الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يطوف بالبيت والسيوف تنوشه وهو ينشد:
ترى المحبّين صرعى فى ديارهم
…
كفتيه الكهف لا يدرون كم لبثوا
2044 ـ على بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، تقى الدين أبو الحسن الطبرى المكى الشافعى:
إمام المقام، وخطيب المسجد الحرام. سمع من يونس بن يحيى الهاشمى: صحيح البخارى، ومن زاهر بن رستم: جامع الترمذى، وسمعه على ابن أبى الصّيف، وغير ذلك.
وسمع من أبى الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبى سعد النيسابورى: جزء الأنصارى، أخبرنا القاضى أبو بكر. وحدّث. سمع منه المحّب الطبرى وجماعة.
وتوفى فى سنة أربعين وستمائة فى أوائلها بمكة، كذا وجدت وفاته بخط القطب القسطلانى.
ومولده يوم السبت وقت صلاة الظهر يوم عشر من شهر رجب، سنة ست وسبعين وخمسمائة. نقلت مولده من خط شيخنا ابن سكّر، وذكر أنه نقله من خطّ المحب الطبرى.
2045 ـ على بن أبى بكر محمد العقيلى نسبا، موفّق الدين أبو الحسن الزّيلعىّ:
هكذا ذكر فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم:«بالفقيه الصالح العابد الناسك القطب. وفيه أنه: توفى يوم الثلاثاء السّابع والعشرين من ذى الحجة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة» وهذا القبر مشهور بالمعلاة، والناس يقصدونه بالزيارة.
وسمعت غير واحد يذكر حكاية تدل على عظيم مقدار هذا الشيخ، وهى أن كريم الدين الكبير، وكيل الملك الناصر محمد بن قلاوون، حجّ فى بعض السنين إلى مكة، ومعه ثلاثمائة ألف درهم للصّدقة، فأناط تفريقها برأى القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة، وأنه يفّرق على حسب احتياج الناس، بحيث لا يزاد أحد على خمسة آلاف، ولا ينقص عن خمسمائة درهم، فبعثوا لهذا الشيخ منها ثلاثة آلاف درهم، مع القاضى أحمد ابن القاضى نجم الدين، فردّها، فزادوه ألفا، فردّها، فتخيّلوا أن ردّ الشيخ لذلك استقلالا له، لاحتمال أن يكون بلغه أن غيره أعطى خمسة آلاف، واقتضى رأيهم أن يذهب إليه القاضى نجم الدين بخمسة آلاف، فذهب بها إلى الشيخ، وقال: ما رددتها
استقلالا لها، وإنما ذلك لعذر، فألّح عليه القاضى نجم الدين فى القبول فأبى، فقال لها القاضى نجم الدين: لابد من قبولك لذلك، أو تخبرنى بعذرك. فقال: إخبارى بالعذر أهون علىّ، وهو أنا يا بنى الزيلعى، نسكن السّلامة وحيس من بلاد اليمن، ولنا بهما مزارع، يتحصّل منها ما يقوم بكفايتنا، ويفضل لنا نزر يسير، فقدّر فى بعض السنين، أنى استدنت لأجل ولائم أعراس وطهارات، حتى بلغ دينى خمسة عشر ألف دينار، يعنى ستين ألف درهم، فشقّ ذلك علىّ، ولحقنى منه همّ، وبلغ خبرى إلى بعض جهات السلطان، فبعثت إلىّ بمقدار ما علىّ، وهو خمسة عشر ألف دينار، فى خمسة عشر كيسا مع خادمها، ولم أشعر بذلك إلا عندى، فوضعه بين يدىّ، وأبلغنى رسالة مولاته، وهو أنه بلغها ما علىّ الدين، فبعثت إلى هذا المال لوفائه، فرأيت كأن فى بيتى خمسة عشر حيّة، فعرفت من أين أتيت، وأجمعت على رد المال لمن أرسله، وقلت: هذا مال لا يملكونه، إذا أخذته صار فى ذمتى، ولا أعرف أنا أصحابه، فأستحلّ منهم، أو أؤديه إليهم، وأصحاب الدين الذى علىّ غير مطالبين لى، فنهانى عن ردّه جميع أهلى حتى الخادم، وأسا علىّ فى ذلك، فلم أقبل، فرددته.
وكان ذلك فى أوان الحصاد، وسعر الطعام إذا ذاك، المدّ بخمسة وعشرين دينارا، فلم يزل السعر يرتفع قليلا قليلا، حتى بلغ المدّ مائة وخمسة وعشرين دينارا، فبعت بهذا السعر من غلتى ما يفى بدينى، وفضل لى فضلة، ثم تنازل السعر حتى صار المدّ بخمسة وعشرين. فعرفت أن ذلك عناية من الله بى، لتوقّفى فى ذلك المال، وعقدت مع الله عقدا، أن لا أقبل من أحد شيئا، فهل ترى يا نجم الدين أن أنقض هذا العقد؟ وأقبل هذا المال! . فقال: لا يا سيدى.
هذا ما أخبرنى به بعض الناس، إلا أنه شكّ فى هذه الحكاية، هل اتفقت لهذا الشيخ أو لوالده الآتى ذكره؟ والصواب أنها لهذا الشيخ، لأن سياق الخبر يدل له، وهو كون صاحب المال كريم الدين الكبير، وغير ذلك. وسمعت بعض الناس يذكر هذه الحكاية على غير هذا الوجه، وملخّص ذلك: أن القاضى نجم الدين الطبرى، فرّق صدقة لفخر الدين ناظر الجيش، فبعث إليه منها بألف درهم، فردها، فزيد ألفا، فردها، ثم ألفا، فردها، ثم ألفا، فردها.
فلما كان فى المرة الخامسة، توجه إليه القاضى نجم الدين، وسأله قبول ذلك، وبالغ واعتذر إليه بقلة الحاصل، فأبى الشيخ من القبول، وقال له: ما رددت ذلك استقلالا، وإنما رددته لعهد عقدته مع الله تعالى.