الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو ثقة. وقال النسائى: ثقة. وقال أيضا: ليس به بأس. وقال أبو زرعة: هو مكى ثقة فى نفسه. وقال أبو زرعة: روى عنه الثقات، وإنما أنكروا عليه كثير روايته عن أبيه عن جده، وإنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عندهم فرواها، مما روى عن أبيه عن جده من المنكر، وعامة هذه المناكير التى تروى عنه، إنما هى عن المثنّى بن الصباح، وابن لهيعة، والضعفاء. وقال البخارى وأحمد وابن المدينى وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد: وعامة أصحابنا يحتجون به، فمن الناس بعدهم؟ .
وقال الذهبى: هو حسن الحديث. وقال الأوزاعى: ما رأيت قرشيّا أكمل ـ أو قال أفضل ـ من عمرو بن شعيب. قال خليفة وغيره: مات سنة ثمان عشرة ومائة. وقال يحيى بن بكير: مات بالطائف. وقال صاحب الكمال: وعدّه بعضهم من أهل الطائف. وقال ابن أبى حاتم: سكن مكة، وكان يخرج إلى ضيعة له.
2234 ـ عمرو بن شعبة الثقفى:
ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: ذكر فى الصحابة، ولا أعرف له خبرا.
2235 ـ عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد ـ بضم السين ـ بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى السهمى، أبو عبد الله، وأبو محمد:
ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: وأمّه سبية، يقال لها النابغة، من عنزة.
قال: حدثنى محمد بن سلام قال: حدثنى محمد بن حفص التميمى قال: لما كانت الهدنة بين النبى صلى الله عليه وسلم وبين قريش، ووضعت الحرب، خرج عمرو بن العاص إلى النجاشى يكيد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له منه ناحية، فقال له: يا عمرو، تكلمنى فى رجل يأتيه الناموس كما كان يأتى موسى بن عمران! قال: قلت: وكذلك هو أيها الملك؟ قال: نعم. قال: فأنا أبايعك له على الإسلام، ثم قدم مكة، فلقى خالد بن الوليد بن المغيرة، فقال له: ما رأيك؟ قال: قد استقام الميسم، والرجل نبىّ، قال: فأنا أريده. قال: وأنا معك. قال له عثمان بن طلحة: وأنا معك. قفدموا على النبى صلى الله عليه وسلم المدينة.
وقال محمد بن سلام: قال لى أبان بن عثمان: فقال عمرو بن العاص: فكنت أسنّ منهما، فقدّمتهما لأستدبر أمرهما، فبايعا على أن لهما ما تقدم من ذنوبهما، فأضمرت
2234 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1949، أسد الغابة ترجمة 3964).
2235 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1953، الإصابة ترجمة 5897).
أن أبايعه، على أنّ لى ما تقدم وما تأخر، فلما أخذت بيده وبايعته على ما تقدّم، نسيت ما تأخر.
وقال الزبير: لما هاجر عمرو بن العاص، فى الهدنة التى كانت بين يدى رسول اللهصلى الله عليه وسلم وبين قريش، هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«رمتكم مكة بأفلاد كبدها» واشترط على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايعه، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الإسلام يجبّ ما قبله» .
واشترط عليه أن يشركه فى الأمر، فأعطاه ذلك، ثم بعث إليه رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقال:«إنى أردت أن أوجهك وجها، وأزعب لك زعبة من المال» . فقال عمرو: أمّا المال، فلا حاجة لى فيه ووجّهنى حيث شئت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعمّا بالمال الصالح للرجل الصالح» وأمّره قبل الشام، وأمره أن يدعو إلى الجهاد، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، ثم كتب إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم يستمده، فأمده بجيش فيهم أبو بكر وعمر، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنهم، فقال عمرو: أنا أميركم.
وقال أبو عبيد: أنت أمير من معك، وأنا أمير من معى. فقال عمرو: إنما أنتم مددى، فأنا أميركم. فقال له أبو عبيدة: تعلم، يا عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلىّ، فقال: إذا قدمت على عمرو فتطاوعا ولا تختلفا فإن خالفتنى أطعتك. قال: فإنى أخالفك، فسلم له أبو عبيدة، وصلى خلفه.
