الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2221 ـ عمرو بن الزّبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى:
أمه أمّ خالد بنت سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، على ما ذكر الزّبير بن بكار، وذكره فى أولاد الزبير بن العوّام فقال: وأما عمرو بن الزبير، فكان من أجمل أهل زمانه، قال: وكان الزبير يصفّ مصعبا وعمرا ابنى الزبير بين يديه، فينظر أيهما أحسن، ثم يقول: ما خلق الله عزوجل شيئا أحسن منكما، فكانا من أحسن زمانهما، وكانت فى أحدهما خضعة، فسمعت أصحابنا يقولون: الخضعة كانت فى عمرو بن الزبير، لأنها فى ولده. ونشأ عمرو وهو شديد العارض منيع الحوزة. وكان يقال:
عمرو لا يكلم، من يكلم عمرا يندم
وقد كان قد لابس بنى أبى جمح، فكان يجلس بالبلاط، ويطرح عصاه، فلا يتخطّاها أحد إلا بإذنه، وكان قد اتخذ من الرقيق مئين. وقال الزبير: حدّثنى مصعب بن عثمان، قال: قال عمرو بن الزبير فى رقيقه (1):
نحن ملأنا السوق من كلّ قبيل
…
معرض بين المنكبين شجاع
وكان عبد الله بن الزبير، قد خرج إلى مكة، فمرّ على أمواله بالفرع، فتغوّل له قوم من أسلم، وتهوّلوا ليلا، ورموه بالحجارة، وشققوا أساقيه، فمضى عنهم ولم يعج بهم، وبلغ الخبر عمرو بن الزبير، فجاء فى رقيقه وقال: من أخذ أسلميّا فهو له، فجعل الغلام من رقيقه يأخذ الأسلمىّ، فيتضرعون إليه، كلما أخذ منهم أحدا، قال: اذهب، فقد أعتقتك. وعمرو الذى يقول [من الطويل]:
ليت رجالا يعجب النّاس طولهم
…
يكونون عند الناس مثل أبى الورد
أبو الورد: مولى عمرو بن سعيد بن العاص. ولعمرو بن الزبير يقول عبد الله بن
ـ أصلى فى بيتى؟ قال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: لا أجد لك رخصة.
(2)
وهو الحديث السابق ذكره، أخرجه فى الصغرى، كتاب الإمامة، حديث رقم 851.
(3)
وهو أيضا نفس الحديث، أخرجه فى كتاب المساجد والجماعات، حديث رقم 792.
2221 ـ انظر ترجمته فى: (المحبر 304، 481، المرزبانى 242، جمهرة الأنساب 113، ابن الأثير 3/ 199 الأعلام 5/ 78).
(1)
كذا فى الأصل وهو على هذه الصورة مختل الوزن وفى هامش الأصل تعليق أنه مختل الوزن والمعنى أيضا.
الزبير الأسدى [من الطويل]:
نمت بك أعراق الزبير وهاشم
…
وعرق سرى من خالد بن سعيد
وذكر ابن الأثير شيئا من خبره، فنذكره لما فيه من الفائدة، ونصّ ما ذكره فى أخبار سنة ستين من الهجرة:
وفى هذه السنة، عزل الوليد بن عتبة عن المدينة، عزله يزيد، واستعمل عليها عمرو ابن سعيد الأشدق، فقدمها فى رمضان، فدخل عليه أهل المدينة، وكان عظيم الكبر، واستعمل على شرطته عمرو بن الزبير، لما كان بينه وبين أخيه عبد الله من البغضاء، فأرسل إلى نفر من أهل المدينة فضربهم ضربا شديدا، لهواهم فى أخيه عبد الله، منهم أخوه المنذر بن الزبير، وابنه محمد بن المنذر، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وغنم بن عبد الله بن حكيم بن عبد الله بن حزام، ومحمد بن عمّار بن ياسر، وغيرهم. فضربهم الأربعين إلى الخمسين إلى الستين، فاستشار عمرو بن سعيد، عمرو بن الزبير، فيمن يرسله إلى أخيه، فقال: لا توجّه إليه رجلا أنكى له منّى! فجهّز معه الناس، وفيهم أنيس بن عمرو الأسلمى فى سبعمائة.
