الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عيسى بن محمد، والد أبى المغيرة، وكان طرف مولى عيسى، وجد أبى المغيرة لأمه.
2292 ـ عيسى بن محمد بن عبد الله المليساوى، ويعرف بابن مكينة اليمنى الأصل، الطائفى المولد والدار المالكى:
قاضى الطائف. ولى نيابة الحكم بقريته المليسا، بوادى الطائف، عن القاضى محب الدين النويرى، ثم ولى ذلك عن ابنه، ثم عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، واستنابه فى جميع بلاد الطائف، ثم ولى ذلك عن القاضى عز الدين النويرى ثم قصره على قريته المليسا، ورفع يده عن إمامة مسجد الطائف وخطابته، وكان قد ولى إمامته وخطابته نحو أربع سنين، وكان يتردد إلى مكة للحج والعمرة، ويقيم بها الأيام الكثيرة، واخترمته المنية فى خامس المحرم سنة أربع عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الستين، وكان خيّرا محمود السيرة، رحمه الله.
2293 ـ عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر، المعروف بابن أبى هاشم:
وبقية نسبه تقدم فى ترجمة جده، محمد بن جعفر الحسنى المكى. أمير مكة. ولى إمرة مكة فى آخر سنة ست وخمسين وخسمائة، بعد ابن أخيه قاسم بن هاشم بن فليتة، وذلك على ما ذكر ابن الأثير، أن قاسما لما سمع بقرب الحجاج من مكة فى هذه السنة، صادر المجاورين، وأعيان أهل مكة، وأخذ كثيرا من أموالهم، وهرب من مكة خوفا من أمير الحاج أرغش، وكان حج فى هذه السنة، زين الدين على بن بلتكين صاحب جيش الموصل، ومعه طائفة صالحة من العسكر فرتّب مكان قاسم، عمه عيسى، فبقى كذلك إلى شهر رمضان، ثم إن قاسما جمع جمعا كثيرا من العرب، أطمعهم فى مال له بمكة، فاتبعوه، فسار بهم إليها، فلما سمع عمه عيسى، فارقها ودخلها قاسم، وأقام بها أميرا أياما، ولم يكن له مال يوصله إلى العرب، ثم إنه قتل قائدا كان معه حسن السيرة، فتغيّرت نيّات أصحابه عليه، وكاتبوا عمه عيسى، فقدم عليهم، فهرب قاسم وصعد جبل أبى قبيس، فسقط عن فرسه، فأخذه أصحاب عيسى وقتلوه، فسمع عيسى، فعظم عليه قتله، وأخذه وغسّله ودفنه بالمعلاة عند أبيه فليتة، واستقر الأمر لعيسى. انتهى بلفظ ابن الأثير فى الغالب، إلا مواضع فيه على غير الصواب، رأيتها فى النسخة التى نقلت منها، لأنه قال فى أخبار هذه السنة: كان أمير مكة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبى
2292 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 156).
2293 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 11/ 279).
هاشم، ثم قال: فلما وصل أمير الحاج، رتب مكان قاسم بن فليتة، عيسى بن قاسم بن أبى هاشم والصواب فى نسب عمه عيسى: عيسى بن فليتة بن قاسم، كما ذكرنا فيهما، وهذا مما لا ريب فيه، لأنى رأيت هذا منسوبا فى غير ما حجر بالمعلاة، وفى بعض المكاتيب، وترك ابن الأثير بيان شهر رمضان، الذى أقام إليه عيسى أمير مكة، لوضوح السنة التى منها رمضان، وهى سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
ومن خبر عيسى، ولم يذكره ابن الأثير فى تاريخه، ما وجدته بخط بعض المكيين، وهو أنه حصل بين عيسى بن فليتة، وبين أخيه مالك بن فليتة، اختلاف فى أمر مكة غير مرة، منها فى سنة خمس وستين وخمسمائة، ولم يحجّ عيسى فى هذه السنة، وتخلف بمكة، وحج مالك، ووقف بعرفة، وبات الحاج بعرفة إلى الصبح، وخاف الناس خوفا شديدا.
