الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توفى ليلة الخميس سادس عشرى شهر رمضان المعظم سنة ثمان عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، عن نحو خمسين سنة، ولعلّه بلغ الخمسين، والله أعلم.
2122 ـ على بن محمد بن المناظر بن سعد الدين العلوىّ علاء الدين، المعروف بالخوارزمىّ:
نزيل مكة، هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، وسمعته يبالغ فى الثناء عليه، ووصفه بالصلاح، ويقول: إنه أخبره أنه أقام بمكة سنين، لا ينام فى شهر رمضان لا ليلا ولا نهارا، وأن له مدة سنين لم يضع جنبه على الأرض، وذكر له مناقب كثيرة، وكتب عنه فوائد، ووجدت بخطه: أنه توفى ظهر يوم الأحد رابع عشر شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وستين وسبعمائة، بمنزله برباط رامشت بمكة (1)، ودفن بالمعلاة، ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة: أنه توفى فى يوم الأحد العاشر من ربيع الآخر من السنة المذكورة، وفيه بعد العلوى: الشّعيبىّ الشافعىّ.
2123 ـ على بن محمد البغدادى الصوفى، أبو الحسن المعروف بالمزين:
صحب بنانا الحمّال، وسهل بن عبد الله التسترى، والجنيد. وجاور بمكة، ومات بها فى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
ذكره الخطيب فى تاريخه، قال: كان صاحب تعبد واجتهاد. وقال الخطيب: أخبرنا إسماعيل بن محمد الحيرىّ، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السّلمىّ، قال: سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا الحسن المزيّن يقول: الكلام من غير ضرورة، مقت من الله للعبد. أخبرنى أبو الحسن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى قال: على بن محمد، أبو الحسن المزين الكبير، بغدادى الأصل أقام بمكة، صحب بنانا الحمال، وغيره. وقال لى أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيرى: أبو الحسن على ابن محمد المزين من أهل بغداد، من أصحاب سهل بن عبد الله، والجنيد، مات بمكة مجاورا، سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وكان ورعا كبيرا. انتهى.
2122 ـ (1) م انظر: (تاريخ بغداد 12/ 73).
2123 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 382 ـ 385، حلية الأولياء 8/ 135، صفة الصفوة 2/ 150، الرسالة القشيرية 35، نتائج الأفكار القدسية 1/ 196، طبقات الشعرانى 1/ 130، شذرات الذهب 2/ 316، تاريخ بغداد 12/ 73، المنتظم 13/ 388، الكواكب الدرية 2/ 4).
وأصله من بغداد، صحب سهل بن عبد الله والجنيد، ومن فى طبقتهما من البغداديين، وأقام بمكة مجاورا، ومات بها، وكان من أروع المشايخ وأحسنهم حالا.
قال أبو عبد الله محمد بن خفيف: سمعت أبا الحسن المزين بمكة يقول: كنت فى بادية تبوك، فتقدمت إلى بئر لأستقى منها، فزلقت رجلى، فوقعت فى جوف البئر، فرأيت فى البئر زاوية واسعة، فأصلحت موضعا وجلست عليه، فقلت: إن كان منّى شيئا، لا أفسد الماء على الناس، فطابت نفسى وسكن قلبى، فبينا أنا قاعد، إذا بخشخشة، فتأملت فإذا بأفعى ينزل، فراجعت نفسى، فإذا هى ساكنة، فنزل ودار بى، وأنا هادى السر لا يضطرب علىّ، ثم لفّ بى ذنبه، وأخرجنى من البئر، وحلّ عنى ذنبه، فلا أدرى، أرض ابتلعته أو سماء رفعته، وقمت ومشيت.
