْأَطِبَّاءُ (وَمَا أَشْكَلَ) مِنْ الْأَمْرَاضِ فَلَمْ يُدْرَ أَمَخُوفٌ هُوَ أَمْ لَا (رُوجِعَ فِيهِ طَبِيبَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ حُقُوقُ آدَمِيِّينَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ فَاعْتُبِرَتْ الشَّهَادَةُ فَيُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ (ذَكَرَانِ) فِيمَا لَا يَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا (فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ) غَالِبًا (فَأَرْبَعٌ) أَيْ فَيَكْفِي فِيهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ثُمَّ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ (وَالْقَوْلُ فِي كَوْنِهِ غَيْرِ مَخُوفٍ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَبَرِّعِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ (قَوْلُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَخُوفِ وَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا طَبِيبَانِ، ثُمَّ إنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ: كَانَ الْمَرَضُ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى غَيْرُ طَبِيبَيْنِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.
(فَرْعٌ: وَإِنْ بَرِئَ) الْمَرِيضُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْقَيْءُ الدَّائِمُ إلَخْ) الْقَيْءُ إنْ كَانَ مَعَهُ دَمٌ أَوْ بَلْغَمٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَخْلَاطِ فَمَخُوفٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ مَخُوفٍ إلَّا إذَا دَامَ (قَوْلُهُ: وَهَيَجَانُ الْبَحْرِ بِالرِّيحِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ رَاكِبِ السَّفِينَةِ مَنْ يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ النَّجَاةُ بِذَلِكَ ع وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْأَنْهَارَ الْعَظِيمَةَ كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ مِثْلُ الْبَحْرِ، وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ مَنْ أَدْرَكَهُ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ أَفْعَى قَتَّالَةٌ أَوْ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَّصِلْ ذَلِكَ بِهِ لَكِنَّهُ يُدْرِكُهُ لَا مَحَالَةَ أَوْ كَانَ بِمَفَازَةٍ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ وَاشْتَدَّ جُوعُهُ وَعَطَشُهُ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ ثَمَّ بِالْمَخُوفِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ وَقْتَ التَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ وَقْتُ دَهْشَةٍ فَلَوْ قُلْنَا لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْوَصِيَّةَ إلَيْهِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَضَمِنَاهُ لَمْ نُوَفِّ لَهُ بِعُذْرِ الدَّهْشَةِ وَإِنْ قُلْنَا يُؤَخِّرُ ثُمَّ إذَا تَرَكَ لَا يَضْمَنُ لَكُنَّا مُضَيِّعِينَ لِحَقِّ مَالِكِ الْوَدِيعَةِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جُعِلَ وَقْتُ وَصِيَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ
، وَأَمَّا كَوْنُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُحْسَبُ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلِأَنَّ بَدَنَهُ صَحِيحٌ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ الْهَلَاكِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ ذَلِكَ فَكَانَ تَبَرُّعُهُ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا ظُهُورُ طَاعُونٍ إلَخْ) وَفِي الْكَافِي: وَإِذَا وَقَعَ فِي الْبَلَدِ فِي أَمْثَالِهِ فَهُوَ مَخُوفٌ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ: فِي أَمْثَالِهِ قَيْدٌ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا شَاهَدْنَاهُ، قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الطَّلْقُ) لِعِظَمِ الْأَمْرِ وَلِهَذَا جُعِلَ مَوْتُهَا شَهَادَةً (قَوْلُهُ: رُوجِعَ فِيهِ طَبِيبَانِ إلَخْ) وَالْأَصَحُّ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ كَمَا تُقْبَلُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْي، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِمِنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ) لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْ غَامِضِ الْعِلْمِ مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