ثم قال: وقيل إن يزيد، كتب إلى عمرو بن سعيد ليرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه عبد الله، ففعل، فأرسله ومعه جيش نحو ألفى رجل، فنزل أنيس بذى طوى، ونزل عمرو بالأبطح، فأرسل عمرو إلى أخيه: برّ يمين يزيد ـ وكان حلف أن لا يقبل بيعته، إلا أن يؤتى به فى جامعة ـ فتعال حتى أجعل فى عنقك جامعة من فضة، لا ترى، ولا يضرب الناس بعضهم ببعض، فإنك فى بلد حرام فأرسل عبد الله بن الزبير، عبد الله بن صفوان، نحو أنيس فيمن معه من أهل مكة، ممن اجتمع إليه، فهزمه ابن صفوان بذى طوى، وأجهز على جريحهم، وقتل أنيس بن عمرو، وسار مصعب بن عبد الرحمن إلى عمرو بن الزبير، فتفرّق عن عمرو أصحابة، فدخل دار ابن علقمة، فأتاه أخوه عبيدة فأجاره، ثم أتى عبد الله فقال له: إنى قد أجرت عمرا، فقال: أتجير من حقوق الناس! هذا ما لا يصلح. وما أمرتك أن تجير هذا الفاسق المستحلّ حرمات الله، ثم أقاد من عمرو كلّ من ضربه، إلا المنذر وابنه، فإنهما أبيا أن يستقيدا، ومات تحت السّياط. انتهى.
وفى تاريخ الإسلام للذهبى، من خبر عمرو بن الزبير، الذى ذكره بن الأثير، ما يواقفه وما يخالفه، وغير ذلك من خبره، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة:
قال: قال الواقدىّ: وحدثنى عبد الله بن جعفر، عن عمته أم بكر، وحدّثنى شرحبيل ابن أبى عون، عن أبيه، وابن أبى الدّينار، قالوا: كتب يزيد إلى عمرو بن سعيد، أن يوجه إلى ابن الزبير جندا، فسأل: من أعدى الناس له؟ فقيل: عمرو أخوه، فولّاه شرطة المدينة، فضرب ناسا من الأوس والأنصار بالسياط، وقال: هؤلاء شيعة عبد الله بن الزبير، ثم توجه فى ألف من أهل الشام إلى قتال أخيه عبد الله، ونزل بذى طوى، فأتاه ناس يسلّمون عليه، فقال: جئت لأن يعطى أخى الطاعة ليزيد، ويبرّ قسمه، فإن أبى قاتلته، فقال له جبير بن شيبة: كان غيرك أولى منك، تسير إلى حرم الله وأمنه، وإلى أخيك فى سنّه وفضله، تجعله فى جامعة! ما أرى الناس يدعونك وما تريد! قال: أرى أن أقتل من حال دون ذلك، ثم أقبل ونزل داره عند الصفا، وجعل يرسل إلى أخيه، ويرسل إليه أخوه، وكان عمرو يخرج يصلّى بالناس وعسكره بذى طوى، وابن الزبير أخوه معه، يشبّك أصابعه فى أصابعه، ويكلمه فى الطاعة ويلين له، فقال عبد الله: ما بعد هذا شئ، إنى لسامع مطيع، أنت عامل يزيد، وأنا أصلى خلفك، ما عندى خلاف، فإما أن تجعل فى عنقى جامعة، ثم أقاد إلى الشام، فإنى نظرت فى ذلك، فرأيته لا يحل لى أن أحله بنفسى، فراجع صاحبك واكتب إليه، فقال: لا والله ما أقدر على ذلك، فهيّأ عبد الله بن صفوان قوما، وعقد لهم لواء، وأخذ بهم من أسفل مكة، فلم يشعر أنيس الأسلمى إلا بقوم، وكان على عسكر عمرو، فالتقوا، فقتل أنيس، وركب مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فى طائفة إلى عمرو، فلقوه، فانهزم أصحابه والعسكر أيضا، وجاء عبيدة بن الزبير إليه، فقال: يا أخى، أنا أجيرك من عبد الله، وجاء به أسيرا، والدم يقطر على قدميه فقال: قد أجرته؟ قال عبد الله: أما حقى، فنعم، وأمّا حق الناس فلا، فيقتصّ منه لمن آذاه بالمدينة، وقال: من كان يطلبه بشيء فليأت، فجعل الرجل يأتى فيقول: قد نتف أشفارى، فيقول: قم، فانتف أشفاره، وجعل الرجل يقول: قد نتف لحيتى، فيقول: انتف لحيته، وكان يقيمه كل يوم، ويدعو الناس للقصاص منه فقام مصعب بن عبد الرحمن فقال: قد جلدنى مائة جلدة، فأمره فضربه مائة جلدة، فمات، وأمر به عبد الله فصلب.
