الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا (عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ) صَدَرَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ كَالْمَقْتُولِ بِحَقٍّ) كَقِصَاصٍ أَوْ صِيَالٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ إيجَارِ دَوَاءٍ أَوْ شَهَادَةٍ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِدَارِهِ فَوَقَعَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ فَمَاتَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ وَالْإِصْطَخْرِيِّ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَّاقُ مِنْ شُيُوخِ الْجَبْرِيِّ نَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ
(فَرْعٌ: قَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ مِنْ الْقَاتِلِ بِأَنْ يَجْرَحَهُ) أَوْ يَضْرِبَهُ (وَيَمُوتُ هُوَ قَبْلَهُ) .
(الْمَانِعُ الرَّابِعُ: إبْهَامُ وَقْتِ الْمَوْتِ فَإِنْ مَاتَا) أَيْ مُتَوَارِثَانِ (بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) أَوْ نَحْوِهِ (وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ) مِنْهُمَا مَوْتًا (أَوْ عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَ) السَّابِقُ مِنْهُمَا (أَوْ مَاتَا مَعًا لَمْ يَتَوَارَثَا) بَلْ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِبَاقِي وَرَثَتِهِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما تُوُفِّيَتْ هِيَ وَابْنُهَا زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي يَوْمٍ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ فَلَمْ تَرِثْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا» وَلِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقَ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ وَلِأَنَّا إنْ وَرَّثْنَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ فَهُوَ تَحَكُّمٌ وَإِنْ وَرَّثْنَا كُلًّا مِنْ الْآخَرِ تَيَقَّنَّا الْخَطَأَ (فَلَوْ عُلِمَ) السَّابِقُ (وَنَسِيَ وَقَفَ) الْمِيرَاثُ (إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ) لِأَنَّ التَّذَكُّرَ غَيْرُ مَيْئُوسٍ مِنْهُ، أَمَّا إذَا عُلِمَ السَّابِقُ وَلَمْ يُنْسَ فَحُكْمُهُ بَيِّنٌ.
(الْمَانِعُ الْخَامِسُ الدَّوْرُ) الْحُكْمِيُّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَم مِنْ ثُبُوتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يَلْزَمَ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ نَفْيُهُ كَأَخٍ حَائِزٍ (أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَنْكَرَ) بُنُوَّةَ مَنْ ادَّعَاهَا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (فَحَلَفَ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ) فَلَا يَرِثُ الِابْنُ وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُ ذَلِكَ (فِي الْإِقْرَارِ وَكَمَرِيضٍ اشْتَرَى أَبَاهُ) فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ مَلَكَ أَخَاهُ فَأَقَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَرِثَ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ: الْمَوَانِعُ الْحَقِيقِيَّةُ أَرْبَعَةٌ: الْقَتْلُ، وَالرِّقُّ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالدَّوْرُ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَتَسْمِيَتُهُ مَانِعًا مَجَازٌ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ أَنَّهَا سِتَّةٌ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ وَالرِّدَّةُ وَاخْتِلَافُ الْعَهْدِ، وَإِنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا فَمَجَازٌ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَا لِأَنَّهُ مَانِعٌ بَلْ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ كَمَا فِي جَهْلِ التَّارِيخِ أَوْ السَّبَبِ كَمَا فِي انْتِفَاءِ النَّسَبِ وَعَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَوَانِعِ النُّبُوَّةَ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ لَا يَتَمَنَّى أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ مَوْتَهُمْ لِذَلِكَ فَيَهْلِكَ، وَأَنْ لَا يَظُنَّ بِهِمْ الرَّغْبَةَ فِي الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَ مَالُهُمْ صَدَقَةً بَعْدَ وَفَاتِهِمْ تَوْفِيرًا لِأُجُورِهِمْ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنَهَا مَانِعَةً أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَرِثُونَ كَمَا لَا يُورَثُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ) عَنْ الصَّرْفِ فِي الْحَالِ (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ فِي الشَّكِّ فِي الْحَيَاةِ فَمَنْ فُقِدَ بَعْدَ غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورِ قِتَالٍ أَوْ انْكِسَارِ سَفِينَةٍ أَوْ أَسْرِ عَدُوٍّ) أَوْ نَحْوِهَا (وَجُهِلَ حَالُهُ وُقِفَ مَالُهُ) إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ (مُدَّةً) مُنْضَمَّةً إلَى قَبْلِهَا مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ (يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) فَلَا يَشْتَرِطُ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ الْعِلْمُ فِيمَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (فَيَحْكُمُ بِمَوْتِهِ) أَيْ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ تَنْزِيلًا لِلْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا مَنْزِلَةَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (وَيُقَسَّمُ مَالُهُ) عَلَى مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ عِنْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ: يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا) سَوَاءٌ اُتُّهِمَ فِي اسْتِعْجَالِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا لَمْ يَنْضَبِطْ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِوَصْفٍ أَعَمَّ مِنْ الْمَعْنَى مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ مَضْبُوطًا كَالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ الْمَعْنَى فِي التَّرْخِيصِ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ، وَكَالْقَتْلِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَنْضَبِطْ فِيهِ قَصْدُ الِاسْتِعْجَالِ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى ابْنِهِ مِنْ عُلُوٍّ فَمَاتَ التَّحْتَانِيُّ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَإِنْ مَاتَ الْأَعْلَى وَرِثَهُ التَّحْتَانِيُّ قَوْلًا وَاحِدًا.
