الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودعاه معاوية رضى الله عنه ـ وهو قاعد على المنبر ـ إلى بيعة ابنه يزيد فأغلظ له، وقال: إذا مات كسرى، كان كسرى مكانه؟ لا تفعل والله أبدا، فبعث إليه بمائة ألف درهم فردها، وقال: أبيع دينى بدنياى؟ وخرج إلى مكة، فمات بها بمكان يقال له الحبشى، على ستة أميال، وقيل: نحو عشرة، وقيل: على اثنى عشر ميلا، فى نومة نامها، وقتل فجأة، وحمل على أعناق الرجال إلى مكة، فدفن بها.
وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين، فى قول الأكثرين. ولما اتصل خبر موته بعائشة رضى الله عنها، ظعنت من المدينة حتى وقفت على قبره، وتمثلت وقالت (3) [من الطويل]:
وكنا كندمانى جذيمة حقبة
…
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأنى ومالكا
…
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
وقالت: أما والله لو حضرتك، لدفنتك مكانك حيث مت، ولو حضرتك، ما بكيتك، وأعتقت رقيقا من رقيقه، رجاء أن ينفعه الله به. وكان [ .... ](4) وهو رضى الله عنه أسن ولد أبى بكر. وكان اسمه عبد الكعبة، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم ثمانية أحاديث. ويقال: لم يدرك النبى صلى الله عليه وسلم أربعة ولاء، أبو بنوه، إلا أبو قحافة، وابنه أبو بكر، وابنه عبد الرحمن، وابنه أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن، رضى الله عنهم. ولد قبل موت النبىصلى الله عليه وسلم.
1748 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن علون:
هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه «بالشيخ الصالح» . وفيه أنه «توفى فى ثانى عشر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وستمائة» .
1749 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عمار المكى، الملقب بالقس لعبادته:
روى عن: أبى هريرة، وابن عمر، وجابر، وجماعة. وروى عنه: عبد الله بن عبيد ابن عمير، وعكرمة بن خالد المخزومى، وعمرو بن دينار، وغيرهم.
وروى له مسلم وأصحاب السنن. ووثقه النسائى، وأبو زرعة.
(3) انظر: (معجم الشعراء 237، الاستيعاب ترجمة 1402).
(4)
ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
1749 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 249).
وكان على ما ذكر ابن أبى خيثمة، شعف بسلامة [ .... ](1) وله فيها أشعار كثيرة، ثم تاب ورجع إلى عبادته الأولى فى كثرة العبادة، ثم اشتريت له من مولاها، فلم يقبلها، وقال: إن اليمين قد سبقت، أن لا نجتمع فى بيت أبدا.
وذكر ابن أبى خيثمة: أنه نزل مكة، وأنه كان من عبّاد أهلها.
وذكر الفاكهى شيئا من أخبار القس هذا ومحبوبته، يحسن ذكره هاهنا. ونص ما ذكره: حدثنى محمد بن عبيد الأموى أبو بكر، عن خلاد بن يزيد، قال: سمعت شيوخا من أهل مكة، منهم سليمان يذكرون أن القس كان عند أهل مكة من أحسنهم عبادة وأظهرهم تبتلا، وأنه مر يوما بسلامة ـ جارية كانت لرجل من قريش، وهى التى اشتراها يزيد بن عبد الملك ـ فسمع غناءها، فوقف يستمع، فرآه مولاها، فدنا منه، فقال: هل لك أن تدخل فتستمع؟ فتأبى عليه، فلم يزل به حتى تسمح، فقال: أقعدنى فى موضع لا أراها ولا ترانى، قال: أفعل، فدخل، فتغنت فأعجبته، فقال مولاها: هل لك أن أحولها إليك؟ فتأبى، ثم سمح.
فلم يزل يسمع غناءها حتى شغف بها، وعلم بذلك أهل مكة. فقالت له يوما: أنا والله أحبك، وأحب أن أضع فمى على فمك. قال: وأنا والله. قالت: وأحب والله أن ألصق صدرى بصدرك، وبطنى ببطنك. قال: وأنا والله. قالت: فما يمنعك؟ والله إن الموضع خال. قال: إنى سمعت الله عزوجل يقول: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)[الزخرف: 3] وأنا أن يكون خلة ما بينى وبينك، تؤول بنا إلى عداوة يوم القيامة. قالت: يا هذا، أتحسب أن ربى وربك لا يقبلنا إن نحن تبنا إليه؟ قال: بلى، ولكن لا آمن أن أفجا، ثم نهض وعيناه تذرفان، فلم يرجع بعد، وعاد إلى ما كان عليه من النسك.
وقال الفاكهى أيضا: وحدثنى أبو محمد عبد الله بن عمرو بن أبى سعد، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق البلخى قال: ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، عن أبيه، عن جده، قال: دخل عبد الله بن أبى عمار ـ وهو يومئذ شيخ أهل الحجاز ـ على نخاس فى حاجة له. قال: فألفاه يعرض قينة، فعلقها، فاشتهر بذكرها، حتى مشى عطاء، وطاوس ومجاهد، فأقبلوا عليه باللوم والعدل، فأنشأ يقول:
يلومنى فيك أقوام أجالسهم
…
فما أبالى أطار اللوم أو وقعا
(1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.