وقيل لعمرو بن العاص: ما أبطأ بك عن الإسلام، وأنت أنت فى عقلك؟ . فقال: إنا كنّا مع قوم لهم علينا تقدم وسنّ، وتوازن حلومهم الجبال، ما سلكوا فجّا فتبعناهم إلا وجدناه سهلا. فلما أنكروا على النبى صلى الله عليه وسلم، أنكرنا معهم، ولم نفكر فى أمرنا، وقلدّناهم. فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا، نظرنا فى أمر النبى صلى الله عليه وسلم وتدبرناه، فإذا الأمر بيّن، فوقع فى قلبى الإسلام، فعرفت قريش ذلك فى إبطائى عما كنت أسرع فيه من عونهم على أمرهم، فبعثوا إلىّ فتى منهم، فقال: أبا عبد الله! إن قومك قد ظنوا بك الميل إلى محمد، فقلت له: يا ابن أخى! إن كنت تحب أن تعلم ما عندى، فموعدك الليل من حراء. فالتقينا هنالك، فقلت له: إنى أنشدك الله الذى هو ربك ورب من قبلك ورب من بعدك، أنحن أهدى أم فارس والروم؟ .
قال: اللهم بل نحن. قلت: فما ينفعنا فضلنا عليهم فى الهدى، إن لم تكن إلا هذه الدنيا، وهم فيها أكثر منا أمرا، قد وقع فى نفسى، أن ما يقول محمد من البعث بعد
الموت حق، ليجزى المحسن فى الآخرة بإحسانه، والمسئ بإساءته. هذا يابن أخى الذى وقع فى نفسى، ولا خير فى التمادى فى الباطل.
قال ابن عبد البر: أسلم سنة ثمان قبل الفتح، وقيل أسلم بين الحديبية وخيبر، ولا يصح. وقيل: إنه لم يأت من أرض الحبشة إلا وهو معتقد الإسلام، لما أخبره النجاشى بنبوة النبىصلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البر: والصحيح أنه قدم مسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر، هو وخالد وعثمان، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية نحو الشام، إلى أخوال أبيه العاصى بن وائل من بكر، يدعوهم إلى الإسلام، ويستنفرهم إلى الجهاد، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، فى جمادى الآخرة سنة ثمان، فى ثلاثمائة نفر، فسار حتى إذا كانوا على ماء بأرض جذام، يقال له السلاسل، خاف، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فأمده بخمسين ومائتين فارسا من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما، وأمر عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا، قال لهم عمرو: أنا أميركم، وأنتم مددى. فقال أبو عبيدة: إنما أنت أمير من معك، وأنا أمير من معى، فأبى عمرو، فقال له أبو عبيدة: يا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عهد إلىّ: إذا قدمت إلى عمرو فتطاوعا ولا تختلفا، فإن خالفتنى أطعتك، قال: فإنى أخالفك، فسلم له أبو عبيدة، وصلى خلفه فى الجيش كله، وكانوا خمسمائة.
وتعرف هذه الغزوة، بغزوة ذات السلاسل، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمان، فلم يزل عليها حتى قبض النبى صلى الله عليه وسلم، وولاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، بعد موت يزيد ابن أبى سفيان، فلسطين والأردن، ثم عزله، وكتب إليه بالمسير إلى مصر، فسار إليها فى جيش فافتتحها، ولم يزل عليها حتى مات عمر رضى الله عنه، وأقره عثمان رضى الله عنه عليها أربع سنين أو نحوها، ثم عزله وولاها عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وكان ذلك بدء الشر بين عمرو وعثمان، واعتزل عمرو عثمان، ونزل فى ناحية فلسطين، وكان يأتى المدينة أحيانا، ويطعن فى خلال ذلك على عثمان، فلما قتل عثمان، سار إلى معاوية باستجلابه إياه، وشهد صفين معه، وكان منه بصفين وفى التحكيم ما هو عند أهل العلم بأيام الناس معلوم. ثم ولاه مصر، فلم يزل عليها إلى أن مات بها أميرا عليها. انتهى.
وروى له عن النبى صلى الله عليه وسلم، سبعة وثلاثون حديثا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة، وروى له البخارى بعض حديث، وروى له مسلم حديثين.
وروى عنه أبو عثمان النهدى، وقيس بن أبى حازم، وعروة بن الزبير، وجماعة. روى له الجماعة.
وله فضائل وأخبار حسنة كثيرة، منها على ما قال آدم، عن حمّاد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال النبىصلى الله عليه وسلم: «ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام» (1).
ومنها [ .... ](2) وأما حديث عقبة بن عامر رضى الله عنه، أن النبىصلى الله عليه وسلم قال:«أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص» (3) فضعيف.
