الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2088 ـ على بن عجلان بن رميثة بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى، يلقب علاء الدين، ويكنى أبا الحسن:
أمير مكة، ولى إمرة مكة ثمانى سنين، ونحو ثلاثة أشهر، مستقلا بالإمرة، غير سنتين أو نحوها، فإنه كان واليا فيها، شريكا لعنان بن مغامس بن رميثة الآنى ذكره، كما سيأتى بيانه.
وأول ولايته فى رجب، وإلا ففى أول شعبان، من سنة تسع وثمانين وسبعمائة، بعد عزل عنان، حنقا عليه، لما اتفق فى ولايته، من استيلاء كبيش، وجماعة عجلان، وابنه أحمد، ومن انضم عليهم، على جدّة، وما فيها من أموال الكارم، وغلال المصريين، وعجز عنان عن دفعهم عن الاستيلاء على جدة، وعن استنقاذ الأموال منهم، ولا شراكة لبنى عمه فى إمرة مكة، ووصل إلى على تقليد وخلعة، بسبب ولايته لإمرة مكة، من الملك الظاهر برقوق، صاحب مصر، مع نجّاب معتبر من العيساويّة، ووصل النجاب إلى عنان فى النصف الثانى من شعبان، من سنة تسع وثمانين، لكى يسلّم مكة لعلىّ وجماعته، فامتنع من تسليمها إليهم أصحاب عنان، وتابعهم على ذلك عنان.
ولما علم بذلك علىّ وجماعته، قوى عزمهم على التوجّه إلى مكة، وصرف الجمال محمد بن فرج المعروف بابن بعلجد، نفقة جيدة على من لايم عليا من الأشراف والقواد العمرة والحميضات، وساروا إلى مكة، وخرجوا على الأبطح من ثنيّة أذاخر، وخرج للقائم من مكة عنان وأصحابه، فلما تراءى الجمعان، انحاز الحميضات عن آل عجلان، فلم يكونوا معهم ولا مع عنان، وتقاتل الفريقان، فتم النصر لعنان وأصحابه، ورجع آل عجلان إلى محلّهم، وهو القصر بالوادى، بعد أن قتل منهم كبيش ولقاح بن منصور، من القواد العمرة، وعشرون عبدا فيما قيل، وذلك فى سلخ شعبان من السنة المذكورة.
وفى شهر رمضان توجه على إلى مصر، فأقبل عليه السلطان، وولّاه نصف إمرة مكة، وولّى النصف الثانى لعنان بشرط حضور عنان لخدمة المحمل، ووصل علىّ مع المحمل إلى مكة، فدخلها مع الحاج، وقرئ توقيعه على مقام الحنابلة بالمسجد الحرام.
وكان عنان قد أعرض عن لقاء المحمل، متخوفا من آل عجلان، وفر إلى الزّيمة بوادى نخلة اليمانية، وكان أصحابه قد سبقوه إليها، فسار إليهم علىّ وجماعته، وجماعة من الترك الحجاج، فوجدوا الأشراف محاربين لقافلة بجيلة.
2088 ـ انظر ترجمته فى: (ابن الفرات 9/ 420، شذرات الذهب 6/ 350، ابن إياس 1/ 304، خلاصة الكلام 36، الأعلام 4/ 312).
ولما عرف بهم الأشراف، هربوا خوفا من سهام الترك، وقتل أصحاب علىّ منهم مبارك بن عبد الكريم من الأشراف، وابن شكوان من أتباعهم، وعادوا إلى مكة، ومعهم من خيل الأشراف خمسة، ومن دروعهم ثلاثة عشر درعا، وتوصلت قافلة بجيلة إلى مكة، فانتفع بها الناس.
وبعد سفر الحاج من مكة، صار عنان والأشراف إلى وادى مرّ، واستولوا عليه وعلى جدّة، ونهبوا بعض تجار اليمن، وأفسدوا فى الطرقات، ولأجل استيلائهم على مدّة، احتاج علىّ إلى النفقة، فأخذ من تجار اليمن ومكة، ما استعان به على إزالة سرورته.