وروى ابن سعد عن الواقدى وقال: بل صحّ من ذلك الضرب، ثم أمر به ابن الزبير بعد إخراجه من السجن، فرآه جالسا بفناء منزله، فقال: ألا أراه حيّا! فأمر به فسحب إلى السجن، فلم يبلغه حتى مات، فأمر به عبد الله، فطرح فى شعب الخيف، وهو الموضع الذى صلب فيه عبد الله بعد. انتهى.
وقال أبو القاسم السّهيلىّ، فى كتابه «الروض الأنف»: فصل. وذكر ـ يعنى ابن إسحاق ـ حديث أبى شريح الخزاعىّ، واسمه خويلد بن عمرو، وقيل عمرو بن خويلد، وقيل كعب بن عمرو، وقيل هانئ بن عمرو، ثم قال: وقال: لما قدم عمرو بن الزبير مكة لقتال أخيه عبد الله بن الزبير بمكة، هذا وهم من ابن هشام، وصوابه عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية، وهو الأشدق، ويكنى أبا أمية، ثم قال: فالصواب إذا عمرو ابن سعيد، لا عمر بن الزبير، وكذا رواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق، وهكذا وقع فى الصحيحين، ذكر هذا التنبيه على ابن هشام، أبو عمر رحمه الله، فى كتابه «الأجوبة عن المسائل المستغربة» وهى مسائل من كتاب الجامع للبخارى، تكلم عليها فى ذلك الكتاب، وإنما دخل الوهم على ابن هشام، أو على البكّائىّ فى روايته، من أجل أن عمرو بن الزبير كان معاديا لأخيه عبد الله، ومعينا لبنى أميّة عليه فى تلك الفتنة، والله أعلم. انتهى.
وهذا الوهم الذى ذكره السّهيلى يحتاج إلى تحقيق، لأن فى السيرة لابن إسحاق تهذيب ابن هشام: وحدّثنى سعيد بن أبى سعيد المقبرى، عن أبى شريح الخزاعى، قال: لما قدم عمرو بن الزبير مكة، لقتال أخيه عبد الله بن الزبير، جئته فقلت له: يا هذا، إنّا كنّا مع رسول اللهصلى الله عليه وسلم حين فتح مكة، فذكر الحديث فى حرمتها، والنّهى عن القتال فيها، ثم قال عمرو لأبى شريح: انصرف أيها الشيخ، فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنع سافك دم، ولا خالع طاعة، ولا مانع خربة. انتهى.
فإن أراد السهيلى كما هو الظاهر من كلامه، أن عمرو بن الزبير لم يقدم مكة لقتال أخيه، وأن عمرو بن سعيد الأشدق، قدم مكة لقتال عبد الله بن الزبير، فهذا غير مستقيم، لأنه لا يعرف أن عمرو بن سعيد أتى مكة لقتال ابن الزبير، والمعروف أن عمرو بن سعيد، بعث عمرو بن الزبير فى جيش إلى مكة، لقتال عبد الله بن الزبير، وأن عبد الله بن الزبير أخرج إليهم من قاتلهم حتى انهزموا، وقتلت طائفة من جيش عمرو ابن الزبير بعد ذلك، كما سبق نقلا عن الواقدى، وتاريخ ابن الأثير. وابن الأثير أخذ ذلك من ابن جرير وليس فى الصحيحين ما يدل على أن عمرو بن سعيد، أتى مكة لقتال ابن الزبير، وإنما فيهما أنه بعث لقتاله، ولفظ الصحيح بعد الإسناد إلى أبى شريح، أنه قال لعمرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلى مكة: إيذن لى أيها الأمير، أحدثك قولا، قام فيه رسول اللهصلى الله عليه وسلم الغد من يوم فتح مكة، الحديث.
وهو معنى ما فى السيرة مختصرا، فهذا صريح فى أن أبا شريح حين قال ذلك لعمرو