الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ ذَكَرْنَا فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْأَصَحَّ كَوْنُ الْجِلْدِ لِلْمَالِكِ لَا لِلْغَاصِبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ أَظْهَرَ هُنَا أَيْضًا وَهُوَ بَحْثٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّ فِعْلَ الْغَاصِبِ مُحَرَّمٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي إخْرَاجِ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَ شَاةً فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَدَبَغَ جِلْدَهَا لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ (لَا إنْ تَلِفَ) الْجِلْدُ فِي يَدِهَا (قَبْلَ الطَّلَاقِ) وَبَعْدَ الدَّبْغِ فَلَا يَرْجِعُ (لِأَنَّ الْجِلْدَ مُتَقَوِّمٌ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَقْتَ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) بِخِلَافِ الْخَلِّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ تَخَلَّلَ ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (وَجَبَ) عَلَيْهِ لَهَا (قِيمَةُ الْعَصِيرِ) لِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَخَلُّلٍ (وَفِيهِ نَظَرٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ لَا يَسْتَقِيمُ إيجَابُ قِيمَةِ الْعَصِيرِ فَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى هَذَا فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَحِينَئِذٍ فَتَتَخَيَّرُ الزَّوْجَةُ هُنَا لِأَنَّ الصَّدَاقَ فِي يَدِ الزَّوْجِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ عَقْدٍ بَلْ بَقَاءُ الْعَقْدِ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعَ كَافِرٍ وَانْقِلَابُهُ خَمْرًا وَقَعَ فِي الْكُفْرِ أَيْضًا فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُمْ انْتَهَى.
فَعَلَيْهِ إنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَالْحِلُّ لَا قِيمَةُ الْعَصِيرِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إيجَابُهَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ (وَلَوْ قَبَضَتْهُ خَمْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ وَمَنْعِ إمْسَاكِ الْخَمْرِ فِي الْإِسْلَامِ (فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فِي يَدِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ فِي نِصْفِهِ) إنْ بَقِيَ (أَوْ) فِي (مِثْلِهِ إنْ تَلِفَ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهَا (وَإِنْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا (فَالْقَوْلُ فِي الْكُلِّ هُنَا مِنْ الْخَلِّ وَالْجَدِّ كَالْقَوْلِ فِي النِّصْفِ هُنَاكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الدُّخُولِ
(فَصْلٌ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ) كَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَخِيَاطَةٍ وَخِدْمَةٍ وَبِنَاءٍ (يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا)
كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهُ ثَمَنًا (فَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ) مِنْ الْقُرْآنِ (أَوْ جُزْءٍ) مِنْهُ بِنَفْسِهِ (اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ) أَيْ الْمُصْدَقِ.
(وَ) اُشْتُرِطَ (عِلْمُ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِالْمَشْرُوطِ) تَعْلِيمُهُ بِأَنْ يَعْلَمَا عَيْنَهُ وَسُهُولَتَهُ أَوْ صُعُوبَتَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ (وَكَّلَا) أَوْ أَحَدُهُمَا مَنْ يُعَلِّمُهُ (وَلَا يَكْفِي) حِينَئِذٍ (التَّقْدِيرُ بِالْإِشَارَةِ إلَى) الْمَكْتُوبِ فِي (أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ) بِأَنْ يُقَالَ تَعَلَّمَهَا مِنْ هُنَا إلَى هُنَا إذْ لَا تُعْرَفُ بِهِ سُهُولَتُهُ وَصُعُوبَتُهُ وَاسْتَشْكَلَ بِالِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الْكَفِيلِ الْمَشْرُوطَ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ جُهِلَتْ حَقِيقَتُهُ مِنْ الْإِعْسَارِ وَالْمَطْلِ وَضِدِّهِمَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَاحْتَطْنَا لَهُ وَالْكَفِيلُ تَوْثِقَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَخَفَّ أَمْرُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْحَرْفِ) الَّذِي يُعَلِّمُهُ لَهَا كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ أَوْ أَبِي عُمَرَ وَكَمَا فِي الْإِجَارَةِ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ أَرَادَ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَنَسَبَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى الْبَغْدَادِيِّينَ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ يُعَلِّمُهَا مَا غَلَبَ عَلَى قِرَاءَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ (فَإِنْ عَيَّنَهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْحَرْفَ (كَحَرْفِ نَافِعٍ تَعَيَّنَ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ (فَإِنْ خَالَفَ وَعَلَّمَهَا حَرْفَ أَبِي عُمَرَ فَمُتَطَوِّعٌ بِهِ وَيَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ الْحَرْفِ الْمُعَيَّنِ) وَهُوَ حَرْفُ نَافِعٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ.