وفى ربيع الآخر، أو جمادى الأولى من سنة تسعين وسبعمائة، أتاه من مصر أخوه الشريف حسن، بجماعة من الترك استخدمهم له، نحو خمسين فارسا وخلعة من السلطان، وكتاب منه يتضمن استمراره، فلبس الخلعة، وقرئ الكتاب بالمسجد الحرام، ووصل إليه أيضا خلعة، وكتاب يتضمن باستمراره، من الصالح حاجّى بن الأشرف شعبان، لما عاد إلى السّلطنة بمصر، بعد خلع الملك الظاهر، فى أثناء سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
وفى آخر ذى القعدة منها، بلغه أن الأشراف آل أبى نمىّ، يريدون نهب الحاجّ المصرى، فخرج من مكة بعسكره لنصرهم ونصر أخيه محمد، فإنه كان قدم معهم من مصر، بعد أن أجيب لقصده فى حبس عنان، ولم يقع بين الفريقين قتال، لأن أمير الحاج أبا بكر بن سنقر الجمالى، لما عرف قصد الأشراف للحاج، لاطفهم مع الاستعداد لحربهم، فأعرضوا عن الحاجّ.
وفى أوائل سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، حصل بين علىّ وأخويه، حسن ومحمد منافرة، فبان عن علىّ أخواه، ونزلا بمن انضم إليهما فى وادى مرّ، ثم هجم حسن مكة فى جماعة، وخرجوا منها من فورهم، وقتل بعضهم شخصا يقال له بحر.
وفى سنة اثنتين وتسعين أيضا، اصطلح والأشراف آل أبى نمىّ، بسعى محمد بن محمود، وكان علىّ قد قلّده أمره لنيل رأيه، وحلفوا لعلى وحلف لهم، وأعطاهم إبلا وأصائل بوادى مرّ، وتزوّج بعد ذلك منهم، بنت حازم بن عبد الكريم بن أبى نمىّ.
ولما كان قبيل النصف من شعبان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وصل عنان من مصر، متوليّا نصف الإمرة بمكة، من قبل الملك الظاهر، شريكا لعلىّ، فسعى الناس
بينهم فى المؤالفة، وأن يكون لكلّ منهما نوّاب بمكة، بعضهم للحكم بها، وبعضهم لقبض ما يخصه من المتحصّل، وإن كلّا منهما يقدم مكة إذا عرضت له بها حاجة فيقضيها، وأن يكون القواد مع عنان، والأشراف مع على، لملايمتهم له قبل وصول عنان، فرضيا بذلك، وفعلا ما اتفقا عليه.
وكان أصحاب كل منهما غالبين له على أمره، فحصل للناس فى ذلك ضرر، سيّما الواردين إلى مكة، لأن حجّاج اليمن، نهبوا بالمعابدة بطريق منى وبمكة نهبا فاحشا، ونهب أيضا بعض الحجاج المصريين، وما خرج الحاج المصريون، حتى استنزل عليهم أمير الحاجّ أبو بكر بن سنقر، من بعض بنى حسن، وكان ذلك فى موسم سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
ولمّا سمع ذلك السلطان بمصر، استدعى إليه عليا وعنانا، وكان وصول هذا الاستدعاء، فى أثناء سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ووصل مع النجّاب المستدعى لهم، خلعتان من السلطان، لعلى ولعنان، وكان عنان إذ ذاك منقبضا عن دخول مكة، لأن بعض غلمان علىّ بن عجلان، همّ بالفتك به فى آخر صفر من سنة أربع وتسعين وسبعمائة بالمسعى، ففر هاربا، بعد أن كاد يهلك، وأزال أصحاب على نوّابه من مكة، وشعار ولايته بها، لأنهم قطعوا الدعاء له على زمزم بعد المغرب، وأمر الخطيب بقطع اسمه من الخطبة فما أجاب، ثم دخل عنان مكة، بموافقة علىّ وأصحاب رأيه، ليتجهّز منها إلى مصر.
فلما انقضى جهازه، سافر منها فى جمادى الآخرة إلى مصر، وتلاه إليها علىّ، وقصد المدينة النبوية، فزار جده المصطفى صلى الله عليه وسلم وغيره، وجمع الناس بالحرم النبوى، لقراءة ختمة شريفة للسلطان، والدعاء له عقيبها، وكتب بذلك محضرا يتضمن ذلك، وما اتفق ذلك لعنان، لأنه قصد من بدر ينبع، ليسبق منها عليا إلى مصر، ولما وصل علىّ إلى مصر، أهدى للسلطان وغيره هدايا حسنة، واجتمع السّلطان يوم الخميس خامس شعبان من سنة أربع وتسعين، فى يوم الموكب بالإيوان، فأقبل عليه السلطان كثيرا، وأمره بالجلوس فوق عنان، وكان جلس تحته، وبعد أيام، فوّض إليه إمرة مكة بمفرده، وأعطاه أربعين فرسا، وعشرة مماليك من الترك، وثلاثة آلاف أردب قمح، وألف أردب شعير، وألف أردب فول.