وَلَوْ وَصَفَ وَهُوَ طَبِيبٌ دَوَاءً لِابْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالطِّبِّ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاتِلًا لَهُ وَإِنْ كَانَ عَارِفًا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُشَّهُ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ) أَشَارَ إلَيَّ تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: الْخَامِسُ الدُّورُ الْحُكْمِيُّ) احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ عَنْ الدَّوْرِ اللَّفْظِيِّ وَعَنْ الدَّوْرِ الْحِسَابِيِّ فَلَا يَمْنَعَانِ الْإِرْثَ وَهُمَا مُقَرَّرَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ) كَالْفُصُولِ وَشَرْحِ الْأَشْنِيهِيَّةِ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ فِي الْمِيرَاث]
(الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مُوجِبَاتِ التَّوَقُّفِ)
(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الشَّكُّ فِي الْحَيَاةِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَرِثُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالْعَمَّةِ وَابْنِ أَخِيهَا (قَوْلُهُ: وُقِفَ مَالُهُ مُدَّةً) الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَتَقَدَّرُ وَقِيلَ مُقَدَّرَةٌ بِسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ بِثَمَانِينَ وَقِيلَ: بِتِسْعِينَ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهَا الْعُمْرُ الطَّبِيعِيُّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْبَسِيطِ يَرِثُهُ مَنْ كَانَ حَيًّا قُبَيْلَ الْحُكْمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي لِتَقَدُّمِ الْمَوْتِ الْمُسْتَعْقِبِ لِلْإِرْثِ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ الْمَحْكُومَ بِهِ لِأَحَدٍ يَقْضِي لَهُ بِحُصُولِهِ قُبَيْلَ الْحُكْمِ لَا عِنْدُهُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ لَا اخْتِلَافَ إذْ الْحُكْمُ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ بَلْ إظْهَارٍ وَلَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ الْمَوْتُ قُبَيْلَهُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا تَصْرِيحُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الْمَيِّتَ قُبَيْلَ الْحُكْمِ بِلَحْظَةٍ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ زَمَنٌ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَرِثُ لِلِاحْتِمَالِ وَإِلَّا فَيَكُونُ مُقَارِنًا لَهُ فَلَا يَرِثُهُ كَمَا لَوْ مَاتَا مَعًا، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ حَمْلُ كَلَامِ الْبَسِيطِ عَلَى مَنْ اسْتَمَرَّ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ مَاتَ مَعَ الْحُكْمِ لَا يَرِثُ فَقَوْلُ الْأَصْحَابِ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْحُكْمِ أَيْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُمْ لَا الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَهُ إيضَاحٌ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا تَتَقَدَّرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ تَتَقَدَّرُ بِسَبْعِينَ سَنَةً وَقِيلَ: بِثَمَانِينَ وَقِيلَ بِتِسْعِينَ، وَقِيلَ: بِمِائَةٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَقْدِيرُهَا بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ.
، وَأَغْرَبَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ: وَحُكِيَ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ
ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْحَاكِمِ فَهِيَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ أَوْ بِأَنْفُسِهِمْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ بِالْحُكْمِ حُكْمٌ حَتَّى لَا يُنْقَضَ، وَفِيهِ اضْطِرَابٌ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ (وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَتَتَزَوَّجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَلَا يَرِثُهُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ) وَلَوْ (بِلَحْظَةٍ) لِاحْتِمَالِ عَدَمِ تَأَخُّرِ مَوْتِهِ عَنْ مَوْتِهِ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ مَعَ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ مَاتَا مَعًا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أُطْلِقَ الْحُكْمُ فَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ لِكَوْنِ الْمُدَّةِ زَادَتْ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَيُعْطِي لِمَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَإِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْحُكْمِ قَالَ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ وَمُرَادُهُمْ بِوَقْتِ الْحُكْمِ الْوَقْتُ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمَفْقُودَ مَيِّتٌ فِيهِ (وَكَذَا الرَّقِيقُ الْمُنْقَطِعُ خَبَرُهُ لَا تَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُدَّةِ (فِطْرَتُهُ وَلَا يُجْزِئُ) عِتْقُهُ (عَنْ الْكَفَّارَةِ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ (وَلَوْ مَاتَ قَرِيبُهُ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (وُقِفَ مِيرَاثُهُ) مِنْهُ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَلْ كَانَ حَيًّا) حِينَئِذٍ (أَوْ مَيِّتًا وَيُقَدِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) مِنْ الْوَرَثَةِ (الْأَسْوَأَ مِنْ مَوْتِهِ وَحَيَاتِهِ) فَمَنْ سَقَطَ مِنْهُمْ بِهِ لَا يُعْطَى شَيْئًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِحَيَاتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ حَيَاتُهُ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِمَوْتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ مَوْتُهُ وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ يُعْطَى نَصِيبَهُ.
(مِثَالُهُ: أَخٌ لِأَبٍ مَفْقُودٍ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَجَدٍّ حَاضِرَانِ فَلِلْأَخِ) لِلْأَبَوَيْنِ مِنْ الْمَتْرُوكِ (الثُّلُثَانِ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ إنْ كَانَ) الْمَفْقُودُ (حَيًّا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا اقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ فَيُعْطَى الْأَخُ النِّصْفَ بِتَقْدِيرِ مَوْتِهِ وَالْجَدُّ الثُّلُثَ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ) فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الْأَخِ مَوْتُهُ وَفِي حَقِّ الْجَدِّ حَيَاتُهُ مِثَالٌ آخَرُ: أَخٌ لِأَبَوَيْنِ مَفْقُودٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجٌ حَاضِرُونَ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ فَلِلْأُخْتَيْنِ الرُّبْعُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ مَوْتُهُ وَفِي حَقِّ الْأُخْتَيْنِ حَيَاتَهُ. الْمُوجِبُ.
(الثَّانِي: الشَّكُّ فِي النَّسَبِ فَيُوقَفُ مِيرَاثُ الْوَلَدِ) مِنْ تَرِكَةِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ (إلَى الْبَيَانِ إنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ) فِي زَمَنِ الْإِشْكَالِ (وَمِيرَاثُ أَبٍ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ) كَذَلِكَ، وَأَخَذْنَا فِي نَصِيبِ كُلِّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمَا لَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا بِالْأَسْوَأِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَفْقُودِ الْمُوجِبِ.
(الثَّالِثُ: الْحَمْلُ الْوَارِثُ فَيُوقَفُ لَهُ) مِيرَاثُهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ وَرِثَ مُطْلَقًا) كَالْحَمْلِ مِنْ الْمَيِّتِ (أَوْ بِتَقْدِيرِ) كَحَمْلِ زَوْجَةِ أَخٍ لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ فَحَمْلُ زَوْجَةِ (الْأَخِ، وَالْجَدُّ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ، وَفِيهِ) أَيْ فِيمَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ (مَنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ كَمَنْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ) فَالْحَمْلُ يَرِثُ بِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ السُّدُسَ عَائِلًا؛ لِأَنَّهُ أُخْتٌ دُونَ تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخٌ وَهُوَ عَاصِبٌ وَلَمْ يَبْقَ ذَوُو الْفُرُوضِ شَيْئًا وَإِذَا وَرِثَ مُطْلَقًا فَقَدْ يَرِثُ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ أَكْثَرَ كَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ بِالْعَكْسِ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ مِنْهَا وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَقَدْ يَرِثُ بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَبِنْتٍ وَحَمْلٍ مِنْ الْأَبِ (وَلَوْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ صُدِّقَتْ وَلَوْ) وَصَفَتْهُ (بِعَلَامَةٍ خَفِيَّةٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا (وَلَوْ لَمْ تَدَّعِهِ وَاحْتُمِلَ هُوَ لِقُرْبِ الْوَطْءِ فَفِي الْوَقْفِ لَهُ) مِنْ الْمِيرَاثِ (تَرَدُّدٌ) وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَقْفِ (وَأُعْطِيَ) فِي الْحَالِ (مَنْ لَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ وَلَا يَحْجُبُهُ عَنْهُ) الْحَمْلُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْوَقْفِ (وَإِنْ أَمْكَنَ الْعَوْلُ أَخَذَهُ) أَيْ فَرْضَهُ (عَائِلًا) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ (مِثَالُهُ: زَوْجَةٌ حَامِلٌ، وَأَبَوَانِ يَدْفَعُ إلَيْهَا ثُمُنُ عَائِلٍ وَإِلَيْهِمَا السُّدُسَانِ) الْأُولَى: سُدُسَانِ (عَائِلَانِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ) أَيْ الْحَمْلِ (أُنْثَيَيْنِ) أَمَّا إذَا كَانَ يَحْجُبُهُ عَنْهُ الْحَمْلُ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ (وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّرْ نَصِيبُهُمْ) أَيْ الْمَوْجُودِينَ مَعَ الْحَمْلِ (كَالْأَوْلَادِ وُقِفَ الْجَمِيعُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقْصَى عَدَدِ الْحَمْلِ لَا ضَبْطَ لَهُ لِمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِي بَعْضِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) رَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الِاشْتِرَاطَ فَقَالَ: وَلَفْظُ الْوَجِيزِ مُشْعِرٌ بِاعْتِبَارِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ إلَخْ) : لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حُكْمًا لَاسْتَدْعَى تَقَدُّمَ دَعْوَى فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا. الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي مَحْكُومًا لَهُ وَعَلَيْهِ وَبِهِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا. الثَّالِث أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ ظَهَرَ مَا بَاعَهُ مُسْتَحَقًّا بَطَلَ وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يَبْطُلْ. الرَّابِعُ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُكْمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا وَالْإِلْزَامُ الَّذِي هُوَ إنْفَاذٌ لِحُكْمٍ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمُسْتَنِدِ السَّابِقِ وَقَوْلُ الْقَاضِي: بِعْتُ أَوْ زَوَّجْتُ وَنَحْوَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْإِلْزَامَ يَكُونُ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ وَالْعَقْدُ إلَى الْآنَ لَمْ يَقَعْ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ ظَاهِرٌ فِيهِ حَيْثُ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي عَلَى الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ إنَّمَا هُوَ خَبَرٌ يُخْبِرُ بِهِ عَنْ بَيِّنَةٍ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ خَصْمٍ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ فَأَنْفَذَ الْحُكْمَ فِيهِ؟ .
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هَذَا فِي الْعُقُودِ إنَّمَا يَجِيءُ إذَا تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ الْحَاكِمُ فَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى وُجُودِهِ وَاَلَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَقْفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إلَخْ) وَحُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ اثْنَيْ عَشَرَ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَرُفِعَ أَمْرُهَا إلَى السُّلْطَانِ فَاسْتَدْعَاهَا وَأَوْلَادَهَا ثُمَّ رَدَّهُمْ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ الْقَصْرِ فَعَلِمَتْ بِهِ فَصَاحَتْ صَيْحَةً ارْتَجَّ مِنْهَا حِيطَانُ الْقَصْرِ فَقِيلَ لَهَا: أَلَيْسَ لَكِ فِي هَؤُلَاءِ الْأَحَدَ عَشَرَ كِفَايَةٌ فَقَالَتْ: مَا صِحْتُ أَنَا وَإِنَّمَا صَاحَتْ الْأَحْشَاءُ الَّتِي رُبُّوا فِيهَا.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ الْيَمَنِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ أَنَّ امْرَأَةً بِالْيَمَنِ وَضَعَتْ حَمْلًا كَالْكِرْشِ فَظُنَّ أَنْ لَا وَلَدَ فِيهِ فَأُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ حَمِيَ وَتَحَرَّكَ فَشُقَّ فَخَرَجَ مِنْهُ سَبْعَةُ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ عَاشُوا جَمِيعًا وَكَانُوا خَلْقًا سَوِيًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: فِي أَعْضَائِهِمْ قِصَرٌ، قَالَ: وَصَارَعَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَصَرَعَنِي فَكُنْتُ أُعَيَّرُ بِالْيَمَنِ بِأَنَّهُ صَرَعَكَ سُبُعُ رَجُلٍ.