لأن الترمذى لمّا أخرجه، قال: لا يعرف إلا من حديث ابن لهيعة، وإسناده ليس بالقوى.
قال ابن عبد البر: وكان عمرو بن العاص رضى الله عنه من فرسان قريش وأبطالهم فى الجاهلية، مذكورا بذلك فيهم وكان شاعرا حسن الشعر، حفظ عنه منه الكثير فى مشاهد شتّى. ومن شعره فى أبيات له يخاطب بها عمارة بن الوليد بن المغيرة عند النجاشى [من الطويل]:
إذا المرء لم يترك طعاما يحبه
…
ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما
قضى وطرا منه وغادر سبة
…
إذا ذكرت أمثالها تملا الفما
وكان عمرو بن العاص رضى الله عنه، أحد الدهاة فى أمور الدنيا، المقدمين فى الرأى والمكر والدهاء، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، إذا ستضعف رجلا فى عقله ورأيه، قال: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد، يريد خالق الأضداد.
وقال مجالد عن الشعبى: دهاة العرب أربعة: معاوية بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد. فأما معاوية فللأناة والحلم، وأما عمرو فللمعضلات، وأما المغيرة بن شعبة، فللمداهنة، وأما زياد فللصغير وللكبير.
وقال أبو عمر بن عبد البر: ذكروا أنه جعل لرجل ألف درهم، على أن يسأل عمرو ابن العاص عن أمه وهو على المنبر، فسأله، فقال: أمى سلمى بنت حرملة، تلقّب النابغة، من بنى عنزة، ثم أحد بنى جلان، أصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها
(1) أخرجه أحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم 7982، 8138، 8427، 8428.
(2)
ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
(3)
سبق تخريجه.
الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن وائل، فولدت له فأنجبت، فإن كان جعل لك شيء فخذه.
قال موسى بن علىّ بن رباح، عن أبيه: سمعت عمرو بن العاص يقول: لا أملّ ثوبى ما وسعنى، ولا أملّ زوجتى إذا أحسنت عشرتى، ولا أمل دابتى ما حملتنى، إن الملال من سيّئ الأخلاق.
وقال أبو أمية بن يعلى، عن على بن زيد بن جدعان، قال رجل لعمرو بن العاص: صف لى الأمصار، قال: أهل الشام، أطوع الناس للمخلوق وأعصاه للخالق. وأهل مصر، أكيسهم صغارا وأحمقهم كبارا.
وأهل الحجاز، أسرع الناس إلى الفتنة وأعجزهم فيها. وأهل العراق، أطلب الناس للعلم وأبعدهم منه. انتهى.
قال ابن عبد البر: ولما حضرته الوفاة، قال: اللهم إنك أمرتنى بأمور فلم أئتمر، وزجرتنى فلم أنزجر.
ووضع يده فى موضع الغلّ، فقال: اللهم لا أنا قوىّ فأنتصر، ولا برئ فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت، فلم يزل يرددها حتى مات. انتهى.
واختلف فى تاريخ موته، فقيل: مات سنة اثنتين وأربعين، قاله خليفة وأبو عبيد، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، قاله الواقدى، والليث بن سعد، والمدائنى، ويحيى بن بكير، ويحيى بن معين، وجماعة.
قال بعضهم: يوم الفطر وقال بعضهم: ليلة الفطر. وقيل: مات سنة ست وأربعين، ذكره ابن عبد البر. وقيل: سنة ثمان وأربعين، ذكره المزى فى التهذيب. وقيل: إحدى وخمسين، حكاه ابن سعد، عن الهيثم بن عدى. وقال طلحة الكوفى عن أشياخه: مات سنة ثمان وخمسين، فى خلافة معاوية رضى الله عنه. وقال البخارى، عن الحسن بن رافع، عن ضمرة بن ربيعة: مات سنة إحدى أو اثنتين وستين، فى خلافة يزيد، ذكر هذه الأقوال المزى فى التهذيب.
واختلف فى سنه رضى الله عنه، فقال ابن بكير: سنه نحو مائة سنة. وقال الواقدى: وهو ابن تسعين. وقال العجلىّ: وهو ابن تسع وتسعين. وقال ابن عبد البر: وكان له يوم مات تسعون سنة، ودفن بالمقطم من ناحية الفخ، وصلى عليه ابنه عبد الله، ثم رجع فصلى بالناس العيد، وولّى مكانه. انتهى.