(وَإِنْ أَصْدَقَهَا التَّعْلِيمَ) لِقُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ (شَهْرًا جَازَ) كَمَا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا لَا تَعْلِيمِ (سُورَةٍ فِي شَهْرٍ) فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ (وَلَا مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ كَتَعْلِيمِ لَحْظَةٍ أَوْ كَلِمَةٍ) ك ثُمَّ نَظَرَ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ فَدَبَغَ جِلْدَهَا لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ عَوْدِ الْجِلْدِ رَهْنًا وَبَيْنَ الرُّجُوعِ فِيهِ هُنَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ لَا إنْ تَلِفَ الْجِلْدُ فِي يَدِهَا) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الصَّوَابِ فَقَالَ وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ عَادَ خَلًّا ثُمَّ أَسْلَمَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا لَزِمَهَا قَبْضُهُ. اهـ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْكَبِيرِ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَقِبَهُ وَلَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا فَصَارَ خَلًّا عِنْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى نِصْفِ الْخَلِّ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الرُّجُوعُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هَذِهِ إلَى الْعَيْنِ وَلَا يَرْجِعُ ثَمَّ ر وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (قَوْلُهُ فَقَدْ مَرَّ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ جَرَى هَذَا فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَخْ) إنَّمَا جَعَلُوا عَوْدَ الْمَالِيَّةِ فِي الْبَيْعِ كَدَوَامِهَا تَحَرُّزًا عَنْ بُطْلَانِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِخُرُوجِ الصَّدَاقِ عَنْ الْمَالِيَّةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مُقْتَضِيًا لِانْفِسَاخِ الصَّدَاقِ حَتَّى يَجِبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لِعَوْدِ مَالِيَّتِهِ وَلَمْ يُخَيِّرُوهَا لِتَرْجِعَ فِي الْخَلِّ إنْ لَمْ تَفْسَخْ الصَّدَاقَ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ غَيْرُ الْمَالِيَّةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ وَإِيجَابُهُمْ قِيمَةَ الْعَصِيرِ لَا مِثْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَصِيرٍ خَالَطَهُ مَاءٌ لِيَكُونَ مُتَقَوِّمًا.
(قَوْلُهُ رَجَعَ فِي نِصْفِهِ إنْ بَقِيَ) لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً (قَوْلُهُ أَوْ فِي مِثْلِهِ إنْ تَلِفَ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا
[فَصْلٌ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ كَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَخِيَاطَةٍ وَخِدْمَةٍ وَبِنَاءٍ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الصَّدَاقَ رَدَّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ جَمَلِهَا الشَّارِدِ وَمَكَانُهُمَا مَعْرُوفٌ صَحَّ وَيَكُونُ إجَارَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ وَالْمُعَاقَدَةُ عَلَيْهِ جَعَالَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَالصَّدَاقُ لَازِمٌ فَتَنَافَيَا وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ بِالْمَشْرُوطِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِعِلْمِ الْوَلِيِّ عَنْ عِلْمِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغَةِ الرَّشِيدَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا فَتَأَمَّلْهُ.
قَالَ شَيْخُنَا يُجَابُ بِأَنَّهُ وَكِيلُهَا وَالْأَعْوَاضُ يَكْفِي فِيهَا عِلْمُ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُوَكِّلُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا أَذِنَتْهُ لِيَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي نَظِيرِ تَعْلِيمِ كَذَا لَهَا كا (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ إلَخْ) يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُشَاهَدَةَ الْكَفِيلِ تُفِيدُ إذْ الظَّاهِرُ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ بِخِلَافِ مُشَاهَدَةِ الْمَكْتُوبِ (قَوْلُهُ فَيُعَلِّمُهَا مَا شَاءَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إيرَادُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَمُتَطَوِّعٌ بِهِ) لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَ مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَلَا تَضَمُّنَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا مَا لَا كُلْفَةَ فِيهِ) كَتَعْلِيمِ لَحْظَةٍ أَوْ كَلِمَةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَهِيَ الْكَوْثَرُ ثَلَاثُ آيَاتٍ فَصَاعِدًا لِيَكُونَ قَدْرَ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِعْجَازُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْإِعْجَازُ وَتَعَيُّنُ الْقُرْآنِ يَقْتَضِيهِ
(وَيَصِحُّ الْإِصْدَاقُ بِتَعْلِيمِ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ تَعَيَّنَ) الزَّوْجُ (لِلتَّعْلِيمِ) كَأَنْ أَسْلَمَتْ وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ (لَا) بِتَعْلِيمِ (الشَّهَادَتَيْنِ فِي نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ وَلَا بِأَدَاءِ شَهَادَةٍ) لَهَا عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ فَلَوْ كَانَتْ لَا تَتَعَلَّمُ الشَّهَادَتَيْنِ إلَّا بِكُلْفَةٍ أَوْ كَانَ مَحَلُّ الْقَاضِي الْمُؤَدَّى عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ بَعِيدًا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مَرْكُوبٍ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَلَوْ لَمْ يُحْسِنْ) الزَّوْجُ (التَّعْلِيمَ) لِمَا شُرِطَ تَعْلِيمُهُ (لَمْ يَجُزْ) إصْدَاقُهُ (إلَّا فِي الذِّمَّةِ) لِعَجْزِهِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَيَأْمُرُ فِيهِ غَيْرَهُ بِتَعْلِيمِهَا أَوْ يَتَعَلَّمُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ إصْدَاقُ مَا لَا يُمْكِنُ الْقِيَامُ بِهِ.
(وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ثُمَّ يُعَلِّمَهَا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْعَمَلَ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهِ وَالْأَعْيَانُ لَا تُؤَجَّلُ (وَلَوْ أَبْدَلَا مَنْفَعَةً بِمَنْفَعَةٍ فِي عَقْدٍ مُجَدَّدٍ جَازَ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ قَبَضَهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ بِمَنْفَعَتِهَا دَابَّةً وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي الْمَنْفَعَةِ الْعَيْنِيَّةِ بِخِلَافِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ إذْ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِامْتِنَاعِهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ (وَلَوْ أَرَادَتْ تَعْلِيمَ غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الزَّوْجَ الْإِجَابَةُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْحِفْظِ وَالْفَهْمِ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ عَبْدِهَا) أَوْ خِتَانَهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (جَازَ) لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا (لَا) تَعْلِيمَ (وَلَدِهَا) فَلَا يَجُوزُ إصْدَاقُهُ لَهُمَا كَمَا لَوْ شَرَطَ الصَّدَاقَ لَهُ (إلَّا إنْ لَزِمَهَا تَعْلِيمُ الْوَلَدِ) فَيَجُوزُ كَالْعَبْدِ (وَإِذَا تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ لِبَلَادَةٍ نَادِرَةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَلَّمَهَا غَيْرُهُ) أَوْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَالشَّرْطُ أَنْ يُعَلِّمَ بِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَصْلُ (وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) كَمَا لَوْ تَلِفَ الصَّدَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَحَلُّهُ فِي الطَّلَاقِ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَيَجِبُ النِّصْفُ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَّمَهَا عَطْفٌ عَلَى تَعَذَّرَ وَجَعَلَهُ الْأَصْلُ مِثَالًا لِلتَّعَذُّرِ فَالْمُوَافِقُ أَنْ يَقُولَ أَوْ تَعْلِيمَ غَيْرِهِ لَهَا.
(وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) فِي (أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّمْهَا) وَإِنْ أَحْسَنَتْ التَّعَلُّمَ وَادَّعَتْ حُصُولَهُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصَّدَاقِ وَرُبَّمَا تَعَلَّمَتْ مِنْ غَيْرِهِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهَا) وَقَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ) عَلَيْهَا (بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ) لِلتَّعْلِيمِ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَأَقْبَضَهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْنِ (أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَلَا يُؤْمَنُ الْوُقُوعُ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةُ لِمُحَرَّمَةٍ لَوْ جَوَّزْنَا التَّعْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَلَيْسَ سَمَاعُ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَضَاعَ وَلِلتَّعْلِيمِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ انْتَهَى وَفَارَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا لِلتَّعْلِيمِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَدْ تَعَلَّقَتْ آمَالُهُ بِالْآخَرِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا نَوْعُ وُدٍّ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَامْتَنَعَ التَّعْلِيمُ لِقُرْبِ الْفِتْنَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّ قُوَّةَ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّعْلِيمِ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي يُبِيحُ النَّظَرَ هُوَ التَّعْلِيمُ الْوَاجِبُ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَمَا هُنَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْوَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ وَأَفْهَمَ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَحْرُمْ الْخَلْوَةُ بِهَا كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّعْلِيمُ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَذُّرِ مَا يَشْمَلُ التَّعَسُّرَ وَإِلَّا فَالتَّعْلِيمُ مُمْكِنٌ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ كَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فَقَدْ يُقَالُ لَا تَعَذُّرَ وَهُوَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ بَقَاءُ التَّعَذُّرِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ مَنْ تَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ قَدْ لَا يَرْضَى بِالْحُضُورِ أَوْ يَرْضَى لَكِنْ بِأُجْرَةٍ وَذَلِكَ خِلَافُ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فَيَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ (وَإِنْ أَصْدَقَ كِتَابِيَّةً تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (صَحَّ إنْ تَوَقَّعَ إسْلَامَهَا وَإِلَّا فَسَدَ) لِجَوَازِ تَعْلِيمِهِ لَهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهَا مَا لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ (كَتَعْلِيمِ التَّوْرَاةِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (وَقَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَحْسُنْ التَّعْلِيمُ لَمَا شَرَطَ تَعْلِيمَهُ) بِأَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُعَلِّمَهَا إيَّاهُ مِنْ الْمُصْحَفِ.
(قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا) أَيْ خِتَانُهُ كَذَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا بِتَضْبِيبٍ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي تَعْلِيمِ عَبْدِهَا وُجُوبَهُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ فِي وَلَدِهَا وَخِتَانِ عَبْدِهَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ وَلَدِهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا صَدَاقٌ كَمَا لَوْ شَرَطَ الصَّدَاقَ لِوَلَدِهَا وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ غُلَامِهَا قَالَ الْبَغَوِيّ لَا يَصِحُّ كَالْوَلَدِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يَصِحُّ وَهَذَا أَصَحُّ وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا تَعْلِيمُ الْوَلَدِ أَوْ خِتَانُ عَبْدٍ فَشَرَطَتْهُ صَدَاقًا جَازَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ عَلَيْهَا) أَيْ خِتَانُهُ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاق) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَبَانَتْ قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ بَانَتْ الْفِرَاقَ بَيْنَهُمَا لِيَتَنَاوَلَ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ وَالْبَائِنَ وَالْفَسْخَ وَالِانْفِسَاخَ لِأَنَّ إرَادَةَ الْبَيْنُونَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُخَالِفَةٌ لِظَوَاهِرِ الْكُتُبِ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهَا لَفْظُ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ قَالَ الكوهكيلوني وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَذُّرُ لِإِمْكَانِ عَوْدِ الْمَحَلِّ وَحُصُولِ التَّعْلِيمِ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ تَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ) مَحَلُّهُ إذَا الْتَزَمَ تَعْلِيمَهَا بِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ الْتَزَمَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَهُ تَحْصِيلُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مَا أَصْدَقَهُ إيَّاهَا مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ النِّسَاءِ وَلَا يَتَعَذَّرُ قَطْعًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيمِهَا جَمِيعَ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِ شَطْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالنَّظَرُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُعَلِّمُهَا مَا أَصْدَقَهَا إيَّاهُ غَيْرُهُ وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهَا كَالْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَمَعْرِفَةِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِجَوَازِ التَّعَلُّمِ مَعَ التَّحَرُّزِ مِنْ الْخَلْوَةِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ) وَقِيلَ الْقَصْدُ بِمَسْأَلَةِ التَّعْلِيمِ الْأَمْرَدُ خَاصَّةً أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَفْقِدُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا لِلتَّعْلِيمِ وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ التَّعَذُّرَ بِالتُّهْمَةِ الْحَاصِلَةِ بِتَعْلِيمِ الْمَنْطِق فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ أَعْظَمُ مِنْ تُهْمَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ) أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِنْتَهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَالْمَجْلِسَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْمَجْلِسُ مِثَالٌ لِلزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَقَدْ يُقَالُ لَا تَعَذُّرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