الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عثمان رضى الله عنه، فكان فى يده عامة خلافته، حتى سقط منه فى بئر أريس.
2227 ـ عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو أمية المعروف بالأشدق:
أمير مكة والمدينة. ولى ذلك فى خلافة معاوية بن أبى سفيان وابنه يزيد، فأما ولايته على مكة فى زمن معاوية، فذكرها الفاكهى، لأنه قال: حدثنا ميمون بن الحكم قال: حدثنا محمد بن جعشم، عن جريج، قال: أخبرنى عطاء، أن عبد الرحمن بن أبى بكر طاف فى إمرة عمرو بن سعيد على مكة، فخرج عمرو إلى الصلاة، فقال له عبد الرحمن: أنظرنى حتى أنصرف على وتر. انتهى.
وعبد الرحمن هذا، هو ابن أبى بكر الصديق، وقد اختلف فى وفاته، فقيل سنة ثلاث وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين، وقيل سنة خمس وخمسين، والأول أكثر، على ما قال: ابن عبد البر. وإذا كان وفاته فى إحدى هذه السنين، فيكون عمرو بن سعيد الأشدق، واليا على مكة فى سنة موته أو قبلها، والله أعلم. وولايته مكة ليزيد، ذكرها ابن عبد ربه فى العقد، وذكر أنها نيابة عن أبيه سعيد بن العاص، كما سبق فى ترجمته.
وذكر ابن الأثير ما يقتضى أنه كان على مكة فى سنة ستين، وقت ولاية يزيد بن معاوية للخلافة بعد أبيه.
وذكر ابن جرير، أن فى هذه السنة، عزل يزيد بن معاوية الوليد بن عقبة عن المدينة، وولاها عمرو بن سعيد بن العاص، فى شهر رمضان، وحج فيها عمرو بالناس، وكان عمرو على مكة والمدينة بعد عزل الوليد عن المدينة.
وذكر ابن جرير فى أخبار سنة إحدى وستين، أن ابن الزبير لما أظهر الخلاف بمكة على يزيد بن معاوية بعد مقتل الحسين، كان عمرو بن سعيد بمكة، وكان مع شدته على ابن الزبير، يدارى ويرفق، فقال الوليد بن عقبة، وناس من بنى أمية ليزيد: لو شاء عمرو ابن سعيد، لبعث إليك بابن الزبير، فسرّح يزيد الوليد بن عتبة على الحجاز أميرا، وعزل عمرا، فأقام الوليد الحج فى هذه السنة. انتهى بالمعنى.
وذكر ابن الأثير ما يوافق ذلك بالمعنى، وزاد أن الوليد أخذ غلمان عمرو ومواليه وحبسهم، وكلمه عمرو فى تخليتهم، فأبى أن يخلّيهم، فسار عن المدينة ليلتين، وأرسل
2227 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 294، الجرح والتعديل 6/ 236).
إلى غلمانه بعدّتهم من الإبل، فكسروا الحبس وركبوا إليه، فلحقوه عند وصوله إلى الشام، فدخل على يزيد وأعلمه ما كان فيه من مكابدة ابن الزبير، فعذره وعلم صدقه.
وقال ابن الأثير فى أخبار سنة ستين من الهجرة: وفى هذه السنة، عزل الوليد بن عتبة عن المدينة، عزله يزيد، واستعمل عليها عمرو بن سعيد الأشدق، فقدمها فى رمضان، فدخل عليه أهل المدينة، وكان عظيم الكبر، واستعمل على شرطته عمرو بن الزبير، لما كان بينه وبين أخيه من البغضاء. ثم قال: فاستشار عمرو بن سعيد، عمرو بن الزبير، فيمن يرسله إلى أخيه، فقال: لا توجه إليه رجلا أنكى له منى! فجهز معه الناس، وفيهم أنيس بن عمرو الأسلمى فى سبعمائة. ثم قال: وقيل إن يزيد، كتب إلى عمرو بن سعيد، ليرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه عبد الله، ففعل وأرسله ومعه جيش نحو ألفى رجل، فنزل أنيس بذى عمرو بالأبطح، ثم ذكر ما تقدم فى ترجمة عمرو بن الزبير، من إرسال أخيه عبد الله جماعة لحرب عمرو وحرب أنيس، وقتل أنيس وهروب عمرو إلى مكة، وموته معذبا تحت السياط.