ومما أحسن إليه به، فرس خاص، وسرج مغرق بالذهب، وكنبوش ذهب، وسلسلة
ذهب وأحسن إليه الأمراء لإقبال السلطان عليه، فحصّل غلمانا من الترك، قيل إنهم مائة، وخيلا قيل إنها مائة، ونفقة جيدة، وتوجّه مع الحجاج إلى مكة، فوصلها سالما، وكان يوم دخوله إليها يوما مشهودا، وقام بخدمة الحاج، فى أيام الموسم من سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وحج فى هذه السنة ناس كثير من اليمن بمتاجر، وانكسر من جلابهم ببندر جدّة، ستة وثلاثون جلبة فيما قيل، وسافروا من مكة بعد قضاء وطرهم منها فى قافلتين، وصحبهم فيها علىّ بعسكره، وأطلق القافلة الثانية من المكس المأخوذ منهم بمكة.
وكان غالب الأشراف آل ألى نمىّ، لم يحجّوا فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة لا نقباضهم منه، فإنه كان نافر رأسهم جار الله بن حمزة، بمصر، وسعى فى التّشويش عليه، فما وسع جار الله إلا أن يخضع لعلىّ فقلّ تعبه، واستدعى علىّ الأشراف آل أبى نمىّ، فحضر إليه جماعة منهم، مع جماعة من القواد والحميضات، فقبض على ثلاثين شريفا، وثلاثين قائدا فيما قيل، وطالبهم بما أعطاه لهم من الخيل والدّروع، فسلّم القواد ما طلب منهم، وسلّم إليه الأشراف بنو عبد الكريم بن أبى سعد، وبنو إدريس بن قتادة، ما كان له عندهم من ذلك.
وأما الأشراف آل أبى نمىّ، فلم يسلّموا ما كان عندهم، فأقاموا فى سجنه، حتى سلّم إليه ما طلب منهم، بعد ثلاثة أشهر، وكان سجنه لهم فى آخر ذى الحجة من سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وكان بمكة جماعة من الأشراف والقواد، غير الذين قبض عليهم، ففروا بمكة مستخفين، والتحق كل منهم بأهله، ومضى الأشراف إلى زبيد ونزلوا عليهم بناحية الشام، وراسلوا عليّا فى إطلاق أصحابهم، فتوقف، ثم أطلق منهم محمد بن سيف بن أبى نمى، لتكرّر سؤال كبيش بن سنان بن عبد الله بن عمر له فى إطلاقه، فإنه كان عنده يوم القبض عليه، ومضى محمد بن سيف بعد إطلاقه إلى علىّ، وكان نازلا ببئر شميس، فسعى عنده فى خلاص أصحابه، واستقر الحال معه على أن يسلّم الأشراف إليه أربعين فرسا وعشرين درعا، وأن يردوا إليه ما أعطاه لهم من الأصائل، وأن يكون بين الفريقين مجود، أى حسب إلى سنة، ومضى من عند علىّ جماعة إلى الأشراف لإبرام الصّلح على ذلك، وقبض الخيل والدروع والإشهاد بردّ الأصائل، ففعل الأشراف ذلك.
وجاء علىّ إلى مكة، فأطلق الأشراف فى تاسع عشرى ربيع الأول، سنة خمس وتسعين وسبعمائة، وما كان إلا أن خرجوا، فساروا بأجمعهم حتى نزلوا البحرة بطريق
جدّة، فجمع علىّ الأعراب ومن معه من العبيد والترك، ومضى حتى نزل الحشّافة، فرحل الأشراف من البحرة ونزلوا جدّة، واستولوا عليها، وكان مما حرّكهم على ذلك، الطمع فى مركب وصل إليها من مصر، فيه ما أنعم به السّلطان عليه، من القمح والشعير والفول، وصار فى كل يوم يرغب فى المسير إلى جدّة، لقتال المذكورين، فيأبى عليه أصحابه من القواد، ويحيرون عليه من المسير، ودام الحال على ذلك شهرا، ثم سعى عنده القواد الحميضات، فى أن يعطى للأشراف أربعمائة غرارة قمح، من المركب الذى وصل إليه، ويرحل الأشراف من جدّة، فأجاب إلى ذلك وسلّمها إليهم.