وقيل: إنه رئى يوما متفكرا، ثم اغرورقت عيناه، فقيل له: ما لك أيها الشيخ! فقال: ذكرت أيام تقطعّى فى إرادتى، وقطعى المنازل يوما فيوما، وخدمتى أولئك السّادة من أصحابى، وتذكرت ما أنا فيه من الفترة عن شريف تلك الأحوال، وأنشأ يقول [من البسيط] (1):
منازل كنت تهواها وتألفها
…
أيّام أنت على الأيام منصور
وقال جعفر الخلدىّ: ودّعت المزيّن الصوفى، فقلت: زودنى شيئا. فقال: إن ضاع منك شئ، أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان، فقل: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، اجمع بينى وبين كذا، فإن الله تعالى يجمع بينك وبين ذلك الشئ، أو ذلك الإنسان، فما دعوت بها فى شيء إلا استجيب.
وقال أبو بكر الرزاى: سمعت أبا الحسن المزّين يقول: «الذنب ـ بعد الذنب ـ عقوبة الذنب، والحسنة ـ بعد الحسنة ـ ثواب الحسنة» (2).
وقال: متى ما ظهرت الآخرة، فنيت فيها الدنيا، ومتى ظهر ذكر الله تعالى، فنيت فيه الدنيا والآخرة، فإذا تحقّقت الأذكار، فنى العبد وذكره، وبقى المذكور بصفاته (3).
وقال: الطريق إلى الله تعالى بعدد النجوم، وأنا مفتقر إلى طريق الله عزوجل، فلا أجد (4).
(1) البيت فى طبقات الصوفية للسلمى 13/ 384.
(2)
انظر: (الرسالة القشيرية 35).
(3)
طبقات السلمى 13/ 382.
(4)
انظر: الموضع السابق.
وقال: من طلب الطريق إليه لنفسه تاه فى أول قدم، ومن أريد به الخير، دلّ على الطريق، وأعين على بلوغ المقصد (5).
وقال: من أعرض عن مشاهدة ربه، شغله الله تعالى بطاعته وخدمته، ولو بدا له نجم الاحتراق، لغيّبه عن وسواس الافتراق.
وقال: المعجب بعمله مستدرج، والمستحسن لشيء من أحواله ممكور به. والذى يظن أنه موصول فهو مغرور.
وقال: التصوف، الانقياد إلى الحق.
وقيل له: من الفقير الصّادق؟ فقال: الذى يسكن إلى مضمون الله تعالى له، ويزعجه دخول الأرفاق عليه، من أىّ وجه كان.
وقال: عرض علىّ طعام فامتنعت منه، فضربت بالجوع أربعين يوما، حتى علمت أنى قد عوقبت، فاستغثت الله تعالى وتبت، فزال ما بى عند ذلك.
وقال: كنت مجاورا بمكة، فوقع لى انزعاج، فخرجت أريد المدينة، فلما وصلت إلى قبر ميمونة، إذا بشاب مطروح، فعدلت إليه وهو ينزع، فقلت له: قل لا إله إلا الله، ففتح عينيه، وقال [من الخفيف]:
أنا إن متّ فالهوى حشو قلبى
…
وبداء الهوى يموت الكرام
ثم مات وغسّلته وكفّنته، وصلّيت عليه، فلما فرغت، سكن ما كان بى من إرادة السّفر، فرجعت إلى مكة.
وقال: ولما مرض أبو يعقوب النّهرجورىّ مرض وفاته، قلت له وهو فى النزع: قل لا إله إلا الله، فتبسّم إلىّ وقال: إياى تعنى؟ وعزة من لا يذوق الموت، ما بينى وبينه إلا حجاب العزة، وانطفأ من ساعته، فكان المزّين يأخذ بلحيته بعد ذلك يقول: حجّام مثلى يلقّن أولياء الله الشهادة، واخجلتاه منه، ويبكى إذا ذكر هذه الحكاية.
وقال: دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا، وكنت قاعدا على بركة الربده؟ ؟ ؟ (6)،
(5) انظر: الموضع السابق.
(6)
هكذا فى الأصل بلا نقط.