فلما كان يوم عاشوراء، من سنة ست وستين، دخل الأمير مالك وعسكره إلى مكة، وجرى بينهم وبين عيسى وعسكره فتنة إلى وقت الزوال، ثم أخرج الأمير مالك واصطلحوا بعد ذلك، وسافر الأمير مالك إلى الشام، وجاء من الشام فى آخر ذى القعدة، وأقام ببطن مرّ أياما، ثم جاء إلى الأبطح هو وعسكره، وملك خدّام الأمير مالك، وبنو داود جدة، وأخذا جلبة وصلت إليها، فيها صدقة من قبل شمس الدولة، وجميع ما مع التجار الذين وصلوا فى الجلبة، ونزل مالك فى المربّع هو والشرف، وحاصروا مكة مدة أيام، ثم جاء هو والشرف من المعلاة، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث، فخرج إليهم عسكر الأمير عيسى فقاتلوهم، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة، ثم ارتفع إلى خيف بنى شديد. انتهى بالمعنى.
وجبل أبى الحارث المذكور فى هذا الخبر، هو أحد أخشبى مكة، المقابل أبى قبيس، إلى صوب قيقعان، وباب الشبيكة بأسفل مكة.
ووجدت بخط بعض أصحابنا، فيما نقله من مجموع للفخر بن سيف، شاعر عراقى، ما نصه: دخلت على الأمير عيسى بن فليتة الحسنى، وكنت كثير الإلمام به، والدخول عليه، لكونه كان لا يشرب مسكرا، ولا يسمع الملاهى، وكان يجالس أهل الخير، ولم ير فى سير من تقدّمه من الولاة مثل سيرته، وكان كريم النفس، واسع الصدر، كثير الحلم، فقال: أنشدنى شيئا من شعرك، فقلت له: قد عملت بيتين الساعة فى مدحك فقال: أنشدنى ما قلت، فأنشدته [من البسيط]:
أضحت مكارم عيسى كعبة ولقد
…
تعجب الناس من ثنتين فى الحرم
فهذه تحبط الأوزار ما برحت
…
وهذه تشمل الأحرار بالنّعم
قال: فاستحسنهما غاية الاستحسان، قال: ودخلت عليه فى سنة ستين وخمسمائة، وكنت مجاورا أيضا، وكان نازلا بالمربّع، فوجدت عنده أخاه مالكا، وكان ذلك اليوم ثانى عشر ذى القعدة من السنة المذكورة، ونحن فى حديث الحاج وتوجههم إلى مكة، فأنشدته قصيدة أولها [من المتقارب]:
حملت من الشوق عبئا ثقيلا
…
فأورث جسمى المعنّى نحولا
وصيرنى كلفا بالغرا
…
م أندب ربعا وأبكى طلولا
نشدتكما الله يا صاحبىّ
…
إن جزتما بلواء الطّلح ميلا
نسائل عن حيّهم بالعرا
…
ق هل قوّضت أن تراهم حلولا
فقال لى عند إنشاد هذا البيت: لا إن شاء الله، قوضت وتوجّهت إن شاء الله تعالى بالسلامة، ثم أنشدته إلى أن انتهيت منها:
كفا كم فخارا بأنّ الوصىّ
…
جدّكم وأمّكم الطهور البتولا
وحسبكم شرفا فى الأنا
…
م أن بعث الله منكم رسولا
وجرى فى ولاية عيسى على مكة، بمكة وظواهرها، حوادث، منها: أن فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة، كانت بمكة فتنة بين أهلها والحجاج العراقيين، سببها أن جماعة من عبيد مكة، أفسدوا فى الحاج بمنى، فنفر عليهم بعض أصحاب أمير الحاج، فقتلوا منهم جماعة، ورجع من سلم إلى مكة، وجمعوا جمعا، وأغاروا على جمال الحاج وأخذوا منها قريبا من ألف جمل، فنادى أمير الحاج فى جنده بسلاحهم، ووقع القتال بينهم، فقتل جماعة، ونهب جماعة من الحجاج، وأهل مكة، فرجع أمير الحاج ولم يدخل مكة، ولم يقم بالزاهر غير يوم واحد، وعاد كثير من الناس رجّالة لقلة الجمال، ولقوا شدة، ورجع بعضهم قبل إتمام حجّه، وهم الذين لم يدخلوا مكة يوم النحر للطواف والسعى، ذكر هذه الحادثة هكذا ابن الأثير.
وذكر صاحب المنتظم: أن أمير مكة بعث إلى أمير الحاج يستعطفه ليرجع، فلم يفعل، ثم جاء أهل مكة بخرق الدم، فضرب لهم الطبول، ليعلم أنهم قد أطاعوا.
ومنها: غلاء كثير، أكل الناس فيه بمكة الدم والجلود والعظام، ومات أكثر الناس، وذلك فى سنة تسع وستين وخمسمائة.