فلما صارت بأيديهم، توقفوا فى الرحيل، فزادهم مائة غرارة فرحلوا ونزلوا العدّ، وصاروا يفسدون فى الطريق، وبلغه أن ذوى عمر فى أنفسهم منه شئ، فمضى إلى الأشراف وصالحهم، وردّ عليهم ما أعطوه له، وأقبل على موادّتهم، فكان جماعة منهم يتحملون منه، وجماعة يبدون له الجفاء، ويعملون فى البلاد أعمالا غير صالحة، اقتضت أن التجار أعرضوا عن مكة، وقصدوا ينبع، لقلة الأمن بمكة وجدّة، فلحقه لأجل ذلك شدة.
وكان يجتهد فى رضائهم عليه، بكل ما تصل قدرته إليه، وقنع منهم بأن يتركوا الفساد فى البلاد، فما أسعفوه بمراده، ومما ناله من الضرر بسبب حقدهم عليه، أن بعض الشرفاء والقواد، غزوه بمكة فى خدمة أخيه السيد حسن بن عجلان لوحشة كانت بينهما، ونزلوا الزّاهر أياما كثيرة، ثم رحلوا منه لأنهم لم يتمكنوا من دخول مكة، ويقال إن بعضهم ناله برّ من علىّ بن عجلان، فرحل وتلاه الباقون.
وكان وصولهم إلى مكة فى جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وتوجه بعد ذلك حسن وعلىّ بن مبارك إلى مصر، راجين لإمرة مكة، فقبض عليهما السلطان الملك الظاهر برقوق، وبعث خلعة لعلىّ، وكتابا أخبره فيه بما فعل، وأمره فيه بالإحسان إلى الرعيّة والعدل فيهم، لما بلغه من أن عليّا تعرض لأخذ شيء من المجاورين بمكه، فقرئ الكتاب بالمسجد الحرام، بعد لبسه للخلعة، وأحسن السيرة، ونادى فى البلاد بأن من كان له حق، فليحضر إليه ليرضيه فيه، وكان الذى حمله على الأخذ، فقده لما كان يعهد من النفع بجدة، ومطالبة بنى حسن له بالعطاء، وما زال حريصا على أن يحصل منهم عليه رضا، إلى أن أدرك من بعضهم ما به الله عليه قضى، من سلب روحه وإسكانه فى ضريحه، وكان صوره ما فعل به، أنه لمّا خرج يريد البراز، اتبعه الكردىّ ولد عبد الكريم ابن مخيط، وجندب بن جخيدب بن لحاف، وعبيّة بن واصل، وهم
مضمرون فيه سوءا فبدر إليه الكردى، فسايره وهو راكب على راحلته، وعلىّ على فرس، ورمى بنفسه على علىّ وضربه بجنبيّة كانت معه، فطاحا جميعا إلى الأرض، فوثب عليه علىّ فضربه بالسيف ضربة كاد منها يهلك.
وولّى علىّ راجعا إلى الحلّة، فأغرى به شخص يقال له أبو نمىّ ـ غلام لصهره حازم بن عبد الكريم ـ جندبا وعبيّة وحمزة بن قاسم، وعرّفهم أنه قتل الكردى، فوثبوا عليه فقتلوا وقطعّوه وكفّنوه، وبعثوا به إلى مكة فى شجار، فوصل إلى المعلاة ليلا، وصلّى عليه ودفن فى قبر أبيه.
وكان قتله فى يوم الأربعاء سابع شوال سنة سبع وتسعين وسبعمائة، ودفن فى ليلة الخميس ثامنه، وعظم قتله على الناس، سيّما أهل مكة، لأنهم تخوّفوا أن الأشراف يقصدون مكة وينهبونها، وتخيّل ذلك بعض العبيد الذى فى خدمة علىّ، وهمّوا بنهبها، والخروج منها قبل وصول الأشراف إليها، فنهاهم عن ذلك العقلاء من أصحابهم، وحمى الله البلد من الأشراف وغيرهم.