وقال ابن الأثير، فى أخبار سنة ثلاث وستين، بعد أن ذكر طرد أهل المدينة لعاملها من قبل يزيد بن معاوية، عثمان بن محمد بن أبى سفيان، وغيره من بنى أمية، وخلع أهل المدينة ليزيد: أن يزيد لما بلغه ذلك، بعث إلى عمرو بن سعيد، فأقرأه الكتاب، وأمره أن يسير إليهم ـ يعنى أهل المدينة ـ فى الناس، وقال: كنت ضبطت كل الأمور والبلاد، فأمّا الآن إذ صارت دماء قريش تهراق بالصعيد فلا، ولا أحبّ أن أتولى ذلك.
وقال الذهبى فى دول الإسلام، فى أخبار سنة سبعين: وفى سنة سبعين ـ يعنى من الهجرة ـ سار عبد الملك بجيوشه إلى العراق ليملكها، فوثب بدمشق عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق الأموى، ودعا إلى نفسه بالخلافة، واستولى على دمشق، فرجع إليه عبد الملك ولا طفه وراسله، وحلف له أنه يكون الخليفة من بعد عبد الملك، وأن يكون مهما شاء حكم وفعل، فاطمأن وفتح البلد لعبد الملك، ثم إن عبد الملك غدر به وذبحه.
وقيل إنه قتل فى سنة تسع وستين، قاله اللّيث بن سعد وغيره، وكان وثوبه على دمشق، فى سنة تسع وستين، بعد أن توجّه منها عبد الملك بن مروان إلى العراق، لأخذ مصعب بن الزبير، وزعم عمرو بن سعيد الأشدق، أن مروان بن الحكم، جعله ولىّ عهده.
وروى أبو حاتم عن العتبى قال: قال عبد الملك بعد قتله عمرو بن سعيد: إن كان أبو
أمية لأحبّ إلىّ من دم النواظر، ولكن والله ما اجتمع فحلان فى شول قط، إلا أخرج أحدهما صاحبه، وإن كان لحمّالا للعظائم ناهضا إلى المكارم. انتهى.
وذكر السّهيلىّ له خبرا غريبا، لأنه قال بعد أن ذكر قتل عبد الملك له: ورأى رجل عند موته فى المنام قائلا يقول [من الطويل]:
ألا يا لقومى للسافهة والوهن
…
وللعاجز الموهون والرّأى ذى الأفن
ولا بن سعيد بينما هو قائم
…
على قدميه خرّ للوجه والبطن
رأى الحصن منجاة من الموت فالتجا
…
إليه فزارته المنية فى الحصن
فقصّ رؤياه على عبد الملك، فأمره أن يكتمها، حتى كان من قتله ما كان. ومن أخباره المحمودة، ما رواه عند عبد الملك بن عمير، عن أبيه، قال: لما حضر سعيد بن العاص الوفاة جمع بنيه، وقال: أيّكم يكفل دينى؟ . فسكتوا، فقال عمرو بن سعيد الأشدق، وكان عظيم الشّدق: كم دينك يا أبة؟ قال: ثلاثون ألف دينار، قال: فيما استدنتها؟ قال: فى كريم سددت فاقته، وفى لئيم فديت عرضى منه، قال: هى علىّ يا أبة.
قال: بناتى لا تزوجهنّ إلا من الأكفاء، ولو تعلق الخبز الشعير، قال: وأفعل يا أبة. فقال: إخوانى، إن فقدوا وجهى فلا يفقدوا معروفى، فقال: أفعل أيضا. قال سعيد: أما والله لئن قلت، لقد عرفت ذلك فى حماليق وجهك وأنت فى مهدك. انتهى.
ومن أخباره المذمومة، ما ذكره السّهيلىّ فى كتابه «الروض الأنف» قال: فصل: وذكر حديث أبى شريح الخزاعى، ثم قال: لما قدم عمرو بن الزبير لقتال أخيه عبد الله ابن الزبير بمكة، وهذا وهم من ابن هشام، وصوابه: عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية وهو الأشدق، يكنى أبا أمية، وهو الذى كان يسمى لطيم الشيطان، وكان جبارا شديد البأس، حتى خافه عبد الملك على ملكه، وقتله بحيلة فى خبر طويل.
ثم قال السهيلى بعد أن ذكر خبر الرؤيا السابقة ذكرها: وهو الذى خطب بالمدينة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرعف حتى سال الدم إلى أسفله، فعرف بذلك معنى حديثهصلى الله عليه وسلم، الذى يروى عنه:«كأنى بجبّار من بنى أمية يرعف على منبرى هذا، حتى يسيل الدم إلى أسفله» أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فعرف الحديث فيه.
ولعمرو بن سعيد الأشدق هذا، رواية للنبى صلى الله عليه وسلم فيما قيل، وأرسل عنه عليه السلام، وعن عمر وعثمان وعائشة وغيرهم.