وفى الصباح وصل إليها السيّد محمد بن عجلان، وكان عند الأشراف منافرا لأخيه على، ووصل إليها أيضا السيد محمد بن محمود، وكان نازلا بحادثة قريبا من مكة، وقاما مع العبيد والمولّدين بحفظ البلد، إلى أن وصل السيد حسن من مصر، متوليّا لإمرة مكة، عوض أخيه علىّ، وذلك نصف سنة ونحو نصف شهر، وكان لعلىّ من العمر حين قتل، نحو من ثلاث وعشرين سنة، وكان تزوّج الشريفة فاطمة بنت ثقبة، بإثر ولايته بمكة، وتجمّل بها حاله، ثم تزوّج بنت حازم بن عبد الكريم بن أبى نمىّ، ثم بنت النّصيح أحمد بن عبد الكريم بن عبد الله بن عمر، وكان زواجه عليها قبل موته بنحو جمعة أو أقلّ، وكانت قبله عند أخيه السيّد حسن، فأبانها لما تزوّج عليها ابنة عنان، لتحريم الجمع بينهما باعتبار الرضاع.
وكان مليح الشّكالة والأخلاق، ذا كرم وعقل رزين، وكان بنو حسن يتعجّبون منه، لأنهم كانوا يكثرون الحديث عنده فيما يريدونه من الأمور، ويرغبون فى أن يخوض معهم فى ذلك، فلا يتكلم إلا بما فيه فصل لذلك، وأصلح الله بوصول السيد حسن البلاد، لا جتهاده فى حسم موادّ الفساد، واستمرّ منفردا بإمرة مكة، إلى شعبان سنة تسع وثمانمائة، ثم شاركه فى ولايتها ابنه السيد بركات، بسعى أبيه له فى ذلك، ثم ولى ما كان بيد السيد حسن من الولاية، وهو نصف الإمرة بمكة، ابنه السيد أحمد،
بسعى أبيه له فى ذلك أيضا، وولى أبوهما نيابة السّلطنة بالأقطار الحجازيّة، وكان ولايته لذلك، وولاية ابنه أحمد، فى شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة، واستمروا على ذلك إلى أثناء النصف الثانى من سنة اثنتى عشرة وثانمائة، ثم عزلوا عن ذلك مدّة يسيرة نحو شهر، ثم عادوا إلى ولاياتهم، فى ثالث عشر ذى القعدة من السنة المذكورة، وما ظهر لعزلهم أثر بسرعة عودهم للولاية، واستمروا على ولاياتهم، إلى أوائل صفر سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ثم عزلوا عن ذلك كلّه، ووليه السيد رميثة بن محمد بن عجلان.
وفى توقيعه أنه ولى نيابة السّلطنة عن عمه وإمرة مكة عوض ابنى عمّه، واستمر الدعاء فى الخطبة، وبعد المغرب على زمزم، للسيّد حسن وابنيه، إلى مستهلّ الحجة سنة ثمان عشرة وثمانمائة، وكان إليهم أمر مكة، من حين بلغهم الخبر بذلك، فى أول النصف الثانى من ربيع الأول سنة ثمانى عشرة وثمانمائة، وإلى استهلال ذى الحجة منها.
وفى هذا التاريخ فارقها المذكورون، ودخلها فيه السيد رميثة، واستمرت بيده إلى أن فارقها فى ليلة السادس والعشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة، بعد حرب كان بينه وبين عمّه، فى يوم الأربعاء خامس عشر شوال، ظهر فيه عسكر عمّه على عسكره، ومضوا لصوب اليمن، ثم أتى رميثة لعمه خاضعا، وفى صفر سنة عشرين وثمانمائة، فأكرم عمّه وفادته، وقد خطب لرميثة ودعى له على زمزم، فى مدّة إقامته بمكة على العادة، وضربت السّكة باسمه، فالله يصلح الجميع ويسدّدهم، وإلى الخير يرشدهم.
ولوالدى قصيدة فى مدح على بن عجلان منها [من البسيط]:
إن بان وجه الصفا من راكد الكدر
…
وانشق فجر الضيا عن ظلمة الفكر
لأنثرن على أبى عليا أبى حسن
…
تال من الحمد أو نظما من الدرر
وأوقف القصد فى ساحات مشعره
…
كيما أفيض بنسك النجح والظفر
ما لى وللنأى والترحال عن أفق
…
علا على كرة الإشراق بالقمر
نادى على بن عجلان سماء سما
…
بنى رميثة والسادات من مضر
ومنها:
كم طاف حولك من ملوى ومن ملك
…
وحول بيتك من حاج ومعتمر
ومنها: